الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    القلب يمرض

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    القلب يمرض  Empty القلب يمرض

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء نوفمبر 26, 2019 8:34 pm

    درس الأربعاء ( درس الراحة ) ٢٦ ١١ ٢٠١٩
    تحت عنوان 👇
    =================٦٦

    القلب يمرض

    له حياة وبه علة، قال الله- تعالى-: {في قلوبهم مرضٌ}
    أن المرض في القرآن على ثلاثة أوجه

    1. مرض البدن: ومنه قوله -تعالى-: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه}.

    2. مرض الشك، ومنه قوله – تعالى-: {في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضاً}. وقوله: {وأما الذين في قلوبهم مرضٌ فزادتهم رجساً إلى رجسهم}.

    3- مرض الفجور، ومنه قوله – تعالى-: {فيطمع الذي في قلبه مرض}. وقوله- تعالى-: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرضٌ}.
    ============٦٦
    وقد يصاب القلب بأمراض عدة منها مرض الزيغ، قال الله- تعالى-: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكمات هنّ أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه}. وأخبر عن عباده المؤمنين أنهم يسألون ربهم أن لا يزيغ قلوبهم: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}.

    ومرض الغل والغش والحسد والحقد والنفاق، قال الله- تعالى-: {ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}.

    ومرض الغلظة والشدة والجفوة، قال الله منزهاً رسوله عن أن يكون قلبه غليظاً: {فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}.

    ومرض الغيظ، قال الله- تعالى-: {ويشف صدور قومٍ مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم}.

    ومرض الإباء والاستكبار، قال الله- تعالى-: {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاّ ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون}.

    وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر". فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة. قال: "إن الله جميلٌ يحب الجمال. الكبر: بطر الحق، وغمط الناس

    مرض الشك والريب وهو أعم الأمراض وأشدها خطورة، قال الله- تعالى-: {في قلوبهم مرض}. وقال تعالى: {ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذي في قلوبهم مرض}.

    ومرض العشق، وهو مرض إذا تمكن واستحكم في قلب صاحبه عز على الأطباء دواؤه، وأعي العليل داؤه، وقد حكاه الله - سبحانه - في كتابه عن طائفتين من الناس: من النساء وعشاق الصبيان والمردان، فحكاه عن امرأة العزيز في شأن يوسف، وحكاه عن قوم لوط، فقال إخباراً عنهم لما جاءت الملائكة لوطاً: {وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون... إنهم لفي سكرتهم يعمهون}
    ====================٦٦
    وبما أن القلب يمرض، فإن لم يتداركه صاحبه بالعلاج فسر عان ما يموت.

    وإليكم- أيها الأخوة الكرام- العلاج لما سبق ذكره من الأمراض:

    فالغيظ يؤلم القلب، ودواؤه في شفاء غيظه، فإن شفاه بحق اشتفى، وإن شفاه بظلم وباطل زاده مرضاً من حيث ظن أنه يشفيه، وهو كمن شفي مرض العشق بالفجور بالمعشوق، فإن ذلك يزيد مرضه، ويوجب له أمراضاً أخر أصعب من مرض العشق

    وكذلك الجهل مرض يؤلم القلب، فمن الناس من يداويه بعلوم لا تنفع، ويعتقد أنه قد صح من مرضه بتلك العلوم، وهي في الحقيقة إنما تزيده مرضاً إلى مرضه، لكن اشتغل القلب بها عن إدراك الألم الكامن فيه، بسبب جهله بالعلوم النافعة التي هي شرط في صحته وبرئه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذين أفتوا بالجهل فهلك المستفتي بفتواهم: " قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؟

    وكذلك الشاك في الشيء المرتاب فيه، يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين، ولما كان ذلك يوجب له حرارة قيل لمن حصل له اليقين ثلج صدره، وحصل برد اليقين، وهو كذلك يضيق بالجهل والضلال عن طريق رشده، وينشرح بالهدى والعلم، قال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح له صدره للإسلام ومن يرد الله أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعّد في السماء}

    ومن العلاج أيضاً لمرض القلب التداوي بأدوية القرآن الكريم، فقد قال ابن القيم –رحمه الله-: قال الله – تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} و{وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة ٌ للمؤمنين} ففيه - أي القرآن - من البينات والبراهين القطعية ما يبين الحق من الباطل، فتزول أمراض الشبه المفسدة للعلم،

    وأما شفاؤه لمرض الشهوات فذلك بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب، والتزهيد في الدنيا، والترغيب في الآخرة.
    ====/================٦٦
    ، وكل من عرف الله أحبه، وأخلص العبادة له ولا بد، ولم يؤثر عليه شيئاً من المحبوبات، فمن آثر عليه شيئاً من المحبوبات فقلبه مريض، كما أن المعدة إذا اعتادت أكل الخبيث وآثرته على الطيب سقط عنها شهوة الطيب، وتعوضت بمحبة غيره

    ثم يطالعنا ابن القيم كعادته في معرفة أمراض وغوائل القلوب فيبين لنا مسألة أخرى وهي أن هناك أناس قد يمرضون ويشتد عليهم المرض، ولا يعرفون مرضهم، فيقول: وقد يمرض القلب ويشتد مرضه، ولا يعرفه به صاحبه، لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته وأسبابها، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته، وعلامات ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح، ولا يوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة؛ فإن القلب إذا كان فيه حياة تألم بورود القبيح عليه، وتألم بجهله بالحق بحسب حياته. وما لجرح بميت إيلام.

    وقد يشعر بمرضه ولكن يشتد عليه تحمل مرارة الدواء والصبر عليها؛ فهو يؤثر بقاء ألمه على مشقة الدواء، فإن دواءه في مخالفة الهوى، وذلك أصعب شيء على النفس وليس لها أنفع منه.

    وتارة يوطن نفسه على الصبر، ثم ينفسخ عزمه، ولا يستمر معه لضعف علمه وبصيرته وصبره.

    وكأنه يشير – والعلم عند الله- إلى أن بعض من يصابون بمرض قلوبهم يستشعرون أنهم مرضى، ولكنهم لا يأخذون بالعلاج، وضرب لذلك مثالاً، وهو أن من أصيب بمرض الهوى، فإنه لا علاج له إلا بمخالفة هواه، وذلك أصعب شيء على النفس، ولكنه ليس هناك علاج أنفع له من مخالفة هواه.
    ،==============٦٦
    فضيلة الشيخ طاهر ابو المجد
    مدير عام أوقاف شبرا الخيمة شرق

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 12:51 pm