خاطرة الاثنين 26/2/2024
تحت عنوان
المسلم والمؤمن
عن فضاله بن عبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ،(المسلِمُ من سلمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويدِهِ ، والمؤمنُ من أمنَهُ النَّاسُ علَى دمائِهِم وأموالِهِم ، والمجاهدُ مَن جاهدَ نفسَهُ في طاعةِ اللَّهِ والمُهاجِرُ مَن هجَر الخطايا والذُّنوبَ
اخرجه الامام احمد والطبراني
وهذا تأكيدٌ للتَّحريمِ وتَغليظٌ وتَشديدٌ في حُرمةِ التَّعدِّي بدونِ وجْهِ حقٍّ على الأموالِ والأعراضِ والدِّماءِ، "وحتَّى دَفعةٌ دفَعَها مُسلِمٌ مُسلِمًا يُرِيدُ بها سُوءًا"، أي: حتَّى الضَّربةُ الخفيفةُ باليَدِ إذا أراد بها الدَّافِعُ والضَّاربُ سُوءًا بمُسلمٍ، فهي مَمنوعةٌ، "
المُسلِمُ: مَن سلِمَ النَّاسُ مِن لِسانِه ويَدِه"،
أي: إنَّ المُسلِمَ الكامِلَ الجامعَ لخِصالِ الإسلامِ: هو مَن لم يُؤْذِ مُسلِمًا بقولٍ ولا فِعلٍ، وخصَّ اللِّسانَ واليدَ؛ لكَثرةِ أخطائِهما وأضرارِهما؛ فإنَّ مُعظَمَ الشُّرورِ تَصدُرُ عنهما؛ فاللِّسانُ يكذِبُ، ويَغتابُ، ويسُبُّ، ويَشهَدُ بالزُّورِ، واليدُ تَضرِبُ، وتقتُلُ، وتَسرِقُ، إلى غيرِ ذلك، وقدَّمَ اللِّسانَ؛ لأنَّ الإيذاءَ به أكثرُ وأسهَلُ، وأشدُّ نِكايةً، ويعُمُّ الأحياءَ والأمواتَ جميعًا، "
أن الإسلام التام هو الاستسلام لله في كل شيء، من أوامره ونواهيه، والوقوف عند حدوده، وأداء العبادات التي أمر الله بها كاملة، وقام بالحقوق التي أوجبها الله عليه فيما بينه وبين الخلق فالتزم بالقيام بالحقوق التي بينه وبين ربه، والتي بينه وبين عباد الله، ولا يتم ذلك حتى يحب للمسلمين ما يحب لنفسه، ولن يتحقق هذا المعنى إلا بسلامتهم من شر لسانه ويده.
فاللسان من أعظم الجوارح ضررًا، ومن أسوئها نتائج، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل t، لما قال له: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال r : « ثكلتك أمك يا معاذ؛ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم!! » (الترمذي).
فإذا أطلق المرء لسانه فلا تسأل عما يجول ويخوض فيه من الشر والبلاء فيما يتعلق بأمور الدين والدنيا، هذا اللسان الذي شبهه العلماء بالثعبان في جراحه وآلامه، فكم أذهب من أطلق لسانه في أعراض الناس من حسناته، وأهداها لمن يتكلم في عرضه من البهت والعدوان والكذب والافتراء والطعن في الأعراض، تارة بالقذف والعياذ بالله الذي يوجب عذاب الدنيا والآخرة،وتارة بالقول على الله بلا علم، والقول على رسوله r وقد قال سبحانه: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الأنعام: 21] ويقول الرسول r : « من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» (البخاري
)
كما جاء ذلك في الحديث الذي قال فيه r لأصحابه: « ما تعدون المفلس فيكم؟ » قالوا: يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال r : « إن المفلس من أمتي الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وصدقة، ويأتي وقد ظلم هذا، وضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم، فألقيت عليه، ثم طرح في النار » (مسلم).
والمُؤمِنُ مَن أمِنَهُ النَّاسُ على أموالِهم وأنفُسِهم"،
أي: المُؤمنُ الحقُّ الَّذي تحقَّقَت فيه صِفَةُ الإيمانِ، وظهَرَتْ عليه علاماتُه، هو مَن يأْمَنُه النَّاسُ، ولا يَخافونَه على أنفُسِهم وأرواحِهم وأموالِهم؛ فلا يَقتُلُ، ولا يَسرِقُ، ولا يَنهَبُ،
أن الإيمان إذا باشر القلب وامتلأ به أوجب لصاحبه القيام بحقوق الإيمان الواجبة التي من أخصها رعاية حق الله وحقوق عباده، من حفظ الأمانات، والصدق في المعاملات، والكف عن الظلم، والورع عن أموال الناس ودمائهم وأعراضهم ومن كانت هذه صفته عرف الناس ذلك منه، فأمنوه، ووثقوا به، فاتصف بأنه قد أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، فصار مؤمنًا بوصف النبي r له بذلك، فإن رعاية الأمانة من أخص واجبات الإيمان، ولذلك قال r : « لا إيمان لمن لا أمانة له » (رواه أحمد).
وللحديث بقيةيوم الأربعاء إن شاء الله تعالى
فضيلة الشيخ طاهر ابو المجد احمد
كبير أئمة شبرا الخيمة شرق القليوبية
جامعة الأزهر قسم العقيدة والفلسفة
تحت عنوان
المسلم والمؤمن
عن فضاله بن عبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ،(المسلِمُ من سلمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويدِهِ ، والمؤمنُ من أمنَهُ النَّاسُ علَى دمائِهِم وأموالِهِم ، والمجاهدُ مَن جاهدَ نفسَهُ في طاعةِ اللَّهِ والمُهاجِرُ مَن هجَر الخطايا والذُّنوبَ
اخرجه الامام احمد والطبراني
وهذا تأكيدٌ للتَّحريمِ وتَغليظٌ وتَشديدٌ في حُرمةِ التَّعدِّي بدونِ وجْهِ حقٍّ على الأموالِ والأعراضِ والدِّماءِ، "وحتَّى دَفعةٌ دفَعَها مُسلِمٌ مُسلِمًا يُرِيدُ بها سُوءًا"، أي: حتَّى الضَّربةُ الخفيفةُ باليَدِ إذا أراد بها الدَّافِعُ والضَّاربُ سُوءًا بمُسلمٍ، فهي مَمنوعةٌ، "
المُسلِمُ: مَن سلِمَ النَّاسُ مِن لِسانِه ويَدِه"،
أي: إنَّ المُسلِمَ الكامِلَ الجامعَ لخِصالِ الإسلامِ: هو مَن لم يُؤْذِ مُسلِمًا بقولٍ ولا فِعلٍ، وخصَّ اللِّسانَ واليدَ؛ لكَثرةِ أخطائِهما وأضرارِهما؛ فإنَّ مُعظَمَ الشُّرورِ تَصدُرُ عنهما؛ فاللِّسانُ يكذِبُ، ويَغتابُ، ويسُبُّ، ويَشهَدُ بالزُّورِ، واليدُ تَضرِبُ، وتقتُلُ، وتَسرِقُ، إلى غيرِ ذلك، وقدَّمَ اللِّسانَ؛ لأنَّ الإيذاءَ به أكثرُ وأسهَلُ، وأشدُّ نِكايةً، ويعُمُّ الأحياءَ والأمواتَ جميعًا، "
أن الإسلام التام هو الاستسلام لله في كل شيء، من أوامره ونواهيه، والوقوف عند حدوده، وأداء العبادات التي أمر الله بها كاملة، وقام بالحقوق التي أوجبها الله عليه فيما بينه وبين الخلق فالتزم بالقيام بالحقوق التي بينه وبين ربه، والتي بينه وبين عباد الله، ولا يتم ذلك حتى يحب للمسلمين ما يحب لنفسه، ولن يتحقق هذا المعنى إلا بسلامتهم من شر لسانه ويده.
فاللسان من أعظم الجوارح ضررًا، ومن أسوئها نتائج، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل t، لما قال له: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال r : « ثكلتك أمك يا معاذ؛ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم!! » (الترمذي).
فإذا أطلق المرء لسانه فلا تسأل عما يجول ويخوض فيه من الشر والبلاء فيما يتعلق بأمور الدين والدنيا، هذا اللسان الذي شبهه العلماء بالثعبان في جراحه وآلامه، فكم أذهب من أطلق لسانه في أعراض الناس من حسناته، وأهداها لمن يتكلم في عرضه من البهت والعدوان والكذب والافتراء والطعن في الأعراض، تارة بالقذف والعياذ بالله الذي يوجب عذاب الدنيا والآخرة،وتارة بالقول على الله بلا علم، والقول على رسوله r وقد قال سبحانه: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الأنعام: 21] ويقول الرسول r : « من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» (البخاري
)
كما جاء ذلك في الحديث الذي قال فيه r لأصحابه: « ما تعدون المفلس فيكم؟ » قالوا: يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال r : « إن المفلس من أمتي الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وصدقة، ويأتي وقد ظلم هذا، وضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم، فألقيت عليه، ثم طرح في النار » (مسلم).
والمُؤمِنُ مَن أمِنَهُ النَّاسُ على أموالِهم وأنفُسِهم"،
أي: المُؤمنُ الحقُّ الَّذي تحقَّقَت فيه صِفَةُ الإيمانِ، وظهَرَتْ عليه علاماتُه، هو مَن يأْمَنُه النَّاسُ، ولا يَخافونَه على أنفُسِهم وأرواحِهم وأموالِهم؛ فلا يَقتُلُ، ولا يَسرِقُ، ولا يَنهَبُ،
أن الإيمان إذا باشر القلب وامتلأ به أوجب لصاحبه القيام بحقوق الإيمان الواجبة التي من أخصها رعاية حق الله وحقوق عباده، من حفظ الأمانات، والصدق في المعاملات، والكف عن الظلم، والورع عن أموال الناس ودمائهم وأعراضهم ومن كانت هذه صفته عرف الناس ذلك منه، فأمنوه، ووثقوا به، فاتصف بأنه قد أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، فصار مؤمنًا بوصف النبي r له بذلك، فإن رعاية الأمانة من أخص واجبات الإيمان، ولذلك قال r : « لا إيمان لمن لا أمانة له » (رواه أحمد).
وللحديث بقيةيوم الأربعاء إن شاء الله تعالى
فضيلة الشيخ طاهر ابو المجد احمد
كبير أئمة شبرا الخيمة شرق القليوبية
جامعة الأزهر قسم العقيدة والفلسفة