الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 19 فبراير 2021م ،تنظيم النسل قضية أخذ بالأسباب الشرعية

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2671
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 19 فبراير 2021م  ،تنظيم النسل قضية أخذ بالأسباب الشرعية    Empty خطبة الجمعة القادمة 19 فبراير 2021م ،تنظيم النسل قضية أخذ بالأسباب الشرعية

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الإثنين فبراير 15, 2021 11:17 pm

    خطبة الجمعة القادمة 19 فبراير 2021م
    ،تنظيم النسل قضية أخذ بالأسباب الشرعية


    العنصر الأول: مظاهر حفظ النسل في الشريعة الإسلامية

    العنصر الثاني: تنظيم النسل في ميزان الشريعة الإسلامية

    العنصر الثالث: مسئوليتنا عن النسل والأولاد يوم القيامة

    الحمد لله رب العالمين ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين . أما بعد :

    العنصر الأول: مظاهر حفظ النسل في الشريعة الإسلامية

    عباد الله: لقد خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون وهيأ فيه الظروف المثلى للحياة السعيدة المستقرة، ثم استخلف فيه الإنسان ليقوم بإعماره على الوجه الأكمل الذي يحقق به مرضاة ربه وخدمة بني جنسه وخدمة الكون من حوله؛ قال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } [هود: 61]، وعمارة الكون تكون بالتناسل والتزاوج ؛ لذلك كان النسل إحدى الضرورات والكليات التي أوجب الشارع حفظها؛ يقول الإمام الشاطبي في الموافقات: ” ومجموع الضرورات خمس هي: حفظ الدين ، والنفس ، والنسل ، والمال، والعقل، هذه الضرورات إن فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة ، بل على فساد وتهارج ، وفوت حياة، وفي الآخرة فوت النجاة والنعمة، والرجوع بالخسران المبين.”

    فلو أعرض جميع الناس على عدم التزاوج والتناسل لأثموا جميعًا ؛ وكان ذلك غير مراد الله في الكون؛ ولانقطع النسل والخليقة من على وجه الأرض؛ ولذلك نهى الإسلام عن التبتل والإعراض عن الزواج؛ يروي ذلك أَنَسٌ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، قَالَ : جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أُخْبَرُوا بِهَا ، كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ، فَقَالُوا : أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَأُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا ، وَقَالَ الآخَرُ : أَنَا أَصُومُ النَّهَارَ لا أُفْطِرُ ، وَقَالَ الآخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا . فَجَاءَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَا وَاللَّهِ ، إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.” ( البخاري).



    ” قال المهلب: في هذا الحديث من الفقه أن النكاح من سنن الإسلام، وأنه لا رهبانية في شريعتنا، وأن من ترك النكاح رغبة عن سنة محمد عليه السلام، فهو مذموم مبتدع ” . ( شرح ابن بطال ) .

    لذلك حث – صلى الله عليه وسلم – على التزاوج والتكاثر ؛ فعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟، قَالَ: «لَا» ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ » .

    ولقد اهتم الإسلام بحفظ النسل في جميع أطوار الحياة ؛ ومن مظاهر حفظ النسل في الشريعة الإسلامية؛ أنه حث على حسن اختيار الزوجين ؛ وأمر بالحفاظ على حياة الجنين ؛ وحرم الإجهاض ؛ وأباح للحامل والمرضع الإفطار في رمضان حفاظًا على حياة الجنين ؛ ومنع إقامة حد الزنا على الحامل والمرضع كما في قصة ماعز والغامدية ؛ وحرم وأد البنات ؛ وحرم الاعتداء على الغير ؛ وشرع القصاص وحد القذف ؛ وحرم الانتحار ؛ بل حتى الإشارة بحديدة أو بسلاح أمام المسلم ولو كان مزحًا، وحرم الاعتداء على النفوس المعصومة من غير المسلمين كالذمي والمستأنس والمعاهد، وأوجب في قتلها الدية والكفارة بل حتى الاعتداء على أطراف الميت بتقطيعها وسلبها، أو بيعها، وربط الشرع إقامة القصاص بالحاكم؛ لئلا يتلاعب الناس بالقصاص، وأمر الشرع بالإصلاح بين المتخاصمين والمتقاتلين؛ لئلا تزهق النفوس وتراق الدماء، ودرأ الحدود بالشبهات …إلخ

    كما أن كل هذه الأحكام تبين أن دين الله كامل واضح يحفظ النسل ويراعي مصالح الناس في كل زمان ومكان!!

    العنصر الثاني: تنظيم النسل في ميزان الشريعة الإسلامية

    أيها المسلمون: إن الدين الإسلامي دين النظام ؛ جاء سراجًا وهّاجًا إلى قيام الساعة ينظم للإنسان دقائق حياته، بما يُصلح دنياه وآخرته، في كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالإنسان لم يُخلق سُدى، ولم يُترك بلا هُدى، قال الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} ( المؤمنون: 115) .



    يقول هنري سيروي وهو أحد مفكري النصارى: إن محمدًا – صلى الله عليه وسلم- لم يغرس في نفوس الأعراب مبدأ التوحيد فقط، بل غرس فيها أيضًا المدنية والأدب والنظام”.

    ومن أهم القضايا التي عني الإسلام بها عنايةً كبيرةً وأولاها اهتمامًا بالغًا ( قضية تنظيم النسل ) .

    وتنظيم النسل: هو قيام الزوجين – بالتراضي بينهما – باستعمال وسائل معروفة ومشروعة، لا يُراد من استعمالها إحداث العقم أو القضاء على وظيفة جهاز التناسل، بل يُراد بذلك الوقوف عن الحمل فترة من الزمن، لمصلحة ما يراها الزوجان، أو من يثقان به من أهل الخبرة .

    والسبب الباعث على تنظيم الحمل هو مراعاة حال الأسرة وشؤونها، من صحة، أو قدرة على الخدمة، أو غير ذلك من ظروف الحياة المختلفة ؛ مع مراعاة الإبقاء على استعداد جهاز التناسل للقيام بوظيفته.

    وتنظيم النسل ورد عن صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – عن طريق وسيلة العزل ؛ فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قال: ” كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ فَلَمْ يَنْهَنَا ” .( متفق عليه ).

    فقد أخبر جابر-رضي الله عنه- أنَّ الصحابة كانوا يعزلون في زمن نزول الوحي، فلو لم يكن جائزًا لما أقرهم عليه.

    وهناك وسائل طبية حديثة لتنظيم النسل بديلة عن عملية العزل ؛ وهي بمثابة الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله .

    ولقد أثبتت البحوث العلمية والصحية أن فترة عامين ضرورية لينمو الطفل نموًا طبيعيًا سليمًا من الوجهتين الصحية والنفسية؛ لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} ، وذلك لأن الأم مع رضاعة وليدها بالحليب ترضعه العطف والحنان الذي لا يملكه غيرها.

    ومن هنا كانت حكمة الله تعالى في إرجاع موسى إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن؛ قال تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ}( القصص: 13)، ويرى العلماء أن الطفل يحس بالأمن كلما ألصقته الأم إلى صدرها؛ فهي ترضع ولدها وتأخذ عليه أجرًا؛ قال تعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي }(طه: 39).

    أما ما يفعله العوام من عدم تنظيم النسل؛ وأن المرأة تحمل بعد بضعة أشهر من ولادتها؛ فهو اعتداء على الحمل والرضيع معًا، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم اللبن في حالة الحمل لبن الْغِيلَةِ ؛ لما يترتب عليه من حمل يفسد اللبن ويضعف الولد، وإنما سماه غِيلَةً، لأنه جناية خفية على الرضيع؛ فأشبه القتل سرًا.

    ونتيجة لعدم تنظيم النسل؛ يحدث ضعفٌ شديدٌ للمرأة والأولاد معًا ؛ فضلًا عن عجز الأبوين معًا عن القيام بحقوق الأولاد كاملة في التربية والتعليم والتنشئة الصحية؛ مما يخرج جيلًا هشًا ضعيفًا لا يقوى على متطلبات الحياة ومواجهة الصعاب ؛ وهنا جاءت السنة النبوية ترشدنا إلى الحذر من الوقوع في هذا الوهن والضعف؛ فعَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ؛ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ؛ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» . ( أحمد وأبو داود بسند صحيح ) . وغثاء السيل: ” ما يحمله السَّيل مِن زَبَد ووَسَخ؛ شبَّههم به لقلَّة شجاعتهم ودناءة قدرهم “. ( عون المعبود ) .

    أحبتي في الله: لقد اهتم الإسلام اهتمامًا كبيرًا بصحة الإنسان؛ لأن الإسلام يهدف إلى أن يرى أتباعه أصحاء أقوياء؛ لأن الصحة والقوة والسلامة من الأمراض مناط التكليف وتولي الأمور الشاقة في الدين والدنيا؛ وهذا الذي دفع المرأتين إلى اختيار موسى عليه السلام في طلب النكاح: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}(القصص: 26) ؛ وهذه القوة بها ينال العبد محبة الله تعالى؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ؛ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ”( مسلم) .

    فالإسلام دعانا إلى الموازنة والتنظيم في عملية الإنجاب ؛ وكل عصر ومصر له ظروفه وأحواله وملابساته ؛ والعلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا ؛ والقلة القوية خير من الكثرة الضعيفة ؛ والإنسان يأثم على إضاعة مستقبل الأولاد وعدم القيام على أمرهم ورعايتهم؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ” ( أبوداود والحاكم وصححه ) .

    عباد الله: اعلموا أن كثرة العيال مع عجز الإنسان عن القيام بواجبه نحوهم هو جهد البلاء الذي تعوذ منه نبيكم صلى الله عليه وسلم ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ ؛ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ؛ وَسُوءِ الْقَضَاءِ ؛ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ “. ( متفق عليه) .

    ” قال ابن بطال وغيره: جهد البلاء كل ما أصاب المرء من شدة مشقة وما لا طاقة له بحمله ولا يقدر على دفعه . وقيل: المراد بجهد البلاء قلة المال وكثرة العيال كذا جاء عن ابن عمر ” . ( فتح الباري وشرح ابن بطال ) .

    وهكذا جاءت نصوص القرآن والسنة؛ وأقوال سلف الأمة ؛ بالدعوة إلى تنظيم النسل وحفظه ورعايته .

    العنصر الثالث: مسئوليتنا عن النسل والأولاد يوم القيامة

    أيها المسلمون: اعلموا أنكم مسئولون عن نسلكم وأولادكم يوم القيامة؛ وبين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:” كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” ( متفق عليه) . وقال أيضاً : ” إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ ، أحفظَ أم ضيَّعَ ؟ حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيتِه “( النسائي وابن حبان) ”.

    قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه ، وما هو تحت نظره ، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه ، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته .” (شرح النووي).

    ويقول ابن القيم رحمه الله: قال بعض أهل العلم: إن الله سبحانه وتعالى يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة، قبل أن يسأل الولد عن والده، فإنه كما أن للأب على ابنه حقًا فللابن على أبيه حق. وكما قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} [العنكبوت: 8] ، ويقول أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] ، فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم. فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، فقد أساء إليه، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارًا فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كبارًا. كما عاتب بعضهم ولده على العقوق، فقال الولد: « يا أبت إنك عققتني صغيرًا، فعققتك كبيرًا، وأضعتني وليدًا، فأضعتك شيخًا ».

    فهيا اغرسوا في أولادكم وشبابكم وفتياتكم مكارم الأخلاق قبل أن يفوتكم قطار العمر وأنتم لا تشعرون؛ وقتها تندمون ولا ينفعكم الندم!! ولا يقل أحدكم أن ولدي صغيرٌ ؛ فإن غَرْسَ الفضائل مقرون بالولد منذ ولادته؛ فقد جاء رجلٌ إلى الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله يسترشده لتربية ابن له، ويغرس فيه علو الهمة؛ فسأله: “كم عمره؟ “، قال: “شهر”، قال: “فاتك القطار”، وقال: ” كنت أظن في بادئ الأمر أني مبالغ، ثم عندما نظرت، وجدت أن ما قلته الحق، وذلك أن الولد يبكي فتعطيه أمُّه الثدي، فينطبع في نفسه أن الصراخ هو الوسيلة إلى الوصول إلى ما يريد، ويكبر على هذا !! لذلك فقه سلفنا الصالح هذه المعاني وغرسوها في نفوس أبنائهم: قال عمرو بن العاص لحلقة قد جلسوا إلى جانب الكعبة، فلما قضى طوافه جلس إليهم وقد نحَّوا الفتيان عن مجلسهم، فقال: “لا تفعلوا! أوسعوا لهم، وأدنوهم، وألهموهم، فإنهم اليوم صغار قوم يوشك أن يكونوا كبار قوم آخرين، قد كنا صغار قومٍ أصبحنا كبار آخرين”.

    أحبتي في الله: إن للأسرة دورًا كبيرًا في رعاية النسل والأولاد – منذ ولادتهم – وفي تشكيل أخلاقهم وسلوكهم، وما أجمل عبارة : ” إن وراء كل رجل عظيم أبوين مربيين”، وكما يقول بعض أساتذة علم النفس : “أعطونا السنوات السبع الأولى للأبناء نعطيكم التشكيل الذي سيكون عليه الأبناء”. وكما قيل : “الرجال لا يولدون بل يُصنعون”

    إن صلاح أولادنا أن نغرس فيهم منهج نبينا في جميع شئون الحياة، وذلك بتعليمهم آداب الصلاة والصوم والاستئذان ودخول البت وخروجه، وآداب الطعام والشراب، وغير ذلك من الآداب الشرعية .

    نسأل الله أن يحفظ أولادنا وشبابنا وبناتنا من كل مكروه وسوء ،،،،،

    الدعاء…

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 4:03 am