خطبة الجمعة ١٣ من المحــــــــرم ١٤٤٦هــ
الموافق ١٩ من يــــــــوليو ٢٠٢٤م
قيمة الاحترام وأثره في حياتنا
١- قيمة الاحترام في الإسلام
٢- أنواع الاحترام
أولًا: احترام الذات:
ثانيًا: احترام الوالدين
ثالثًا: احترام المرأة:
رابعًا: احترام المجتمع
خامسًا: احترام العلماء
سادسًا: احترام الأمراء،
سابعًا: احترام غير المسلمين.
الموضوع
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله ﷺ، "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا"، وبعد
فسوف يكون حديثنا إن شاء الله حول قيمة عظيمة من القيم الإسلامية الرفيعة التي جاء بها الإسلام أوصى بها أتباعه حتى يعم الحب بين المسلمين، ألا وهي قيمة الاحترام
١- قيمة الاحترام في الإسلام
والاحترام قيمة إنسانية عامة أعطاها الإسلام مكانة كبيرة جعلتها تمتد لتشمل كثيراً من العلاقات التي تربط المسلم بغيره، بل امتدت لتشمل المجتمع والعلاقات الاجتماعية.
فهو تقدير لقيمة ما أو لشيء ما أو لشخص ما، وإحساس بقيمته وتميزه، أو لنوعية الشخصية، أو القدرة، أو لمظهر من مظاهر نوعية الشخصية والقدرة.
٢- أنواع الاحترام
والاحترام له أنواع عديدة مثل احترام الإنسان وحقوقه ومشاعره، واحترام الوالدين، .....
وإذا كان المسلم مأمورًا باحترام المسلم، فإنه مأمور أيضًا باحترام غير المسلم، ولنا في المصطفى ﷺ خير قدوة حين كتب إلى هرقل قائلاً بعد بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ... فلم يدعه بما يسيء إليه بل أنزله المكانة التي هو فيها. ومن أنواع الاحترام
أولًا: احترام الذات:
وهو الصورة الذهنية الجميلة التي يرسمها المرء عن نفسه، وهذه الصورة تتكون من خلال خبراته، ولا شك أن الطريقة التي ينظر بها الإنسان لنفسه تؤثر في كل نواحي حياته وإن عدم احترام المرء لذاته يجعل منه عدواً لنفسه، ومن سبل تحقيق احترام الذات:
أ ـ تقوى الله تعالى. قال تعالى { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
عن ابن عباس قال: لا أرى أحدًا يعمل بهذه الآية فيقول
الرجل للرجل: أنا أكرم منك فليس أحد أكرم من أحد إلا بتقوى الله. البخاري في الأدب المفرد،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال: "أتقاهم". رواه البخاري .
وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، والحياة الطيبة تحقق للإنسان ما يحتاجه من احترام الذات.
قال أبو سليمان الداراني رحمه الله: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح آخرته أصلح الله دنياه، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.
وقد صدق رحمه الله فمن جمعت فيه تلك الخصال الثلاث جمع الله له سعادة الدنيا والآخرة. قال تعالى: {وَمَن يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ}. قال القرطبي رحمه الله أي من أهانه بالشقاء والكفر لا يقدر أحد على دفع الهوان عنه (تفسير القرطبي ١٢ /٢٤ ) وهذا من شؤم المعاصي
ب ـ البعد عن مواطن الريب والشبهات
فقد جاءت الشريعة صريحة في الحث على ترك الشبه ومواطن الريب والتهم، وفي هذا دليل واضح يبين حرص الشريعة على حفظ كرامة الناس. فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "الحلال بيَّن والحرام بيَّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ....... رواه البخاري .
فهذا الحديث فيه حث على أن يستبرأ الإنسان لدينه وعرضه بترك الشبه، ومن الشبه ورود الإنسان مواطن الريب. قال الخطابي: هذا الحديث أصل في الورع وفيما يلزم الإنسان اجتنابه من الشبه والريب. (بذل المجهود في حل أبي داود ١٤/ ٢٩٢). ولنا في رسول الله ﷺ الأسوة الحسنة ففي البخاري: "أن صفية بنت حيي زوج النبي ﷺ جاءت رسول الله ﷺ تزوره وهو معتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة من العشاء ثم قامت تنقلب، فقام معها النبي ﷺ يقلبها -يسير معها- حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند مسكن أم سلمة زوج النبي ﷺ مر بهما رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله ﷺ، ثم نفذا -أسرعا- فقال لهما رسول الله ﷺ: "على رسلكما -أي تمهلا ولا تسرعان في السير- إنما هي صفية بنت حيي -زوجتي-" قالا: سبحان الله يا رسول الله! أي كيف نظن بك سوءًا والعياذ بالله- ،وكبر عليهما ما قال، فقال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما -شيئًا او ظن سوء- ". أخرجه البخاري. فالنبي ﷺ نفى التهمة عن نفسه باجتناب مواطن الريب، ونبه على ذلك بقوله ﷺ: "على رسلكما إنها صفية".
ج ـ عدم التطاول على الآخرين،
فمن تطاول على الناس تطاولوا عليه، ومن نال منهم نالوا منهم، والعكس بالعكس، وهذه قاعدة قررها أهل العلم استنباطًا من قوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}
وتُسمّى بسد الذرائع، قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء: فالله نهى عن سب آلهة الكفار وهو أمر مباح ومندوب إليه شرعًا لما فيه من إغاظة الكافرين وإغاظتهم قربة لله جل جلاله، ومع ذلك نهى الله عن ذلك السب وجعله محرمًا؛ لكونه يفضي إلى سب الله جل جلاله، ومن هذا قالوا أن سد الذريعة في هذا واضح.
وعن علي رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "لعن الله من لعن والديه: قالوا يا رسول الله ويلعن الرجل والديه، قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه، فيسب أمه". فنهى النبي ﷺ الرجل أن يسب أبا الرجل لأنه إذا سبه أفضى إلى سب الثاني لأبي الأول فكأنه تذرع بهذا الأمر للمحذور.
دـ عدم سؤال المخلوقين:
ومن ترك مسألة المخلوقين ورجاءهم، وعلق رجاءه بالله وحده لا شريك له، عوضه الله خيراً مما ترك فرزقه حرية القلب وعزة النفس والاستغناء عن الخلق، "ومن يستعفف يعفه الله". متفق عليه .
ومثله من ترك التكالب على الدنيا جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة. فليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى القلب، قال ﷺ: "من كان همه الآخرة جمع الله عليه أمره وجعل غناه في قلبه وآتاه الدنيا وهي راغمة، ومن كان همه طلب الدنيا جعل الله فقره بين عينيه وشتت عليه أمره ولم يأتيه من الدنيا إلا ما كتب له" .
هـ ـ الاهتمام بالنظافة الشخصية، كحسن الملبس وجمال الهندام قدر الاستطاعة. عن الأحوص الجشمي قال: رآني النبي ﷺ وعلي أطمارٌ ـ أي ثياب باليةـ فقال: "هل لك من مال؟ قلت: نعم، قال: "ومن أي المال"؟ قلت: من كل ما أتى الله من الإبل والشاء، قال: "فلتر نعمته وكرامته عليك؛ فهو سبحانه يحب ظهور أثر نعمته على عبده".
وـ أن يستمع الانسان أكثر مما يتكلم، فكلما كثر الكلام ازدادت فرص الوقوع في الخطأ، ما يؤدي إلى زعزعة احترامه لنفسه واحترام الآخرين له.
ز ـ لا يقلل المرء من منجزاته، فعندما يقول: كنتُ محظوظاً لأني فعلت كذا، فإن هذا القول وأمثاله يفقده بعضاً من ثقته بنفسه، فلا يقلل أحد من شأن نفسه، لأنه سيفقد احترام الآخرين له أيضًا
ثانيًا: احترام الوالدين
ولا يكون ذلك إلا ببرهما وتوقيرهما. قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }.
فقد قرن سبحانه عبادته وتوحيده بالإحسان إلى الوالدين ولين الجانب وخفض الجناح لهما .كان محمد بن المنكدر يضع خده على التراب ويقول: يا أماه ضعي رجلك على خدي.
وبرهما سبب في دخول الجنة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة".
ثالثًا: احترام المرأة:
فقد بعث الله نبيه ﷺ وبعض الأمم تنكر إنسانية المرأة، وآخرون يرتابون بها، وغيرهم يعترف بإنسانيتها، لكنه يعتبرها مخلوقًا خلق لخدمة الرجل، وكان العرب في جاهليتهم يئدونها حية، وكانوا يرون أنها سلعة تباع وتشترى لا قيمة لها ولا مقام، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "والله إنا كنا في جاهلية ما نعير للنساء أمرًا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم".
جاء الإسلام فكرَّمها، وأكَّد وجوب احترامها، وجعل لها ما للرجل وعليها ما عليه ، لأنهما فرعان من شجرة واحدة، متساويان في أصل النشأة، وفي الخصائص الإنسانية العامة، وقال ﷺ: "إنما النساء شقائق الرجال". رواه أحمد وأبو داوود. فهما متساويان في التكاليف والمسؤولية وفي الجزاء والمصير، ولا قوام للإنسانية إلا بهما. قال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن}.
فكما أن الواجب عليها أن تحترم الرجل، فإن الرجل مأمور أن يحترم المرأة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء".رواه البخاري .
هذا الاحترام من حقوقها سواءً كانت أماً أو زوجة أو أختًا أو ابنة.
أـ فإن كانت أمًّا كان لها من البر ثلاث أضعاف ما للأب؛
فعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال ثم أبوك. رواه الشيخان.
ب ـ وإن كانت زوجة كان احترامها علامة على الخيرية.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". رواه الترمذي
ج ـ وإن كانت أختًا أو بنتًا فإن الإحسان إليها من أسباب دخول الجنة. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: "ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له سترا من النار". رواه البيهقي
فهذه النصوص -وغيرها كثير- تؤكد وجوب احترام المرأة واحترام إنسانيتها وبشريتها وإعطائها حقوقها ووجوب العناية بها وشرط ذلك كله: أن يكون وفق ما شرع الله عز وجل، أما ما خالف الشرع فهو من إهانة المرأة وعدم احترامها، والصور المؤلمة كثيرة جداً .
رابعًا: #احترام_المجتمع وله صور عديدة منها:
أ ـ احترام الصغير. فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ أتي بشرابٍ فشرب منه وعن يمينه غلام -في رواية أنه ابن عباس- وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء"؟ فقال الغلام: لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً -مكان شرب النبي ﷺ-، قال: فتلَّه رسول الله ﷺ في يده". رواه البخاري ومسلم .
* ومن صور احترام الصغير: القيام له. روى البخاري وأبو داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت أحدًا أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله ﷺـ في قيامها وقعودها ـ من فاطمة بنت رسول الله ﷺ، وكانت إذا دخلت على النبي ﷺ قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي ﷺ إذا دخل عليها قامت من مجلسها وقبلته وأجلسته في مجلسها.
* وهذا هدي نبوي في احترام الأطفال والحرص على مشاعرهم
ومن المؤكد أن احترام وتقدير الصغير سيشعره بالمزيد من الكرامة والثقة بالنفس وسيبني في ذهنه معاني الرجولة ويبعده عن الخوض في الرذائل، فإن من هانت عليه نفسه هان عليه الوقوع في المعاصي وارتكاب الأخطاء و من رأى لها قدرا ومكانة واحتراما نأى بها عن مواطن الزلل.
ب ـ احترام الكبير:
وكما أُمرنا باحترام الصغير فإننا أُمرنا باحترام الكبير أيضًا. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي
أي انه ليس من أخلاقنا أن لا نعطي الكبير حقه من الاحترام والتقدير مهما بدر منه، ومن احترام الكبير: تقديمه على الصغير.
قال أبو مسعود البدري رضي الله عنه: كان رسول الله ﷺ يمسح منا كبنا في الصلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا . فتختلف قلوبكم ليلني منكم أولو الأحلام والنهى" (الرجال البالغون) ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، قال أبو مسعود : فأنتم اليوم أشد اختلافًا . رواه مسلم.
* ومن احترام الكبير الحياء منه: فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: "لقد كنت على عهد رسول الله ﷺ غلامًا فكنت أحفظ عنه فما يمنعني من القول إلا أن ها هنا رجالاً هم أسن مني". رواه الشيخان .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال أخبروني بشجرة مَثَلَها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، ولا تحتُّ ورقها . فوقع في نفسي أنها النخلة ، فكرهت أن أتكلم ، وثَمَّ أبو بكر وعمر، فلما لم يتكلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. فلما خرجت مع أبي قلت: يا أبتاه، وقع في نفسي أنها النخلة، قال: ما منعك أن تقولها، لو كنت قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا، قال: ما منعني إلا أني لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت. رواه البخاري
ج ـ احترام المجلس:
ففي البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: "لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه".
د ـ عدم إيذاء شعور الآخرين
فعن أنس رضي الله عنه قال: بلغ صفية بنت حيي أم المؤمنين أن حفصة أم المؤمنين أيضا قالت عنها: بنت يهودي، فبكت صفية، فدخل عليها النبي ﷺ وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟، قالت: قالت لي حفصة إني بنت يهودي، فقال النبي ﷺ: إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟!، اتقي الله يا حفصة. أخرجه أحمد والترمذي.
هـ ـ عدم الغيبة.
قال تعالى: { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} وقال ﷺ: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم . قال ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال ﷺ: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته". رواه مسلم .
وعن جابر رضي الله عنه قال: كنا مع النبي ﷺ فارتفعت ريح جيفة منتنة فقال رسول الله ﷺ: "أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين". رواه أحمد وهو صحيح .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ للنبي ﷺ: حسبك من صفية أنها كذا وكذا ـ تعني أنها قصيرة ـ فقال ﷺ: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته". رواه أبو داوود والترمذي. ومعنى مزجته أي خالطته مخالطة يتغير بها طعمه أو ريحه لشدة نتنها وقبحها.
قال النووي رحمه الله تعالى: (وهذا الحديث من أبلغ الزواجر عن الغيبة.
و ـ البعد عن النميمة:
والنميمة هي نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الشر والإفساد. وضابطها: كشف ما يُكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه ، وسواء كان المنقول قولاً أو فعلاً والحكمة من ذلك: ما تجره من عداوة وبغضاء بين الناس بل قد يصل الأمر إلى إزهاق الأنفس والأرواح
ز ـ ومن قيم الاحترام الهامة: #احترام_أمن_المجتمع وعدم الاخلال به. فقد امتنّ الله تعالى على قريش بنعمة الأمن فقال: "الذي أطعمهم من جوعٍ . وءامنهم من خوف"
عن عبيد الله بن مُحصِنٍ الخطمي -وكانت له صحبة- قال: قال رسول الله ﷺ: "مَنْ أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنَّما حيزت له الدنيا". رواه الترمذي .
ولأهمية الأمن في المجتمع أوصى النبي ﷺ بجملة توجيهات تبعث الأمن والاطمئنان، وتنهى عن كُلِّ فعلٍ يبث الخوف والرعب، حتى ولو كان أقل الخوف وأهونه منها:
ـ بيان حُرمة المسلم وعِصمة دمه، والنصوص كثيرة ومعروفة كقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}.
وقال ﷺ:"اجتنبوا السبع الموبقات" ، قالوا يا رسول الله: وما هم؟. قال: "الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات". رواه البخاري ومسلم .
- بل إن زوال الدنيا عند الله أهون من قتل المسلم جاء في رواية البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم النار". رواه الأصبهاني.
قال ابن العربي رحمه الله: ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق وثبت الوعيد بذلك فكيف بقتل الآدمي بل كيف بقتل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله
ولعظم هذا الذنب فإن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة كما قال ﷺ: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء". متفق عليه.
* وحفاظاً على امن المجتمع نهى النبي ﷺ عن إشهار السلاح. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنَّه لا يدري أحدكم لعلَّ الشيطان ينزغ في يديه فيقع في حفرة من النار"
ـ ومنها النهي عن ترويع المسلم.
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: "لا يحل لمسلمٍ أن يروع مسلماً" .
ـ ومنها: الدعاء بالأمن
كان من دعائه ﷺ السَّتر وطلب الأمن وعدم الذعر . عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ ﷺ كان يقول في دعائه: "اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي"
ح ـ وأيضًا: #مراعاة_آداب_قضاء_الحاجة لئلا يتلوث بها ماء، أو يتنجس بها طريق أو مستظل، ولذا ورد النهي عن "البول في الماء الدائم ". وقال النبي ﷺ: "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل".
ت ـ ومن حفظ أمن المجتمع
#عدم_الجلوس_في_الطرقات قال ﷺ: "إياكم والجلوس في الطرقات قالوا: يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها. قال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا: وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر".
خامسًا: ومن قيم الاحترام الهامة في الاسلام:
#احترام_العلماء؛ لأن الله رفع قدرهم ، ومن رفع الله قدره وجب احترامه، قال تعالى: { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} .
فاحترامهم واجب، وضد ذلك لا يجوز، بل هو من الأذى لله ولرسوله ﷺ. قال ابن عباس رضي الله عنهما: من آذى فقيها فقد آذى رسول الله ﷺ، ومن آذى رسول الله ﷺ فقد آذى الله عز وجل.
وكان عكرمة رحمه الله يقول: إياكم أن تؤذوا أحدا من العلماء ، فإن من آذى عالماً فقد آذى رسول الله ﷺ.
أيها الإخوة المؤمنين: إن الدنيا عرَضٌ حاضر، يأكل منه البر والفاجر، وإن الآخرة لوعد صادقٌ يحكم فيها ملك عادل، فطوبى لعبدٍ عمِل لآخرته وحبله ممدود على غاربه، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فتوبوا إلى الله واستغفروه وادعوه وأنتم موقونون بالإجابة.
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. قاد سفينة العالم الحائرة في خضم المحيط، ومعترك الأمواج حتى وصل بها إلى شاطئ السلامة، ومرفأ الأمان، فاللهم صل وسلم وزد بارك عليك سيدي يا رسول الله وآلك وصحبك قادة الحق، وسادة الخلق إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين.
وبعد
ومن قيم الاحترام الهامة في الاسلام:
سادسًا: #احترام_الأمراء، ولا يزال الناس بخير ما عظَّموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا فيهما، أفسدوا دنياهم وأخراهم".
وقد تضافرت النصوص الشرعية على وجوب السمع والطاعة للولاة في غير معصية الله، منها: ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ أنه قال: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلاَّ أن يؤمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة".
سابعًا: ومن قيم الاحترام الهامة في الاسلام:
#احترام_غير_المسلمين.
فالشريعة الإسلامية لم تقتصر على إيجاب احترام المسلم للمسلم، بل إنها أوجبت احترام المسلم لغير المسلم ، في صور شتى منها:
ـ احترام كرامته الإنسانية، ومن صور ذلك أن النبي كان يأمر بالقيام للجنائز .
ـ ومنها: معاملتهم بالعدل، فالإسلام دين العدل، والله جعل الموازين الدقيقة ليقوم الناس بالقسط ، ويحذروا من الوقوع في الجور والظلم. فإن سرق مسلم مال ذمي قُطِعت يد السارق، مثله مثل الذمي لو سرق مال مسلم، وكذا يقام على المسلم حد القذف لو قذف رجلاً أو امرأة من أهل الذمة بغير حق.
ـ ومنها: احترام دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، فالإسلام يحفظ للإنسان الحقوق الأساسية في الحياة التي لا غنى له عنها ، وهي حفظ النفس والدم والمال والعرض والعقل ، ويستوي في هذه الحقوق المسلم وغير المسلم
ـ ومنها: احترام شيخوخة الكبير منهم، قال ﷺ: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". متفق عليه،
وروى الإمام أبو يوسف: "أن أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب مرَّ بباب عليه قوم وعليه سائل يسأل: (شيخ كبير ضرير البصر)، فضرب عمر عضده من خلفه وقـال: من أي أهل الكتاب أنت؟ فقال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله، فرضخ له بشيء من المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه ، فوالله ما أنصفناه ؛ أن أكلنا شبيبته ، ثم نخذله عند الهرم
الموافق ١٩ من يــــــــوليو ٢٠٢٤م
قيمة الاحترام وأثره في حياتنا
١- قيمة الاحترام في الإسلام
٢- أنواع الاحترام
أولًا: احترام الذات:
ثانيًا: احترام الوالدين
ثالثًا: احترام المرأة:
رابعًا: احترام المجتمع
خامسًا: احترام العلماء
سادسًا: احترام الأمراء،
سابعًا: احترام غير المسلمين.
الموضوع
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله ﷺ، "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا"، وبعد
فسوف يكون حديثنا إن شاء الله حول قيمة عظيمة من القيم الإسلامية الرفيعة التي جاء بها الإسلام أوصى بها أتباعه حتى يعم الحب بين المسلمين، ألا وهي قيمة الاحترام
١- قيمة الاحترام في الإسلام
والاحترام قيمة إنسانية عامة أعطاها الإسلام مكانة كبيرة جعلتها تمتد لتشمل كثيراً من العلاقات التي تربط المسلم بغيره، بل امتدت لتشمل المجتمع والعلاقات الاجتماعية.
فهو تقدير لقيمة ما أو لشيء ما أو لشخص ما، وإحساس بقيمته وتميزه، أو لنوعية الشخصية، أو القدرة، أو لمظهر من مظاهر نوعية الشخصية والقدرة.
٢- أنواع الاحترام
والاحترام له أنواع عديدة مثل احترام الإنسان وحقوقه ومشاعره، واحترام الوالدين، .....
وإذا كان المسلم مأمورًا باحترام المسلم، فإنه مأمور أيضًا باحترام غير المسلم، ولنا في المصطفى ﷺ خير قدوة حين كتب إلى هرقل قائلاً بعد بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ... فلم يدعه بما يسيء إليه بل أنزله المكانة التي هو فيها. ومن أنواع الاحترام
أولًا: احترام الذات:
وهو الصورة الذهنية الجميلة التي يرسمها المرء عن نفسه، وهذه الصورة تتكون من خلال خبراته، ولا شك أن الطريقة التي ينظر بها الإنسان لنفسه تؤثر في كل نواحي حياته وإن عدم احترام المرء لذاته يجعل منه عدواً لنفسه، ومن سبل تحقيق احترام الذات:
أ ـ تقوى الله تعالى. قال تعالى { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
عن ابن عباس قال: لا أرى أحدًا يعمل بهذه الآية فيقول
الرجل للرجل: أنا أكرم منك فليس أحد أكرم من أحد إلا بتقوى الله. البخاري في الأدب المفرد،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال: "أتقاهم". رواه البخاري .
وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، والحياة الطيبة تحقق للإنسان ما يحتاجه من احترام الذات.
قال أبو سليمان الداراني رحمه الله: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح آخرته أصلح الله دنياه، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.
وقد صدق رحمه الله فمن جمعت فيه تلك الخصال الثلاث جمع الله له سعادة الدنيا والآخرة. قال تعالى: {وَمَن يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ}. قال القرطبي رحمه الله أي من أهانه بالشقاء والكفر لا يقدر أحد على دفع الهوان عنه (تفسير القرطبي ١٢ /٢٤ ) وهذا من شؤم المعاصي
ب ـ البعد عن مواطن الريب والشبهات
فقد جاءت الشريعة صريحة في الحث على ترك الشبه ومواطن الريب والتهم، وفي هذا دليل واضح يبين حرص الشريعة على حفظ كرامة الناس. فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "الحلال بيَّن والحرام بيَّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ....... رواه البخاري .
فهذا الحديث فيه حث على أن يستبرأ الإنسان لدينه وعرضه بترك الشبه، ومن الشبه ورود الإنسان مواطن الريب. قال الخطابي: هذا الحديث أصل في الورع وفيما يلزم الإنسان اجتنابه من الشبه والريب. (بذل المجهود في حل أبي داود ١٤/ ٢٩٢). ولنا في رسول الله ﷺ الأسوة الحسنة ففي البخاري: "أن صفية بنت حيي زوج النبي ﷺ جاءت رسول الله ﷺ تزوره وهو معتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة من العشاء ثم قامت تنقلب، فقام معها النبي ﷺ يقلبها -يسير معها- حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند مسكن أم سلمة زوج النبي ﷺ مر بهما رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله ﷺ، ثم نفذا -أسرعا- فقال لهما رسول الله ﷺ: "على رسلكما -أي تمهلا ولا تسرعان في السير- إنما هي صفية بنت حيي -زوجتي-" قالا: سبحان الله يا رسول الله! أي كيف نظن بك سوءًا والعياذ بالله- ،وكبر عليهما ما قال، فقال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما -شيئًا او ظن سوء- ". أخرجه البخاري. فالنبي ﷺ نفى التهمة عن نفسه باجتناب مواطن الريب، ونبه على ذلك بقوله ﷺ: "على رسلكما إنها صفية".
ج ـ عدم التطاول على الآخرين،
فمن تطاول على الناس تطاولوا عليه، ومن نال منهم نالوا منهم، والعكس بالعكس، وهذه قاعدة قررها أهل العلم استنباطًا من قوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}
وتُسمّى بسد الذرائع، قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء: فالله نهى عن سب آلهة الكفار وهو أمر مباح ومندوب إليه شرعًا لما فيه من إغاظة الكافرين وإغاظتهم قربة لله جل جلاله، ومع ذلك نهى الله عن ذلك السب وجعله محرمًا؛ لكونه يفضي إلى سب الله جل جلاله، ومن هذا قالوا أن سد الذريعة في هذا واضح.
وعن علي رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "لعن الله من لعن والديه: قالوا يا رسول الله ويلعن الرجل والديه، قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه، فيسب أمه". فنهى النبي ﷺ الرجل أن يسب أبا الرجل لأنه إذا سبه أفضى إلى سب الثاني لأبي الأول فكأنه تذرع بهذا الأمر للمحذور.
دـ عدم سؤال المخلوقين:
ومن ترك مسألة المخلوقين ورجاءهم، وعلق رجاءه بالله وحده لا شريك له، عوضه الله خيراً مما ترك فرزقه حرية القلب وعزة النفس والاستغناء عن الخلق، "ومن يستعفف يعفه الله". متفق عليه .
ومثله من ترك التكالب على الدنيا جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة. فليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى القلب، قال ﷺ: "من كان همه الآخرة جمع الله عليه أمره وجعل غناه في قلبه وآتاه الدنيا وهي راغمة، ومن كان همه طلب الدنيا جعل الله فقره بين عينيه وشتت عليه أمره ولم يأتيه من الدنيا إلا ما كتب له" .
هـ ـ الاهتمام بالنظافة الشخصية، كحسن الملبس وجمال الهندام قدر الاستطاعة. عن الأحوص الجشمي قال: رآني النبي ﷺ وعلي أطمارٌ ـ أي ثياب باليةـ فقال: "هل لك من مال؟ قلت: نعم، قال: "ومن أي المال"؟ قلت: من كل ما أتى الله من الإبل والشاء، قال: "فلتر نعمته وكرامته عليك؛ فهو سبحانه يحب ظهور أثر نعمته على عبده".
وـ أن يستمع الانسان أكثر مما يتكلم، فكلما كثر الكلام ازدادت فرص الوقوع في الخطأ، ما يؤدي إلى زعزعة احترامه لنفسه واحترام الآخرين له.
ز ـ لا يقلل المرء من منجزاته، فعندما يقول: كنتُ محظوظاً لأني فعلت كذا، فإن هذا القول وأمثاله يفقده بعضاً من ثقته بنفسه، فلا يقلل أحد من شأن نفسه، لأنه سيفقد احترام الآخرين له أيضًا
ثانيًا: احترام الوالدين
ولا يكون ذلك إلا ببرهما وتوقيرهما. قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }.
فقد قرن سبحانه عبادته وتوحيده بالإحسان إلى الوالدين ولين الجانب وخفض الجناح لهما .كان محمد بن المنكدر يضع خده على التراب ويقول: يا أماه ضعي رجلك على خدي.
وبرهما سبب في دخول الجنة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة".
ثالثًا: احترام المرأة:
فقد بعث الله نبيه ﷺ وبعض الأمم تنكر إنسانية المرأة، وآخرون يرتابون بها، وغيرهم يعترف بإنسانيتها، لكنه يعتبرها مخلوقًا خلق لخدمة الرجل، وكان العرب في جاهليتهم يئدونها حية، وكانوا يرون أنها سلعة تباع وتشترى لا قيمة لها ولا مقام، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "والله إنا كنا في جاهلية ما نعير للنساء أمرًا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم".
جاء الإسلام فكرَّمها، وأكَّد وجوب احترامها، وجعل لها ما للرجل وعليها ما عليه ، لأنهما فرعان من شجرة واحدة، متساويان في أصل النشأة، وفي الخصائص الإنسانية العامة، وقال ﷺ: "إنما النساء شقائق الرجال". رواه أحمد وأبو داوود. فهما متساويان في التكاليف والمسؤولية وفي الجزاء والمصير، ولا قوام للإنسانية إلا بهما. قال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن}.
فكما أن الواجب عليها أن تحترم الرجل، فإن الرجل مأمور أن يحترم المرأة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء".رواه البخاري .
هذا الاحترام من حقوقها سواءً كانت أماً أو زوجة أو أختًا أو ابنة.
أـ فإن كانت أمًّا كان لها من البر ثلاث أضعاف ما للأب؛
فعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال ثم أبوك. رواه الشيخان.
ب ـ وإن كانت زوجة كان احترامها علامة على الخيرية.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". رواه الترمذي
ج ـ وإن كانت أختًا أو بنتًا فإن الإحسان إليها من أسباب دخول الجنة. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: "ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له سترا من النار". رواه البيهقي
فهذه النصوص -وغيرها كثير- تؤكد وجوب احترام المرأة واحترام إنسانيتها وبشريتها وإعطائها حقوقها ووجوب العناية بها وشرط ذلك كله: أن يكون وفق ما شرع الله عز وجل، أما ما خالف الشرع فهو من إهانة المرأة وعدم احترامها، والصور المؤلمة كثيرة جداً .
رابعًا: #احترام_المجتمع وله صور عديدة منها:
أ ـ احترام الصغير. فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ أتي بشرابٍ فشرب منه وعن يمينه غلام -في رواية أنه ابن عباس- وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء"؟ فقال الغلام: لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً -مكان شرب النبي ﷺ-، قال: فتلَّه رسول الله ﷺ في يده". رواه البخاري ومسلم .
* ومن صور احترام الصغير: القيام له. روى البخاري وأبو داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت أحدًا أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله ﷺـ في قيامها وقعودها ـ من فاطمة بنت رسول الله ﷺ، وكانت إذا دخلت على النبي ﷺ قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي ﷺ إذا دخل عليها قامت من مجلسها وقبلته وأجلسته في مجلسها.
* وهذا هدي نبوي في احترام الأطفال والحرص على مشاعرهم
ومن المؤكد أن احترام وتقدير الصغير سيشعره بالمزيد من الكرامة والثقة بالنفس وسيبني في ذهنه معاني الرجولة ويبعده عن الخوض في الرذائل، فإن من هانت عليه نفسه هان عليه الوقوع في المعاصي وارتكاب الأخطاء و من رأى لها قدرا ومكانة واحتراما نأى بها عن مواطن الزلل.
ب ـ احترام الكبير:
وكما أُمرنا باحترام الصغير فإننا أُمرنا باحترام الكبير أيضًا. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي
أي انه ليس من أخلاقنا أن لا نعطي الكبير حقه من الاحترام والتقدير مهما بدر منه، ومن احترام الكبير: تقديمه على الصغير.
قال أبو مسعود البدري رضي الله عنه: كان رسول الله ﷺ يمسح منا كبنا في الصلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا . فتختلف قلوبكم ليلني منكم أولو الأحلام والنهى" (الرجال البالغون) ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، قال أبو مسعود : فأنتم اليوم أشد اختلافًا . رواه مسلم.
* ومن احترام الكبير الحياء منه: فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: "لقد كنت على عهد رسول الله ﷺ غلامًا فكنت أحفظ عنه فما يمنعني من القول إلا أن ها هنا رجالاً هم أسن مني". رواه الشيخان .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال أخبروني بشجرة مَثَلَها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، ولا تحتُّ ورقها . فوقع في نفسي أنها النخلة ، فكرهت أن أتكلم ، وثَمَّ أبو بكر وعمر، فلما لم يتكلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. فلما خرجت مع أبي قلت: يا أبتاه، وقع في نفسي أنها النخلة، قال: ما منعك أن تقولها، لو كنت قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا، قال: ما منعني إلا أني لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت. رواه البخاري
ج ـ احترام المجلس:
ففي البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: "لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه".
د ـ عدم إيذاء شعور الآخرين
فعن أنس رضي الله عنه قال: بلغ صفية بنت حيي أم المؤمنين أن حفصة أم المؤمنين أيضا قالت عنها: بنت يهودي، فبكت صفية، فدخل عليها النبي ﷺ وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟، قالت: قالت لي حفصة إني بنت يهودي، فقال النبي ﷺ: إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟!، اتقي الله يا حفصة. أخرجه أحمد والترمذي.
هـ ـ عدم الغيبة.
قال تعالى: { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} وقال ﷺ: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم . قال ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال ﷺ: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته". رواه مسلم .
وعن جابر رضي الله عنه قال: كنا مع النبي ﷺ فارتفعت ريح جيفة منتنة فقال رسول الله ﷺ: "أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين". رواه أحمد وهو صحيح .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ للنبي ﷺ: حسبك من صفية أنها كذا وكذا ـ تعني أنها قصيرة ـ فقال ﷺ: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته". رواه أبو داوود والترمذي. ومعنى مزجته أي خالطته مخالطة يتغير بها طعمه أو ريحه لشدة نتنها وقبحها.
قال النووي رحمه الله تعالى: (وهذا الحديث من أبلغ الزواجر عن الغيبة.
و ـ البعد عن النميمة:
والنميمة هي نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الشر والإفساد. وضابطها: كشف ما يُكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه ، وسواء كان المنقول قولاً أو فعلاً والحكمة من ذلك: ما تجره من عداوة وبغضاء بين الناس بل قد يصل الأمر إلى إزهاق الأنفس والأرواح
ز ـ ومن قيم الاحترام الهامة: #احترام_أمن_المجتمع وعدم الاخلال به. فقد امتنّ الله تعالى على قريش بنعمة الأمن فقال: "الذي أطعمهم من جوعٍ . وءامنهم من خوف"
عن عبيد الله بن مُحصِنٍ الخطمي -وكانت له صحبة- قال: قال رسول الله ﷺ: "مَنْ أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنَّما حيزت له الدنيا". رواه الترمذي .
ولأهمية الأمن في المجتمع أوصى النبي ﷺ بجملة توجيهات تبعث الأمن والاطمئنان، وتنهى عن كُلِّ فعلٍ يبث الخوف والرعب، حتى ولو كان أقل الخوف وأهونه منها:
ـ بيان حُرمة المسلم وعِصمة دمه، والنصوص كثيرة ومعروفة كقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}.
وقال ﷺ:"اجتنبوا السبع الموبقات" ، قالوا يا رسول الله: وما هم؟. قال: "الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات". رواه البخاري ومسلم .
- بل إن زوال الدنيا عند الله أهون من قتل المسلم جاء في رواية البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم النار". رواه الأصبهاني.
قال ابن العربي رحمه الله: ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق وثبت الوعيد بذلك فكيف بقتل الآدمي بل كيف بقتل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله
ولعظم هذا الذنب فإن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة كما قال ﷺ: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء". متفق عليه.
* وحفاظاً على امن المجتمع نهى النبي ﷺ عن إشهار السلاح. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنَّه لا يدري أحدكم لعلَّ الشيطان ينزغ في يديه فيقع في حفرة من النار"
ـ ومنها النهي عن ترويع المسلم.
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: "لا يحل لمسلمٍ أن يروع مسلماً" .
ـ ومنها: الدعاء بالأمن
كان من دعائه ﷺ السَّتر وطلب الأمن وعدم الذعر . عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ ﷺ كان يقول في دعائه: "اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي"
ح ـ وأيضًا: #مراعاة_آداب_قضاء_الحاجة لئلا يتلوث بها ماء، أو يتنجس بها طريق أو مستظل، ولذا ورد النهي عن "البول في الماء الدائم ". وقال النبي ﷺ: "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل".
ت ـ ومن حفظ أمن المجتمع
#عدم_الجلوس_في_الطرقات قال ﷺ: "إياكم والجلوس في الطرقات قالوا: يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها. قال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا: وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر".
خامسًا: ومن قيم الاحترام الهامة في الاسلام:
#احترام_العلماء؛ لأن الله رفع قدرهم ، ومن رفع الله قدره وجب احترامه، قال تعالى: { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} .
فاحترامهم واجب، وضد ذلك لا يجوز، بل هو من الأذى لله ولرسوله ﷺ. قال ابن عباس رضي الله عنهما: من آذى فقيها فقد آذى رسول الله ﷺ، ومن آذى رسول الله ﷺ فقد آذى الله عز وجل.
وكان عكرمة رحمه الله يقول: إياكم أن تؤذوا أحدا من العلماء ، فإن من آذى عالماً فقد آذى رسول الله ﷺ.
أيها الإخوة المؤمنين: إن الدنيا عرَضٌ حاضر، يأكل منه البر والفاجر، وإن الآخرة لوعد صادقٌ يحكم فيها ملك عادل، فطوبى لعبدٍ عمِل لآخرته وحبله ممدود على غاربه، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فتوبوا إلى الله واستغفروه وادعوه وأنتم موقونون بالإجابة.
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. قاد سفينة العالم الحائرة في خضم المحيط، ومعترك الأمواج حتى وصل بها إلى شاطئ السلامة، ومرفأ الأمان، فاللهم صل وسلم وزد بارك عليك سيدي يا رسول الله وآلك وصحبك قادة الحق، وسادة الخلق إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين.
وبعد
ومن قيم الاحترام الهامة في الاسلام:
سادسًا: #احترام_الأمراء، ولا يزال الناس بخير ما عظَّموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا فيهما، أفسدوا دنياهم وأخراهم".
وقد تضافرت النصوص الشرعية على وجوب السمع والطاعة للولاة في غير معصية الله، منها: ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ أنه قال: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلاَّ أن يؤمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة".
سابعًا: ومن قيم الاحترام الهامة في الاسلام:
#احترام_غير_المسلمين.
فالشريعة الإسلامية لم تقتصر على إيجاب احترام المسلم للمسلم، بل إنها أوجبت احترام المسلم لغير المسلم ، في صور شتى منها:
ـ احترام كرامته الإنسانية، ومن صور ذلك أن النبي كان يأمر بالقيام للجنائز .
ـ ومنها: معاملتهم بالعدل، فالإسلام دين العدل، والله جعل الموازين الدقيقة ليقوم الناس بالقسط ، ويحذروا من الوقوع في الجور والظلم. فإن سرق مسلم مال ذمي قُطِعت يد السارق، مثله مثل الذمي لو سرق مال مسلم، وكذا يقام على المسلم حد القذف لو قذف رجلاً أو امرأة من أهل الذمة بغير حق.
ـ ومنها: احترام دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، فالإسلام يحفظ للإنسان الحقوق الأساسية في الحياة التي لا غنى له عنها ، وهي حفظ النفس والدم والمال والعرض والعقل ، ويستوي في هذه الحقوق المسلم وغير المسلم
ـ ومنها: احترام شيخوخة الكبير منهم، قال ﷺ: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". متفق عليه،
وروى الإمام أبو يوسف: "أن أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب مرَّ بباب عليه قوم وعليه سائل يسأل: (شيخ كبير ضرير البصر)، فضرب عمر عضده من خلفه وقـال: من أي أهل الكتاب أنت؟ فقال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله، فرضخ له بشيء من المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه ، فوالله ما أنصفناه ؛ أن أكلنا شبيبته ، ثم نخذله عند الهرم