الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة بعنوان: اسمُ اللهِ الولِّي بتاريخ: 24 محرم 1445هـ – 11 أغسطس 2023م

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2692
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة بعنوان: اسمُ اللهِ الولِّي بتاريخ: 24 محرم 1445هـ – 11 أغسطس 2023م Empty خطبة بعنوان: اسمُ اللهِ الولِّي بتاريخ: 24 محرم 1445هـ – 11 أغسطس 2023م

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الخميس أغسطس 10, 2023 7:07 pm

    خطبة بعنوان: اسمُ اللهِ الولِّي
    بتاريخ: 24 محرم 1445هـ – 11 أغسطس 2023م

    أولًا: مفهومُ ولايةِ اللهِ لعبادِهِ.
    ثانيًا: وسائلُ الفوزِ بولايةِ اللهِ تعالَى.
    ثالثًا: ثمراتُ وفوائدُ ولايةِ اللهِ تعالَى.

    المـــوضــــــــــوع
    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

    أولًا: مفهومُ ولايةِ اللهِ لعبادِهِ.

    مِن طبيعةِ الإنسانِ الضعفُ، وحاجتُه للغيرِ، ولا يوجدُ إنسانٌ يستقلُّ بنفسِه ولا يحتاجُ إلى غيرِهِ لأنَّهُ مخلوقٌ، وكلُّ مخلوقٍ ضعيفٍ يفتقرُ إلى غيرٍه؛ ولذا كان لكلِّ واحدٍ مِن البشرِ أسرةٌ وقرابةٌ وأصدقاءٌ وأعوانٌ وأنصارٌ، يُوالِيهم بحسبِ قربِهِم منهُ وعونِهِم لهُ، وأعظمُ ولايةٍ وعونٍ ونصرةٍ، وأشدُّهَا وثاقًا، وأكثرُهَا نفعًا، وأقواهَا وأمتنُهَا وأبقاهَا ولايةُ اللهِ تعالَى للعبدِ؛ لأنَّها ولايةٌ مِن الخالقِ المحيطِ بكلِّ شيءٍ علمًا، القديرِ على كلِّ شيءٍ، الذي لا يخفَى عليه شيءٌ، ولا يعجزُهُ شيءٌ، فكانتْ ولايتُهُ للعبدِ أنفعَ للعبدِ من أيِّ شيءٍ، فتغنِي ولايتُهُ سبحانَهُ عن كلِّ ولايةٍ، ولا يغنِي عن ولايتِه عزّ وجلّ ولايةٌ: { وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا }. [النساء: 45] ؛ وقالَ سبحانَهُ وتعالَى: { قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ }. [الأنعام: 14].
    فاللهُ هو الوليُّ المتولِّي لأمورِ خلقِه، القائمُ على تدبيرِ ملكِه، الذي يمسكُ السماءَ أنْ تقعَ على الأرضِ إلّا بإذنِه، كما قالَ سبحانَهُ: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}. [الحج:65].

    وولايةُ اللهِ تعالَى لعبادِهِ تنقسمُ إلى قسمين: عامةٍ وخاصةٍ، فالولايةُ العامةُ تعمُّ جميعَ الخلقِ، مؤمنَهُم وكافرَهُم، فهو سبحانَهُ وليُّهُم: خلقَهُم ورزقَهُم، وهداهُم لعيشِهِم وحفظِ حياتِهِم، فهي ولايةٌ للخلقِ بِمَا يُصلحُهُم في حياتِهِم الدنيا، مِن معيشةٍ ورزقٍ وعلمٍ وإحاطةٍ لكلِّ مَن يدبُّ على هذه الأرضِ، قالَ تعالى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}. (هود: 6). وفي محاجةِ موسَى عليهِ السلامُ لفرعونَ في تعريفِهِ باللهِ تعالَى قالَ مُوسَى: { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }. [طه: 50]. وفي إثباتِ ولايةِ اللهِ تعالَى لكلِّ الخلقِ مؤمنِهِم وكافرِهِم قولُ اللهِ تعالَى :{ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ }. [الأنعام: 62]. وقالَ سبحانَهُ في خصوصِ الكفارِ: { وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ }. [يونس: 30].

    وأمّا الولايةُ الخاصةُ فهي خاصةٌ بأهلِ الإيمانِ فقط، فهي ولايةُ اللهِ تعالى لِمَن رضيَ بهِ سبحانَهُ ربًّا، وبرسولِه نبيًّا، وبالإسلامِ دينًا؛ فهي ولايةٌ ينالُهَا العبدُ بالإيمانِ، وتقوَى ولايةُ اللهِ تعالى لهُ بقوةِ إيمانِهِ، وكثرةِ أعمالِهِ الصالحةِ، وفي هذه الولايةِ الخاصةِ يقولُ اللهُ تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}. [البقرة: 257] وفي آيةٍ أُخرى: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}. [آل عمران: 68] وفي ثالثةٍ: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}. [الجاثية: 19].
    وقد بلغَ أنبياءُ اللهِ ورسلُهُ عليهم الصلاةُ والسلامُ المنزلةَ والدرجةَ الرفيعةَ العاليةَ مِن هذه الولايةِ الخاصةِ، فهذا الخليلُ إبراهيمُ عليهِ السلامُ يُلقَى في النارِ فيتولَّاهُ اللهُ ويُسلبُ منها صفةُ الإحراقِ: { قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}. (الأنبياء: 69). وهذا كليمُ اللهِ مُوسَى عليهِ السلامُ يتولَّاهُ اللهُ بعنايتِه منذُ صغرِه: { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}. (طه: 39)؛ وفي مطاردةِ فرعونَ لهُ حيثُ البحرُ أمامَهُ والعدوُّ خلفَهُ يتولَّاهُ اللهُ وينجِيه ويهلكَ فرعونَ وجنودَهُ غرقًا. قالَ تعالى: { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ}.( الشعراء: 61 – 66).

    وهذا نبيُّنَا ﷺ ونفسُ المطاردةِ مِن قريشٍ، يتولَّاهُ اللهُ وصاحبَهُ في الغارِ، قالَ تعالى: { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }. (التوبة: 40).
    وهكذا كانت الولايةُ الخاصةُ للأنبياءِ والمرسلين، ومَن سارَ على دربِهِم مِن المؤمنين والصالحين .

    ثانيًا: وسائلُ الفوزِ بولايةِ اللهِ تعالى.

    إنَّ ولايةَ اللهِ الخاصةَ بعبادِه المؤمنين مِن أعظمِ المنازلِ وأرفعِهَا، وحتى يحظَى العبدُ بولايةِ اللهِ الخاصةِ هناك عدةُ وسائلٍ للفوزِ بهذه الولايةِ الخاصةِ، ومِن أهمِّ هذه الوسائلِ:
    ملازمةُ الطاعةِ والعبوديةِ للهِ تعالى: فالتقربُ إلى اللهِ بالعبادةِ والطاعةِ مِن أهمِّ لوازمِ اكتسابِ ولايةِ اللهِ الخاصةِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ”.( البخاري).
     يقولُ الإمامُ ابنُ القيمِ رحمَه اللهُ:” مَن أرادَ السعادةَ الأبديةَ فليلازمْ عتبةَ العبوديةِ، ولا تُنالَ الولايةُ إلّا بطاعةِ اللهِ”.
    وبهذه العبوديةِ وصلَ رسولُ اللهِ ﷺ إلى مكانٍ لم يصلْ إليهِ ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ، بل كان رسولُ اللهِ يجتهدُ أنْ يصلَ إلى هذه العبوديةِ الحقةِ بقيامِ الليلِ حتى تورّمَت أقدامُهُ، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَصْنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». (متفق عليه) .

    ومنها: إخلاصُ العملِ للهِ: أي إفرادُ اللهِ بالنسكِ والطاعةِ، قالَ تعالى:{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. (الأنعام: 162؛ 163).
     فالذي يشركُ مع اللهِ في العبادةِ ليس يُوالِي اللهَ عزَّ وجلَّ مُطلقًا، إذ كيف يشركُ معهُ وهو يُوالِيه.
    ومنها: ملازمةُ الإيمانِ والتقوَى: لأنَّ الإيمانَ والتقوَى مِن أهمِّ الوسائلِ لنيلِ ولايةِ اللهِ تعالَى الخاصةِ. قالَ تعالى: { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }. [يونس: 62 ؛ 63].
    يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ رحمه اللهُ في تفسيرِه لهذه الآيةِ: ” إنَّ كلَّ عبدٍ كان تقيًّا فإنّهُ وليٌّ للهِ تعالى، كمَا أنَّ أولياءَ اللهِ لا يخافونَ مِن أهوالِ وأحداثِ يومِ القيامةِ، ولا يحزنونَ على الحياةِ الدنيا”. أهـ
    وهذه الولايةُ ينالُهَا المؤمنُ بإيمانِه، ويُحرمُ منها الكافرُ بكفرِه، والمنافقُ بنفاقِه، قالَ تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}. [محمد:11]. فإذا نقصَ إيمانُ المؤمنِ وضعفَ كان حظُّهُ مِن ولايةِ اللهِ تعالَى لهٌ الخاصةِ بقدرِ حظِّهِ مِن الإيمانِ، ولذا كانت الطاعاتُ تقودُ إلى مزيدٍ مِن الطاعاتِ، كمَا كانتْ المعاصِي تقودُ إلى مزيدٍ مِن المعاصِي؛ لأنَّ الطائعَ لمَّا زادَ إيمانُه بالطاعةِ ازدادَ استحقاقُه لولايةِ اللهِ تعالى بطاعتِه فسددَهُ اللهُ تعالَى ووفقَهُ، فترقَّى في الطاعاتِ. والعاصِي لمَّا نقصَ إيمانُه بمعصيتِه نقصتْ ولايةُ اللهِ تعالَى لهُ، فسهلَ على الشيطانِ أنْ يجرَّهُ إلى معاصٍ أُخرَى؛ ولذا قال اللهُ تعالى مُخبرًا عن الشيطانِ: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}. [النحل: 98 – 100] ؛ فجعلَ سبحانَهُ سلطانَ الشيطانِ على الذين يتولونَهُ، كمَا قال سبحانَهُ في آيةٍ أُخرًى: {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}. [الأعراف: 27]، ولم يجعلْ لهُ سلطانًا على مَن يتولونَ اللهَ تعالى، فهم قد عصمُوا منهُ بولايةِ اللهِ لهُم.

    ومنها: إقامةُ الصلاةِ وإيتاءُ الزكاةِ: ولا سيّمَا وأنهمَا مِن أركانِ الإسلامِ الرئيسةِ. قال تعالى: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}.( المائدة: 55).
    ومنها: فعلُ الصلاحِ : فأهلُ الصلاحِ والإصلاحِ هم أولياءُ اللهِ، قالَ تعالَى: { إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ }. [الأعراف: 196]، أمّا أهلُ الفسادِ والتخريبِ والتدميرِ فهُم أولياءُ الشيطانِ.
    ومنها: القيامُ بحقوقِ اللهِ تعالى: فمَن قامَ بحقوقِ اللَّهِ تعالى عليهِ فإنَّ اللَّهَ تعالى يتكفلُ له بالقيامِ بجميعِ مصالحِهِ في الدنيا والآخرةِ، ومَن أرادَ أنْ يتولَّاهُ اللهُ تعالى ويتولَّى حفظَهُ ورعايتَهُ في أمورِهِ كلِّها فليراعِ حقوقَ اللَّهِ تعالَى عليهِ، يقولُ بعضُ الزهادِ لِمَن طلبَ منه الوصيةَ: «كما تحبُّ أنْ يكونَ اللَّهُ لكَ فهكذَا كنْ للَّهِ عزّ وجلّ».
    وهذا يدلُّ على أنَّه على قدرِ اهتمامِ العبدِ بحقوقِ اللَّهِ تعالى واعتنائِه بذلكَ وحفظهِ لهُ، يكونُ اعتناءُ اللهِ تعالَى بهِ وحفظُهُ لهُ، ويكونُ وليًّا له، كما قالَ تعالَى: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }. [البقرة: 152] وقال: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ }. [البقرة: 40]؛ وقال تعالى: { إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }. (محمد: 7).
    ومنها: الدعاءُ: وذلك بأنْ يُكثرَ مِن الدعاءِ في الأوقاتِ والأحوالِ الشريفةِ أنْ يتولَّاهُ اللهُ تعالَى بحفظِه ورعايتِه وفضلِه وكرمِه وجودِه وعفوِه ومغفرتِه؛ وكان النبيُّ ﷺ دائمًا يدعُو ربَّهُ ويقولُ: ” اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا”؛ (مسلم في صحيحه).
    وما أكثرَ قولَ الصالحين: يا مولَانا تولَّانا .


    ثالثًا: ثمراتُ وفوائدُ ولايةِ اللهِ تعالى

    إنَّ ولايةَ اللهِ الخاصةَ بعبادِه الصالحين لها ثمراتٌ وفوائدُ عديدةٌ تعودُ على أصحابِهَا، ومِن هذه الثمراتِ:
    الطمأنينةُ والأمنُ والبُشرَى في الدنيا والآخرةِ: قالَ تعالى: { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }. [يونس: 62 – 64]. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ، قِيلَ: مَنْ هُمْ؟ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ، قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِنُورِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ وَلَا أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِنْ خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِنْ حَزِنَ النَّاسُ، ثُمَّ قَرَأَ { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }. [يونس: 62]» (صححه ابن حبان).

    وهذا تحقيقٌ بأنَّ أولياءَ اللهِ مُتنعِّمونَ في قُربِهِم مِن ربِّهم -سبحانه- في الدنيا قبلَ الآخرةِ، وقد قال العُلماءُ في معنى (لهمُ البُشرى): إنَّهم يُبَشَّرونَ بالقبولِ في الدنيا، وذلك في الثناءِ الحَسنِ مِن الناسِ عليهم، وعلى الرغمِ مِن أنَّ التقيَّ المُخلصَ للهِ تعالى لا يُحبُّ سماعَ الثناءِ مِن الناسِ، ولا ينتظرُ شُكرَ عملِه إلّا مِن اللهِ تعالى، إلّا أنَّ اللهَ تعالى يجعلُ في قلوبِ مَن حولَهُ الحُبَّ والرضَا عنه، فيمدحُونَه ويذكرونَهُ بالخيرِ؛ لأنَّهم ما وجدُوا منه سوى ذلك، فما أحوجَ أهلَ الإيمانِ إلى ولايتِهِ وعونِه وحفظِه حتى يسعدُوا في دنياهُم، ويسلمَ لهم دينُهُم، ويفوزُوا في آخرتِهم.
    ومنها: النصرُ والغلبةُ: فقد وعدَ اللهُ أولياءَهُ بالنصرِ والعزةِ والغلبةِ والتمكينِ، قالَ تعالى: {  وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }. [المائدة: 55- 56].
    ومنها: الفلاحُ والفوزُ بالجنةِ: فأولياءُ اللهِ هم حزبُ اللهِ، فازوا بالفلاحِ في الدنيا، والفوزِ بالجنةِ في الآخرةِ، قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. (الممتحنة: 22).
    ومنها: الفوزُ برحمةِ اللهِ تعالى في الآخرةِ: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، قَسَمَ رَحْمَةً بَيْنَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَسِعَتْهُمْ إِلَى آجَالِهِمْ وَأَخَّرَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً لِأَوْلِيَائِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَابِضٌ تِلْكَ الرَّحْمَةَ الَّتِي قَسَمَهَا بَيْنَ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَى التِّسْعِ وَالتِّسْعِينَ فَيُكْمِلُهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ لِأَوْلِيَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».(أحمد والحاكم وصححه).
    فكونُوا مع اللهِ بالطاعةِ والتقوى والإيمانِ، يكن اللهُ معكم بولايتِه وحفظِه ورعايتِه، فتفوزوا بسعادةِ العاجلِ والآجلِ.
    نسألُ اللهَ أنْ  يتولانا برحمتِه وحفظِه وعنايتِه وسترِه في الدنيا والآخرةِ، وأنْ يحفظَ مصرنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ .
        الدعاء،،،،،،،               وأقم الصلاة،،،،،                    

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 12:53 pm