الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة ٢٦/ ٤/ ٢٠٢٤م - تطبيقات حُسن الخلق.

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2692
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة ٢٦/ ٤/ ٢٠٢٤م -   تطبيقات حُسن الخلق.                         Empty خطبة الجمعة ٢٦/ ٤/ ٢٠٢٤م - تطبيقات حُسن الخلق.

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد السبت أبريل 20, 2024 12:28 am

    خطبة الجمعة ٢٦/ ٤/ ٢٠٢٤م -
     تطبيقات حُسن الخلق.
                          
      العناصر
    ١- فضل حُسن الخلق
    ٢- حسن الخلق وسيلة من وسائل دخول الجنة. 
    ٣- مظاهر الخلق الحَسن


                                الموضوع 
     إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله ﷺ، "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا"، وبعد  


    فإن الحديث عن الأخلاق إنما هو حديث عن أحد الدعائم الأساسية والركائز القويمة التي لا غنى عنها في كل زمانٍ ومكانٍ؛ "إذ بها تتقدم الأمم وتزدهر حضارتها ويترعرع بنيانها، ويستقيم أفرادها" 
    ولقد حفلت الشريعة الإسلامية بدستورٍ عظيمٍ كامل لبناء صرح الأخلاق، فما من جانبٍ من جوانب الحياة إلا وتجد العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تأخذ بعضد بعضها البعض، تحديثًا ترغيبًا ترهيبًا ومعالجةً. ولا غرو فتهذيب النفوس وبناء المجتمع الفاضل الذي يقوم على الأخوة الإنسانية والفضيلة هو أحد مبادئ ديننا الحنيف. 


    والإسلام حينما يأمر بأفعال الخير واجتناب المعاصي والشرور فإنما هو يخاطب الوازع الديني .. يخاطب الضمير الحي الكامن الكائن بين جوانح الإنسان السويّ
    يخاطب فيه مراقبة الله تعالى الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرةٍ  في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتابٍ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها.


    وقد رغب النبي ﷺ في حسن الخلق في كل مظاهر الحياة الإنسانية، فحسن الأخلاق هو علامة على كمال الإيمان، وهو ضرورة اجتماعية، ومهمة خاصة للدعاة إلى دين الله، تجعل من يتحلى بها من أقرب الناس مجلسًا إلى رسول الله يوم القيامة، كما أنّ الأخلاق تفاضل الناس فتجعل من يتحلى بها خير الناس وأحسنهم على الإطلاق وفي الحديث: (إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا)،
    فالأخلاق هي عنوان الدين، و "الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين". بهذه الكلمات لخص لنا طبيب القلوب وحكيم الإسلام ابن القيم الدين الإسلامي كله، فهو دين يقوم على الخلق الحسن، وكلما ازداد المرء من الأخلاق الحسنة كان أقرب إلى حد الكمال في دينه، ولا خير في تدين مغشوش لا يقوم على خلقٍ حسنٍ، فالتدين المغشوش -كما يقول الشيخ الغزالي رحمه الله- أنكى وأخطر على الأمة من الإلحاد الصارخ الظاهر.


    والأخلاق الإسلامية: هي مجموعة من القيم والمبادئ والآداب التي يجب أن يتحلّى بها الإنسان وحث عليها الإسلام، وهي صفة يتميّز بها كل شخص عن غيره، وعبادة يتقرب بها المسلم إلى ربه، والتي يجب التحلي بها مثل: القناعة، الرضى، والبر، والإحسان، والصدق، والأمانة، والصبر، والحلم،  ..... اقتداءً بالنبي ﷺ الذي هو أكمل البشر خلقا لقول الله عنه: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ" القلم
     والخلق الحسن كذلك طريق المسلم للتقرب إلى الله تعالى ونيل الأجر والثواب، فقد يبلغ الرجل صاحب الخلق الحسن درجة الصائم القائم، كما أنّ الخلق الحسن هو أعظم الوسائل للدعوة إلى الله فهو يحبب الناس في صاحب الخلق، كما أنّه يجذب غير المسلمين إلى دين الإسلام.
     
     ومهمة نبينا محمَّد -ﷺ- هي إتمام مكارِم الأخلاق؛فلقد لخص النبي -ﷺ- الغرض من بعثته فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله -ﷺ-: (إنَّما بُعثت لأتمم مكارمَ الأخلاق) رواه البيهقي، أخرجه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد)، وفي رواية أخرى: "حُسْنَ الأخلاق" السابق.


    ويُفهم مِن هذا الحديث -أيضًا- أنَّ الأصل فينا هو التزامُ الأخلاق، وليس تضييعها، بل كيف نرْضَى أن تصدر أو يتخلَّق بها غيرنا، ونحن نتجاهلها أن نعملَ بضدِّها -ونحن المسلمين- بل البشرية جمعًا قد جُبِلنا على الخُلُق الحسن؛ ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس: ٧ - ٨]، وهذه الفِطرة مع ثبوت أصلها، إلا أنَّها تحتاج إلى رعايةٍ ومتابعة مستمرَّة؛ حتى لا تتغيَّر عن مسارها الحقيقي كالشجرةِ تحتاج إلى الماء والهواء والشَّمس وإلا ذبُلتْ، والأخلاق التي نحتاج إليه في حياتنا اليوميَّة على ثلاثة أقسام:
    أخلاق القلب: وتشتمل على الحبِّ والرَّحمة، وكظْم الغيظ والعفو، وغير ذلك.
    أخلاق اللسان: وتشتمل على القولِ الحسَن والذِّكر وقراءة القرآن، والاستغفار والدعاء، وغير ذلك.
    أخلاق الجوارح: وتشتمل على الصَّدقة وإعانة الآخَر، وإماطة الأذى، وغير ذلك.


     وقد تكون عبادة المسلم قليلة ولكن تثقُل بالخلق الحسن فيدرك بها منازل ودرجات القائمين الصائمين.
    ألم يُسأل النبي -ﷺ- عن امرأةٍ تقوم الليل وتصوم النهار لكنها تؤذى جيرانها بلسانها فقال: "هي في النار"
    وهذه عبادات يُخضع لها، قيام ليل وصيام نهار، لو أن القبول عند الله مرجعه إلى العبادات وحدها لكانت صاحبتها في أعلى عليين، وفى منزلة تالية للأنبياء والصديقين، لكن لما كان القبول متوقفًا على شرط آخر وهو الخلق الحسن، كانت هذه المرأة في النار.
    والعكس صحيح فلما سُئل -ﷺ- عن امرأةٍ قليلة العبادة، ولكنها تتصدق بالقليل فقال -ﷺ-: "هي في الجنة"
    فلما كان المرجع للخلق الحسن كانت هذه المرأة  صاحبةُ العبادات القليلة التي تذكر من قلة صيامها وصلاتها لكنها تحسن إلى جيرانها في الجنة؛ لهذا نرى النبي -ﷺ- في صلاته بالليل يدعوا ربه قائلًا: "اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت، واصرف عنى سيئها لا يصرف عنى سيئها إلا أنت". (رواه مسلم عن علي -رضى الله عنه-)


    إن الأخلاق الحسنة هي أصل كل خير، وهى مفتاح القبول عند الله -عز وجل- وأقرب الناس من رسول الله -ﷺ- وأحبهم إليه هم أصحاب الخلق الحسن إنه ليحظى بالقرب من رسول الله -ﷺ-، وإن أبغض الناس إليه -ﷺ- هم أصحاب الأخلاق السيئة. قال رسول الله -ﷺ-: "إن من أحبكم إلىّ وأقربكم منى مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا" (رواه الترمذي وقال: حديث حسن ).
    وفى رواية للطبراني قال -ﷺ- "إن أحبَكم إلىّ أحاسنكم أخلاقًا الموطّئون أكنافًا الذين يألفون ويؤلفون، وإن أبغضكم إلى المشّاءون بالنميمة المفرّقون بين الأحبة الملتمسون للبرءاء العيب"


    ** إن حسن الخلق ليس مجرد توجيهات تعطيها للناس! سيتمثلها الناس تلقائياً إنما تحتاج إلى مجاهدة، نعم، منها جانب جُبل عليه الإنسان أصلاً، لكن منها جانب يحتاج إلى تربية وإلى تعود وإلى تلق، فنشيع في المنزل والبيت الخلق والاحترام، يعني إذا كان الأب مثلاً لا يقدر ابنه، وتلفظ عليه بألفاظ نابية ولا يحترمه ولا يقدره، فكيف نريد أن نوجد عند هذا الابن الخلق الحسن؟ قد يكون عنده خضوع لوالده، وتقدير واحترام لكنه مشوب بالرهبة والخوف، فحينما يتعامل مع الآخرين لا يحسن خلقه.


    حينما يتلفظ الأب على ولده بألفاظ ساقطة، لا بد أن يتلقى الابن من الأب مثل هذه الألفاظ، وإن لم يقلها لولده فسيقولها لغيره من الناس.


    إذا كنا نريد أن نعود الابن الحلم والصبر والأناة يجب أن يشعر أننا نحلم في التعامل مع الآخرين، هنا ينشأ الابن من الصغر على مثل هذا الخلق في كل مجال، 


    ننتقل إلى المدرسة، فحينما يُعامل الطالب بفظاظة وغلظة وقسوة من الأستاذ أو من المسئول عن توجيهه، أو حينما يعامل بصورة أو أخرى بخلق سيئ فلا ننتظر منه إلا ذلك.


    حينما يأتي إلى المسجد مثلاً ليحفظ القرآن في حلقة من حلقات القرآن فيجد سوء الخلق ممن يعلمه حفظ القرآن،
     أو حينما يأتي إلى مجلس من مجالس العلم فلا يجد ممن يعلمه مثلاً النموذج في حسن الخلق، بل يجد منه الإعراض، يجد منه الجفاء فإنه سيتعلم جانبًا من ذلك فيجب أن نشيع ذلك في المنزل، في المدرسة، في كل أوساطنا.


    ** العبادات مع الله علاقات مالم تأت ثمارها معاملة حسنة وسلوكًا قويمًا مع الخلق فعليها السلام، ولذا المحك عند الابتلاء والاختبار، 
    بعض العابدين إن ابتلوا بما فى جيوبهم لمساعدة فقير أو نجدة ملهوف أو إقراض غيرهم أو شهادة حق فى قضية ما كانوا أول المتباطئين المتخاذلين الهاربين، يعيشون فاصلا بين إيمانهم وسلوكهم فلا تأخذك الدهشة منهم، فالعبادات لا تكلفهم مالًا، وما يكلف منها كالعمرة والحج رغم قدرتهم عليه يرجئونه وقد يموتون ولا يأتونه، يثنون أنفسهم عن كل سلوك فيه خير لغيرهم يكلفهم مالا أو جهدًا.


    أهل النفاق فى مدينة رسول الله -ﷺ- كانوا يصلون معه فى مسجده وحال ابتلوا بالخروج معه فى أحد انخذلوا من جيشه، وفي غزوة تبوك قعدوا عن الخروج 
    فلنقوم أنفسنا إيمانًا يترجمه السلوك فالإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل.


    إن الذين يظنون أن العبادات بدون خلق حسن ترفع قدر العبد عند ربه عز وجل هم -في الحقيقة- واهمون، فإنه حين توزن الأعمال بين يدى الله يكون حسن الخلق أثقلها عند الله عز وجل، فعن أبى الدرداء -رضى الله عنه- أن النبي -ﷺ- قال: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذئ" (رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه وقال  الترمذي حديث حسن صحيح). وزاد في رواية له "وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة".
    فالأخلاق هي رسالة الإسلام وهي روحه وريحانه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله -ﷺ- يقول: "إن المؤمن ليبلغ بحُسن خلقه درجة الصائم القائم" رواه أبو داود وأحمد وصححه الألباني 
    أي أنه جعل حسن الخلق كأجر العبادات الأساسية.


    إن كثيراً من الناس يذهب فهمه إلى أن حسن الخلق خاص بمعاملة الخلق دون معاملة الخالق ولكن هذا الفهم قاصر. فإن حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق يكون أيضاً في معاملة الخالق جلا وعلا


    أيها الإخوة المؤمنين: إن الدنيا عرَضٌ حاضر، يأكل منه البر والفاجر، وإن الآخرة لوعد صادقٌ يحكم فيها ملك عادل، فطوبى لعبدٍ عمِل لآخرته وحبله ممدود على غاربه، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فتوبوا إلى الله واستغفروه وادعوه وأنتم موقونون بالإجابة.
    الخطبة الثانية
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. قاد سفينة العالم الحائرة في خضم المحيط، ومعترك الأمواج حتى وصل بها إلى شاطئ السلامة، ومرفأ الأمان، فاللهم صل وسلم وزد بارك عليك سيدي يا رسول الله وآلك وصحبك قادة الحق، وسادة الخلق إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين. 
    وبعد 
    فحُسن الخُلُق مع اللّٰه: فهو الرضا بحُكمه شرعًا وقَدَرًا، وتلقِّي ذلك بالانشراح وعدمِ التضجُّر، وعدمِ الأسى والحزن، فإذا قدَّر اللّٰه على المسلم شيئًا يكرهه رضي بذلك واستسلم وصبر، وقال بلسانه وقلبه: رضيتُ باللّٰه ربًّا، وإذا حكم اللّٰه عليه بحكمٍ شرعيٍّ؛ رضي واستسلم، وانقاد لشريعة اللّٰه عزَّ وجلَّ بصدرٍ منشرحٍ ونفسٍ مطمئنَّةٍ، فهذا حسنُ الخُلُق مع اللّٰه عزَّ وجلَّ. [ابن عثيمين/ شَرح رياض الصَّالحين  (٥٥٦/٣)]
    ويتمثل حسن الخلق في معاملة الخالق في ثلاثة أمور:
    أ. تلقي أخبار الله بالتصديق.
    ب. تلقي أحكامه بالتنفيذ والتطبيق.
    ج. تلقي أقداره بالصبر والرضا.
    وهذه ثلاثة أشياء عليها مدار حسن الخلق مع الله تعالى:


    أولاً: تلقي أخباره بالتصديق:
    بحيث لا يقع عند الإنسان شك أو تردد في تصديق خبر الله تبارك وتعالى؛ لأن خبر الله تعالى صادر عن علم وهو سبحانه أصدق القائلين، كما قال الله تعالى عن نفسه: (ومن أصدق من الله حديثًا) النساء: ٨٧، ولازم تصديق أخبار الله أن يكون الإنسان واثقًا بها، مدافعًا عنها، مجاهدًا بها وفي سبيلها، بحيث لا يداخله شك أو شبهة في أخبار الله عز وجل وأخبار رسوله صلى الله علية وسلم .


    وإذا تخلق العبد بهذا الخلق أمكنه أن يدفع أي شبهة يوردها المغرضون على أخبار الله ورسوله ﷺ، سواء أكانوا من المسلمين الذين ابتدعوا في دين الله ما ليس منه، أم كانوا من غير المسلمين الذين يلقون الشبه في قلوب المسلمين بقصد فتنتهم وإضلالهم.


    هذا الخبر -الذي يرد عن النبي ﷺ- يجب علينا أن نقابله بحسن الخلق، وحسن الخلق نحو هذا الخبر يكون بأن نتلقاه بالقبول والانقياد، فنجزم بأن ما قاله النبي ﷺ في هذا الحديث فهو حق وصدق، وإن اعترض عليه من اعترض، ونعلم علم اليقين: أن كل ما خالف ما صح عن رسوله الله ﷺ فإنه باطل؛ لأن الله تعالى يقول: (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون) يونس: ٣


    ثانيًا: ومن حسن الخلق مع الله عز وجل أن يتلقى الإنسان أحكام الله بالقبول والتنفيذ والتطبيق فلا يرد شيئًا من أحكام الله، فإذا رد شيئًا من أحكام الله فهذا سوء خلق مع الله عز وجل سواء ردها منكرًا حكمها، أو ردها مستكبرًا عن العمل بها، أو ردها متهاونًا بالعمل بها، فإن ذلك كله مناف لحسن الخلق مع الله عز وجل.
     ومثال ذلك تحريم الربا 
    وهذا في المعاملات، فقد حرم الله علينا الربا تحريمًا أكيدًا، وأحل لنا البيع وقال في ذلك: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) البقرة: ٢٧٥.
    فتوعد من عاد إلى الربا بعد أن جاءته الموعظة وعلم الحكم، توعده بالنار -والعياذ بالله- بل إنه توعده في الدنيا أيضًا بالحرب، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) البقرة: ٢٧٨-٢٧٩
    هذا يدل على عظم هذه الجريمة وأنها من كبائر الذنوب والموبقات.


    فالمؤمن يقبل هذا الحكم بانشراح ورضا وتسليم، وأما غير المؤمن فإنه لا يقبله، ويضيق صدره به، وربما يتحيل عليه بأنواع الحيل؛ لأننا نعلم أن في الربا كسبًا متيقنًا وليس فيه أي مخاطرة، لكنه في الحقيقة كسب لشخص وظلم لآخر، ولهذا قال الله تعالى: (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون).


    ثالثًا: ومن حسن الخلق مع الله تعالى: تلقى أقدار الله تعالى بالرضا والصبر 
    وكلنا يعلم أن أقدار الله عز وجل التي يجريها على خلقه ليست كلها متماشية مع رغبات الخلق فالمرض مثلاً لا يحبه الإنسان، فكل إنسان يحب أن يكون صحيحاً معافى.


    فحسن الخلق مع الله نحو أقداره أن ترضى بما قدر الله لك  وأن تطمئن إليه وأن تعلم أنه سبحانه وتعالى ما قدره إلا لحكمة عظيمة وغاية محمودة يستحق عليها الحمد والشكر.
    وعلى هذا فإن حسن الخلق مع الله نحو أقداره هو أن يرضى الإنسان ويستسلم ويطمئن ، ولهذا امتدح الله الصابرين فقال : (وبشر الصابرين , الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) البقرة: ١٥٥- ١٥٦
    وفقنا الله للأدب وحسن الخلق معه سبحانه وتعالى.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 4:39 pm