الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    (الصحة الإنجابية بين حق الوالدين، وحق الطفل)) الجمعة الموافقة 23من جماد أخر 1445هـ الموافقة 5/1/2024م =================

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2689
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    (الصحة الإنجابية بين حق الوالدين، وحق الطفل)) الجمعة الموافقة 23من جماد أخر 1445هـ الموافقة 5/1/2024م ================= Empty (الصحة الإنجابية بين حق الوالدين، وحق الطفل)) الجمعة الموافقة 23من جماد أخر 1445هـ الموافقة 5/1/2024م =================

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الأربعاء يناير 10, 2024 6:26 pm

    ((الصحة الإنجابية بين حق الوالدين، وحق الطفل))
    الجمعة الموافقة 23من جماد أخر 1445هـ الموافقة 5/1/2024م
    ===========================================
    أولا: العناصر:
    1. من حق الوالدين على أولادهما.
    (أحد عشر حق نابعة من الكتاب والسنة)
    2. من حق الطفل على والديه.
    (ستةُ حقوق نابعة من الكتاب والسنة)
    3. الخطبة الثانية: (الصحة الإنجابية، وتنظيم النسل نابعٌ من تلك الحقوق).
    ثانيا: الموضوع:
    الحمد لله ربِّ العالمين، يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، جلّ وجهك، وعزّ جاهك، ولا يخلف وعدك، ولا يهزم جندك، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عَبدُه ورسولُهُ، صلاة وسلاما عليه دائمين متلازمين إلى يوم الدين وعلى آله وصحبه...الخ، إلى يوم الدين، وبعد:
    ===========================================
    (1) ((من حق الوالدين على أولادهما))
    ===========================================
    أيها الأحبة الكرام: فإن شريعتنا الإسلامية الغراء هي شريعة الحقوق والواجبات، أعطت كل واحدٍ من اتباعها حقوقه، وكلفته بواجبات، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا...)(متفق عليه).
    وقد تعددت الحقوق والواجبات في شريعتنا الإسلامية الغراء، وإن أعظمها وأجلّها: (حقّ الوالدين على أولادهما)، وقد أمرتنا الشريعة الإسلامية ببر الوالدين والإحسان إليهما في العديد من الآيات القرآنية، وقرنته بالدعوة إلى توحيد الله (عزّ وجلّ)، وعدم الإشراك به شيئًا، وهذا لن يتحقق إلا إذا قمنا وأدينا ما علينا من حقوقٍ للوالدين، والتي جاءت كالتالي:
    ======
    1ـ حرمة انتساب الولد لغير أبيه في حياته وبعد مماته، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ ـ وَهُوَ يَعْلَمُهُ ـ إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)(متفق عليه)، (ادعى) انتسب. (كفر) أي: كفر بالنعمة التي كانت لأبيه عليه، أو فعل ما يشبه أفعال أهل الكفر، وإن استحل ذلك خرج عن الإسلام. (ادعى قوما) انتسب إليهم. (فليتبوأ مقعده) فليتخذ منزله فيها.
    ======
    2ـ وجوب الإحسان إليهما، والبر بهم، ولو كانا كافرين، فهو ليس من باب الإحسان التطوعي، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (بَرُّوا آباءَكُمْ تَبَرُّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ، وَعِفُّوا تَعِفُّ نِسَاؤُكُمْ)(رواه الطبراني في الأوسط)، (البر) نوعان صلة ومعروف؛ والصلة: التبرع ببذل المال في جهات محمودة لغير غرض مطلوب وهذا يبعث عليه سماحة النفس وسخاؤها، ويمنع عنه شحها وإباؤها، والثاني: نوعان قول وعمل فالقول طيب الكلام وحسن البشر والتودد وحسن القول ويبعث عليه حسن الخلق ورقة الطبع، والبر بنوعيه مطلوب في حق الوالدين، وعن سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) قال: (نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: كَانَتْ أُمِّي حَلَفَتْ، أَنْ لَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ، حَتَّى أُفَارِقَ مُحَمَّدًا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ): {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطُعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان:15] ...)(الأدب المفرد)، وعن أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما)، قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم فاستفتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقلت: يا رسول الله، قدمت علي أمي وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: (نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ)(متفق عليه).
    ======
    3ـ استئذانهما عند الخروج للجهاد في سبيل الله ما دام الجهاد تطوعيًا وليس فرضًا، فقد أتى رجلٌ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، إني جئت أريد الجهاد معك، أبتغي وجه الله والدار الآخرة، ولقد أتيت وإن والدي ليبكيان، قال: (فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا، فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا)(رواه ابن ماجه)، فأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) له بالرجوع، يفيد الاستئذان عند الخروج للجهاد التطوعي، فإن إذنا وإلا فلا يجوز له الخروج.
    ======
    4ـ تقديم إجابتهما على صلاة النافلة، فعن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً، فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ: اللهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ، قَالَ: فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ، فَوَلَدَتْ مِنْكَ، فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ: يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، قَالَ: فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لَا، أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوا....)(متفق عليه)، فمن هذا الحديث استنبط الفقهاء جواز تقديم إجابة الوالدين على صلاة النافلة.
    ======
    5ـ عدم تفضيل أحد عليهما، وخصوصًا على الأم، فعن السيدة عائشة (رضي الله عنها) قالت: سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) أي الناس أعظم حقا على المرأة؟. قال: (زَوْجُهَا). قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟. قال: (أُمُّهُ)(رواه النسائي)، فالأم أعظم حقًا من الأب، والزوجة، والأولاد...الخ، والوالدان أعظم حقًا من كل ذلك.
    ======
    6ـ محبة أصدقائهما، فعن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما)، أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله، وحمله على حمار كان يركبه. وأعطاه عمامة، كانت على رأسه فقال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب وإنهم يرضون باليسير، فقال عبد الله: إن أبا هذا كان ودًا لعمر بن الخطاب، وإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ)(رواه مسلم)، (ودّ) بضم الواو وكسرها أي: صديقًا من أهل مودته ومحبته.
    ======
    7ـ دعوتهما للإسلام لو كانا كافرين، وحبُّ الهداية لهما، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، قال: ما سمع بي أحد يهودي ولا نصراني إلا أحبني، إن أمي كنت أريدها على الإسلام فتأبى، فقلت لها فأبت، فأتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلت: ادع الله لها، فدعا، فأتيتها وقد أجافت عليها الباب ـ فقالت: يا أبا هريرة! إني أسلمت، فأخبرت النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقلت: ادع الله لي ولأمي، فقال: (اللَّهُمَّ! عَبْدُكَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأُمُّهُ، أَحِبَّهُمَا إِلَى النَّاسِ)(الأدب المفرد).
    ======
    8ـ التفاني في خدمتهما، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ)(رواه مسلم)، وجاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يريد الجهاد، فقال: (أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟). قال: نعم. فقال: (فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ)(متفق عليه)، وعن أبي الدرداء (رضي الله عنه)، قال: أوصاني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بتسع: (...وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ، وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ دنياك؛ فاخرج لهما...)(الأدب المفرد).
    ======
    9ـ الدعاء لهما في الحياة، فعن أبي مرة مولى أم هانئ ابنة أبي طالب (رضي الله عنها)، أنه ركب مع أبي هريرة (رضي الله عنه) إلى أرضه بـ (العقيق) فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته: (السَّلَامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ يَا أُمَّتَاهُ!). تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. يقول: (رَحِمَكِ اللَّهُ كَمَا رَبَّيْتِنِي صَغِيرًا). فتقول: يا بني! وأنت. فجزاك الله خيرا ورضي عنك، كما بررتني كبيرا. (الأدب المفرد).
    ======
    10ـ لزوم الأدب معهما، والتوقير لهما، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى رجلًا معه غلام، فقال للغلام: (مَنْ هَذَا؟). قال: أبي. قال: (فَلَا تَمْشِ أَمَامَهُ، وَلَا تَسْتَسِبَّ لَهُ، وَلَا تَجْلِسْ قَبْلَهُ، وَلَا تَدْعُهُ بِاسْمِهِ)(رواه ابن السني)،(ولا تستسب له) أي: تكن سببا في سبه ولعنه، وشتمه، وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه أبصر رجلين فقال: لأحدهما ما هذا منك؟. فقال: أبي. فقال: (لَا تُسَمِّهِ بِاسْمِهِ، وَلَا تَمْشِ أَمَامَهُ، وَلَا تَجْلِسْ قَبْلَهُ)(الأدب المفرد).
    ======
    11ـ عدم التسبب في سبهما، ولعنهما، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ). قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟. قال: (يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ)(متفق عليه)، وفي الحديث دلالة على أن من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء، وإنما جعل هذا التسبب في السب واللعن عقوقًا لكونه يحصل منه ما يتأذى منه الوالد تأذيا ليس بالهين.
    ===========================================
    (2) ((من حق الطفل على والديه))
    ===========================================
    أيها الأحبة الكرام: كما أعطت الشريعة الإسلامية حقوقًا للوالدين على أولادهما، كذلك أعطت الأولاد حقوقًا على والديهما، وقد جاءت بعض حقوقهم كالتالي:
    ======
    1ـ حسن اختيار والديهم، على أساس من التقوى والصلاح والدين، حتى لا يعيرا بهما، قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[النور:32]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟. قال: (إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ) ثلاث مرات.(رواه الترمذي)، (وإن كان فيه) أي: شيء من قلة المال، أو رقة الحال، وقال (صلى الله عليه وسلم): (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ)(متفق عليه)، (تربت يداك) هو في الأصل دعاء، ومعناه لصقت يداك بالتراب أي: افتقرت، ولكن العرب تستعمله للتعجب والحث على الشيء وهذا هو المراد هنا.
    ======
    2ـ الرضاع حولين كاملين، عند الشقاق والنزاع بين الوالدين في مدة الرضاع، فقد يريد الأب رضاعًا أكثر من الحولين، وتريد الأم أقل من الحولينـ فحسم القرآن الكريم ذلك قائلًا: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}[البقرة:233].
    ======
    3ـ أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر (التربية والتعليم)، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ...)(رواه أحمد)، وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: أخذ الحسن بن علي (رضي الله عنهما)، تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) بالفارسية: (كِخْ كِخْ، أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ)(اللفظ للبخاري)، (بالفارسية) أي هي كلمة فارسية في الأصل ولكنها عربت باستعمال العرب لها. (كخ كخ) (بفتح الكاف وتسكين الخاء) ويجوز (كسرها مع التنوين) كلمة يزجر بها الصبيان عن المستقذرات فيقال له: كخ أي اتركه وارم به.
    ======
    4ـ الرحمة بهم، والمعاملة لهم بلطف، وإضفاء الحنان عليهم بالملاعبة وغيرها، فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): (أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ)(رواه البخاري).
    وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ (رضي الله عنه) قَالَ: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ (رضي الله عنها)، وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (رضي الله عنها) عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا)(اللفظ لمسلم).
    وعن عائشة (رضي الله عنها)، أنّ امرأة جاءت إليها، فأعطتها عائشة ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أمهما فعمدت إلى التمرة فشقتها فأعطت كل صبي نصف تمرة فجاء النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخبرته عائشة فقال: (وَمَا يُعْجِبُكَ مِنْ ذَلِكَ لَقَدْ رَحِمَهَا الله برحمتها صَبِيَّيْها)(الأدب المفرد)، وعن يعلى بن مرة (رضي الله عنه) قال: خرجنا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) ودعينا إلى طعام، فإذا حسين يلعب في الطريق، فأسرع النبي (صلى الله عليه وسلم) أمام القوم ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر ههنا وههنا ويضاحكه النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى أخذه فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى في رأسه، ثم أعتنقه ثم قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّهُ، الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سِبْطَانِ مِنَ الْأَسْبَاطِ)(المعجم الكبير).
    وقال (صلى الله عليه وسلم): (خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ، صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ) (متفق عليه)، (أحناه) أشفقه وأعطفه. (أرعاه) أكثر رعاية وصيانة. (في ذات يده) ماله المضاف إليه.
    ======
    5ـ عدم الدعاء عليهم بالشرور والمصائب، قال (صلى الله عليه وسلم): (لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ)(رواه أبو داود).
    ======
    6ـ الوفاء بالوعد لهم، وعدم الكذب عليهم، فعن عبد الله بن عامر (رضي الله عنه) قال: دعتني أمي يوما ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟). قالت: أعطيه تمرًا. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ)(رواه أبو داود)، وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: (لَا يَصلحُ الكَذبُ فِي جِدٍ وَلَا هَزلٍ، وَلَا أَن يَعد أَحدُكُم ولَدَهُ شَيْئًا ثُم لَا يُنجِزُ لَهُ)(رواه أحمد).
    عباد الله: البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والدّيّان لا يموت، اعمل ما شئت كما تدين تدان، فادعوا الله وأنتم موقنون............
    ===========================================
    (الخطبة الثانية)
    ((الصحة الإنجابية، وتنظيم النسل نابعٌ من تلك الحقوق))
    ===========================================
    الحمد لله رب العالمين، أعدّ لمَنْ أطاعه جنات النعيم، وسعرّ لمَنْ عصاه نار الجحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    ======
    أيها الأحبة الكرام: عشنا مع بعض حقوق الآباء على الأبناء، وبعض حقوق الأبناء على الآباء، ومن خلال هذه الحقوق نستطيع القول بوجوب مراعاة الصحة الإنجابية للأم، وتنظيم النسل:
    فتنظيمُ النسلِ، وليس تحديده: هو عبارة عن أخذ فترة بين المولود والأخر، لا تقل عن سنتين حتى تستجمع الوالدة قواها، وتسترد صحتها وعافيتها، ويستكمل المولود رضاعه حولين، ويستطيع الوالد الإنفاق على أسرته، وتكفية الأسرة مستلزمات الحياة.
    فتنظيم النسل في الأصل من الأمور المباحة التي يستوي فيها الفعل والترك، وقد يتغير هذا الحكم ويصبح مندوبًا ومستحبًا، أو مسنونًا، إذا خشي الوالد والوالدة كثرة المسئولية وثقل حمل التربية، وقد يصبح واجبًا إن كانت صحة الأم وقواها لا تسترد إلا به، وإن كان يؤثر على التربية السليمة الصحية، والعناية والرعاية للأبناء الأخرين.
    هذا التنظيم للنسل، وتلك الصحة الإنجابية من الممكن أن نستدل عليهما بالكثير من نصوص الشرع الحنيف، كالآتي:
    ======
    الإرشاد والندب إلى إرضاع المولود حولين هجريين، قال تعالى: {وَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف:15]، وقال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة:233].
    ======
    ترخيص النبي (صلى الله عليه وسلم) لصحابته (رضي الله عنهم) في العزل، والعزل: هو جماع المرأة، وإنزال المني (ماء الرجل) خارج فرجها، حتى لا تحمل، فقد ذُكر العزل عند النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: (وَمَا ذَاكُمْ؟). قالوا: الرجل تكون له المرأة ترضع، فيصيب منها (يجامعها)، ويكره أن تحمل منه، والرجل تكون له الأمة فيصيب منها، ويكره أن تحمل منه، فقال: (فَلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَاكُمْ، فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ)(اللفظ لمسلم)، وفي رواية قال: (مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ (المني) يَكُونُ الْوَلَدُ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ خَلْقَ شَيْءٍ، لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ)(رواها مسلم)، وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن رجلا قال: يا رسول الله! إن لي جارية, وأنا أعزل عنها, وأنا أكره أن تحمل, وأنا أريد ما يريد الرجال, وإن اليهود تحدث: أن العزل الموؤدة الصغرى. قال: (كَذَبَتْ يَهُودُ, لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ)(رواه أحمد)، أي: إنما يلزم الوأد لو كان مراداً لله أن يخلق من تلك النطفة شيئا، وحيث علم أنه ما أراد ذلك، فليس من الوأد في شيء، وما جاء أن العزل هو: (الْوَأْدُ الْخَفِيُّ)(رواه مسلم)، فكأن معناه أنه له مناسبة به، فهو مكروهٌ لا حرام، كما قالت اليهود، فلا منافاة.
    فالنبي (صلى الله عليه وسلم) يريد أن يقول: لا حرج إن تركتم العزل فليس كل مني جاء منه الولد، وكم من عزل ومع ذلك كان معه الولد، وكل ذلك بقدر الله ومشيئته، فالعزل جائز بشروط، مِنْ أهمها: أن لا يكون الباعث عليه الفرار من المسؤولية، وعناء التربية، وخوف النفقة لأن هذا يتعارض مع روح الدين الإسلامي، وإذا كان عن المرأة الحرة فيشترط إذنها، فعن عمر بن الخطاب(رضي الله عنه): (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَنْ يُعْزَلَ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا)(رواه ابن ماجه).
    ======
    إرشاد النبي (صلى الله عليه وسلم) وندبه إلى ترك الغيلة، والغيلة: هي أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضعٌ، أو ترضع المرأة وهي حاملٌ، والسبب في ذلك فساد اللبن كما يقولون، وتسببه في ضعف الطفل، فعن أسماء بنت يزيد بن السكن (رضي الله عنها) قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا، فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ (يصرعه ويسقطه) عَنْ فَرَسِهِ)(رواه أبو داود).
    ======
    ما أثر عن سيدنا عمرو بن العاص (رضي الله عنه) أنه خطب بمصر قائلًا: (يَا مَعْشَرَ النَّاسِ، إيَّاكم وَخِلَالًا أَرْبَعًا، فَإِنَّهُنَّ يَدْعُونَ إلَى النَّصَبِ بَعْدَ الرَّاحَةِ, وَإِلَى الضِّيقِ بَعْدَ السَّعَةِ, وَإِلَى الْمَذَلَّةِ بَعْدَ الْعِزَّةِ، إيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْعِيَالِ، وَإِخْفَاضَ الْحَالِ، وَالتَّضْيِيعَ لِلْمَالِ، وَالْقِيلَ بَعْدَ الْقَالِ، فِي غَيْرِ دَرَكٍ وَلَا نَوَالٍ)(شرح مشكل الآثار)، فهذا مما يستأنس به في تنظيم النسل.
    ======
    أن مناط القوة والمباهاة والمكاثرة في الإسلام بالكيف وليس بالكم، بقوة الإيمان، وليس بكثرة العدد، فالحق تبارك وتعالى يقول: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة:249]، وها هو النبي (صلى الله عليه وسلم) وصحابته (رضي الله عنهم) ينتصرون على المشركين في غزوة بدر بالرغم من قلة عددهم، فتنظيمُ النسل من أجل الإعداد الجيد، والتربية السليمة للأبناء حتى يكونوا نافعين لأنفسهم، وبيئتهم، ومجتمعاتهم، وأوطانهم، وأمتهم لا مانع منه، بل هو واجبٌ ومطلوبٌ؛ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ...)(رواه مسلم)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا). فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟. قال: (بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ). فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟. قال: (حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)(رواه أبو داود).
    ======
    كما أن الأنبياء والمرسلين حينما دعوا الله بنعمة الولد لم يدعوا بكثرته، بل دعوا بطيبه ونفعه وصلاحه، قال تعالى على لسان إبراهيم (عليه السلام): {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات:100]، وقال تعالى على لسان زكريا (عليه السلام): {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}[آل عمران:38]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}[الفرقان:74]. (قرة أعين) أي: فرحًا وسرورًا وابتهاجًا، وهذا من طيبهم وصلاحهم ونفعهم، وليس لكثرتهم، قال محمد بن كعب القرظي ت(120هـ): ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله (عز وجل).
    ======
    هذا ما يتعلق بتنظيم النسل في الشريعة الإسلامية: مع العلم أنه يوجد من الأمم والدول ما يناهز عدد سكانها خمس سكان العلم أجمع، ألا وهو دولة الصين الشعبية التي يصل تعداد سكانها قرابة المليار وخمسمائة مليون نسمة تقريبًا،(17.9%) من جملة سكان العالم، وقد استغلت هذا العدد الهائل من السكان في الإنتاج والعمل والبناء حتى أضحت تناطح الولايات المتحدة اليوم رأسًا برأس على ريادة العالم، ويقاربها في نفس عدد السكان دولة الهند، (17.4%) من جملة سكان العالم، وهي أيضًا من الدول المتقدمة القوية بفضل سواعد أبنائها، فالقضية ليست قضية تحديد نسل وحسب، وإنما القضية أيضًا قضية وعيٍ وعزم، وأخذٍ بثقافة الإنتاج والعمل والبناء، وأخذ بثقافة ترشيد الاستخدام مع الحد من الإسراف والاستهلاك.
    ======
    فيا ليت كلّ من يتعرض لتلك القضية ينبه إلى هذه الثقافات الغائبة، ويدعو إلى أن نحذوا حذوا تلك الدول المتقدمة، وكيف تغلبت على توفير حاجات هذا الكم الهائل من السكان، وكيف استخدمته لصالح تقدمها.
    ===========================================
    فاللهمّ أرنا الحق حقًا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، اللهمّ علمنا من لدنك علمًا نصير به خاشعين، وشفّع فينا سيّد الأنبياء والمرسلين، واكتبنا من الذاكرين، ولا تجعلنا من الغافلين ولا من المحرومين، ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم في جنات النّعيم اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.
    اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء والغلاء، وأمدنا بالدواء والغذاء والكساء، اللهم اصرف عنّا السوء بما شئت، وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 7:08 am