الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضلُ الاستغفارِ بتاريخ: 26 ذو الحجة 1444هـ – 14 يوليو

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضلُ الاستغفارِ بتاريخ: 26 ذو الحجة 1444هـ – 14 يوليو Empty خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضلُ الاستغفارِ بتاريخ: 26 ذو الحجة 1444هـ – 14 يوليو

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الأحد يوليو 09, 2023 4:06 am

    خطبة الجمعة القادمة بعنوان
    : فضلُ الاستغفارِ
    بتاريخ: 26 ذو الحجة 1444هـ – 14 يوليو
    أولًا: فضلُ الاستغفارِ والحثُّ عليه.
    ثانيًا: أوقاتُ ومواطنُ الاستغفارٍ.
    ثالثًا: ثمراتُ الاستغفارِ وفوائدِهُ.
     
    المـــوضــــــــــوع
    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

    أولًا: فضلُ الاستغفارِ والحثُّ عليه.

    لقد حثَّ اللهُ عبادَهُ على الاستغفارِ والتوبةِ في كثيرٍ مِن آيِ الذكرِ الحكيمِ، فقالَ تعالى: { وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [البقرة: 199]، وقال تعالى: { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ }. [هود: 3]، وقال جلّ شأنهُ: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ}.[فصلت: 6]. ومدحَ اللهُ أهلَ الاستغفارِ وأثنَي عليهم في قولهِ تعالى: { الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}. [آل عمران: 17]، وقولِه تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [آل عمران: 135]، وقولِه تعالى: { وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }.[الذاريات: 18].
    وقالَ تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا }. [النساء: 110].

    إنّ الخطأَ والنسيانَ واردٌ مِن الإنسانِ، بل هو فطرةٌ خُلِقَ عليهَا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ». (مسلم).
    وهذا إبراهيمُ بنُ أدهم يدعُو في طوافِه: اللهُمّ اعصمنِي مِن المعاصِي حتى لا أعصيكَ أبدًا، فقِيلَ له في المنامِ: أنت تسألُنِي العصمةَ، وكلُّ عبادِي يسألُونِي العصمةَ، فإذا عصمتُكُم مِن الذنوبِ فعلَى مَن أتفضلُ ولمَن أغفرُ؟!
    ومِن المعلومِ أنّ الإنسانَ كثيرُ الكلامِ، وكلّمَا كثرَ كلامُه كثرَ لغطُه، فينبغِي عليهِ أنْ يُكثرَ مِن الاستغفارِ والتوبةِ في كلِّ وقتٍ وحينٍ، فقد يقعُ في لغوِ الكلامِ وباطلِه وخبيثِه دونَ أنْ يشعرَ أو يلقِي له بالًا، وهذا حبيبُكُم ﷺ يستغفرُ ربَّه في اليومِ أكثرَ مِن سبعينَ مرةً، وقد غُفِرَ لهُ ذنبهُ المتقدمُ منه والمتأخرُ!! ونحن أكلتنَا الذنوبُ ولم نستغفرْ اللهَ بالمرةِ، يقولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً” (البخاري)، وفي رواية مسلمٍ مائة مرةٍ، فعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ”.

    وقد امتثلَ الصحابةُ لأمرِ اللهِ وأمرِ رسولِهِ ﷺ في المداومةِ على الاستغفارِ، فعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ: ” قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ” (متفق عليه). ويقول أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ دِيَتِي؛  وَكَانَ يَقُولُ لِغِلْمَانِ الْكُتَّابِ: قُولُوا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، فَيُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِمْ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا “.(جامع العلوم والحكم).
    بل مِن كرمِ اللهِ على عبادِه أنّ العبدَ إذا فعلَ سيئةً لم يكتبْهَا ملكُ السيئاتِ، بل يصبرُ عليه ستَ ساعاتٍ لعلَّهُ يستغفرُ اللهَ !! فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ:” إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً”. (مجمع الزوائد).
    يقولُ الأحنفُ بنُ قيسٍ: ” صاحبُ اليمينِ يكتبُ الخيرَ، وهو أميرٌ على صاحبِ الشمالِ، فإنْ أصابَ العبدُ خطيئةً قال له: أمسكْ، فإنْ استغفرَ اللهَ تعالى نهاهُ أنْ يكتبَهَا، وإنْ أبَى كتبَهَا.” (رواه ابن أبي حاتم).


    ثانيًا: أوقاتُ ومواطنُ الاستغفارِ.

    الاستغفارُ والتوبةُ مشـروعانِ في كلِّ وقتٍ وحينٍ، فعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» (مسلم). إلّا أنّ هناك أوقاتٌ ومواطنُ أبلغُ في الإجابةِ وأقربُ إليهَا، ومِن هذه الأوقاتِ والمواطنِ:
    عقبَ الذنبِ: وهو مِن آكدِ المواضعِ، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ }. [آل عمران: 135]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا }. [النساء: 110].

    ومنها: عقبَ الطاعاتِ: لأنّ الإنسانَ قد يقصرُ في الطاعةِ، ويأتي الاستغفارُ يجبرُ ما حدثَ فيها مِن خللٍ أو تقصيرٍ، فعَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ: “اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ”.(مسلم). ويأمرُ اللهُ عبادَهُ بالاستغفارِ بعدَ الفراغِ مِن الحجِّ، فقال تعالى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [البقرة: 199].
    وكان ﷺ يختمُ مجالَسَهُ بالاستغفارِ، فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: كَانَ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ يَقُولُ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلًا مَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِيمَا مَضَى، فَقَالَ: «كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ فِي الْمَجْلِسِ»(أبو داود بسند صحيح).
    ومنها: وقتُ السَّحرِ والثلثُ الأخيرُ: قال تعالى: { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ }. [آل عمران: 17]، وقال: { وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }. [الذاريات: 18]. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: ” َإِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ، أَوْ نِصْفُ اللَّيْلِ، نَزَلَ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَقَالَ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَهُ؟ “. (أحمد بسند صحيح).
    وروي أنّ أحدَ الصالحين كان يقومُ فزعًا في الثلثِ الأخيرِ مِن الليلِ ويجرِي في وسطِ دارِه؛ ويرفعُ يدَهُ قائلًا: أنَا يا ربّ؛ أنَا يا ربّ! فقالتْ له زوجُه: مالكَ يا أبا فلان؟ فقال: تخيلتُ أنّ اللهَ عزّ وجلّ ينادِي ويقولُ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِر لهَ؟! فقلتُ: أنَا يا ربّ، أنَا يا ربّ!!

    ومنها: عندَ التقلُّبِ على الفراشِ ليلًا: فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ “.(البخاري).
    ومنها: عندَ القيامِ مِن الليلِ للتهجُّدِ: فقد كانَ ﷺ إذا قامَ مِن الليلِ يتهجَّدُ ويستغفرُ قال:” ربِّ اغفرْ لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْـرَرْتُ وما أعلنْتُ، أنت المقدمُ وأنت المؤخرُ، لا إلهَ إلّا أنت”.(متفق عليه).
    ومنها: عندَ دفنِ الميت.ك: فقد كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ».( البيهقي والحاكم وصححه).
    وهناكَ مواضعُ ومواطنُ كثيرةٌ يُستحبُّ الاكثارُ فيها مِن الاستغفارِ لا يتسعُ المقامُ لذكرِهَا .

    ثالثًا: ثمراتُ الاستغفارِ وفوائدُهُ.

    إنّ للاستغفارِ ثمراتٍ جليلةً وفوائدَ عديدةً منها:
     مغفرةُ السيئاتِ ورفعُ الدرجاتِ: قالَ اللهُ سبحانَه وتعالى: { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا } [النساء: 110]، وقال تعالى في الحديثِ القدسِي: ” يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ”.(مسلم). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:” إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ “.(ابن ماجة بسند حسن).
    ومنها: أنّ الاستغفارَ سببٌ لجلبِ الرزقِ وسعتِه والإمدادِ بالأموالِ والبنين: فقد جاءَ رجلٌ إلى الحسنِ البصرِيِّ فقالَ له : إنّ السماءَ لم تمطرْ !! فقال له الحسنُ البصري: استغفرْ اللهَ. ثم جاءَ رجلٌ آخر فقالَ له : اشكوا الفقرَ!! فقالَ له الحسنُ البصريُّ: استغفرْ اللهَ. ثم جاءَ ثالثٌ فقال له: امرأتِي عاقرٌ لا تلدُ!! فقالَ له الحسنُ البصريُّ: استغفرْ اللهَ. ثم جاءَ رابعٌ، فقالَ له أجدبتْ الأرضُ فلم تنبت !! فقال له الحسنُ البصريُّ: استغفرْ اللهَ. فقال الحاضرون للحسنِ البصريِّ: عجبنَا لك أو كلما جاءَك شاكٍ قلتَ لهُ استغفرْ اللهَ؟! فقال لهم الحسنُ البصريُّ ما قلتُ شيءً مِن عندِي وقرأَ قولَهُ تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (نوح 10- 12 ).

    ومنها: أنّ الاستغفارَ سببٌ لجلاءِ القلبِ وبياضِه وصفائِه ونقائِه: فالذنوبُ تتركُ آثارًا سيئةً وسوادًا على القلبِ، والاستغفارُ يمحُو الذنبَ وأثرَهُ، ويزيلُ ما علقَ بالقلبِ مِن سوادٍ، وما قد رَانَ عليه مِن ذنوبٍ ومعاصٍ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ” إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ؛ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ؛ وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ؛{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } (الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح ).
    ويقولُ أيضًا ﷺ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ، فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ». (مسلم).
    فاعلمْ أنّ قلبكَ مُسودٌّ مِن كثرةِ المعاصِي؛ لأنّ كلَّ ذنبٍ ارتكبتَهُ، نكتَ نكتةً سوداءَ في القلبِ حتى اسودَّ وأظلمَ وعلاهُ الران، فعليكَ أنْ تغسلَ قلبَكَ وتطهرَهُ مِمّا علقَ بهِ مِن سوادٍ ورانٍ.
    ومنها: أنّ الاستغفارَ سببُ قوةِ البدنِ وسعةِ الرزقِ ومحبةِ اللهِ والخلقِ ونورِ القلبِ:
     فالقوةُ كما قالَ تعالى على لسانِ هودٍ عليه السلامُ لقومِه: { وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ } [هود: 52]. ومحبةُ اللهِ كما قالَ تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }. [البقرة: 222].
    وما أجملَ كلامَ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ الذي يجمعُ هذه الثمراتِ كلَّهَا في قولِه:” إنّ للحسنةِ ضياءً في الوجهِ، ونورًا في القلبِ، وسعةً في الرزقِ، وقوةً في البدنِ، ومحبةً في قلوبِ الخلقِ، وإنّ للسيئةِ سوادًا في الوجهِ، وظلمةً في القبرِ والقلبِ، ووهنًا في البدنِ، ونقصًا في الرزقِ، وبغضةً في قلوبِ الخلقِ.” (الداء والدواء لابن القيم).
    ومنها: أنّ الاستغفارَ سببٌ في تفريجِ الهمومِ: فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ ﷺ: «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ». (أبو داود، وابن ماجة).
    ومنها: أنّ الاستغفارَ سببُ الفوزِ بالجنةِ: فعن شَدَّاد بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: “سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ». (البخاري) .

    ومنها: أنّ الاستغفارَ عصمةٌ ووقايةٌ مِن العذابِ: قالَ تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.(التوبة: 33). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «كَانَ فِيهِمْ أَمَانَانَ: النَّبِيُّ ﷺ وَالِاسْتِغْفَارُ فَذَهَبَ النَّبِيُّ ﷺ وَبَقِيَ الِاسْتِغْفَار» (تفسير الطبري) .
    فعليكُم بدوامِ الاستغفارِ لتفوزُوا بالعاجلِ والآجلِ، يقولٌ ﷺ: “طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا” .(ابنِ ماجةَ بسندٍ صحيحٍ)، وعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ تَسُرَّهُ صَحِيفَتُهُ، فَلْيُكْثِرْ فِيهَا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ». ( الطبراني والبيهقي).
    نسألُ اللهَ أنْ  يجعلنَا مِن التائبين العابدين الذاكرين المستغفرين بالأسحار ؛؛؛
        الدعاء،،،،،،،             وأقم الصلاة،،،،،                     

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 3:39 am