الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    (الإيجابية في القرآن الكريم والسنة النبوية)) الجمعة الموافقة 24من جماد أول 1445هـ الموافقة 8/12/2023م

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2689
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    (الإيجابية في القرآن الكريم والسنة النبوية)) الجمعة الموافقة 24من جماد أول 1445هـ الموافقة 8/12/2023م  Empty (الإيجابية في القرآن الكريم والسنة النبوية)) الجمعة الموافقة 24من جماد أول 1445هـ الموافقة 8/12/2023م

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد السبت ديسمبر 02, 2023 10:24 pm

    ((الإيجابية في القرآن الكريم والسنة النبوية))
    الجمعة الموافقة 24من جماد أول 1445هـ الموافقة 8/12/2023م
    ===========================================
    أولا: العناصر:
    1. تعريف الإيجابية، وبيان تحلي النبي (صلى الله عليه وسلم) بها.
    2. دعوة القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة للتحلي بالإيجابية.
    3. الخطبة الثانية: (من صور ونماذج الإيجابية في القرآن الكريم والسنة النبوية).
    ===========================================
    ثانيا: الموضوع:
    الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[المائدة:2]، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عَبدُه ورسولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيه وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد:
    ===========================================
    (1) ((تعريف الإيجابية، وبيان تحلي النبي (صلى الله عليه وسلم) بها))
    ===========================================
    أيها الأحبة الكرام: لما كان الدين الإسلامي دين إصلاحٍ، ودينُ مُثلٍ وقيمٍ وأخلاقٍ كان من جملة الأخلاق التي دعا إلى التمسك بها الإيجابية تعني: (التفاعل، والتجاوب، والعطاء، والمشاركة، والمساهمة الفعالة)، فهي ضد السلبية، واللامبالاة، وتعني التفاعل مع قضايا بيئتنا ومجتمعنا وأوطاننا وأمتنا، ولابد منها إن أردنا بناء الأوطان والنهوض بالمجتمعات والأسر والأفراد.
    ===
    تلك الإيجابية التي كان يتصف به النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل البعثة، فقد شهد النبي (صلى الله عليه وسلم) ـ وهو في الخامسة عشر من عمره ـ حلف الفضول الذي تداعت إليه قبائل قريش: بنو هاشم، وبنو المطلب، وأسد بن عبد العزى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة، فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التيمي لسنه وشرفه، فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها أو من غيرهم إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى يُرد إليه حقه، قال (صلى الله عليه وسلم): (لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ)(السنن الكبرى للبيهقي).
    ===
    وفي الخامسة والثلاثين من عمره (صلى الله عليه وسلم) شارك قريشًا تجديد بناء الكعبة بحمل الحجارة على كتفيه، وقضى على الخلاف الذي نشأ بين قريش بسبب الاختلاف على من يتولى وضع الحجر الأسود مكانه. (السيرة النبوية)، فالشخص الإيجابي: هو الذي يتفاعل مع قضايا مجتمعه، ويتأثر بمحيطه ويؤثر فيه.
    ===========================================
    (2) ((دعوة القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة للتحلي بالإيجابية))
    ===========================================
    أحبتي في الله: لو تأملنا في القرآن الكريم لوجدنا العديد من الآيات القرآنية التي تدعوا إلى فعل الخير، وتلك هي الإيجابية بعينها، قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }[البقرة:195]، وقال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:114]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الحج:77]، وغيرها من الآيات الكريمة.
    ===
    والقرآن الكريم لم يكتف بالدعوات النظرية وحسب للتحلي بالإيجابية، فقدم لنا العديد من نماذج التحلي بالإيجابية حتى في أحلك الظروف وأشد الأزمات:
    ===
    1ـ وانظروا إلى موقف تلك النملة الإيجابي من بني جنسها حينما رأت خطرًا يهددهم، ويكاد يهلكهم جميعًا، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}[النمل:18]، فهذه الحشرة الضعيفة تحلت بالإيجابية والعدل في آنٍ واحد، فلم تكترث لنفسها وحسب، واعتذرت عن سليمان وجنده إن وقع منهم إهلاك النمل، فقالت: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
    ===
    2ـ وانظروا إلى موقف ذي القرنين الرجلِ الصالحِ الذي طوّف الدنيا غربًا وشرقًا وشمالًا، ففي رحلته إلى شمال الكرة الأرضية (منطقة البلقان اليوم في قارة أوربا) وجد قومًا بين سدين لا يفقهون كلام أحدٍ ولا يفقه أحدٌ كلامهم، فقالوا بواسطة مترجم: {يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا}[الكهف:94]، عرضوا على ذي القرنين أجرًا مقابل أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدًا وحاجزًا فلا يصلون إليهم ويتجنبوا به شرهم وإفسادهم، فردّ عليهم ذو القرنين مستعينًا بالله، وداعيًا لهم إلى الإيجابية والعمل معه والتفاعل مع مشكلاتهم، فقال: {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}[الكهف:95].
    ===
    3ـ وانظروا إلى موقف مؤمن آل فرعون ونصرته لموسى (عليه السلام)، وانتهاره للفرعون وجنده، تلك الإيجابية التي قد تكلفه حياته، قال تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ*يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:28،29]، إلى آخر حواره مع الفرعون وقومه.
    ======
    وكما حثنا القرآن الكريم على التحلي بالإيجابية نظريًا وتطبيقيًا كذلك جاءت سنة نبينا (صلى الله عليه وسلم)، ومواقف الصحابة (رضوان الله عليهم) تحثنا على التحلي، والتجمل، والتخلق بهذا الخلق العظيم:
    ===
    1ـ فقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا)(متفق عليه)، وعن أنس (رضي الله عنه)، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ)(مسند أحمد)، فتلك دعوةٌ للإيجابية حتى في عرصات القيامة.
    ===
    2ـ وعن جرير بن عبد الله (رضي الله عنه)، قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في صدر النهار، فجاءه قوم حفاة عراة...متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر فتمعر (تغير) وجهه (صلى الله عليه وسلم) لما رأى بهم من الفاقة (الحاجة)، فدخل ثم خرج، فأمر بلالًا فأذن وأقام ، فصلى ثم خطب، فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[النساء:1]، إلى آخر الآية، والآية التي في الحشر: {اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ}[الحشر:18]، ثم قال: (تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ ـ حَتَّى قَالَ ـ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ). فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، ثم تتابع الناس، حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجهه (صلى الله عليه وسلم) يتهلل كأنه مذهبة، فقال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ)(رواه مسلم).
    ===
    3ـ وهذا أبو طلحة (رضي الله عنه) كان أكثر الأنصار بالمدينة مالًا، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء (حديقة)، فلما نزلت: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، قام أبو طلحة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: يا رسول الله، إن الله تعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال (صلى الله عليه وسلم): (بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ). قال: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. (متفق عليه)، فتلك إيجابية من أبي طلحة (رضي الله عنه) تجاه القرآن، وتجاه أمر النبي (صلى الله عليه وسلم).
    ===
    4ـ وهذا حنظلة بن أبي عامر الراهب (رضي الله عنه) غسيل الملائكة، يسمع نداء الجهاد ليلة عرسه فيلبي على الفور بإيجابية لامثيل لها، فتناله الشهادة في سبيل الله، فيراه رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) في القتلى فيقول: (إِنَّ صَاحِبَكُمْ تُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ). فسألوا صاحبته فقالت: إنه خرج لما سمع الهائعة وهو جنب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ)(المستدرك للحاكم).
    عباد الله أقول قولي هذا، وأستغفر الله العليّ العظيم لي ولكم، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فالتائب من الذنب...........
    ===========================================
    (الخطبة الثانية)
    ((من صور ونماذج الإيجابية في القرآن الكريم والسنة النبوية))
    ===========================================
    الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلّ عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    ===
    أيها أخوة الأحباب: ما زلنا نعيش مع قيمة الإيجابية في شريعتنا الإسلامية الغراء، ويتبقى لنا في تلك الجمعة المباركة أن نعيش مع صور ونماذج من الإيجابية في القرآن الكريم والسنة النبوية، فأقول: الإيجابية سلوكٌ ملازمٌ للمؤمن الحق ـ قبل أن تكون خلق كريم ـ ولا تكاد تنفك عن المؤمن ولا تفارقه، لأنها تدخل في جميع مناحي الحياة، ولذا تعددت صورها وأشكالها، كالتالي:
    ===
    1ـ الإيجابية مع الأهل، بالقيام على أحوالهم ورعاية شئونهم وتعاهدهم ليل نهار، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:6]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ)(رواه أبو داود).
    كما أنها تكون بمساعدتهم في أمور الحياة، فقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) في خدمة أهله، سأل رجل عائشة (رضي الله عنها)، فقال: أكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعمل في بيته؟، قالت: (نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ)(رواه أحمد).
    ===
    2ـ الإيجابية مع الزملاء والأصدقاء، قال تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف:36]، فوجه إحسان يوسف (عليه السلام) ما تحلى به من الإيجابية، قال المفسرون: كان يعود المرضى ويداويهم، ويعزّي الحزين، ومنْ ضاق عليه المكان أوسع له ومنْ احتاج مالًا جمع له المال.
    وعن سهل بن سعد (رضي الله عنه): كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الخندق، وهو يحفر ونحن ننقل التراب، ويمر بنا، ويقول: (اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الأَخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ)(متفق عليه)، وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة، وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين، فمر به النبي (صلى الله عليه وسلم)، ومسح عن رأسه الغبار، وقال: (وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ)(رواه البخاري).
    ===
    3ـ الإيجابية مع المجتمع، برعاية الأيتام والضعفاء، والسعي على الأرامل والمساكين والمحتاجين، والمساهمة في حل مشكلاته، وقضاء حوائج أفراده، قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ*فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}[القصص:25].
    وقال (صلى الله عليه وسلم): (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ, وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ, أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً, أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا, أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا, وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ (المسجد النبوي) شَهْرًا, وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ, وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ)(رواه الطبراني)، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إيجابيًا تجاه مجتمعه، تقول السيدة خديجة (رضي الله عنها): (...أَبْشِرْ فَوَ اللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ...)(متفق عليه).
    ===
    4ـ الإيجابية مع الوطن، وقضاياه، وما أكثرها اليوم، ومن أهمها: المشاركة في بنائه وتقدمه والعمل على رفعته، بالعمل الجاد المثمر، وبقيام كل فرد منا بأداء الأعمال المنوطة به على الوجه الأكمل، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ)(رواه أبو يعلى)، كما أن ذلك يكون بالتفاعل مع الدعوات الإصلاحية في كل المجالات بداخله.
    ==
    ومنها: المساهمة في محو أمية مواطنيه الذين لا يستطيعون القراءة والكتابة، إما بالجهد البدني، أو الدعم المادي، أو المعنوي، فقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يطلق سراح مَنْ علّم عشرة من أولاد المسلمين من أسرى بدر. (رواه أحمد).
    ==
    ومنها: المحافظة على أمنه واستقراره؛ وذلك بعدم الاستجابة للدعوات الهدامة الداعية للخروج على نظام الدولة ومؤسساتها، وبعدم الاستجابة للشائعات والأراجيف التي تشكك في قدرة الوطن على النمو والنهوض وتخطي الأزمات، وكذلك بالابتعاد عن الجماعات المارقة الخارجة عن الوسطية والاعتدال الداعية إلى سفك وإراقة الدماء، والتي لا هم لها إلا الوصول إلى سُدّة الحكم ولو على حساب الأرض والعرض والوطن، ولو بسفك وإراقة الدماء، فالأمن والاستقرار نعمةٌ لا يعادلها نعمة، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها)(الآحاد والمثاني).
    ==
    ومنها: المشاركة الفعالة في أي انتخاباتٍ وخصوصا الانتخابات الرئاسية القادمة، فهناك أبواقٌ مأجورةٌ هنا وهناك تنادي بالمقاطعة وعدم الخروج للإدلاء بالأصوات في الانتخابات الرئاسية القادمة، بهدف تصوير الشعب المصري بأنه غير راضٍ عن قيادته السياسية ونظام الحكم، إن عدم الخروج للإدلاء بالأصوات في أي انتخاباتٍ يعدُّ تمكينًا للأعداء من رقبة الوطن، كما أنه يعدُّ ضربًا من كتم الشهادة، والله (عزّ وجلّ) يقول: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[البقرة:283].
    ===
    5ـ الإيجابية الأخلاقية، فالإيجابية كما أنها تدخل في جميع مناحي الحياة فإنها أيضًا تتداخل مع جميع الأخلاق والصفات الحميدة، تدعو إليها وتستلزم إياها، قال (صلى الله عليه وسلم): (إن هذا الخيرَ خزائنُ، ولتلك الخزائن مفاتيحُ، فطوبى لعبدٍ جَعَلَهُ الله عزَّ وجلَّ مفتاحاً للخيرِ، مغلاقاً للشرِّ، وويلٌ لِعبدٍ جَعَلَهُ الله مفتاحاً للشرِّ، مغلاقاً للخير)(رواه ابن ماجه).
    ===========================================
    فاللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، اللهم اجعل بلدنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهمّ علمنا من لدنك علما نصير به عاملين، وشفّع فينا سيّد الأنبياء والمرسلين، واكتبنا من الذاكرين، ولا تجعلنا من الغافلين ولا من المحرومين، ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم في جنات النّعيم اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 6:27 am