الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    الضوء والضياء والقضاء ( نور الله)

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2683
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    الضوء والضياء والقضاء ( نور الله)  Empty الضوء والضياء والقضاء ( نور الله)

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد السبت فبراير 13, 2021 12:54 pm

    نور الله
    {الإنسان النورانى} {إنه رجل يشع من وجهه نور}، تجعلك تفكر فى مسألة النور فتجد فى القرآن سورة كاملة هى سورة النور، والعجيب أن أهم آية فيها هى آية نور الله، رغم أن السورة بدأت بواقعة الفحشاء باتهام أم المؤمنين بالفاحشة واختتمت هذه البداية بتعبير «وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ» (آية 26 سورة النور) مقارنة بالـ«وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ».. عجيب جداً أن تكون الصفة للطيبين هى البراءة فى أنفسهم وقولهم فيكونون نبتاً طيباً، وتنتقل السورة إلى دخول البيوت وإلى غض البصر بتفاصيل عجيبة كادت تصف الوقوف والجلوس واللبس والطعام وغيرها مما هو ليس صلاة ولا زكاة ولا صوما، وكأن سورة النور نزلت فى وصف «الطيبين والطيبات» فى المعاملات وليس العبادات!!

    ثم بعد العفة وهى صفة جديدة للطيبين عفة الزواج وكره الزنا تأتى مباشرة صفة الله الأولى وهى النور «الله نور السماوات والأرض» (آية 25 سورة النور)،
    وهو ما يستدعى التفكر أين الصلاة؟ بل أين الوضوء؟ فترد علينا السورة: {فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} (آية 36 و37 سورة النور)، ويلى كل آيات صفات العفة عن الزنا والعفة عن العرى والعفة عن دخول بيوت الناس بغير إذن والصلاة

    وبعد أن وصف الله بصفة النور، تأتى الآية 40 من السورة: {ومن لمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}.. شىء عجيب، ما هذا النور وهل تريده فى الدنيا؟ لا، إننا نريد هذا النور فى الآخرة،

    هنا نتذكر ما قلناه عن البدن، والروح، والنفس، وكل الديانات تصف الطيبين بالنورانيين، أى لهم نور فى الدنيا وفى الآخرة بالضوء، أى نور حقيقى، ولكن لا يوجد محطات كهرباء فى الآخرة، فالنور هو نور الله وحده {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ} (آية 69 سورة الزمر).
    وهكذا جاء القرآن ليُعلم الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمؤمنين ماذا يقولون فى الآخرة والدنيا {يَوْمَ لا يُخْزِى اللَّهُ النَّبِىَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ} (آية 8 سورة التحريم) والآية تقول بوضوح إن «الإيمان» هو مصدر النور، وإن الذنوب تخفض هذا النور، فيدعو رسول الله والمؤمنون الله أن يغفر لهم ومع كل مغفرة يزداد النور، ومع كل ذنب يزداد الظلام، هنا بوضوح هدف الإيمان والأخلاق والعبادة فى الديانات السماوية أن يكون لك نور من الله إذ لا شمس ولا قمر فى الأرض الجديدة فى الآخرة سوى نور الله ولن يتمتع بنور الله إلا من آمن وغفر الله له ذنوبه.

    والعجيب أن اللغة العربية تربط بين الضوء والضياء والوضوء والإضاءة وأصلها {ض و ء} ثلاثة أحرف فقط كلها تشير إلى النور فى كل كلماتها، ومن هنا الصلاة عماد الدين لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ولا صلاة بغير وضوء ولا إضاءة بغير وضوء، وبعد الوضوء ترى الناس وجوههم كأنها نور يشع فيها، ولأن الماء هو أكسجين وهيدروجين وهما أساس خلق الله مع النيتروجين فإننا جميعاً نشعر بنور بعد الماء سواء كان استحماماً أو وضوءاً، وهو شىء عجيب أن تذكر آية 7 سورة هود: {وَهُوَ الَّذِى خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ}، ولماذا المسطح الأعظم من الكرة الأرضية هو الماء، ولماذا يبحث علماء «ناسا» عن الماء فى المريخ وعطارد وفوق القمر؟!! لماذا ينفقون المليارات للبحث عن الماء؟
    لأن الماء سر الضوء (النور) وهو سر الحياة، ولذلك فإن الوضوء (بغسيل الماء 5 مرات يومياً) هو بحث عن ضوء فى الآخرة، فلماذا الوضوء للرأس والوجه والأذن والفم والكف والقدم، هل هذه الأجزاء هى التى ستكون مضاءة بنور الوضوء يوم الظلمات وتعرف النفس (أى كل فرد منا) بملامحها؟ ولإن سألت أى فنان أو رسام أو نحات إذا أردت أن ترسم ملامح إنسان سيرسم هذه الملامح فوراً فبغير الرأس والوجه والأذن والفم والأنف لا تعرفه وبغير يديه ورجليه لن تكمله!!

    سبحان الله!!!
    وختاماً: يقول العارفون «من كثرت أذكاره كثرت أنواره ومن كثرت أنواره صفت أسراره ومن صفت أسراره كان فى حضرة الله يوم القيامة».
    وقال النقشبندى فى التواشيح: «ماشى فى نور الله ماشى».
    فعلاً، لم يقولوها عبثاً

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 6:32 pm