الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    ((السلام مع النفس والكون، ومظاهر ذلك)) الجمعة 10 من ربيع الأخر 1444هـ الموافق 4 من نوفمبر 2022م

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2683
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    ((السلام مع النفس والكون، ومظاهر ذلك)) الجمعة 10 من ربيع الأخر 1444هـ الموافق 4 من نوفمبر 2022م Empty ((السلام مع النفس والكون، ومظاهر ذلك)) الجمعة 10 من ربيع الأخر 1444هـ الموافق 4 من نوفمبر 2022م

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء نوفمبر 01, 2022 10:30 am

    ((السلام مع النفس والكون، ومظاهر ذلك))
    الجمعة 10 من ربيع الأخر 1444هـ الموافق 4 من نوفمبر 2022م
    ===========================================
    أولا: العناصر:
    1. تعريف السلام، وبيان ماهيته، ومكانته، ودوائر تحقيقه.
    2. السلام مع النفس، تحقيقه، ومظاهره.
    3. السلام مع الكون، تحقيقه، وصوره.
    4. الخطبة الثانية: (خطوات بناء السلام النفسي والمجتمعي).
    ===========================================
    ثانيا: الموضوع:
    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، وأتباعه وأحبابه، وجميع إخوانه، وبعد:
    ===============================
    (1) ((تعريف السلام، وبيان ماهيته، ومكانته، ودوائر تحقيقه))
    ===============================
    أيها الأحبة الكرام فمما تميزت به شريعتنا الإسلامية الغراء؛ أنها دعت إلي السلام النفسي، والكوني، وأرست قواعدَه ضمن جملة من التشريعات والأحكام لا يعرف لها مثيل في الرسالات السماوية السابقة.
    =====
    والسلام في اللغة العربية: مصدرٌ مأخوذٌ من السلامة، التي تعني الحفظ من الآفات والعيوب، والنقائص، والتخلص من المكائد والمصائب، والهموم والأحزان...الخ، فهو شاملٌ لكل معاني السلامة، والأمن والطمأنينة على النفس، والدين، والمال، والأرض، والعرض.
    =====
    والمراد بالسلام في شريعتنا الإسلامية الغراء: البراءة من العيوب والآفات والنقائص الظاهرة والباطنة، بمعنى أن لا يتصف الإنسان بالإيذاء والمعاداة لأحد بدون وجه حق، وكأن المسلم حينما يسلّم على أخيه الإنسان عمومًا ـ يعلمه بأنه سالم منه وأن لا خوف عليه منه.
    وقيل: السلام أن يقول الإنسان قولًا سديدًا لا لغو فيه ولا شطط، ومنه، قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}[الفرقان:63].
    =====
    والسلام: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: المخلص لعباده عمومًا، ولأوليائه خصوصًا من الشدائد، والمكاره، وغيرها من الأزمات والضيق والكربات. وقيل: معناه: السالم ذاته عن العيب، وصفاته عن النّقص، وأفعاله عن الشرّ، والسالم من الهلاك والفناء، قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الحشر:23].
    =====
    والسلام هو تحية المسلمين فيما بينهم، وهو شعارهم في الحياة، من لدن أبينا آدم (عليه السلام) إلى يومنا هذا، قال (صلى الله عليه وسلم): (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ، النَّفَرِ مِنَ المَلاَئِكَةِ، جُلُوسٌ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ)(متفق عليه).
    =====
    والسلام اسم من أسماء الجنة؛ لأن السّلامة الحقيقيّة لا تكون إلّا في الجنة، إذ فيها بقاءٌ بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعزّ بلا ذلّ، وصحّة بلا سقم، قال تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:127]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[يونس:25]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لَا يَبْأَسُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ)(رواه مسلم).
    =====
    والسلام هو تحية أهل الجنة، فيما بينهم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ*دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[يونس:10،9].
    =====
    وتحقيق السلام يبدأ من دائرة صغيرة: هي دائرة النفس، وهو ما يعرف بالسلام النفسي (التصالح مع النفس)، الذي هو الأساس في كل أنواع السلام بعد ذلك، ثم يمتد هذا السلام ويتسع ليصبح سلامًا أسريًا (أسرة متفاهمة متعاونة)، ثم يمتد ويتسع ليصبح سلامًا مجتمعيًا (مجتمعٌ يحافظ على العلاقات الصحية بين أفراده، وعائلاته، وطوائفه)، ثم يمتد ويتسع ليصبح سلامًا وطنيًا (وطنٌ يتمتع فيه الجميع بحقوقه، ويؤدي ما عليه من واجبات)، ثم يمتد هذا السلام ويتسع ليصبح سلامًا عالميًا بين جميع دول العالم، ثم يمتد ويتسع ليصبح سلامًا كونيًا (حقوق البيئة علينا)، بالحدّ من الممارسات التي تضر بالمظاهر الكونية والبيئة، كالتسبب في خرق طبقة الأوزون، التي تجلب على البشرية والكون أخطارًا عديدة كزيادة حرارة الأرض، وبالتالي ذوبان الجليد، فارتفاع مناسيب البحار والمحيطات، فغرق واختفاء العديد من الجزر والأراضي...الخ، وتعالوا بنا لننظر في تلك الدوائر، وبعض ما يحقق السلام فيها، ولنبدأ مع السلام النفسي، وتحقيقه.
    ========================
    (2) ((السلام مع النفس، تحقيقه، ومظاهره))
    ========================
    السلام مع النفس يبدأ أولًا: بالبحث بكل أمانة وصدق وإخلاص عن الحقيقة المطلقة في هذا الكون، وهي الحق تبارك وتعالى في عليائه واستوائه على عرشه في أرضه وسمائه، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد:19]، ثم قبول تلك الحقيقة والاعتراف بها، والإذعان لها داخليًا في قرارة نفسك، ولذا عاب الحق تبارك وتعالى على الفرعون وشيعته بعد أن أراهم موسى (عليه السلام) الآيات الدالة على وجود الله، فقال: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}[النمل:14]، ثم إظهار تلك الحقيقة خارجيًا بإعلان التوحيد والإيمان بالله الواحد القهار، والامتثال له قولًا وفعلًا، غير مبالٍ بما يحدث لك من جراء ذلك، وهذا ما كان من السابقين إلى الإيمان في كل الرسالات السماوية، وعلى رأسهم الأنبياء والمرسلون.
    وخير مثال على ذلك ما كان من أبي الأنبياء إبراهيم الخليل (عليه السلام)، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ*وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ*فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ*فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ*فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ*إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ*وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ*وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام:74ـ82].
    ======
    وتأملوا في مظاهر السلام النفسي في تلك الآية المباركة، (أولها): عدم خوف إبراهيم (عليه السلام) من آلهتهم، فقد كانوا يخوفونه بالأصنام، ويقولون له: احذر الأصنام؛ فإنا نخاف عليك الخبل والجنون، فكان يردّ عليهم قائلًا: {وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}.
    (ثانيها): إلزامهم الحجة وإفحامهم بإلزامهم ما يريدون إلزامه به، فقال لهم: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا}، وكأنه يقول لهم: أنتم أحق بالخوف مني حيث أشركتم بالله (عزّ وجلّ)، ما لم ينزل به عليكم حجة وسلطانا، من عبادة الأصنام والأوثان التي لا تنفع ولا تضر.
    (ثالثها): شعوره (عليه السلام) بالأمن والطمأنينة، حيث قال لهم: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}، أي: الموحدون العابدون لله أحق بالأمن أم أنتم أيها المشركون، وبعض المفسرين يقول: إن قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} من ردّ الحق تبارك وتعالى وتقريره على تساؤل إبراهيم (عليه السلام).
    إن شعور الفرد بالأمن، والطمأنينة، والهدوء النفسي حتى في أشد الظروف، وأحلك الأزمات: هو أعظم صور ومظاهر السلام النفسي، هذا السلام النابع من الإيمان بالله (عزّ وجلّ)، وقد قرر القرآن الكريم ذلك، فقال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا*إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا*وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا*إِلَّا الْمُصَلِّينَ}[المعارج:19ـ22]، (إِلَّا الْمُصَلِّينَ): إلا المؤمنين، عبر عن الإيمان بالصلاة، كما عبر عن الصلاة بالإيمان، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[البقرة:143]، وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:28]، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الفتح:4].
    إن في انعدام الإيمان بالله (عزّ وجلّ) انعدامٌ وغياب للسلام النفسي، ولذا كثرت في المجتمعات الملحدة (التي لا تدين بدين، ولا تؤمن بوجود إله)، والأفراد الملحدين الأمراض النفسية الفتاكة كالاكتئاب والانطواء والانتحار... الخ.
    =====
    ومن أعظم صور ومظاهر السلام النفسي، الثقة في موعود الله (عزّ وجلّ)، واليقين فيه، والاعتماد والتوكل عليه وحده، انظروا إلى السيدة هاجر المصرية، وقد تركها إبراهيم (عليه السلام) ورضيعها إسماعيل (عليه السلام) في صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء (وهذا أدعى للخوف والاضطراب النفسي)، فتناديه قائلة: (يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟). تقول له ذلك مرارًا، وهو لا يلتفت إليها، فتقول له ثانية: (آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟). فيقول: (نَعَمْ). فتردُّ بكل ثقة ويقين في الله واعتماد وتوكل عليه ينبئ عن سلام نفسي: (إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا)(رواه البخاري).
    =====
    ومن أعظم صور ومظاهر السلام النفسي، الطهارة المعنوية، وإراحة النفس من نيران الحقد، والحسد، والضغينة، والكراهية، والبغضاء، وغيرها من الأمراض القلبية، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) محذرًا من الأمراض القلبية: (دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ)(رواه الترمذي)، وصدق الخليفة ليوم واحد حينما قال:
    اصبِرْ على مضض الحسود.......فإن صبرَك قاتلُـهْ
    فالنارُ تأكلُ نفسَها.......إن لم تجدْ ما تأكلُهْ
    =====
    فالسلام النفسي (التصالح مع النفس) حالةٌ من ارتياح الضمير، واستقرار النفس واطمئنانها، وعدم المبالاة بما يحدث لها بعد الوصول إلى الحقيقة المطلقة، وهي الإيمان بالله (عزّ وجلّ)، والامتثال له قولًا وفعلًا (القيام بحق الله علينا).
    هذا السلام النفسي كما ذكرت آنفًا هو الأساس لكل أنواع السلام بعد ذلك، فاستقرار الفرد، واطمئنان نفسه، وارتياح ضميره...الخ يعود بالنتيجة الحسنة في تعامله مع مجتمعه ككل مع (أهله، زوجه، جيرانه، زملائه، رئيسه، مرؤوسيه...الخ)، وهذا ما يعرف بالسلام الكوني.
    =======================
    (3) ((السلام مع الكون، تحقيقه، ومظاهره))
    فالسلام الكوني بعبارة بسيطة: انسجام المرء مع من حوله، أو على الأقل كف الأذى والشرّ والاعتداء على الأخرين، وطمأنتهم على أنفسهم، وأرواحهم، وأموالهم، وأعراضهم، ودينهم، وعلى كل شيء يتعلق بهم، وهو يتسع ويمتد حتى يشمل المسالمة للبيئة والكون؛ بعدم الإفساد فيهما، والإضرار بهما، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41]، هذا السلام الكوني له صورٌ ومظاهر عديدة، ومتشعبة، وله دوائر متعددة، بعضها قلبي، وبعضها قولي، وبعضها فعلي، كما أن منه ما هو مجتمعي، ومنه ما هو عالمي:
    =====
    ومن أعظم صور ومظاهر السلام الكوني، إفشاء السلام قولا: أي: الإكثار من التسليم، والتحية باللسان، فقد أمرنا (صلى الله عليه وسلم) بإلقاء السلام على من عرفنا، وعلى من لم نعرف، وجعل ذلك من خير الخصال التي يتحلى بها الإنسان في الإسلام، فقد سأل رجلٌ النبي (صلى الله عليه وسلم): أي الإسلام خير؟. فقال: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ)(متفق عليه)، وقال (صلى الله عليه وسلم) أيضًا: (...وَالدَّرَجَاتُ إِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)(رواه الترمذي)، كما جعل النبي (صلى الله عليه وسلم) إلقاء السلام أحد الأعمال الموصلة للجنة وكفى بذلك حثا على إفشاء السلام، فقال(صلى الله عليه وسلم): (اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ) (رواه الترمذي). ألا فليحرص المؤمن علي إفشاء السلام قولا حتى ينال هذا الثواب والأجر العظيم.
    =====
    ومن أعظم صور ومظاهر السلام الكوني، إفشاء السلام عمليا: أي: تطبيقه واقعًا حسّيّا ملموسًا على أرض الواقع، وذلك لا يتأتى إلا بإشاعة الأمن والطمأنينة في المجتمعات، والبلدان، والأوطان، وذلك بالمحافظة على الأوطان، والأرواح، والأموال، والأعراض، وعدم الإيذاء بدون تفرقة بين المسلم وغيره، وهو ما تحدثنا عنه مرارًا وتكرارًا عند الحديث عن الكليات الخمس، بما يغني عن إعادته هنا.
    =====
    ومن أعظم صور ومظاهر السلام الكوني، إفشاء السلام عالميا: وذلك بالقضاء على أسباب الصراعات، والحروب الدموية التي تنشب بين الشعوب والدول، بل والقارات، وتحقيق الأمن والطمأنينة، والسلامة لكافة الشعوب، والبلدان، واحترام الإنسان لأخيه الإنسان بغض النظر عن عقيدته، ولونه، وقوته أو ضعفه، وغناه أو فقره، ودولته وجنسه.
    ولإفشاء السلام عالميا في الشريعة الإسلام شأن عظيم، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) ما أرسله ربّنا إلا رحمة للعالمين، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107]، ومن معاني الرحمة القضاء على الصراعات والحروب التي تقضي على السلم والسلام العالمي.
    وقد دعا القرآن الكريم جميع شعوب الأرض للتعارف والتآلف، وبيّن لهم أنهم جميعا خلقوا من أصل واحد، وهذا مدعاة للألفة، والتعايش السلمي، وإفشاء السلام العالمي فيما بينهم، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات:13].
    كما أمر الإسلام أتباعه بالإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين، وذلك مدعاة أيضا لإفشاء السلام العالمي، باحترام جميع الرسالات التي جاء بها الأنبياء، قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[البقرة:285]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ (أخوة لأب)، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ)(رواه البخاري).
    وقد دعا القرآن الكريم إلى إفشاء السلام العالمي صراحة فقال مخاطبا النبي (صلى الله عليه وسلم): {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[الأنفال:61].
    كما علّم النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه ألّا يتمنوا الحرب ولقاء العدو، وأن يميلوا إلى المسالمة والموادعة، فقال (صلى الله عليه وسلم): (أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ)(رواه البخاري).
    ومن عجيب الأمر في الشريعة الإسلامية أن الجهاد، وإعداد القوة ما شرعا إلا محافظة على السلام العالمي، يرشدنا إلى ذلك النظم القرآني فالدعوة إلى المسالمة والموادعة ما جاءت إلا بعد الأمر بإعداد العدة، وأخذ القوة، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}[الأنفال:60]، وقال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}[البقرة:251].
    =====
    إن السلام الكوني يتلخص في أمرين: (أولهما): إعطاء كل ذي حقٍ حقه، فذلك أدعى لقطع النزاعات، ونشر السلام، والشدّ من أواصر الألفة والمحبة بين الأفراد والمجتمعات والأوطان، والأمم، قال سيدنا سلمان الفارسي لسيدنا أبي الدرداء (رضي الله عنهما): (إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ). قال النبي (صلى الله عليه وسلم) معقبًا على ذلك: (صَدَقَ سَلْمَانُ)(رواه البخاري)، ).
    (ثانيهما): محبة الخير، والسعي له، وبغض الشرّ، والكفّ عنه، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ)(رواه ابن ماجه).
    عباد الله أقول قولي هذا، وأستغفر الله العليّ العظيم لي ولكم، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
    ===========================================
    (الخطبة الثانية)
    ((خطوات بناء السلام النفسي والمجتمعي))
    ===========================================
    الحمد لله ربّ العالمين، أعد لمن أطاعه جنات النعيم، وسعر لمن عصاه نار الجحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلّ عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    =====
    إخوة الإيمان والإسلام: فقد رأينا معنى كلا من السلام النفسي، والسلام الكوني، ورأينا نماذج وصور عديدة لكل منهما، بقي لنا في تلك الجمعة المباركة أن نعيش مع خطوات بناء السلام النفسي والمجتمعي، كيف نبني السلام في مجتمعٍ ما، وأرض ما، ونفسٍ ما؟، وأقول: إن بناء السلام في أي مكان يحتاج منا إلى أربعة خطوات، بيانها كالتالي:
    =====
    وجود مجتمعٍ آمن، منظم، مستقر، يأمن فيه الإنسان على نفسه، وماله، وعرضه، تتوافر فيه على الأقل احتياجاته الضرورية، والتكميلية، وهذه مسئولية القادة والحكام، والحكومات التي تختارها الشعوب، وما يرونه من تدابير وقوانين للحفاظ على استقرار المجتمع، وتنظيمه، وتوفير احتياجات مواطنيه، فكيف يقام السلام في وطن غير آمن، ولا تتوافر فيه مقومات الحياة الضرورية؟ كيف يعبد فيه ربه؟ وكيف يربي أولاده فيه ويعلمهم...الخ.
    لقد لفت القرآن الكريم أنظارنا وعقولنا إلى هذه الخطوة، حينما سجل دعاء إبراهيم (عليه السلام)، للوادي الذي ترك فيه هاجر وولدها (عليهما السلام)، فقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[البقرة:126]، وهذا نبينا (صلى الله عليه وسلم) يسجل ويقرر، ويبين ويوضح لنا أن من أجلّ وأعظم نعم الله علينا نعمة الأوطان التي نعيش فيها متعبدين لربنا، آمنين مطمئنين على أنفسنا وأولادنا وأهلنا وأموالنا، فيقول (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًا فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمٍ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها) (الآحاد والمثاني).
    =====
    نشر الأفكار المستنيرة بنور الوحيين (الكتاب والسنة)، والمتزنة بوسطيتها بين الروح والجسد، والدنيا والأخرة، وهذا هو الإسلام الوسطي، البعيد عن تطرف الخوارج، وتشدد المتسلفة، ولهو وعبث القرآنيين والمتحررين اليوم، فكيف يُقام السلام وهناك من يعتقد أن قتل أبناء الوطن جهاد في سبيل الله، وهناك من يعتقد أن الإسلام جاء لإزاحة الأخرين، وبالتالي لا حرج في إراقة دمائهم، واستباحة أعراضهم، كيف يقام السلام النفسي على الأقل، وهناك بجانب الخوارج والمتسلفة مَنْ يصدُّ عن سبيل الله، ويحارب دينه، والقيم والأخلاق والمبادئ؟.
    =====
    مراعاة حق الله (عزّ وجلّ) علينا، والسلام النفسي يبدأ تحقيقها منها كما ذكرت آنفًا، و السلام النفسي هو الأساس لكل أنواع السلام بعد ذلك، وانظروا إلى تلك الآية المباركة التي توضح أن مخالفة أمر واحد لله (عزّ وجلّ) فيه حربٌ من الله ورسوله، قال تعال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}[البقرة:279،278].
    =====
    العلاقات الصحية السليمة مع الأخرين، وهي بداية السلام الكوني كما تحدثنا عنه، وعن صوره، ومظاهره المتعددة، والذي يتلخص في إعطاء كل ذي حقٍ حقه، ومحبة الخير، والسعي له، والعمل من أجله، وبغض الشرّ، والكف عنه، وإغلاق أبوابه.
    ===========================================
    فاللهم ارفع عنا الوباء والبلاء والغلاء، وأمدنا بالدواء والغذاء والكساء، اللهم اصرف عنّا السوء بما شئت، وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنّا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 6:22 am