الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    علاج الإسلام للقنوط واليأس

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    علاج الإسلام للقنوط واليأس  Empty علاج الإسلام للقنوط واليأس

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد السبت ديسمبر 07, 2019 8:50 pm

    درس الأحد ( آداب وأخلاق وسلوك ) ٨ ٤ ٢٠١٩
    تحت عنوان 👇
    ================÷٦٦
    الإحباط واليأس
    إن الإحباط داء خطير فتاك حذر منه الإسلام؛ لأن ديننا يدعونا إلى التفاؤل والبِشر, وترك اليأس والقنوط والتخاذل, حتى في أشد الظروف قتامة وصعوبة,
    فالقرآن يخبرنا (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)[الشرح:5-6]، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يبين لنا: “أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ“.

    : لقد كان قدوتنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبث الأمل في قلوب المسلمين، وكان يغضب إذا رأى إحباطاً أو يأساً في قلب مسلم, مهما كانت المسببات التي تؤدي إلى ذلك؛ لأنه يدل على ضعف تعلق القلب برب العالمين, فالإحباط علامة على ضعف في العقيدة والإيمان.

    الإحباط: هو مجموعة من المشاعر النفسية المؤلمة, التي تأتي للفرد من عدم النجاح والفشل المتكرر في مواقف مختلفة أو متتالية, وعدم قدته على فعل ما يريد, أو يحبط الإنسان نتيجة عدم التوصل لحلول للمشكلات التي يواجهها هو أو مجتمعه, وتؤدي هذه المشاعر إلى القعود والتقاعس، فتجعل المسلم عاجزاً مخذولاً متوقفاً عن العمل لدينه ودنياه.

    الإحباط تمرد على حكمة الله -عزَّ وجل- في قدره وقضائه، وهو في نفس الوقت سوء ظن بالله -سبحانه-, وضعف في مسألة التوكل على الله تعالى,
    ==================٦٦

    صورالاحباط واليأس
    ١/ الضيق والقلق: وسببهما الانقطاع عن الله -عز وجل-؛ لأنّ عدم الايمان به, أو البعد عنه يؤدّي الى هذا الاضطراب النفسي, وحينما تتزايد هموم الإنسان تتحول حياته إلى تعاسة وخيبة, حتى يتوقف عن العمل والبذل والعطاء.
    , ولكن القادرين على التغلب عليه هم أهل الإيمان, الذين يستشعرون قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما يصيب المؤمن من وصبٍ ولا نصبٍ، ولا سقمٍ ولا حزن، حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته“.

    ٢/الشعور بالعجز فشعور الإنسان بذلك يجعله يصاب بالإحباط؛ فيصبح خاملاً لا ينجز شيئا لدينه ولا لدنياه, وكم نرى من العجز والانهزام والتخاذل في زمن ضعف فيه الأمل وساء العمل.
    قال أنس -رضي الله عنه-: كنتُ أخدمُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-, فكنتُ أسمعُهُ كثيراً يقولُ: “اللهمً إني أعوذُ بكَ مِن الهم والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ“.

    ٣/ اليأس والقنوط: وهما يقضيان على الأمل, ويحولان دون العمل, ويذيقان من تلبس بهما مرارة الإحباط والفشل, فالمؤمن لا يقنط أبداً (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)[الحجر:56].

    ٤/ اعتزال الناس هربا من مواجهة الأعباء وتحمل المسؤولية التي تجب على الفرد؛ يأساً من إصلاح المجتمع, ولقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن إشاعة روح التشاؤم في المجتمع, والادعاء بأن الخير قد انتهى من الناس. قال -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ“، وفي رواية: “إِذَا سَمِعتُمْ رَجُلاً يَقُولُ: قَدْ هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ، يَقُولُ اللهُ: إِنَّهُ هُوَ هَالِكٌ”

    ===================٦٦
    أسباب الإحباط واليأس

    أولاً: الجهل: فقد عدد ابن القيم -رحمه الله- شيئا من الكبائر وذكر منها القنوط واليأْس من رحمة الله، ثم قال: “إنما تنشأ من الجهل بعبودية القلب، وترك القيام بها“.

    ثانياً: ضعف الإيمان: فضعف الإيمان أساس كل مصيبة، وسبب كل نقص وبلية, والكثير منا يشتكي قسوة في قلبه، ولا يجد لذة للعبادات, ولا يتأثر بالقرآن.

    ثالثاً: قلة الصبر واستعجال النتائج: فتضعف النفوس عن تحمل البلاء والصبر عليه، وتستعجل حصول الخير، وكل ذلك يؤدي إلى الإصابة باليأْس والقنوط،

    عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, وقد لقينا من المشركين شدة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟! ألا تدعو لنا؟! فقال: “قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يُؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيُجعل نصفين، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنَّكم تستعجلون“.

    رابعاً: تعلق القلب بالدنيا: فحب الدنيا والتعلق بها مدخل من مداخل الإحباط، ولذلك تجد الفرح بأخذها، والحزن والتأسف على فواتها, قال تعالى: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ)[الروم:36], وقال تعالى: (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ)[هود:9-10].
    ==========/=/////=====٦٦
    ومن مضار الإحباط واليأس
    ١ ،/ أنه يجلب سوء الظّنّ بالله تعالى؛ حيث إن الإيمان يملأ قلب المؤمن بالأمل والتفاؤل, والإحباط ضد ذلك، بل ويضعف توكل العبد وثقته بربه، وهذا مما ينافي كمال الإيمان وتمامه.

    ٢ /ضعف الهمّة وفقدان الثقة بالنفس؛ حيث يعيش المحبط فاقداً ثقته بنفسه وإمكاناته وقدراته, ويرى نفسه عاجزاً مكبلاً باليأس الذي أصابه.

    ٣/ أنه سببٌ والانحراف, وضعف الالتزام بالدين والتمسك به, وكثير من أصحاب التدين الظاهري والالتزام السطحي صاروا كذلك بسبب ما تسلل إلى نفوسهم من الاحباط واليأس. قال -تعالى-: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ)[الحج:11].

    ٤ /أنه قد يؤدي بصاحبه إلى ارتكاب الأفعال الشنيعة، كقتل النفس بالانتحار، ولذلك يقول الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي” [متفق عليه].

    ==================٦٦
    علاج الإحباط واليأس

    أولاً: تقوية الإيمان بالقضاء والقدر, والرضاء بالله وما جاء عن الله؛ حتّى يقبل الشخص ما قسم الله له من الرّزق والصّحّة والمنصب، وليعلم أن ما قدره الله له كله خير وإن كان في ظاهره الشر (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النساء: 19].

    ثانياً: أن يتعوّد الإنسان على الأخذ بالأسباب، والصّبر على البلاء، فهذا يعقوب -عليه السلام- مع ما هو فيه من البلاء الشديد يوصي أبناءه: (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)[يوسف:87].

    ثالثاً: التفاؤل والأمل من أعظم العلاج لداء الإحباط, وأفضل الأمل ما كان مع الشدة .
    لما جاءت إبراهيم -عليه السلام- البشرى بالولد في سنٍ كبير أبدى تعجبه فقال: (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ)[الحجر:54]، فماذا كان جوابهم؟: (قالوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ * قال وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ)[الحجر:55-56]

    وهذا موسى -عليه السلام- وقومه وقد تبعهم فرعون وجنوده, حتى إذا وصلوا إلى شاطئ البحر وفرعون من خلفهم قالوا: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)[الشعراء:61], فقال لهم نبي الله موسى -عليه السلام- في ثقة وتفاؤل ويقين: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)[الشعراء:62].

    رابعاً: ومن أعظم العلاج الدعاء والانكسار بين يدي الله: قال رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-: “يُسْتَجابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجبْ لي” (رواه البخاري).

    ==============
    فضيلة الشيخ طاهر ابو المجد
    مدير عام أوقاف شبرا الخيمة شرق

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 4:45 am