خطب ودروس وقوافل الإمام لشهر ربيع الاول
درس الاربعاء
2/10/2024م الموافق 29من شهر ربيع الاول 1446ه
تحت عنوان
كتاب الشمائل المحمدية للترمذي
مَا جَاءَ فِي تَعَطُّرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
العناصر
1/طيب رائحة رسول الله
2/ثلاثه لا ترد
3/الفرق بين طيب الرجال وطيب النساء
4افضل أوقات التطيب
الموضوع
التعطُّر: هو استعمال العطر؛ وهو الطيب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الطيب،
طيب رائحة رسول الله
بالرغم من طيب رائحة بدنه صلى الله عليه وسلم، ولو لم يمس طيبًا؛ كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه قال: "ما شمَمْتُ عنبرًا قط، ولا مسكًا، ولا شيئًا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وكان إذا مَرَّ من طريق وجدوا ريحه صلى الله عليه وسلم؛ حتى يقولوا: "مرَّ من هنا"؛ بل كانوا يخلطون عرقه بالطيب، فكان أطيب الناس ريحًا، وكان يحث الناس على التطيب والنظافة، وكان لا يرُدُّه إذا قُدِّم إليه؛ كما سيأتي من الأحاديث.
1- عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَت لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُكَّةٌ يَتَطَيَّبُ مِنْهَا"؛ [رواه أبو داود].
السُّكَّة: قيل: هي الوعاء، أو الأداة التي يوضع فيها الطيب المخلط، وقيل: يحتمل أن تكون نوعًا من الطيب مخلوطًا؛ فيكون المراد هنا الطيب نفسه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ منه قطعةً بعد قطعةٍ يتطيَّب منها.
ثلاثه لا ترد
2- في صحيح البخاري عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه لَا يَرُدُّ الطِّيبَ، وَقَالَ أَنَسٌ: "إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ" أيًّا كان نوعه.
3- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((ثَلاثٌ لا تُرَدُّ: الْوَسَائِدُ، وَالدُّهْنُ، وَاللَّبَنُ))؛ [رواه الترمذي].
الوسادة: ما يُتَّكَأ عليها، فإذا كنت في مجلس فأعطاك صاحب المجلس وسادة لا ترُدَّها.
والدهن: الذي يتطيب أو يُدَّهن به إذا أهداك لا تردَّه، أما إذا كان من مال حرام، فهذا شيء آخر ليس الكلام فيه.
واللبن: أيضًا لا ترُدَّه.
قالوا: لأنها أسهل شيء، وبسيطة، وخفيفة المحمل، ولا تكلف شيئًا؛ فالوسائد: سهلة وبسيطة تقدمها للضيف، والطيب: خفيف المحمل، واللبن: لأنه من أنفع ما يقوم مقام الطعام، وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: ((من عرض عليه طيب فلا يرده، فإنه طيب الريح، خفيف المحمل))؛ يعني: سهل رد مثل هذه الهدية لو أهداك غيرك.
والأحاديث تدل على أن رد الطيب خلاف السنة؛ ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ثم أعقب النهي بعلَّة تفيد انتفاء موجبات الرد؛ لأنه باعتبار ذاته خفيف لا يثقل حمله، وباعتبار رائحته طيب ولا يتأذَّى به من يعرض عليه، فلم يبق سبب للرد، فلماذا ترد ما دامت المسألة أنه سهل الحمل، طيب الرائحة؟!
•جمع الإمام السيوطي سبعة أشياء يسنُّ قبولها وعدم ردها:
عن المصطفى سبعٌ يسنُّ قبولُها 
إذا ما بها قد أتحف المرءَ خِلَّانُ 
فحلوٌ وألبان ودُهنٌ وِسادةٌ 
ورزقٌ لمُحتاجٍ وطيبٌ وريحانُ 
الفرق بين طيب الرجال وطيب النساء
4- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((طِيبُ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ))؛ [رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي].
• الفرق بين طيب الرجال وطيب النساء: وخُصَّ طيب الرجال بالرائحة المنتشرة؛ لأنه ليس فيه فتنة، وحرَّمه على النساء؛ لما فيه من الفتنة، فلا تضع طيبًا نفَّاذًا وتخرج إلى الشارع، وخصَّ طيب النساء باللون؛ لأنه لا تصل رائحته إلى الرجال، وقد شدَّد النبي صلى الله عليه وسلم على قضية النساء في العطر، فقال: ((أيما امرأة استعطرت فمرَّت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية))؛ بل حتى للمسجد لا تخرج مُتعطِّرة: ((أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة)).
5- عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أُعْطِيَ أَحَدُكُمُ الرَّيْحَانَ فَلا يَرُدَّهُ؛ فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْجَنَّةِ))، قَالَ أَبُو عِيسَى: لا يُعْرفُ لِحَنَانٍ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيث؛ [ضعيف].
6- عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ البجلي رضي الله عنه، قَالَ: ((عُرِضْتُ بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَلْقَى جَرِيرٌ رِدَاءَهُ وَمَشَى فِي إِزَارٍ، فَقَالَ لَهُ: خُذْ رِدَاءَكَ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْقَوْمِ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَحْسَنَ مِنْ صُورَة جَرِيرٍ إِلا مَا بَلَغَنَا مِنْ صُورَةِ يُوسُفَ الصِّديقِ عَلَيْهِ السَّلامُ)).
وجرير أسلم في السنة التي توفي فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بديع الحسْن، عظيم الجمال، وهو الذي قَالَ: "مَا حَجَبَنِي رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إلا ضَحِكَ"، وفي رواية: "إلا تَبَسَّمَ"؛ ولهذا قال عمر: "مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَحْسَنَ مِنْ صُورَة جَرِيرٍ إِلا مَا بَلَغَنَا مِنْ صُورَةِ يُوسُفَ الصِّديقِ عَلَيْهِ السَّلامُ".
قوله: عُرِضْتُ بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: قالوا: لأنه كان لا يثبت على الخيل، يقع من فوقه إذا ركب، حتى دعا له النبي صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال: "فَأَلْقَى جَرِيرٌ رِدَاءَهُ وَمَشَى فِي إِزَارٍ"؛ إظهارًا للقوة والشجاعة، وأنه قادر على القتال.
ولماذا وضع الترمذي هذا الحديث في هذا الباب؟
قال ابن حجر رحمه الله: "وجهه أن طيب الصورة يلازمه في الغالب طيب الريح، ففيه إيماء إلى التعطُّر".
فضل الطيب
قال ابن القيم رحمه الله: "وفي الطيب من الخاصية، أن الملائكة تحبه، والشياطين تنفر عنه، وأحب شيء إلى الشياطين الرائحة المنتنة الكريهة، فالأرواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة، والأرواح الخبيثة تحب الرائحة الخبيثة، وكل روح تميل إلى ما يناسبها، فالخبيثات للخبيثين، والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين، والطيبون للطيبات، هذا وإن كان في النساء والرجال، فإنه يتناول الأعمال والأقوال، والمطاعم والمشارب، والملابس والروائح، إما بعموم لفظه، أو بعموم معناه".
افضل أوقات التطيب
ويتأكد مس الطيب في أوقات اجتماع الناس؛ كيوم الجمعة، والعيدين، وكل اجتماع؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((منِ اغتسل يومَ الجمعة فأحسنَ الغُسْل، وتطهَّر فأحسَنَ الطُّهور، ولبِسَ مِنْ أحسن ثيابه، ومَسَّ مَا كتَبَ الله له مِنْ طيب أوْ دُهْن أهله، ثُمَّ أتى المسجد، فلم يَلْغُ، ولم يُفَرِّقْ بينَ اثنينِ، غفر الله له ما بينه وبين الجمعة الأُخْرى)).
والطيب والتعَطُّر صار عند كثير من الناس عادة، فينبغي أن يفعل ذلك وينتوي الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
الخلاصة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الطيب بالرغم من طيب رائحة بدنه صلى الله عليه وسلم، وكان لا يرُدُّه إذا قُدِّم إليه؛ بل وأمر صلى الله عليه وسلم بعدم رد الطيب، وبيَّن أنه خفيف المحمل، وطيب الرائحة.
فضيلة الشيخ طاهر ابو المجد احمد
كبير أئمة شبرا الخيمة شرق القليوبية
جامعة الأزهر قسم العقيدة والفلسفة
درس الاربعاء
2/10/2024م الموافق 29من شهر ربيع الاول 1446ه
تحت عنوان
كتاب الشمائل المحمدية للترمذي
مَا جَاءَ فِي تَعَطُّرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
العناصر
1/طيب رائحة رسول الله
2/ثلاثه لا ترد
3/الفرق بين طيب الرجال وطيب النساء
4افضل أوقات التطيب
الموضوع
التعطُّر: هو استعمال العطر؛ وهو الطيب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الطيب،
طيب رائحة رسول الله
بالرغم من طيب رائحة بدنه صلى الله عليه وسلم، ولو لم يمس طيبًا؛ كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه قال: "ما شمَمْتُ عنبرًا قط، ولا مسكًا، ولا شيئًا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وكان إذا مَرَّ من طريق وجدوا ريحه صلى الله عليه وسلم؛ حتى يقولوا: "مرَّ من هنا"؛ بل كانوا يخلطون عرقه بالطيب، فكان أطيب الناس ريحًا، وكان يحث الناس على التطيب والنظافة، وكان لا يرُدُّه إذا قُدِّم إليه؛ كما سيأتي من الأحاديث.
1- عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَت لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُكَّةٌ يَتَطَيَّبُ مِنْهَا"؛ [رواه أبو داود].
السُّكَّة: قيل: هي الوعاء، أو الأداة التي يوضع فيها الطيب المخلط، وقيل: يحتمل أن تكون نوعًا من الطيب مخلوطًا؛ فيكون المراد هنا الطيب نفسه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ منه قطعةً بعد قطعةٍ يتطيَّب منها.
ثلاثه لا ترد
2- في صحيح البخاري عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه لَا يَرُدُّ الطِّيبَ، وَقَالَ أَنَسٌ: "إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ" أيًّا كان نوعه.
3- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((ثَلاثٌ لا تُرَدُّ: الْوَسَائِدُ، وَالدُّهْنُ، وَاللَّبَنُ))؛ [رواه الترمذي].
الوسادة: ما يُتَّكَأ عليها، فإذا كنت في مجلس فأعطاك صاحب المجلس وسادة لا ترُدَّها.
والدهن: الذي يتطيب أو يُدَّهن به إذا أهداك لا تردَّه، أما إذا كان من مال حرام، فهذا شيء آخر ليس الكلام فيه.
واللبن: أيضًا لا ترُدَّه.
قالوا: لأنها أسهل شيء، وبسيطة، وخفيفة المحمل، ولا تكلف شيئًا؛ فالوسائد: سهلة وبسيطة تقدمها للضيف، والطيب: خفيف المحمل، واللبن: لأنه من أنفع ما يقوم مقام الطعام، وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: ((من عرض عليه طيب فلا يرده، فإنه طيب الريح، خفيف المحمل))؛ يعني: سهل رد مثل هذه الهدية لو أهداك غيرك.
والأحاديث تدل على أن رد الطيب خلاف السنة؛ ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ثم أعقب النهي بعلَّة تفيد انتفاء موجبات الرد؛ لأنه باعتبار ذاته خفيف لا يثقل حمله، وباعتبار رائحته طيب ولا يتأذَّى به من يعرض عليه، فلم يبق سبب للرد، فلماذا ترد ما دامت المسألة أنه سهل الحمل، طيب الرائحة؟!
•جمع الإمام السيوطي سبعة أشياء يسنُّ قبولها وعدم ردها:
عن المصطفى سبعٌ يسنُّ قبولُها 
إذا ما بها قد أتحف المرءَ خِلَّانُ 
فحلوٌ وألبان ودُهنٌ وِسادةٌ 
ورزقٌ لمُحتاجٍ وطيبٌ وريحانُ 
الفرق بين طيب الرجال وطيب النساء
4- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((طِيبُ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ))؛ [رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي].
• الفرق بين طيب الرجال وطيب النساء: وخُصَّ طيب الرجال بالرائحة المنتشرة؛ لأنه ليس فيه فتنة، وحرَّمه على النساء؛ لما فيه من الفتنة، فلا تضع طيبًا نفَّاذًا وتخرج إلى الشارع، وخصَّ طيب النساء باللون؛ لأنه لا تصل رائحته إلى الرجال، وقد شدَّد النبي صلى الله عليه وسلم على قضية النساء في العطر، فقال: ((أيما امرأة استعطرت فمرَّت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية))؛ بل حتى للمسجد لا تخرج مُتعطِّرة: ((أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة)).
5- عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أُعْطِيَ أَحَدُكُمُ الرَّيْحَانَ فَلا يَرُدَّهُ؛ فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْجَنَّةِ))، قَالَ أَبُو عِيسَى: لا يُعْرفُ لِحَنَانٍ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيث؛ [ضعيف].
6- عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ البجلي رضي الله عنه، قَالَ: ((عُرِضْتُ بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَلْقَى جَرِيرٌ رِدَاءَهُ وَمَشَى فِي إِزَارٍ، فَقَالَ لَهُ: خُذْ رِدَاءَكَ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْقَوْمِ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَحْسَنَ مِنْ صُورَة جَرِيرٍ إِلا مَا بَلَغَنَا مِنْ صُورَةِ يُوسُفَ الصِّديقِ عَلَيْهِ السَّلامُ)).
وجرير أسلم في السنة التي توفي فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بديع الحسْن، عظيم الجمال، وهو الذي قَالَ: "مَا حَجَبَنِي رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إلا ضَحِكَ"، وفي رواية: "إلا تَبَسَّمَ"؛ ولهذا قال عمر: "مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَحْسَنَ مِنْ صُورَة جَرِيرٍ إِلا مَا بَلَغَنَا مِنْ صُورَةِ يُوسُفَ الصِّديقِ عَلَيْهِ السَّلامُ".
قوله: عُرِضْتُ بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: قالوا: لأنه كان لا يثبت على الخيل، يقع من فوقه إذا ركب، حتى دعا له النبي صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال: "فَأَلْقَى جَرِيرٌ رِدَاءَهُ وَمَشَى فِي إِزَارٍ"؛ إظهارًا للقوة والشجاعة، وأنه قادر على القتال.
ولماذا وضع الترمذي هذا الحديث في هذا الباب؟
قال ابن حجر رحمه الله: "وجهه أن طيب الصورة يلازمه في الغالب طيب الريح، ففيه إيماء إلى التعطُّر".
فضل الطيب
قال ابن القيم رحمه الله: "وفي الطيب من الخاصية، أن الملائكة تحبه، والشياطين تنفر عنه، وأحب شيء إلى الشياطين الرائحة المنتنة الكريهة، فالأرواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة، والأرواح الخبيثة تحب الرائحة الخبيثة، وكل روح تميل إلى ما يناسبها، فالخبيثات للخبيثين، والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين، والطيبون للطيبات، هذا وإن كان في النساء والرجال، فإنه يتناول الأعمال والأقوال، والمطاعم والمشارب، والملابس والروائح، إما بعموم لفظه، أو بعموم معناه".
افضل أوقات التطيب
ويتأكد مس الطيب في أوقات اجتماع الناس؛ كيوم الجمعة، والعيدين، وكل اجتماع؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((منِ اغتسل يومَ الجمعة فأحسنَ الغُسْل، وتطهَّر فأحسَنَ الطُّهور، ولبِسَ مِنْ أحسن ثيابه، ومَسَّ مَا كتَبَ الله له مِنْ طيب أوْ دُهْن أهله، ثُمَّ أتى المسجد، فلم يَلْغُ، ولم يُفَرِّقْ بينَ اثنينِ، غفر الله له ما بينه وبين الجمعة الأُخْرى)).
والطيب والتعَطُّر صار عند كثير من الناس عادة، فينبغي أن يفعل ذلك وينتوي الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
الخلاصة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الطيب بالرغم من طيب رائحة بدنه صلى الله عليه وسلم، وكان لا يرُدُّه إذا قُدِّم إليه؛ بل وأمر صلى الله عليه وسلم بعدم رد الطيب، وبيَّن أنه خفيف المحمل، وطيب الرائحة.
فضيلة الشيخ طاهر ابو المجد احمد
كبير أئمة شبرا الخيمة شرق القليوبية
جامعة الأزهر قسم العقيدة والفلسفة