الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة بعنـوان: فضائل العشر الأواخر من رمضان والتماس ليلة القدر فيها (19 رمضان 1445هـ - 29 مارس 2024م)

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2674
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة بعنـوان:   فضائل العشر الأواخر من رمضان  والتماس ليلة القدر فيها  (19 رمضان 1445هـ -  29 مارس 2024م) Empty خطبة بعنـوان: فضائل العشر الأواخر من رمضان والتماس ليلة القدر فيها (19 رمضان 1445هـ - 29 مارس 2024م)

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الأحد مارس 24, 2024 3:39 am

    خطبة بعنـوان: 
    فضائل العشر الأواخر من رمضان
    والتماس ليلة القدر فيها
    (19 رمضان 1445هـ -  29 مارس 2024م)
    =============
     العناصــــــر:      مقدمة :
    - من فضائل العشر الأواخر من رمضان
    - النبي (صلى الله عليه وسلمَ) في العشر الأواخر من رمضان.
    - أعمال يتقرب بها العبد إلى الله في هذه العشر .
    - ليلة القدر خير من ألف شهر.
    - دعوة إلى اغتنام ما بقي من رمضان بصالح الأعمال.
    ============
    الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (سورة القدر)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "تَحرُّوا ليلةَ القَدْر في العَشْر الأواخِر من رمضانَ"، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
    مشاعر إيمانية ملأت قلوبنا ونحن نستقبل هذا الشهر المبارك، وكلنا رجاء أن يوفقنا الله لكل عمل صالح، فشمر المجدون، واجتهد المخلصون، وها هي أيام الشهر الكريم بعضها يمر، وبعض لياليه تنقضي، شاهدة بما عملتم، وحافظة لما أودعتم، وها نحن على باب صفوة أيامه: عشر التجليات، عشر النفحات، عشر البركات، إذ تعظم فيها الهبات، وتنزل فيها الرحمات، وتقال فيها العثرات، وترفع فيها الدرجات، وتعظم فيها أجور الطاعات، تدعوا من أحسن أن يزداد من الطاعات، ومن قصر أن يغتنم ما بقى بالعبادات، فحمدا لله أن بلغنا هذه الأيام، وطوبى لمن عرف قدرها، وأدرك عظيم فضلها، واستمعوا معي إلى أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) وهي تتحدث عن حال النبي (صَلى الله عليه وسلم) فيها فتقول: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ" (رواه مسلم). أمرا يحثنا جميعا أن نهتدي بهديه، فنغتنم هذه العشر بصالح الأعمال على اختلاف صنوفها وألوانها، ومن ذلك:
    - إحياء الليل بالقيام: فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رَضِيَ اللهُ عَنْهَا)، قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ " (رواه البخاري) ومع أن النبي (صَلى الله عليه وسلم) غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إلا أنه لم يتكاسل يوما عن قيام الليل ؛ فعَنْ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا)، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: "أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا " (رواه البخاري) 
    - ومن هدى النبي (صَلى الله عليه وسلم) في هذه العشر حث الأهل وإيقاظهم لقيام الليل، فعَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "كَانَ يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي الْعَشْرِ الْأَخير من رَمَضَان" (رواه الترمذي) وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أيضا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أنها قالت" لَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ عَشْرَةُ أَيَّامٍ يَدَعُ أَحَدًا يُطِيقُ الْقِيَامَ إلا أقامه " 
    - كثرة الاستغفار: فهو باب الخيرات والبركات، قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) (نوح 10-12) ويقول رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ): "مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ " (رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما) ويكفى في فضله ما جاء في الحديث القدسي: " يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي" (رواه الترمذي).
    - ذكر الله (سبحانه وتعالى): فعن أبى هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ) قال "سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ"، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: " الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ " (رواه مسلم).
    - قراءة القرآن: فلقد كان جبريل (عليه السلام) يلقى النبي (صلى الله عليه وسلمَ) في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، وكفى في فضله الشفاعة لأصحابه يوم القيامة فعن أَبي أمامه الْبَاهِلِيّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ" (رواه مسلم) 
    - الدعاء: إذ أن مظان الإجابة تكثر في هذا الشهر المبارك؛ لقرب الإنسان من ربه بالعبادات والطاعات والقربات، من صيام وقيام وصدقات وذكر وغير ذلك من صالح الأعمال، فقد قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186)، فهذه الآية جاءت بين آيات الصيام إشارة إلى ما لرمضان من خصوصية بالدعاء، وما للصيام من ارتباط بالإجابة والقبول، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ)" ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ لاَ تُرَدُّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ". وعن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسولَ الله (صلَّى الله عليْه وسلَّم) يقول: "إنَّ للصَّائم عند فِطْرِه دعوةً ما تُرَدُّ" (رواه ابن ماجه) إن الدعاء نفعه عميم وخيره وفير، فما استجلبت النعم بمثله، ولا استدفعت النقم بمثله، ومن ذلك يقول النبي (صلى الله عليه وسلمَ) "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا"، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ؟، قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ" (رواه الترمذي)
    ولعل من أعظم أسباب اجتهاد النبي (صَلى الله عليه وسلم) في هذه العشر أن فيها ليلة القدر، الليلة التي قال الله (سبحانه وتعالى) فيها: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر * ِوَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (سورة القدر) فقد قال صلى الله عليه وسلم: "تَحرُّوا ليلةَ القَدْر في العَشْر الأواخِر من رمضانَ".
    - فلقد عظم الله (سبحانه وتعالى) شأن هذه الليلة بنزول القرآن فيها، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، قَالَ: " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ سَنَةً: ثم قرأ قوله تعالى: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) (الفرقان: 33) وقوله تعالى: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا) (الإسراء: 106) "(مستدرك الحاكم).
    - وسميت ليلة القدر بهذا الاسم: لما أضفاه الله عليها من جموع الفضائل والشرف فهي ليلة نزل فيها القرآن، وفيها تقدر مقادير الخلائق على مدى العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والجدب والقحط، وكل ما أراده الله (تعالى) في السنة، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان 4). عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) فِي قَوْلِهِ: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) قَالَ: "يُكْتَبُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ أَوْ مَطَرٍ، حَتَّى يُكْتَبَ الْحَاجُّ؛ يَحِجُّ فُلانٌ، وَيَحِجُّ فَلانٌ". وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أيضا، قَالَ: " إِنَّكَ لَتَرَى الرَّجُلَ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ، وَقَدْ وَقَعَ اسْمُهُ فِي الْمَوْتَى"، ثُمَّ قَرَأَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ، إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ: يُفْرَقُ أَمْرُ الدُّنْيَا إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ" (مستدرك الحاكم).
    - وللعبادة فيها قدر عظيم: فالعبادة فيها تعدل أفضل من مثلها في ثلاثة وثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر، قال تعالى (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر)، عَنْ الِإمَامِ مَالِك، أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ:" إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لَا يَبْلُغُوا مِنْ الْعَمَلِ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمْرِ؛ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ"( موطأ مالك). 
     وفيها: مغفرة الذنوب لمن قامها إيمانا واحتسابا، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". 
    - وهي أرجى لإجابة الدعاء: فلقد سألت أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) رسول الله (صَلى الله عليه وسلم): يا رسولَ الله، أرأيتَ إنْ علمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدْر؛  ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللَّهُمَّ إنَّك عفُوٌّ تحبُّ العفوَ، فاعفُ عنِّي" (رواه الترمذي وغيره).
    وفيها: تضيق الأرض بالملائكة الذين ينزلون فيها بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ)، وعن أبى هريرة أن النبي ( صلى الله عليه وسلمَ) قال في ليلة القدر: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى" (رواه أحمد).
    - وهى ليلة سلام كلها، خالية من الشر والأذى، فيها خير عميم وبركة عظيمة، وفضل ليس له مثيل، قال تعالى: (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
    - وكما أن هذه الليلة تدعونا بفضلها إلى اغتنامها بالأعمال الصالحة والطاعات والقربات، فإنها تدعونا إلى حسن الخلق، إلى نبذ الحقد والكراهية والضغينة، فعن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنَّهُ تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ ".
    ولها علامات في أثنائها، وكأنها بمثابة الحاث على اغتنامها والمرغب في الاجتهاد فيها، وتلكم العلامة هي أنها تكون ليلة مضيئة، مشرقة، صافية، فيها سكينة، لا برد فيها ولا حر، فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم): "إِنِّي كُنْتُ أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ نُسِّيتُهَا، وَهِيَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَهِيَ طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا يَفْضَحُ كَوَاكِبَهَا، لَا يَخْرُجُ شَيْطَانُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فجرها" (رواه ابن حبان).
    وأما العلامة التي تكون بعد انقضائها وكأنها بمثابة المبشر بالأجر والدرجات فهي كما في الحديث الذي رواه مسلم، عن أبي بن كعب "وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا ".
    أما من فرط في شهر الصيام فحرم خيرها، فهو المحروم، كما قال صلى الله عليه وسلم "إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ".
    ها هو شهر رمضان قد أذنت بالغروب شمسه فلم يبق إلا ثلثه الأخير، فأكثروا فيه من القيام، فمن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وأكثروا فيه من ذكر الله، فقد سبق الذاكرون الله كثيرا والذاكرات، وأكثروا فيه من الصدقات وإطعام الطعام، فمن فطر صائما كان له مثل أجره، وأكثروا فيه من الدعاء، فللصائم دعوة لا ترد، وأكثروا فيه من قراءة القرآن، فالصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، وأكثروا فيه من الصلاة على الحبيب النبي (صلى الله عليه وسلمَ) فهو القائل: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي صَلاةً مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِها عَشْرَ صَلَواتٍ ورَفَعَهُ بِها عَشْرَ دَرَجاتٍ وكَتَبَ لَهُ بِها عَشْرَ حَسَناتٍ ومَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئاتٍ "  (رواه النسائي) وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ" (رواه الترمذي).
    فيا من بدأت شهرك بهمة ونشاط، زد في طاعتك وأكثر من عبادتك، وأحذر أن تتناقص همتك بتناقص أيام رمضان، أو أن يرحل جدك برحيل بعض لياليه، فأنت في أيام فتحت فيها أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، ولله فيها عتقاء من النار. نسأل الله أن نكون منهم.
    اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا 
    واحفظ اللهم مصر من كل مكروه وسوء

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 7:46 am