الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 5 مارس 2021م ، رحلة الإسراء ومكانة الحبيب – صلى الله عليه وسلم فيها :

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2671
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 5 مارس 2021م ،  رحلة الإسراء ومكانة الحبيب – صلى الله عليه وسلم فيها :   Empty خطبة الجمعة القادمة 5 مارس 2021م ، رحلة الإسراء ومكانة الحبيب – صلى الله عليه وسلم فيها :

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء مارس 02, 2021 12:24 am

    خطبة الجمعة القادمة 5 مارس 2021م ،
    رحلة الإسراء ومكانة الحبيب – صلى الله عليه وسلم فيها :


    الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ( الإسراء: 1 ). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . أما بعد :

    أولا: بعد المحن تأتي المنح

    عباد الله: من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسرَّ بدعوته ثلاث سنوات؛ وحينما أمره الله بالجهر بالدعوة لقي أشد أنواع الإيذاء والاضطهاد منذ أن جهر بالدعوة على جبل الصفا ؛ وكان أول من وقف ضده أقرب الناس إليه عمه أبو لهب قائلًا: تبًّا لك يا محمد ألهذا جمعتنا؟! ونزل في ذلك سورة المسد؛ ثم توالى الإيذاء بالسب والشتم تارة؛ وبرمي سلا الجزور عليه وهو ساجد أخرى؛ وبالحصار في الشعب ثالثة؛ وأشق من ذلك كله عليه فقدان عمه أبو طالب وزوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وتبع ذلك عندما ذهب إلى أهل الطائف يطلب منهم الوقوف بجانبه وأن يدخلوا الإسلام؛ فعمد إلى نفر من ثقيف، فآذوه إيذاءً شديدًا؛ وسلطوا عليه الصبيان يرمونه بالحجارة حتى أدموا عقبه؛ ثم عاد صلى الله عليه وسلم إلى مكة؛ فنزل جبريل عليه قائلًا بلسان الحال قم يا محمد: إذا كان أهل مكة آذوك وطردوك فإن رب البرية لزيارته يدعوك!! فكانت رحلة الإسراء والمعراج؛ تسلية وتسرية له صلى الله عليه وسلم عمَّا لاقاه من قومه ؛ وبعد المحن تأتي المنح؛ وبعد العسر يسرًا .

    أحبتي في الله: إن الواحد منا لو انتابه غم أو هم أو أي بلاء من نوائب الدهر فإنه يحتاج إلى أن يُسَرِّي عن نفسه ؛ فيبحث عن أفضل مكان يتنزه فيه ويخلع وراءه الأحزان والآلام؛ فما بالك لو كانت هذه التسرية في حضرة المولى سبحانه وتعالى؛ وفي مكان لم يصل إليه ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌ مرسلٌ ؛ فهل هناك تكريم بعد هذا التكريم ؟!!

    أيها المسلون؛ أيها الدعاة: إن هذه المحن والابتلاءات والشدائد التي نمر بها في حياتنا تعلِّمنا أن الدنيا دارُ التواء ، لا دارُ استواء ، ومنزل ترح لا منزلُ فرح ، وأن من عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء .

    إنها تُعلِّمنا أن اليسر مع العُسر ، وأن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب .

    ثانيًا : شرف العبودية { أسرى بعبده }

    عباد الله: لقد وصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأرفع مقام – العبودية – فقال: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ }( الإسراء: 1)؛ وقال: { فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } . (النجم: 10) . كما وصفه الله تعالي بالعبودية في إنزال الكتاب عليه فقال: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} .( الكهف: 1 ) ؛ وقال: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } . ( الفرقان : 1 ) . وقال: { هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } . ( الحديد : 9 ) . فالله تعالي لم يقل أسرى برسوله أو نبيه أو حبيبه أو خليله ، فلله عز وجل في كونه عبيد وعباد، فكلنا عبيد الله؛ الطائع فينا والعاصي؛ والمؤمن فينا والكافر، ولكن عباد الله هم الذين أخلصوا له فاتحد اختيارهم مع منهج الله سبحانه وتعالى ، ما قال لهم افعلوه فعلوه وما نهاهم عنه انتهوا؛ ولذلك عندما يتحدث القرآن عنهم بين خلق الله لا يسميهم عبيد ولكن يسميهم عبادًا يقول تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا }(الفرقان: 63).

    والحق سبحانه وتعالى قد استخدم كلمة عبده ليلفتنا إلى حقيقتين هامتين؛ الأولى: أن الإسراء بالروح والجسد ولم يكن منامًا، والثانية والأهم: أن الله جل جلاله يريد أن يثبت لنا أن العبوديةَ له هي أسمى المراتب التي يصل إليها الإنسان، فالعبودية لله عزة ما بعدها عزة ، وعطاء ما بعده عطاء؛ وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالي: { فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}( الكهف: 65).

    إن العبودية لله شرف ، والعبودية للبشرية نقيصة وذلة ؛ لأن السيدَ يريد أن يأخذ خير عبده وأن يجرده من كل حقوقه وماله، ولكن لله سبحانه وتعالى يعطي بغير حساب فكفى بالمرء عزًا أن يكون عبدًا وكفى به فخرًا أن يكون الله له ربًا ، ولقد خُيِّر رسول الله- صلى الله عليه وسلم – بين أن يكون نبيَّا ملكًا أو عبدًا رسولاً فاختار أن يكون عبدًا نبيًا..( دلائل النبوة للبيهقي) ؛ وبهذه العبودية وصل رسول الله- صلى الله عليه وسلم – إلى مكانٍ لم يصل إليه ملكٌ مقربٌ ولا نبي مرسل، بل كان رسول الله يجتهد أن يصل إلى هذه العبودية الحقة بقيامِ الليل حتى تورمت أقدامه؛ فلما أشفقت عليه زوجه عائشة- رضي الله عنها- وقالت: يا رسول الله هون على نفسك فأنت الذي غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.. فقال:” يا عائشة، أفلا أكون عبدًا شكورًا ؟!” (متفق عليه)؛ بل طلبَ من أمته ذلك؛ فقال- صلى الله عليه وسلم -: ” لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم؛ فإنما أنا عبده؛ فقولوا عبد الله ورسوله”.(البخاري) .

    وليعلم كل مسلم أن التمكين والنصر والتأييد والأمن لا يكون إلا لعباد الله عز وجل المخلصين قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} (النور: 55).

    فمقام العبودية يحتاج منكم إلى العمل بمقتضاه بجد واجتهاد ؛ فالعبودية أفعال لا أقوال ؛ فهل أنتم فاعلون ؟!!

    ثالثًا: شرف ومكانة أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم

    عباد الله: إن رحلة الإسراء أظهرت مكانة أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم؛ وذلك في اختيار الهداية لها لا الغواية؛ فعن عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَقُولُ: ” أُتِيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْبُرَاقِ – وَهِيَ الدّابّةُ الّتِي كَانَتْ تُحْمَلُ عَلَيْهَا الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ تَضَعُ حَافِرَهَا فِي مُنْتَهَى طَرْفِهَا – فَحُمِلَ عَلَيْهَا ، ثُمّ خَرَجَ بِهِ صَاحِبُهُ يَرَى الْآيَاتِ فِيمَا بَيْنَ السّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتّى انْتَهَى إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَوَجَدَ فِيهِ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ وَمُوسَى وَعِيسَى فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ جُمِعُوا لَهُ فَصَلّى بِهِمْ . ثُمّ أُتِيَ بِثَلَاثَةِ آنِيَةٍ إنَاءٌ فِيهِ لَبَنٌ وَإِنَاءٌ فِيهِ خَمْرٌ وَإِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ حِينَ عُرِضَتْ عَلَيّ إنْ أَخَذَ الْمَاءَ غَرِقَ وَغَرِقَتْ أُمّتُهُ ؛ وَإِنْ أَخَذَ الْخَمْرَ غَوَى وَغَوَتْ أُمّتُهُ ؛ وَإِنْ أَخَذَ اللّبَنَ هُدِيَ وَهُدِيَتْ أُمّتُهُ . قَالَ فَأَخَذْت إنَاءَ اللّبَنِ فَشَرِبْت مِنْهُ فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ : هُدِيت وَهُدِيَتْ أُمّتُك يَا مُحَمّدُ “. ( سيرة ابن هشام ) .

    كما كان صلى الله عليه وسلم حريصًا على حماية أمته ونجاتها من الهلاك والغرق؛ وكان لسانه يلهج إلى الله بالدعاء في هذا الشأن؛ فعن عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ الْعَالِيَةِ؛ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ؛ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا ؛ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً ؛ سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا ” . ( مسلم ) .

    وعن عبد الله بن عمرو بن العاص :” أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم عليه الصلاة والسلام : “رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي” ( إبراهيم: 36) وَقَالَ عِيسَى عليه الصلاة والسلام : “إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” ( المائدة: 118)؛ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: “اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي” وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: “يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟” فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ عليه السلام بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ فَقَالَ اللَّهُ:”يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ”[ مسلم ]. فهل بعد ذلك من تكريم ؟!!

    لتفخر يا عبدالله أنك من أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم .

    أحبتي في الله: إن الله عز وجل كرم هذه الأمة وفضلها على جميع الأمم السابقة ؛ وجعلها خير أمة أخرجت للناس ؛ وهذه الخيرية لم تأت من باب العنصرية أو القبلية أو الدعوة إلى المفاخرة والمباهاة ؛ وإنما جاءت من باب تحمل الأمانة والمسئولية ؛ فهي تكليفٌ قبل أن تكون تشريفًا وتكريمًا؛ وهذه الخيرية لم تأت مطلقة دون قيد أو شرط ؛ وإنما جاءت مشروطة بشروط ؛ توجد بتحقيقها وتنعدم بعدمها ؛ قال تعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }. [آل عمران: 110]. جاء في تفسير القرطبي ما نصه: ” إنما صارت أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – خير أمّةٍ لأن المسلمين منهم أكثر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم أفْشَى ؛ وفي هذه الآية مدح هذه الأمّة ما أقاموا ذلك واتصفوا به؛ فإذا تركوا التغيير وتَواطَؤوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذّمّ، وكان ذلك سببًا لهلاكهم “.

    فعلينا أن نسعى جاهدين في تطبيق شروط هذه الخيرية على أرض الواقع ؛ حتى لا تنزع الخيرية منا .

    رابعًا: تسليم القيادة والريادة تكريم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم

    وهذا التكريم العظيم يتمثل في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بجميع الأنبياء والمرسلين إمامًا بعد أن أحياهم الله له جميعًا؛ وفي ذلك إشارةٌ إلى مكانة النبي عند ربه، وإشارة إلى وحدة الرسالات السابقة في المصدر والهدف والغاية، فمصدرها جميعًا من الله، وهدفها تعبيد الناس إلى الله، فالأنبياء جميعًا إخوة فيما بينهم، كل واحد يؤدي دوره، ويأتي من بعده ليكمل الرسالة، وفي الحديث: “مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارًا فأتمها إلا موضع لبنة؛ فكان الناس يقولون: لولا هذه اللبنة، فأنا هذه اللبنة”(البخاري). كما يدل ذلك دلالة واضحة على العهد والميثاق الذي أخذه الله على كل الأنبياء والمرسلين لئن بعث محمد وأنتم أحياء لتؤمنن به ولتنصرنه؛ قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ؛ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}؛ (آل عمران: 81 ، 82)؛ ” قال علي بن أبي طالب وابن عمه عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما: ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بَعَث محمدًا وهو حَيّ ليؤمنن به ولينصرنه، وأمَرَه أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمِنُنَّ به ولينصرُنَّه. وروي أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقال : يا رسول الله ! إني أصبت كتابا حسنا من بعض أهل الكتاب ، قال : فغضب وقال : (أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ! فوالذي نفسي بيده ! لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شئ فيخبروكم بحق فتكذبوا به ، أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده! لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني” ( تفسير ابن كثير ) .

    إن الإسلام دين السلام والتسامح؛ ولم يكره أحدا على الدخول في الإسلام؛ { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }(الكهف: 29)؛ {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (النور: 54؛ والعنكبوت: 18).

    هذه مكانة نبيكم صلى الله عليه وسلم من خلال رحلة الإسراء؛ وهذه مكانة أمته فاحفظوها يحفظكم الله بحفظه .

    اللهم احشرنا مع حبيبك صلى الله عليه وسلم؛ واسقنا من حوضه شربة لا نظمأ بعدها أبدا؛؛

    الدعاء……

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 5:27 am