الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    ا لحفاظ على الأمًن ّواأثرِه في تحقيق التنمية

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2670
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    ا لحفاظ على الأمًن ّواأثرِه في تحقيق  التنمية Empty ا لحفاظ على الأمًن ّواأثرِه في تحقيق التنمية

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الخميس يناير 26, 2017 10:52 pm

    احبتى فى الله ادعوكم غداان شاءالله 27 1 2017 من مسجد الشهداء لسماع خطبة الجمعه
    تحت عنوان
    ا لحفاظ على الأمًن ّواأثرِه في تحقيق التنمية

    إنَّ نِعَم الله - عزَّ وجلَّ - علينا كثيرة جدًّا، لا نستطيع عدَّها أو حصرها؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]، وقال - تعالى -: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20].
     
    نعم؛ نعمُه كثيرة، وآلاؤه عظيمة، لو جلَسنا نُعدِّدها ما استطعنا، لكن هنالك نعمة في غاية الأهميَّة والخطورة ربما لا نشعُر بها، ولا نُعيرها اهتِمامنا كثيرًا، إنها نعمة الأمن والأمان، فيجبُ علينا إدراك قيمة هذه النِّعمة، وأنْ نتذكَّرها، وأنْ نعرف كيف نُحافِظ عليها، وأنْ نحذر من أسباب زوالها.
     
    خاصَّة وأنَّ أعداءنا يُحاوِلون جادِّين زعزعة استِقرار بلادنا وأمننا، مستغلِّين في ذلك بعضًا من أبناء هذا الوطن، بتلويث أفكارهم وتحريضهم على ما يضرُّهم ولا ينفعُهم، فيجب علينا أنْ نعرف قدرَ هذه النِّعمة جيدًا، وأنْ نحافظ عليها بشتى أنواع الوسائل حتى نأمنَ في دِيننا ودِيارنا.

      
    - أهميَّة الأمن في حياة الفرد والمجتمع:
    إنَّ نعم الله - عزَّ وجلَّ - على عباده كثيرة، وآلاؤه لا تعدُّ ولا تُحصَى؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34].
     
    قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: يُخبِر الله - عزَّ وجلَّ - عن عجْز العباد عن تَعداد النِّعم، فضلاً عن القيام بشُكرها، كما قال طلْق بن حبيب - رحمه الله -: "إنَّ حقَّ الله أثقل من أنْ يقوم به العباد، وإنَّ نِعَمَ الله أكثر من أنْ يحصيها العباد، ولكن أصبحوا توَّابين وأمسوا توَّابين".
      
    وفي "صحيح البخاري": أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقول: ((اللهُمَّ لك الحَمد غير مَكفيٍّ، ولا مُوَدَّعٍ، ولا مُستَغنًى عنه ربَّنا)).
      
    وقد رُوِي في الأثر: أنَّ داود - عليه السلام - قال: "يا رب، كيف أشكرك وشُكري لك نعمةٌ منك عليَّ؟ فقال الله - تعالى -: الآن شَكرتَنِي يا داود"؛ أي: حين اعتَرفتَ بالتقصير عن أداء شُكر النِّعَم.
      

     
    لكن هنالك نعمة لا يستطيع فردٌ أو أسرةٌ، أو بلد أو أمَّة أن تعيشَ بدونها، نعمةٌ لا يهنأ العيش بدونها، ولا يقرُّ قرارٌ عند فَقْدها، إنها النِّعمة التي يبحَثُ عنها الكثير، المسلم وغير المسلم، الصغير والكبير، الغني والفقير، هي نعمةٌ لا يُوجَد أعظم ولا أجلُّ منها إلاَّ نعمة واحدة (الإسلام)، إنها نعمة الأمن والأمان.
     
    هذه النعمة امتنَّ الله بها على قريش حين أعرضوا عن دِين محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال - سبحانه -: ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [القصص: 57]، وذكرهم بأحوال الذين فقَدُوها من حولهم؛ فقال - عزَّ مِن قائل -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ... ﴾ [العنكبوت: 67] الآية، ثم جعلها لعظمها داعيًا لهم إلى الإيمان؛ فقال - جلَّ ذِكرُه -: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 3 - 4].
     
    وحين خاطب المولى - سبحانه - صحابةَ نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ذكَّرهم أيضًا وامتنَّ عليهم بنصره لهم وإيوائه: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26].
     
    إنَّ مِن أعظم نِعَمِ الله - عزَّ وجلَّ - على بني الإنسان - بعد نعمة الدِّين والإسلام - نعمة الأمن والاستقرار.
     
    إنَّ حاجة الإنسان للأمن والاطمئنان كحاجته إلى الطعام والشراب والعافية للأبدان، كيف لا وقد جاء الأمنُ في القرآن والسنة مَقرُونًا بالطعام الذي لا حياة للإنسان ولا بقاء له بدونه؟! وقد امتنَّ الله به على عباده، وأمرهم أنْ يَشكُروا هذه النِّعَم بإخلاص العبادة له؛ فقال - تعالى -: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 3 - 4]، وقال - تعالى - في الوعد بحسن الجزاء وعظيم المثوبة للمؤمنين: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].
     
    إذا عَمَّ الأمنُ البلادَ، وألقى بظلِّه على الناس، أَمِنَ الناس على دينهم، وأَمِنَ الناس على أنفسهم، وأَمِنَ الناس على عقولهم، وأمِنُوا على أموالهم وأعراضهم ومحارمهم، ولو كتَب الله الأمن على أهل بلد من البلاد، سارَ الناس ليلاً ونهارًا لا يخشَوْن إلا الله.
     
    وفي رِحاب الأمن وظلِّه تعمُّ الطمأنينة النُّفوس، ويسودُها الهُدُوء، وتعمُّها السعادة؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أصبح آمنًا في سِرْبِه، مُعافًى في جسده، عنده قوتُ يومه - فكأنما حِيزَتْ له الدُّنيا بحذَافِيرها)).

     
    الأمن في الأوطان مطلب الكثير من الناس، بل هو مطلب العالم بأَسْرِه، حياةٌ بلا أمن لا تساوي شيئًا، كيف يعيش المرء في حالةٍ لا يأمن فيها على نفسه حتى من أقرب الناس إليه؟! خوف وذعر وهلع وترقُّب وانتظارٌ للغد، لا يفكر الإنسان في شيءٍ إلاَّ في حاله اليوم، ليس عنده تفكيرٌ في مستقبل، وما كان ذلك إلاَّ بسبب فقدان الأمن.
     
    عباد الله:
    أوَّل مَطلَب طلَبَه إبراهيم من ربِّه - سبحانه - هو أنْ يجعل هذا البلد آمِنًا؛ ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]، ويقول في آيةٍ أخرى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 126].
     
    فانظُروا هاتين الآيتين، فإبراهيم طلَب في الآية الأولى تحقيقَ الأمن؛ حتى يتحقَّق له عبادة الله على الوجْه الصحيح؛ ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]؛ لأنَّ الإنسان في حال الفِتنة والقلاقل يشغله الخوفُ عن عبادة ربِّه، وربما زاغَ كثيرًا عن الحقِّ، ألم يخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أنَّ المتمسِّك بدينه في آخِرِ الزمان حين تكثُرُ الفتن كالقابض على الجمر؟!
     
    أمَّا الآية الثانية فطلب إبراهيم تحقيق الأمن، ثم قال: ﴿ وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ﴾ [البقرة: 126]؛ لأنَّ بلدًا لا أمن فيه كيف تستقيم للناس فيه أرزاقُهم؟! وهذا الواقع أمامكم ما إن تُعلَن حرب أو فتنة في بلد، حتى ينقل أرباب الأموال أموالهم إلى بلدانٍ أخرى، وما علموا أنَّ الحِفاظ على النفس أولى من الحِفاظ على المال، فالنفس تزولُ، والمال غادٍ ورائح، ولكن ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 20].
     
    عباد الله، الأمن مَطلَب الجميع، ولقد كانت قريش في الجاهلية قد جعلتْ نفسها مسؤولةً عن أمْن مكة والحجيج الوافدين إليها، حتى إذا جاء حاج فتعامَل مع أحد المقيمين في مكة ثم ظلَمَه حقه، نادَى هذا الرجل على أهل مكة بأعلى صوته طالبًا حقَّه، فاجتمعت قريش بأفخاذها وقبائلها في دار عبدالله بن جُدعان، فتحالفوا على ألاَّ يُظلَم في مكة غريب ولا حر ولا عبد إلا كانوا معه.
     
    روى البيهقيُّ وغيرُه أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لقد شهدتُ في دار عبدالله بن جُدعان حِلفَ الفضول، أمَا لو دُعِيت إليه اليومَ لأجبتُ، وما أحبُّ أنَّ لي به حمر النَّعم وأنِّي نقضته)).
     
    ولما دخَل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى مكة فاتِحًا، أمَر أنْ يُنادِي مناد: ((مَن دخَل المسجد الحرام فهو آمِن، ومَن دخَل دارَه فهو آمِن، ومَن دخَل دارَ أبي سفيان فهو آمِن))؛ لأنَّ الناس إذا أمِنُوا على أنفسهم اطمأنُّوا، وزالَ عنهم الرعب، وعادت إليهم عقولهم.

      
    - أهمية الأمن والأمان في رَخاء الشعوب واستقرارها:
    بالأمن تصلح الحياة، وتنبَسِط الآمال، وتتيسَّر الأرزاقُ، وتزيد التِّجارات، الأمنُ تفشو معه الماشية، وتكثر الأمَّة، الأمن تتقدَّم معه التنمية، وينتشر فيه العلمُ والتَّعليم، ويعزُّ فيه الدين والعدل، ويظهَر فيه الأخيارُ على الأشرار، وتوظَّف فيه الأموال في كلِّ مشروع نافعٍ للفرد والمجتمع.
     
    والأمن تُحقَن فيه الدِّماء، وتُصَان الأموال والأعراض، وتَنام فيه العيون، وتطمئنُّ المضاجع، يتنعَّم به الكبير والصغيرُ والإنسان والحيوان، فالأمن مِن نِعَمِ الله العُظمَى وآلائه الكبرى، لا تصلُح الحياة إلاَّ به، ولا يطيب العيش إلا باستِتْبابِه؛ ولذلك جعَله الله من نَعيم أهلِ الجنَّة الدائم؛ قال الله - تعالى -: ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 46].
     
    في ظلِّ الأمن والأمان تحلو العبادة، ويصير النوم سباتًا، والطعام هنيئًا، والشراب مريئًا، الأمن والأمان هما عماد كلِّ جهد تنموي، وهدف مرتقب لكلِّ المجتمعات على اختلاف مشاربها.
     
    بل هو مطلب الشعوب كافَّة بلا استثناء، ويشتدُّ الأمر بخاصَّة في المجتمعات المسلمة التي إذا آمَنت أمِنَتْ، وإذا أمِنَتْ نَمَتْ، فانبثق عنها أمنٌ وإيمان؛ إذ لا أمن بلا إيمان، ولا نماء بلا ضَمانات واقعية ضد ما يُعكِّر الصفو في أجواء الحياة اليوميَّة.
     
    إطراء الحياة الآمنة هو ديدن كلِّ المنابر؛ لما للأمن من وقع في حسِّ الناس؛ من حيث تعلقه بحرصهم على أنفسهم، فضلاً عن كونه هبة الله لعباده، ونعمة يُغبَط عليها كلُّ مَن وُهِبها، ولا غرو في ذلك.
     
    وقد صحَّ عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((مَن أصبح آمنًا في سِربِه، مُعافًى في بدَنِه، عنده قوتُ يومه؛ فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بِحَذافيرها)).

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 1:44 pm