الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    لماذا لم يذكر النبى ﷺ قيمة الزكاه رغم توافرها؟

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    لماذا لم يذكر النبى ﷺ قيمة الزكاه رغم توافرها؟  Empty لماذا لم يذكر النبى ﷺ قيمة الزكاه رغم توافرها؟

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد السبت مارس 30, 2024 2:08 pm

    لماذا لم يذكر النبى ﷺ قيمة الزكاه رغم توافرها؟ 
    بدايةً يجب تصحيح بسيط لهذا السؤال؛ ليصبح "رغم تواجدها"، وليس "توافرها". والجواب بسيط إن شاء الله 
    ج: لأنها -زكاة الفطر- واجبة على كل صائم، وليس على كل غني!!
    فالصائم قد يكون فقيرًا ولا يملك نقودًا فكيف ستكون بحقه طهرة له؟
    فكان الأمر بها قوتًا كون القوت متوفرًا عند أى صائم
    كون القوت هو العملة السائدة والمتوافرة بينهم
    بخلاف النقود التي لم تكن متوافرة مع الفقراء والمساكين،
    * فلو طلب النبى ﷺ دفعها نقودًا لكان قد حرم الكثير ممن صام رمضان من أن تكون طهرة له!
    لذلك قال الجمهور إنها أمرٌ على كل من زاد عن قوت يومه، فالصائم الفقير يدفع لمن هو أفقر منه .... وهكذا.
    فطهّرهم بدفعها مما يملك الجميع وليس اقتصارًا على هذه الأصناف.
    * وهكذا فهم السلف فقد ثبت عن كثير منهم إخراجُها بأي قيمة تجزيء من غير الأصناف التي ذكرها الحديث، وكذا فهم الخليفة عمر بن عبدالعزيز 
    ففهم السلف يحسم المسألة بالجواز
    ويكون الحكم من دفعها قوتًا فهو الكمال لفعله ﷺ،
    ومن دفعها قوتًا من غير الأصناف المذكورة في الحديث فقد دفعها بالقيمة، ومن دفعها نقودًا فقد دفعها قيمة


    ** أيضًا هناك نقطة يعرفها كل من له أدنى معلومة بالاقتصاد وهي "الثابت والمتغير" القوت والطعام ثابت أما النقود فهي متغير،
     القوت هو المعيار الذي أحتكم إليه، وأجعله معيارًا على أساسه أقدر القيمة، أما الدرهم والدينار والعملة فهي متغيرة -صعودًا، وانحدارًا-؛ حسب الأوضاع الاقتصادية للمجتمع،
    إذًا الطعام ثابت، القيمة أو النقود متغير
    إذًا الطعام هو "المعيار" الذي أتخذه أساسًا لتحديد "القيمة"
    إذًا الطعام هو "قطعة الحديد" -الكيلو- الذي أضعه في إحدى كفتي الميزان، وأضع أمامه -في الكفة الأخرى- "القيمة"
    إذًا الطعام = القيمة
    فلو أنه ﷺ ذكر نقودًا محددة كدرهم أو دينار أو عُشر دينار 'مثلًا-، لأدى ذلك إلى اضطراب كبير؛ لأن قيمة النقود تتغير من زمان إلى زمان، انظر إلى قيمة الجنيه المصرى منذ سبعين أو ثمانين سنة وقيمته الآن، فالفرق شاسع جدًا بين القيمتين.
    فلو كان التحديد بالقيمة لأدى ذلك إلى الجمود وتعطيل هذه الفريضة، أما يجعل لها معيارًا نرجع إليه فهذا يجعل القيمة متغيرة حسب الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وانظر إلى قيمة ما كان يخرج من عشر سنوات مثلًا، وقيمتها الآن تدرك معنى هذا الكلام.


    * أيضًا في عدم تحديد الرسول ﷺ القيمة -واتخاذ الطعام معيارًا- مصلحة للفقير؛ حيث سيتم مراعاة الزمان والمكان والظروف الاقتصادية وقت الإخراج، فتتناسب طرديًا معها، ولا تظل جامدة على رقمٍ ثابتٍ لا يتغير، ولا يسمن ولا يغني من جوع.


    * وإذا نظرنا في سنة الرسول ﷺ نجد أن الرسول ﷺ كان يتعامل بالصاع من طعام في جُل معاملاته، وقضائه: 
    - فكان يعطي الأجرة صاعًا من طعام: 
    ففي الصحيحين من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ -أَوْ صَاعَيْنِ- مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفَ عَنْ غَلَّتِهِ أَوْ ضَرِيبَتِهِ».
     فالأجرة التي تقاضاها الحجام هنا صاع أو صاعان من طعام.
    - وحينما رهن رسول الله ﷺ درعه لم يقترض دراهم أو دنانير، ولكن اقترض ثلاثين صاعًا من شعير كما جاء في صحيح البخاري من حديث عَائِشَةَ رَضي الله عنها، قَالَتْ: «تُوُفِّيَ رَسُولُ الله ﷺ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، بِثَلاَثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ».


    - وحكم النبي ﷺ لمن اشترى شاة مُصَرَّاة –وهي التي جمع اللبن في ضرعها عند إرادة بيعها حتى يكبر ضرعها فيظن المشتري أن كثرة لبنها عادة لها مستمرة، وبناء على هذا يزيد مشتريها في ثمنها- للمشتري إن أخذها وحلبها فهو بالخيار إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ورد معها صاعًا من تمر كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنِ ابْتَاعَ شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ». قال ابن الأثير -في النهاية في غريب الحديث-: "وَإِنَّمَا قُدّرَ مِنَ التَّمر دُون النَّقْد لفَقْدِه عندهُم غَالِبًا".


    - وكان الرجل يعمل عند غيره فيأخذ أجره صاعًا أو صاعين من تمر كما جاء في معجم الطبراني وغيره من حديث ابْنِ أَبِي عَقِيلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ: بَاتَ يَجُرُّ الْجَرِيرَ -أي يستقي الماء بالحبل- عَلَى ظَهْرِهِ عَلَى صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ فَانْقَلَبَ بِأَحَدِهِمَا إِلَى أَهْلِهِ يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَجَاءَ بِالْآخَرِ يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «انْثُرْهُ فِي الصَّدَقَةِ» ، فَقَالَ فِيهِ الْمُنَافِقُونَ وسَخِرُوا مِنْهُ: مَا كَانَ أَغْنَى هَذَا أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى اللهِ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ الله مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} التوبة: ٧٩


    - وربما أعطيت المرأة التي يطلقها زوجها شيئًا من تمر أو شعير ولم تعط الدراهم والدنانير، كما جاء في صحيح مسلم من حديث فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قالت: أَرْسَلَ إِلَيَّ زَوْجِي أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِطَلَاقِي، وَأَرْسَلَ مَعَهُ بِخَمْسَةِ آصُعِ تَمْرٍ، وَخَمْسَةِ آصُعِ شَعِيرٍ، فَقُلْتُ: أَمَا لِي نَفَقَةٌ إِلَّا هَذَا؟ وَلَا أَعْتَدُّ فِي مَنْزِلِكُمْ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ. فَقَالَ: «كَمْ طَلَّقَكِ؟» قُلْتُ: ثَلَاثًا، قَالَ: «صَدَقَ، لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ عَمِّكِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ ضَرِيرُ الْبَصَرِ.


    س٣٤: فما معنى هذا الكلام؟
    من خلال ما سبق وغيرها الكثير من الآثار نفهم الحكمة من تقدير النبي ﷺ صدقة الفطر بالصاع من التمر أو الشعير أو غيرهما؛ إذ كان غالب تعاملات الناس على هذا النحو، وجل التعامل فى عهد رسول الله ﷺ كان بالمبادلة، أو المقايضة، وكانت النقود قليلة؛ وذلك لأن العرب لم تكن قد صكت نقودًا ولا الدولة الإسلامية الوليدة.
    * وكانت الدراهم والدنانير مفقودة عندهم غالبًا كما سبق من كلام ابن الأثير، ويتأكد ذلك إذا علمنا أن الدراهم والدنانير في زمن النبي ﷺ كانت تستجلب لبلاد العرب من فارس والروم، -يعني كانت الدراهم والدنانير عملة صعبة- لا تتوافر للجميع فكيف أفرض بها التعامل؟
    لذلك قلنا إنها متواجدة، وليست متوافرة. 
    وأول استقلال لضرب الدراهم والدنانير كان في الدولة الأموية في عهد عبد الملك بن مروان على يد الحجاج بن يوسف الثقفي.


    فالذي يناسب يسر الشريعة حينئذ أن تكون صدقة الفطر مما في متناول أيديهم، لا سيما إذا علمنا أنها لا تجب على الأغنياء فقط، ولكن يخرجها الفقير أيضًا.
    ومن العجيب أن هذا التعامل بالأطعمة بيعًا وشراءً استمر في بعض بلاد الإسلام إلى أزمنة متأخرة ؛ وهو يعرف بالمقايضة.


    نخلص من ذلك إلى أن الأمر يدور مع المصلحة والحاجة، ويسر الشريعة وصلاحيتها لكل الأزمنة يحتم ذلك، والفقه الإسلامي في غاية الثراء إذ نجد فيه الرأيين، وكل من الرأيين يعبر عن واقع معين، وليس في أحد الرأيين أدنى مخالفة للنصوص الواردة في المسألة.


    ** ولو سرنا على نفس النهج -المتشدد في إخراجها طعامًا- وسألنا إخواننا المتمسكين بهذا الرأي:
    هل النص الوارد عن النبي ﷺ اقتصر على النهى عن إخراج غير الأنواع المذكورة؟ 
    فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا شعير ..." متفق عليه 
    وفي حديث أبي سعيد الخدري قال: كنا نخرج -زكاة الفطر- صاعًا من طعامٍ ، من بُرٍ، أو شعيرٍ، أو تمرٍ، أو زبيبٍ، أو أَقِطٍ (وهو لبن مجفف يابس، جبن). 
    فكيف زاد الفقهاء في هذه الأنواع بلا حرج.؟ وعلى أي أساس يتم إخراج الزكاة أرزًا ولوبيا وعدسًا وفولًا وفاصوليا، ومكرونة، و... ولم يرد بها نص؟ فهل المنصوص عليه -في أنواع الحبوب- بيانٌ لقدر الواجب أم لعينه؟ 
    إن كان -هذا التحديد- لعين الواجب يعني لا يجوز إخراج غير هذه الأصناف المنصوص عليها، فكيف خالف الصحابة والتابعون والأئمة والفقهاء وأجازوا إخراج أصنافًا أخرى غير ما ورد به الشرع؟!!


    يقولون: لأنها غالب قوت البلد "فيخرج الإنسان صاعًا من غالب قوت أهل بلده، والقوت هو الأشياء الأساسية التي يعتمد عليها الناس في الطعام من غالبِ قوتِ أهلِ البلدِ، ..."
    فيكون الرد بالمثل: إخراج زكاة الفطر أرزًا أو غير المنصوص عليه "رأي"، وإخراجها تمرًا أو شعيرًا "وحي"!!
    فلم تركتم الوحي واتبعتم "الرأي" رأي شيوخكم؟!


    وأخيرًا: إن القاعدة الفقهية تقول: "لا يُنكر المختلف فيه، وإنما يُنكر المُجمع عليه" وعليه فلا يجوز أن نتراشق بالألقاب ويلوح البعض بكفر من يقول ويستحل جواز إخراجها قيمة، فالمسألة أولًا وآخرًا مسألة فقهية وليست عقدية.
     ومادام الأمر خلافيًا والقضية اجتهاديًا فالعذر مُلتَمَسٌ للجميع فكلنا ندندن حول التمسك بالسنة وهدي النبي ﷺ 
    وكلهم من رسول الله مُلتمسًا 
                           غرفًا من البحر أو رشفًا من الديم
    وبعد إخوتاه:
    فهذا ما وفقني الله تعالى إلى جمعه في هذا الموضوع وبيان وجه نظر قابلة للتنازل عنها إذا ثبت فسادها، فإن أحسنتُ فمن الله -وحده لا شريك له-، وإن أسأتُ فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أقول على الله ورسوله بغير علم، أو أقدم بين يدي الله ورسوله، رأيًا أو قولًا، وليس من طلب الحق وأخطأه، كمن طلب الباطل وأصابه.
    ولأن أكون ذيلًا في الحق خير من أكون رأسًا في الباطل.
    فقط أطلب من كل من استفاد من هذه الرسالة أو وجد فيها علمًا، أو رأيًا اطلب منه الدعاء بظهر الغيب ولا يبخل علينا بدعوةٍ -بالتوفيق والقبول والإخلاص- عند فطره.
    تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال. والله ولي التوفيق وهو ولي ذلك والقادر عليه.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 7:19 pm