الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 8 يوليو 2022م ، الدروس المستفادة من خطبة حجة الوداع

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2670
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 8 يوليو 2022م ،  الدروس المستفادة من خطبة حجة الوداع Empty خطبة الجمعة القادمة 8 يوليو 2022م ، الدروس المستفادة من خطبة حجة الوداع

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء يوليو 12, 2022 8:05 pm

    خطبة الجمعة القادمة 8 يوليو 2022م ،
    الدروس المستفادة من خطبة حجة الوداع 

    الدرسُ الأولُ: السمعُ والطاعةُ
    الدرسُ الثانِي: رعايةُ الحرماتِ في الإسلامِ
    الدرسُ الثالثُ: القضاءُ على عاداتِ الجاهليةِ
    الدرسُ الرابعُ: حسنُ معاملةِ النساءِ
    الدرسُ الخامسُ: الحرصُ على حسنِ الخاتمةِ
    الدرسُ السادسُ: الاجتهادُ في يومِ عرفةَ

    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليه وسلم. أمَّا بعدُ:
    لقد اشتملتْ خطبةُ الوداعِ على دروسٍ ووصايَا عظيمةٍ وأكدَ النبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – عليهَا وشددَ أيَّمَا تشديدٍ وكررَ ذلك مرارًا؛ لخطورةِ وأهميةِ هذه الدروسِ والتي تتمثلُ فيمَا يلي

    الدرسُ الأولُ: السمعُ والطاعةُ

    يجبُ على المسلمِ السمعُ والطاعةُ والانقيادُ لأوامرِ اللهِ – عزَّ وجلَّ – وأوامرِ رسولهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم-، وقد أكدَ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – على هذا في خطبةِ الوداعِ فقالَ: ” أيُّها الناسُ : اسمعُوا قولِي هذا “. وهذا فيه دعوةٌ للسمعِ والطاعةِ لأوامرِ اللهِ تعالى وأوامرِ رسولهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – وقد رُوي أنَّ رجلًا أتَى عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ، فقال: اعهدْ إليَّ. فقال: إذا سمعتَ اللهَ يقولُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } فأرعِهَا سَمْعَكَ، فإنُّه خيرٌ يأمرُ بهٍ أو شرٌ ينهِى عنه. ( تفسير ابن كثير ).
    ولقد حفلَ القرآنُ الكريمُ بمواقفَ كثيرةٍ تدلُّ على سرعةِ استجابةِ الصحابةِ لأوامرِ اللهِ ورسولهِ، وكثرتْ كلماتُهُم كما في السنةِ المطهرةِ: ” سمعًا وطاعةً للهِ ورسولهِ”. ” بأبِي أنتَ وأمِّي يا رسولَ اللهِ” أي : أفديكَ بأحبِّ الناسِ إلىَّ في الحياةِ وهم أبي وأمي، وهذا على خلافِ اليهودِ الذين كانوا دومًا يقولونَ ” سمعنَا وعصينَا ” .

    فلتكنْ دائمَ الاستجابةِ والانقيادِ والخضوعِ لأوامرِ اللهِ وأوامرِ رسولهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم.
    الدرسُ الثانِي: رعايةُ الحرماتِ في الإسلامِ

    وهي أولُ وصيةٍ أوصانَا بها الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلم، وهي التأكيدُ على الحرماتِ بجميعِ أنواعِهَا؛ فعن أبي بكرةَ – رضي اللهُ عنه- قال: خطبنَا رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – يومَ النحرِ فقالَ: ” أيُّ يومٍ هذا؟” قلنَا: اللهُ ورسولهُ أعلمُ، حتى ظنَنَّا أنَّه سيسميه بغيرِ اسمهِ، فقالَ: ” أليسَ ذو الحجةِ؟” قلنَا: بلَى، قال: “أتدرونَ أيَّ بلدٍ هذا؟” قلنَا: اللهُ ورسولُهُ أعلمُ، قال: فسكتَ حتى ظننَّا أن سيسميه بغيرِ اسمهِ، فقالَ: “أليسَ بالبلدةِ؟” قلنا: بلى، قال: ” فإنَّ دماءَكُم وأموالَكُم وأعراضَكُم حرامٌ كحرمةِ يومِكُم هذا، وفي شهرِكُم هذا، في بلدِكُم هذا إلى يوم تلقونَ ربَّكُم، إلى يومِ تلقونَ ربَّكُم، ألا هلْ بلّغْت؟” قالوا: نعم، قال: “اللهمَّ اشهدْ، ليبلغَ الشاهدُ الغائبَ، فربَّ مبلغٍ أوعَى مِن سامعٍ، ألَا فلا ترجعُنَّ بعدِي كفارًا يضربُ بعضُكُم رقابَ بعضٍ” (البخاري ومسلم).
    فعلينَا أنْ نكونَ وقافينَ عندَ حدودِ اللهِ وفرائضهِ وحرماتهِ، قال – صلَّى اللهُ عليه وسلم -:« إنَّ اللهَ حدَّ حدودًا فلا تعتدُوها، وفرضَ لكُم فرائضَ فلا تضيعُوهَا، وحرَّمَ أشياءَ فلا تنتهكُوهَا، وتركَ أشياءَ مِن غيرِ نسيانٍ مِن ربِّكُم ولكنْ رحمةً منهٌ لكُم فاقبلُوهَا ولا تبحثُوا فيهَا »( أخرجه الحاكم وصححه).
    فإيَّاكُم إيَّاكُم أنْ تنتهِكُوا حرماتِ اللهِ في المكانِ الحرامِ أو الزمانِ الحرامِ؛ لأنَّ انتهاكَ الحرماتِ في الزمانِ الحرامِ أو المكانِ الحرامِ زوالٌ لكلِّ حسناتِكَ ولو كانتْ كالجبالِ: فَعَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ – صلَّى اللهٌ عليه وسلم – أَنَّهُ قَالَ: لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ ، وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللهِ انْتَهَكُوهَا.(ابن ماجة ورواته ثقات).

    الدرسُ الثالثُ: القضاءُ على عاداتِ الجاهليةٍ

    فقد وضَعَ النبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – كلَّ شيءٍ مِن أمرِ الجاهليةِ وعاداتِهَا، فقال: ” ألَا وإنَّ كلَّ شيءٍ مِن أمرِ الجاهليةِ موضوعٌ تحتَ قدميَّ هاتَين “، فكلُّ شيءٍ مِن أمرِ الجاهليَّةِ باطلٌ، فالإسلامُ قد أبطَلَ أمورَ الجاهليَّةِ، فلا كِبرَ، ولا بطَرَ، ولا أشَرَّ، ولا لوأْدِ البناتِ (دفنهنَّ أحياءٌ)، ولا فضْلَ لقبيلةِ كذَا على قبيلةِ كذا، ولا أبيضَ على أسودَ إلَّا بالتقوى والعملِ الصالحِ، وفي ذلك يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلم: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى”.( أحمد والطبراني والبيهقي وقال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح).
    ودماءُ الجاهليةِ موضوعةٌ، فبيَّنَ النبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – أنَّ أولَ دمٍ يَضعهُ دمُ ابنِ ربيعة، وأيضًا بيَّنَ أنَّ الربا موضوعٌ وباطلٌ، وأولُ ربًا يضعهُ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – رِبا العباسِ بنِ عبدِالمطَّلبِ، فالرِّبا باطلٌ وحرامٌ، واللهُ – عزَّ وجلَّ – قد حرّمَ الربا، يقولُ تعالى: { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } [البقرة: 275]، ويقولُ تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [البقرة: 278 – 279]، فهذا وعيدٌ شديدٌ لمَن لم يَنتهِ عن الرِّبا.

    الدرسُ الرابعُ: حسنُ معاملةِ النساءِ
    فقد أوصَى – صلَّى اللهُ عليه وسلم – الرجالَ بحسنِ معاملةِ النساءِ وأكدَ على ذلك فقالَ: ” فاتَّقوا اللهَ في النساءِ، فإنَّكُم أخذتمُوهنَّ بأمانةِ اللهِ، واستحللتُم فروجهُنَّ بكلمةِ اللهِ “، فأمرَنَا النبيُّ – صلُّى اللهُ عليه وسلم – بتقوى اللهِ تعالى في النساءِ، وكان النبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – خيرَ الناسِ لأهلِهِ، وهو قُدوتُنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم.
    فهذه رسالةٌ لجميعِ الأزواجِ ولا سيَّمَا في واقعِنَا المعاصرِ الذين يعاملون النساءَ معاملةَ العبيدِ عندهُم، ويهضمونهنَّ حقهنَّ سواءٌ في النفقةِ أو الميراثِ أو غيرِ ذلك من الحقوقِ الماديةِ والمعنويةِ، وليعلمَ الرجالُ أنَّ الرسولَ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – أكدَ على ذلك في خطبتهِ على الملأِ لخطورةِ الأمرِ وعواقبهِ الوخيمةِ عندَ اللهِ لمَن أساءَ إلى النساءِ وذلك لضعفهنَّ، كما قالَ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – في رواية أخرى ” اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ؛ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ؛ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا “.( متفق عليه).

    الدرسُ الخامسُ: الحرصُ على حسنِ الخاتمةِ

    وهذه رسالةٌ للجميعِ بالمداومةِ والثباتِ على الطاعةِ حتى يختمَ لهم بالطاعةِ، كالذي ماتَ في حجةِ الوداعِ ويبعثُ ملبيًّا ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ؛ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا”( متفق عليه ).
    وهذا ابنُ مسعودٍ بكى في موتهِ، فقيلَ له: لم تبكِ يا ابنَ مسعودٍ؟ قال: جاءني المرضُ في زمنِ الفتورِ، أي: فتورِ الطاعةِ، وكنتُ أحبُّ أنْ يأتينِي في زمنِ النشاطِ، أي: وأنا أتهجدُ وأقرأُ وأصومُ؛ حتى إذا جاءَ ملكُ الموتِ قُبضتُ على طاعةٍ، لذلك النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ قال لأصحابهِ: ” لا تخمرُوا رأسَهُ ولا تطيبُوهُ، كفنوهُ وغسلوهُ، فإنَّهُ يبعثُ يومَ القيامةِ ملبيًّا “.
    وقد يقولُ قائلٌ كيف أكتسبُ حسنَ الخاتمةِ وهذا أمرٌ ليس بيدِي؟!! وكيف أموتُ على طاعةٍ؟!! والجوابُ في حكمةِ أبي حازمٍ سلمةَ بنِ دينار حيث يقولُ: كلُّ ما لو جاءَكَ الموتُ عليه فرأيتَهُ خيرًا فالزمْهُ، وكلُّ ما لو جاءَكَ الموتُ عليهِ فرأيتَهُ شرًّا فاجتنبْهُ.
     أي: إذا أردتَ أنْ تموتَ على طاعةٍ فالزمْهًا؛ وإن كرهتَ الموتَ على معصيةٍ فاتركهَا!!! هذه هي الخلاصةُ !!
    الدرسُ السادسُ: الاجتهادُ في يومِ عرفةَ

    أيُّها الإخوةُ المؤمنون: إذا كنَّا قد تكلمنَا عن الدروسِ المستفادةِ من خطبةِ الوداعِ، فلا يفوتُنَا في هذا المقامِ أنْ نذكرَ فضلَ اليومِ الأغرِّ الميمونِ الذي قيلتْ فيه هذه الخطبةُ وهو يومُ عرفةَ، ووجوبَ الاجتهادِ فيهِ .
    فيومُ عرفةَ مِن الأشهرِ الحرمِ التي تتضاعفُ فيها الحسناتُ كما تتضاعفُ فيها السيئاتُ، وهو مِن جملةِ الأيامِ الأربعين التي واعدَ اللهُ موسَى أنْ يكلمَهُ فيها، وقد أتمَّ اللهُ الدينَ فيهِ.
    وقد تضافرتْ النصوصُ النبويةُ في كثرةِ المغفرةِ والعتقِ مِن النيرانِ في يومِ عرفةَ، فعن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟” (مسلم).
    وعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه ، قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم : « إنَّ اللهَ يُباهٍي بأهلِ عرفاتٍ أهلَ السماءِ فيقولُ لهم : انظرُوا إلى عبادِي جاءونِي شعثًا غبرًا » « البيهقى وابن حبان والحاكم وصححه».

    وعن أنسِ بنِ مالكٍ قال : ” وقف النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعرفاتٍ وقد كادتْ الشَّمسُ أنْ تَؤوبَ فقال: يا بلالُ أنصِتْ لي النَّاسَ. فقامَ بلالٌ فقال: أنصِتُوا لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فأنصتَ النَّاسُ فقالَ: معشرَ النَّاسِ أتانِي جبرائيلُ عليه السَّلامُ آنفًا فأقرأنِي مِن ربِّي السَّلامُ وقال: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ غفرَ لأهلِ عرفاتٍ وأهلِ المَشعَرِ وضمِنَ عنهم التَّبِعاتِ. فقام عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه فقال: يا رسولَ اللهِ هذا لنا خاصَّةً؟! قال: هذا لكُم ولمن أتَى مِن بعدِكُم إلى يومِ القيامةِ. فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه: كثُر خيرُ اللهِ وطاب. ” ( الترغيب والترهيب للمنذري ؛ وقال: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما).
    وعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ”: مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ؛ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ؛ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ. قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ.” (مالك والبيهقي).
    كما يستحبُّ للعبدِ  الإكثارَ مِن الدعاءِ وسؤالَ حاجتهِ في هذا اليومِ الأغرِّ المباركِ، فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.” ( الترمذي وحسنه)؛ قال ابن عبد البر – رحمه الله – : وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره.
    كما يُسنُّ صيامُ يومِ عرفةَ يومِ الحجِّ الأكبرِ، ويومِ مغفرةِ الذنوبِ، ويومِ العتقِ من النيرانِ، ولو لم يكنْ في عشرِ ذي الحجةِ إلَّا يوم عرفةَ لكفاها ذلك فضلًا، فعن أبي قتادةَ الأنصارِي رضي اللهُ عنه قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم عن صومِ يومِ عرفةَ؟ فقالَ ” صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ.”( مسلم)؛ وهذا لغيرِ الحاجِّ وأمَّا الحاجُّ فلا يُسنُّ لهُ صيامُ يومِ عرفةَ؛ لأنَّهُ يومُ عيدٍ لأهلِ الموقفِ.
    كما يجبُ على المسلمِ أنْ يحفظَ سمعَهُ وبصرَهُ ولسانَهُ وجميعَ جوارحهِ في هذا اليومِ.
    فعلينَا أنْ نحفظَ جوارحَنَا في هذه الأيامِ المباركةِ، وأنْ نجتهدَ في الطاعةِ، فالحسناتُ مضاعفةٌ لحرمةِ الزمانِ والمكانِ، كما يجبُ علينا أنْ نبتعدَ عن الذنوبِ والمعاصِي؛ لأنَّ العقابَ مضاعفٌ أيضًا؛ لحرمةِ الزمانِ والمكانِ.
    رزقنَا اللهُ وإيَّاكُم حجَّ بيتهِ الحرامِ.
    الدعاء


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 4:27 pm