الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    أهمية الادب مع النبي الكريم

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    أهمية الادب مع النبي الكريم  Empty أهمية الادب مع النبي الكريم

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الأحد نوفمبر 03, 2019 12:37 am

    درس الأحد ( آداب وأخلاق وسلوك ) ٣ ١١ ٣٠١٩
    نحت عنوان 👇
    =====================66
    أهمية الأدب مع النبي الكريم

    والأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أعلى مراتب الأدب، وأولاها حقا على المسلم بعد الأدب مع الله -تعالى-، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعظم الخَلق حقًّا على الخَلق، والأدب مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو أدب مع الله -تعالى- أولًا؛ لأنه أدب مع مرسله -تعالى-، كما أن طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من طاعة الله -تعالى-، قال الله -تعالى-: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) [النساء:80].

    وليس الأدب مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مجرد كلمات ومدائح خالية من الاتباع والعمل، بل الأدبُ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يكون إلا بمحبةٍ صادقةٍ تستوجبُ اتباعَهُ في كل ما أمر، واجتنابَ كلِّ ما عنه نهى وزجر، واتخاذَه -صلى الله عليه وسلم- قدوة في الظاهر والباطن،
    ===================٦٦
    أدب قلبي: وهو يتعلق بتصديقه، والإيمان به -صلى الله عليه وسلم-، وحبه، وتعظيمه، وتوقيره. وأدب فعلي: وهو يتعلق بحسن اتباعه -صلى الله عليه وسلم- فيما أمر ونهى، مع اتخاذه قدوة وأسوة. وأدب قولي: وهو يتعلق بالصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم-، والذب عن سنته، ورعاية الأدب معه بالقول.

    أما الأدب القلبي فهو رأس الأدب معه -صلى الله عليه وسلم-، وأصله الإيمان به وتصديقه -صلى الله عليه وسلم- في كل ما جاء به عن الله -تعالى-، ومطابقة ذلك باللسان بأن يشهد بأن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن تيمية -رحمه الله-: فلا يكون الرجل مؤمنًا حتى يقر بما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فمن شهد أنه رسول الله شهد أنه صادق فيما يخبر به عن الله -تعالى-، فإن هذا حقيقة الشهادة بالرسالة. اهـ.

    ومن الأدب القلبي معه -صلى الله عليه وسلم- اعتقاد تفضيله -صلى الله عليه وسلم- على كل أحد من الخلق، فهو كما وصف نفسه -صلى الله عليه وسلم- متحدثًا بنعمة ربه، قال: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ".

    ومما ينتج عن اعتقاد تفضيله استشعارُ هيبته -صلى الله عليه وسلم- وجلالةِ قدره وعظيم شأنه، واستحضارُ محاسنه ومكانته ومنزلته، والمعاني الجالبة لحبه وإجلاله، وكلِّ ما من شأنه أن يجعل القلب ذاكرًا لحقه من التوقير والتعزيز، ومعترفًا به، ومذعنًا له.

    فالقلب ملِك الأعضاء وهي جند له وتبع، فمتى ما كان تعظيم النبي-صلى الله عليه وسلم- مستقرًا في القلب مسطورًا فيه على تعاقب الأحوال، فإن آثار ذلك ستظهر على الجوارح حتمًا لا محالة، وحينئذ سترى اللسان يجري بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه -صلى الله عليه وسلم-؛ وترى الجوارح ممتثلة لما جاء به ومتبعة لشرعه وأوامره ومؤدية لما له من الحق والتكريم.

    ومن الأدب القلبي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- محبته التامة، وإنما تظهر آثارها بالطاعة والاتباع، فهذه هي العلامات التي تدل على ما في قلب العبد من محبة.

    ومحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان، بل لا يتم الإيمان حقيقة إلا إذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أحب إلى المرء من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين، روى البخاري عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِلا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -عليه الصلاة والسلام-: "لا وَالَّذِي نَفْسـِي بِيَدِهِ! حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ"؛ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -?-: "الآنَ يَا عُمَرُ".

    وفي الصحيحين عَنْ أَنَسِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -?-: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".

    : فإذا تأمل النفع الحاصل له من جهة الرسول -صلى الله عليه وسلم-الذي أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان -إما بالمباشرة وإما بالسبب- علم أنه سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السـرمدي، وعلم أن نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات، فاستحق لذلك أن يكون حظه من محبته أوفر من غيره؛ لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره.

    فلا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يقدم محبة الرسول على محبة جميع الخلق، ومحبة الرسول تابعة لمحبة مرسله، والمحبة الصحيحة تقتضي المتابعة والموافقة في حب المحبوبات وبغض المكروهات، قال -تعالى-: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة:24]، وقال -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران:31].

    وفي الصحيحين عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- "قَالَ: ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ".

    فمن أحب الله ورسوله محبة صادقة من قلبه أوجب له ذلك أن يحب بقلبه ما يحبه الله ورسوله، ويكره ما يكرهه الله ورسوله، ويرضى ما يرضي الله ورسوله، ويَسخطُ لما يسخط الله ورسوله، وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض، ويقدم حبه على هوى نفسه. هذا محك الاختبار، وبرهان الإسلام والإيمان.

    =====/=======٦٦

    . وأما الأدب العملي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فأن تنطلق الجوارح تبعًا لما جاء به، فلا يتصور ممن يدعي حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن تنبعث جوارحه بطاعته واتباعِه واتخاذِه قدوة وأسوة، وإلا؛ فما الدليل على هذه المحبة؟!.

    إن من هداية الله لخلقه أن جعل طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- واجبة، فقال -سبحانه- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء:59].

    فبطاعته تحصل الهداية، تحُل الرحمة، قال ربنا -جل جلاله-: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) [النور:54]، وقال: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النور:56].

    فهل في طاعة النبي -?- خيار بعد ذلك؟ إن مخالفة ذلك لمن أبين الضلال، قال الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا) [الأحزاب:36].
    =======================
    فضيلة الشيخ طاهر ابو المجد
    مدير عام أوقاف شبرا الخيمة شرق

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 5:54 am