الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة بتاريخ ١٣ شعبان ١٤٤٥ه‍ الموافق ٢٤ فبراير ٢٠٢٤م تحت عنوان ( تحويل القبلة دروس وعبر )

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة بتاريخ ١٣ شعبان ١٤٤٥ه‍ الموافق ٢٤ فبراير ٢٠٢٤م تحت عنوان ( تحويل القبلة دروس وعبر )  Empty خطبة الجمعة القادمة بتاريخ ١٣ شعبان ١٤٤٥ه‍ الموافق ٢٤ فبراير ٢٠٢٤م تحت عنوان ( تحويل القبلة دروس وعبر )

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد السبت فبراير 17, 2024 12:18 am

    خطبة الجمعة القادمة بتاريخ ١٣ شعبان ١٤٤٥ه‍ الموافق ٢٤ فبراير ٢٠٢٤م تحت عنوان
    ( تحويل القبلة دروس وعبر )

    أولا : متى كان تحويل القبلة ؟
    ثانياً : دروس من تحويل القبلة
    ثالثاً : الابعاد الدينية لتحويل القبلة
    رابعاً: مكانة الأمة الوسط والشهادة علي الأمميوم القيامة
    الخطبة الأولي
    الحمد لله الخالق البارئ المصور العزيز الجبار المتكبر العلي الذي لا يضعه عن مجده واضع الجبار الذي كل جبار له ذليل خاضع وكل متكبر في جناب عزه مسكين متواضع فهو القهار الذي لا يدفعه عن مراده دافع الغني الذي ليس له شريك ولا منازع القادر الذي بهر أبصار الخلائق جلاله وبهاؤه وقهر العرش المجيد استواؤه واستعلاؤه واستيلاؤه وحصر ألسن الأنبياء وصفه وثناؤه وارتفع
    واشهد ان لااله الا الله وحده لاشريك له العظمة إزاره والكبرياء رداؤه ومن نازعه فيهما قصمه بداء الموت فأعجزه دواؤه جل جلاله وتقدست أسماؤه
    روي الإمام أحمد في مسنده عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ الْيَهُود قَوْمٌ حُسَّدٌ وَإِنَّهُمْ لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّتِي هَدَانَا اللهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي هَدَانَا اللهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى قَوْلِنَا خَلْفَ الْإمَامِ: آمِينَ، وَعَلَى السَّلَامِ).
    واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا رسول الله الذي أنزل عليه النور المنتشر ضياؤه حتى أشرقت بنوره أكناف العالم وأرجاؤه فهو عظيم المكانة عند الله
    استجاب الله دعاءه وحقق الله رجاءه، وما ذلك إلا لعظيم مكانته عند ربه، قال الله تعالى: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144
    فقال قبلة ترضاها ولم يقل نرضاها
    اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم أحباء الله وأولياؤه وخيرته وأصفياؤه وسلم تسليما كثيرا
    ثم أما بعد
    فيقول ربنا جل وعلا ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142) البقرة
    لقد تميّز المجتمع المسلم في المدينة المنورة عن غيره من مجتمعات الجاهلية ـ كاليهود ومشركي العرب والنصارى وغيرهم أنه مجتمعا متآخيا مترابطا ـ وزاده الله تميّزاً، بأن ن‍زل الوحي على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصرف المسلمين عن القبلة التي كان يشاركهم فيها اليهود وهي بيت المقدس، إلى قبلة الإسلام خاصة وهي الكعبة المشرفة ..
    ومن ثم كانت حادثة تحويل القبلة هي الفاصل بين الحرب الكلامية والتدخل الفعلي من جانب اليهود لزعزعة الدولة الإسلامية الناشئة أولا : متي كان تحويل القبلة ؟
    عباد الله : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يتوجه في صلاته إلى قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام، فهو أولى الناس به لأنه من ثمرة دعوة أبيه إبراهيم عليه السلام، وحامل لواء التوحيد بحق كما حملها إبراهيم عليه السلام، وهو صلى الله عليه وسلم كان يحرص على أن يكون مستقلا ومتميزا عن أهل الديانات السابقة الذين حرفوا، وبدلوا، وغيروا كاليهود والنصارى، ولهذا كان ينهى عن تقليدهم والتشبه بهم بل يأمر بمخالفتهم، ويحذر من الوقوع فيما وقعوا فيه من الزلل، والخطل، والانحراف، ومقتضى هذا الحرص أن يتوجه في صلاته دائما إلى قبلة أبي الأنبياء، وهو أول بيت وضع للناس.
    لقد بقي على ذلك ستة - أو سبعة - عشر شهراً، فلما كان في السنة الثانية للهجرة تحول الي المسجد الحرام كما ثبتففي الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن البراء رضي الله عنه وهو البراء بن عازب، رضي الله عنه قال ( كانَ أوَّلَ ما قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ علَى أجْدَادِهِ، أوْ قالَ أخْوَالِهِ مِنَ الأنْصَارِ، وأنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وكانَ يُعْجِبُهُ أنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وأنَّهُ صَلَّى أوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ العَصْرِ، وصَلَّى معهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى معهُ، فَمَرَّ علَى أهْلِ مَسْجِدٍ وهُمْ رَاكِعُونَ، فَقالَ: أشْهَدُ باللَّهِ لقَدْ صَلَّيْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كما هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وكَانَتِ اليَهُودُ قدْ أعْجَبَهُمْ إذْ كانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وأَهْلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا ولَّى وجْهَهُ قِبَلَ البَيْتِ، أنْكَرُوا ذلكَ .
    ثانياً: من دروس وعبر تحويل القبلة .........
    لقد كان تحويل القبلة حدثا عظيما، فيه من الدروس والعبر الكثير، والتي ينبغي الوقوف معها للاستفادة، ومنها :
    أولا : إثبات نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقد أخبر الله تبارك وتعالى بما سيقوله السفهاء عند تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، قبل وقوع الأمر بالتحويل، ولهذا دلالته فهو يدل على نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ هو أمر غيبي، فأخبر عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بآيات قرآنية قبل وقوعه ثم وقع، فدل ذلك على أنه - صلى الله عليه وسلم - رسول ونبي يخبره الوحي بما سيقع، إذ من الأدلة على صدق رسالة الرسول، أن يخبر بأمور غيبية ثم تقع بعد ذلك كما أخبر.
    فلما تحول النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت العتيق، قال السفهاء: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة:142] فأتى الرد من الله عز وجل علي السفهاء الذين لا أحلام لهم ولا عقول إذ قال جل وعلا {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة:142]
    فإن إخبار الله عز وجل نبيه بمقالة السفهاء قبل أن يقولوها آية ومعجزة
    قيل: السفهاء هم اليهود وهم من قالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله، ولو كان نبيًّا لكان يصلي إلى قبلة الأنبياء.
    وقيل: مشركو مكة
    وهم من قالوا: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا، وما رجع إليها إلا لأنه الحق.
    وقيل: المنافقون، وكلهم سفهاء
    وهم من قالوا: ما يدري محمد أين يتوجه، إن كانت الأولى حقًّا فقد تركها، وإن كانت الثانية هي الحق، فقد كان على باطل، وكثرت أقاويل السفهاء من الناس، وكانت كما قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} (البقرة: 143). (زاد المعاد3/59
    وكذا العلمانيون الذين يعترضون على شرع الله عز وجل ويتهمونه بالقصور عن مسايرة ركب الحضارة والمدنية، ويقولون: تريدون أن تردونا إلى عصور الظلام، وكأن العصور التي حكم فيها الإسلام البشرية وأشرقت فيها شمس الحضارة الإسلامية هي عصور ظلام، فهؤلاء ولا شك من أسفه السفهاء
    بل لقد وبخهم فهل لكم بيت المقدس أو مكة؟ وهل هي من دخلكم أو من صنيعكم؟ إذ يقول الله تبارك وتعالى: قال تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:142] لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى المشرق والمغرب، له ما كان يولي إليه في بيت المقدس وفلسطين، وله الكعبة ومكة ولا دخل لكم أنتم
    ثانيا- التسليم المطلق والانقياد الكامل لله تعالى، ولرسوله ـ صلى الله عليه وسلم
    يقول ابن القيم -ذاكرًا موقف الناس من تحويل القبلة، والحكمة والغاية من هذا الحدث-: "وكان لله في جعل القبلة إلى بيت المقدس، ثم تحويلها إلى الكعبة، حِكَم عظيمة ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين.
    فأما المسلمون فقالوا: سمعنا وأطعنا وقالوا: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7]، وهم الذين هدى الله، ولم تكن كبيرة عليهم.
    والصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ في أمر تحويل القبلة، أمرهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتوجه في صلاتهم ناحية المسجد الأقصى فتوجهوا وانقادوا، ولبثوا على ذلك مدة سنة وبضعة شهور، فلما أُمِروا بالتوجه ناحية المسجد الحرام سارعوا وامتثلوا، أما أهل قباء من المسلمين فقد تأخر وصول الخبر إليهم إلى فجر اليوم التالي وهم يصلون الصبح، فتحولوا شطر البيت العتيق
    فلما ولَّى شطر البيت العتيق، أرسل رجلاً ممن كان معه صلى الله عليه وسلم، وهو عباد بن بشر الانصاري وقال: اذهب إلى بني سلمة في قباء، وأخبرهم أن القبلة قد حولت فليتحولوا استجابة لله ورسوله واستادروا وهم ركوع نحو المسجد الحرام
    فكان تحويل القبلة اختبارا وتربية للصحابة على السمع والطاعة، والتسليم لله ورسوله، كما قال تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ } (البقرة: من الآية143) .
    وقد ثبتوا ونجحوا ـ رضي الله عنهم ـ، فسارعوا للاستجابة والتسليم لأمر الله ورسوله، روي مالك في الموطأ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ قال : بينما النَّاسُ بقُباءَ في صلاةِ الصُّبحِ ، إذ جاءهم آتٍ فقال : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أُنزِل عليه اللَّيلةَ قرآنٌ ، وقد أُمِر أن يستقبِلَ الكعبةَ فاستقبلوها ، وكانت وجوهُهم إلى الشَّامِ ، فاستداروا إلى الكعبةِ ( الموطأ ) .
    مِن مواقف الانقياد والتسليم عند الصحابة -رضي الله عنهم-:
    - إراقة الخمور بمجرد التحريم
    - سرعة استجابة النساء في ارتداء الحجاب
    - والأعجب من ذلك: خلع النعال أثناء الصلاة متابعةً للنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي خلعه لنجاسة فيه!. والنماذج في هذا المعنى كثيرة من واقع الصحابة، ولكنها إشارة للعاقل
    ثالثا : كذلك أظهر تحويل القبلة حرص المؤمن على أخيه وحب الخير له ...
    أظهر تحويل القبلة حرص المؤمن على أخيه وحب الخير له، فحينما نزلت الآيات التي تأمر المؤمنين بتحويل القبلة إلى الكعبة، تساءل المؤمنون عن مصير عبادة إخوانهم الذين ماتوا وقد صلوا نحو بيت المقدس، فأخبر الله عز وجل أن صلاتهم مقبولة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الْكَعْبَةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَكَيْفَ الَّذِينَ مَاتُوا، وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة:143] الترمذي
    وهكذا الأخوة الصادقة لا تنقطع بالموت، بل لا تنقطع في أحلك الظروف في عرصات القيامة، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر شفاعة بعض المؤمنين لإخوانهم، فقال: (فيقولون: رَبَّنَا إِخْوَانُنَا، كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ).
    لذلك قال الحسن البصري: استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعة يوم القيامة.
    رابعا : ومن الدلالات والدروس الواضحة والهامة من حادثة تحويل القبلة مخالفة اليهود والنصارى، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ يريد أن يتوجه في صلاته إلى الكعبة، وكان حريصا على أن يكون متميزاً عن أهل الديانات السابقة، الذين حرفوا وبدلوا وغيروا كاليهود والنصارى، فكثيرا ما كان يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحاديث كثيرة ومواقف متعددة : ( خالفوا اليهود والنصارى )( ابن حبان ) ..
    ثالثاً : الابعاد الدينية والسياسية لتحويل القبلة
    لقد كان لحادثة تحويل القبلة أبعاداً كثيرة: منها السياسي، ومنها العسكري، ومنها الديني، ومنها التاريخي .
    فبُعْدها السياسي أنها جعلت الجزيرة العربية محور الأحداث
    وبعدها التاريخي أنها ربطت هذا العالم بالإرث العربي لإبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ
    وبعدها العسكري أنها مهدت لفتح مكة
    وبعدها الديني أنّها ربطت القلوب بالحنيفية، وميزت الأمة الإسلامية عن غيرها ..
    كما أن تحويل القبلة فيه إشارة إلى انتقال القيادة والإمامة في الدين من بني إسرائيل الذين كانت الشام وبيت المقدس موطنهم إلى العرب الذين كانت الحجاز مستقرهم
    اقول قولي هذا واستغفر العظيم لي ولكم
    الخطبة الثانية
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
    أما بعد
    ان تحويل القبلة يدلل علي مكانة ورفعة هذه الأمة الميمونة المرحومة
    رابعاً : مكانة الامة الوسط والشهادة على الامم
    قال الله تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } [آل عمران: 110]
    وعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (أَنْتُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ).
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ)
    - كما قال تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا [البقرة :143]. والمعنى كما هديناكم إلى قبلة هي أوسط القبل وأفضلها: وجعلناكم أمة وسطا أي عدولا خيارا: لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا .
    عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم ، فيقال: لأمته هل بلغكم؟ فيقولون : ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك، فيقول: محمد وأمته فيشهدون أنه قد بلغ، ويكون الرسول عليهم شهيدا ، فذلك قوله جل ذكره: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ((رواه البخاري).
    وعن أنس بن مالك قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي : ((وجبت)) ، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال: ((وجبت)) فقال عمر : ما وجبت ؟ قال: ((هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار ))( (رواه البخاري).
    ثم بين عز وجل شيئا من حكمته في جعل القبلة أولا بيت المقدس ثم نسخ ذلك وجعل القبلة الكعبة المشرفة فقال عز وجل: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه [البقرة:143].
    أي جعل الأمر كذلك لحكمة الابتلاء والاختبار، حتى يظهر من يسلم لأمر الله عز وجل ونهيه، ومن يظهر شكه واضطرابه.
    قال ابن جرير رحمه الله: قد ارتد في محنة الله أصحاب رسوله في القبلة رجال ممن كان قد أسلم، وأظهر كثير من المنافقين من أجل ذلك نفاقهم، وقالوا ما بال محمد يحولنا مرة إلى ههنا ومرة إلى ههنا، وقال المسلمون فيمن مضى من إخوانهم المسلمين وهم يصلون نحو بيت المقدس: بطلت أعمالنا وأعمالهم وضاعت.
    فالمسلم يجب عليه أن يسلم لأمر الله ونهيه، فلا يقدم أحد منهم رأيا ولا هوى على أمر الله عز وجل أو أمر رسوله ، قال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء:65]. فمن الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم ثم قال تعالى: وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم [البقرة :143].
    أي وإن كان هذا التحويل للقبلة أمرا شاقا على النفوس: إلا على الذين هدى الله وذلك بتسليم الأمر لله عز وجل.
    لابد ان نستقبل القبلة بقلوبنا قبل اجسامنا
    عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي قال: اشتد وجع سعيد بن المسيب فدخل عليه نافع بن جبير يعوده، فأغمى عليه، فقال
    نافع: وجهوه ففعلوا فأفاق فقال: من أمركم أن تحولى فراشي إلى القبلة أنافع؟ قال: نعم، قال له سعيد: لإن لم أكن على القبلة والملة والله لا ينفعني توجيهكم فراشي، فإذا لم تكن وجهة المسلم إلى الملة الحنيفية لا ينفعه أن يوجه بعد موته إلى القبلة .
    فنسأل الله عز وجل أن يتم علينا النعمة وأن يميتنا على ملة نبينا محمد
    ،جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة النبوية فسأله سؤالاً جميلاً وقال يا إمام من أين أُحْرِمُ للحج؟ فقال الإمامُ مالك تُحْرِمُ من ذي الحليفة يعني من الميقات حيث أحرم رسول الله-وذي الحليفة ميقات أهل المدينة وهو الذي يُعْرَفُ الآن (بأبيار علي) فقال له الإمامُ مالك تُحْرِمُ من الميقات من ذي الحليفة حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: لا،لا أنا لن أُحْرِمُ من هناك قال له :أتركُ المسجد النبوي الشريف وأترك الروضة الشريفة وأترك القبر الشريف على ساكنه أفضل الصلاة والسلام وأذهب إلى أُحْرِمُ من ذي الحليفة لا أنا أُحْرِمُ من هنا سَأُحْرِمُ من المسجد من عند القبر الشريف إسمع ماذا قال له الإمام مالك قال له الإمام مالك:لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة قال وأيُ فتنةٌ يا إمام وإنما هي أميال أزيدها.إسمع ماذا قال له الإمام مالك وأيُ فتنةٍ أعظمُ من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة لم يسبق إليها رسول الله –هذا خطر الإبتداع- ثم استشهد الإمام مالك بدليلً قرآنيٍ من أعجز الإستشهادات على حد علمه قال له فإني سمعتُ اللهَ يقول((فليحذرِ الذين يخالفون عن أمرهِ أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)).
    هذا وصلوا وسلموا على إمام المرسلين، وقائد الغر المحجلين، فقد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في محكم كتابه، حيث قال عز قائلا عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 7:24 pm