الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 9 سبتمبر 2022م التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم :

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 9 سبتمبر 2022م التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم : Empty خطبة الجمعة القادمة 9 سبتمبر 2022م التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم :

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الخميس سبتمبر 08, 2022 11:18 pm

    خطبة الجمعة القادمة 9 سبتمبر 2022م
    التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم :

    أولًا: تحذيرُ الإسلامِ مِن الغفلةِ

    ثانيًا: مخاطرُ الغفلةِ وأضرارُهَا

    ثالثًا: سبلُ الوقايةِ مِن داءِ الغفلةِ

    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه وسلم. أمَّا بعدُ:

    أولًا: تحذيرُ الإسلامِ مِن الغفلةِ

    إنَّ اللهَ تعالى خلقَ الخلقَ لعبادتهِ، وسخرَ٠ لهم ما في السماواتِ وما في الأرضِ، ورغَّبَهُم في الجنةِ، ورهَّبَهُم مِن النارِ، وذكرَهُم بمَا هم مقبلونَ عليهِ بعدَ الموتِ مِن أهوالٍ وكرباتٍ عظامٍ، لكنَّ الكثيرَ مِن الناسِ ينسَى هذه الحقائقَ ويغفلُ عنها، كمَا قالَ تعالَى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}[الأنبياء:1- 2، والغفلةُ هي: الانغماسُ في الدنيا والشهواتِ ونسيانُ الآخرةِ، فيجتهدُ الغافلُ في تعميرِ الدنيا الفانيةِ وتخريبِ الآخرةِ الباقيةِ، فحبُّ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئةٍ، كمَا في الحكمةِ المشهورةِ، والغفلةُ هي ثمرةُ حبِّ الدنيا، كمَا قالَ تعالَى: { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}. (الروم: 6-7). يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ في تفسيرهِ: ” أَيْ: أَكْثَرُ النَّاسِ لَيْسَ لهم علمٌ إلّا بالدنيا وأكسابِهَا وشؤونِهَا وَمَا فِيهَا، فَهُمْ حُذَّاقٌ أَذْكِيَاءُ فِي تَحْصِيلِهَا وَوُجُوهِ مَكَاسِبِهَا، وَهُمْ غَافِلُونَ عَمَّا يَنْفَعُهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، كَأَنَّ أَحَدَهُمْ مُغَفّل لَا ذِهْنَ لَهُ وَلَا فِكْرَةَ. وقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَاللَّهِ لَبَلَغَ مِنْ أَحَدِهِمْ بِدُنْيَاهُ أَنَّهُ يَقْلِبُ الدِّرْهَمَ عَلَى ظُفْرِهِ، فَيُخْبِرُكَ بِوَزْنِهِ، وَمَا يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّيَ”.(تفسير ابن كثير).
    لذلك بعثَ اللهُ أنبياءَهُ ورسلَهُ لينذرُوا الناسَ مِن هذا الداءِ العضالِ وما يترتبُ عنهُ مِن سيءِ الأعمالِ، فقالَ تعالَى: { ِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أنْذِرَ آبَاؤهُمْ فَهُمْ غَافِلونَ }. [يس: 6].

    فالغافلُ لا يفوقُ مِن غفلتهِ إلَّا عندَ استقرارهِ في النارِ والعياذُ باللهِ، فعن أبي سعيدٍ الخُدرِي – رضي اللهُ عنه – قالَ: قالَ رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم -: «إذا دخَلَ أهلُ الجنَّةِ الجنةَ، ودخَلَ أهلُ النارِ النارَ، يُؤتَى بالموتِ كهيئةِ كَبشٍ أملَحَ، فيُنادِي مُنادٍ: يا أهلَ الجنَّةِ! فيشرئِبُّون وينظرُون، فيقولُ: هل تعرِفُون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموتُ، وكلُّهم قد رآه،
    ويقولُ: يا أهلَ النارِ! فيشرئِبُّون وينظرُون، فيقولُ: هل تعرِفُون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموتُ، وكلُّهم قد رآه، فيُذبحُ بين الجنةِ والنارِ، فيقالُ: يا أهلَ الجنَّةِ! خلودٌ بلا موتَ، ويا أهلَ النارِ! خلودٌ بلا موتَ»، وقرَأَ هذه الآية: (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) [مريم: 39]» ( البخاري ومسلم). وفي بعضِ الرواياتِ: «فلولَا أنَّ اللَّهَ كتَبَ الحياةَ لأَهْلِ الجنَّةِ، لماتُوا فَرحًا، ولولَا أنَّ اللَّهَ كتَبَ الحياةَ لأَهْلِ النَّارِ، لماتُوا حُزنًا وحسرةً». ومعنى قولِهِ تعالَى: (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) أي: في الدنيا؛ إذ الآخرةُ لا غفلةَ فيها.

    وما أجملَ قولَ سَلْمَانِ الْفَارِسِيِّ –رضي اللهُ عنه-: ” ثَلَاثٌ أَعْجَبَتْنِي حَتَّى أَضْحَكَتْنِي: مُؤَمَّلُ الدُّنْيَا، وَالْمَوْتُ يَطْلُبُهُ، وَغَافِلٌ وَلَيْسَ بِمْغَفُولٍ عَنْهُ، وَضَاحِكٌ لَا يَدْرِي أَسَاخِطٌ عَلَيْهِ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَمْ رَاضٍ”. (شعب الإيمان للبيهقي).
    ” ومرَّ الحسنُ البصريُّ على أقوامٍ يضحكونَ فقالَ: هل مررتُم على الصراطِ؟ قالوا: لا، قالَ: أتدرونَ إلى الجنةِ يؤخذُ بكم أم إلى النارِ؟ قالُوا: لا، قالَ: فعلامَ الضحك؟! لا على الصراطِ مررتُم، ولا إلى الجنةِ تؤخذون، ولا مِن النارِ تنجون فكيفَ تضحكون؟!” .( تنبيه الغافلين للسمرقندي).

    ثانيًا: مخاطرُ الغفلةِ وأضرارُهَا

    للغفلةِ مخاطرٌ وأضرارٌ كثيرةٌ على الفردِ في الدنيا والآخرةِ، ومِن هذه المخاطرِ:
    أنَّ الغفلةَ طريقٌ إلى الهلاكِ والدمارِ: فبغفلةِ الإنسانِ عن مصيرهِ يكونُ ظلمُهُ وطغيانُهُ، وعقابُ اللهِ للظالمين شديدٌ. قالَ اللهُ تعالَى عن فرعونَ وقومهِ: { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ }. [الأعراف: 135، 136].
    ومنها: أنَّ الغفلةَ طريقٌ إلى النارِ وبئسَ القرارُ: قالَ تعالَى: { إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }. [يونس، : 7، 8]. فهذه حالُ الأشقياءِ الذين كفرُوا بلقاءِ اللهِ يومَ القيامةِ، ولا يرجونَ في لقائهِ شيئًا، ورضُوا بهذه الحياةِ الدنيا واطمأنتْ إليها نفوسُهُم، وهم غافلونَ عن آياتِ اللهِ الكونيةِ، فلا يتفكرونَ فيها، وعن آياتهِ الشرعيةِ فلا يأتمرونَ بها.

    ومنها: أنَّ الغفلةَ تحطُّ بالإنسانِ إلى عالمِ الأنعامِ: فمَن استولتْ الغفلةُ على قلبهِ ضلَّ وتاهَ وضاعَ وفَقَدَ كلَّ خيرٍ، فتراهُ يعيشُ في الدنيا كما تعيشُ الأنعامُ، لا همَّ لهُ إلَّا في طعامهِ وشرابهِ وشهوتهِ، قالَ اللهُ تعالًى:
    {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}. الأعراف: 179. منعتهُم الغفلةُ مِن الانتفاعِ بهذه الجوارحِ التي جعلَهَا اللهُ سببًا للهدايةِ، كمَا قالَ اللهُ تعالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}. سورة النحل، الآيات: 107- 109.

    ومنها: أنَّ الغفلةَ سببٌ في الحسرةِ والندامةِ: حيثُ يتجرّعُ مرارةَ الحسرةِ كلُّ مَن غفلَ عن طاعةِ اللهِ وعبادتِهِ وآياتِهِ، يومَ لا ينفعُ ندمٌ ولا تُغني حسرةٌ. قالَ اللهُ تعالَى: { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }. [مريم: 39، 40]. حينها يلومُ المرءُ نفسَهُ ويعاتبُهَا على غفلتِهَا وضلالِهَا، يومَ لا ينفعُ لومٌ ولا عتابٌ. قالَ تعالَى: { وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ }. [الأنبياء: 97].
    ومنها: ظلمةُ القلبِ: لأنَّ القلبَ الغافلَ يسودُّ ويظلمُ بكثرةِ المعاصِي والذنوبِ؛ لأن َّكلَّ ذنبٍ ارتكبتَهُ نكتَ نكتةً سوداءَ في القلبِ حتى اسودَّ وأظلمَ وعلاهُ الصديدُ والرانُ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ؛ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ؛ وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ؛{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } (أحمد وأبو داود والترمذي وصححه). وما أجملَ مقولةَ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ: ” إنَّ للحسنةِ ضياءً في الوجهِ، ونورًا في القلبِ، وسعةً في الرزقِ، وقوةً في البدنِ، ومحبةً في قلوبِ الخلقِ، وإنَّ للسيئةِ سوادًا في الوجهِ، وظلمةً في القبرِ والقلبِ، ووهنًا في البدنِ، ونقصًا في الرزقِ، وبغضةً في قلوبِ الخلقِ ” . (الداء والدواء لابن القيم ) . فالقلبُ يُنوَّرُ بالطاعةِ والعبادةِ والذكرِ، ويسودُّ ويظلمُ بالمعصيةِ والغفلةِ.


    ثالثًا: سبلُ الوقايةِ مِن داءِ الغفلةِ

    أيُّهَا الإخوةُ المؤمنون: هناكَ سبلٌ كثيرةٌ للوقايةِ مِن داءِ ومرضِ الغفلةِ، منها:
     ذكرُ اللهِ تعالَى: لأنَّ ذكرَ اللهِ ينيرُ ا
    لقلوبَ ويُذهبُ عنها الظلمةَ والغفلةَ، لذلك حذَّرَ اللهُ تعالَى مِن الغفلةِ عن ذِكرهِ فقالَ سبحانَهُ: { وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ }. [الأعراف: 205]. وقالَ جلَّ شأنُهُ
    {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}. [الكهف: 28].قالَ أهلُ التفسيرِ: ” ولا تُطِعْ مَن جعلنَا قلبَهُ غافلًا عن ذكرِنَا، وآثَرَ هواهُ على طاعةِ مولاه، وصارَ أمرهُ في جميعِ أعمالِهِ ضياعًا وهلاكًا “. ( التفسير الميسر- مجموعة علماء).
    ٤
    ومنها: قراءةُ القرآنِ الكريمِ: فبالقرآنِ تزكُو النفوسُ، وتزولُ الغفلةُ والغشاوةُ عن القلوبِ، وتكونُ الذكرَى لمَن كانَ لهُ قلبٌ أو ألقَى السمعَ وهو شهيدٌ، فيه هدى ونورٌ، وموعظةٌ وشفاءٌ لمَا في الصدورِ. قالَ تعالَى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَة لِلْمُؤمِنِينَ }. [يونس: 57].
    ومنها: مجالسُ العلمِ والذكرِ: فبحضورِ مجالسِ العلمِ والذكرِ تزولُ الغفلةُ عن القلوبِ، وذلك بأنْ تجالسَ مَن يذكّرُكَ باللهِ، ويَحُثُكَ على ذِكرِ اللهِ، ويُسْمِعُكَ كلامَ اللهِ، ويُحدثُكَ عن رسولِ اللهِ. ومجالسُ العلمِ قال عنها حبيبُنَا المصطفَى صلَّى اللهُ عليه وسلم: «… وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ..». (مسلم).

    يقولُ ابنُ القيّمِ رحمهُ اللهُ: ” إنَّ مجالسَ الذّكرِ مجالسُ الملائكةِ، ومجالسَ اللّغوِ والغفلةِ مجالسُ الشّياطين، فليتخيّر العبدُ أعجبَهمَا إليه وأولاهمَا به، فهو مع أهلهِ في الدّنيا والآخرةِ”. ( الوابل الصيب من الكلم الطيب).
    ومنها: المحافظةُ على الصلواتِ الخمسِ مع قيامِ الليلِ: فبالغفلةِ يكونُ تركُ الصلاةِ وتضييعُهَا، وبالمحافظةِ على الصلواتِ وقيامِ الليلِ تكونُ البراءةُ مِن الغفلةِ. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ». وعَنْه أيضًا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى فِي لَيْلَةٍ بِمِائَةِ آيَةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ صَلَّى فِي لَيْلَةٍ بِمِائَتَيْ آيَةٍ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ مِنَ الْقَانِتِينَ الْمُخْلَصِينَ» ( أخرجهما الحاكم وصححهما)
    ومنها: الإكثارُ مِن ذكرِ الموتِ: فكفَى بالموتِ واعظًا، وكفَى بهِ منبِّهًا ومذكِّرًا.. فكيفَ لِمَن يتذكرُ الموتَ ويحضرُ الجنائزَ ويزورُ المقابرَ، أنْ يكونَ غافلًا عن طاعةِ ربِّهِ وعبادتهِ ولقائهِ؟..
    فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ». يَعْنِي الْمَوْتَ. ( ابن حبان والترمذي بسند حسن). وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» ، قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: «أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا، أُولَئِكَ الْأَكْيَاسُ».( ابن ماجة بسند حسن).
    فمن أكثَرَ من ذِكرِ الموتِ صلُحَ قلبُهُ، وزكَا عملُهُ، وسلِمَ مِن الغفلَةِ، وعندَ الموتِ يفرَحُ المؤمنُ، ويندَمُ الفاجِرُ ويتمنَّى الرجعةَ، وهيهَاتَ أنْ يُستجابَ لهُ، قالَ اللهُ تعالَى: { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. [المؤمنون: 100].
    فعليكُمْ أنْ تسارعُوا وتبادرُوا بالأعمالِ الصالحةِ قبلَ أنْ يأتيكُم الأجلُ بغتةً. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوِ الدَّجَّال فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَة فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ”. (الترمذي وقال: حسن غريب). يقولُ الإمامُ المناويُّ – رحمَهُ اللهُ: ” فيهِ الحثُّ على البداءةِ بالأعمالِ قبلَ حلولِ الآجالِ، واغتنامِ الأوقاتِ قبلَ هجومِ الآفاتِ، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلم مِن المحافظةِ على ذلك بالمحلِّ الأسمى والحظِّ الأوفَى، قامَ في رضَا اللهِ حتى تورمتْ قدمَاهُ”. ( فيض القدير).

    وروي أنَّ ميمونَ بنَ مهران كان يوقظُ نفسَهُ مِن غفلتِهَا، فحفرَ قبرًا في بيتهِ، فكانَ يدخلُ في القبرِ قبلَ أنْ ينامَ، فيقرأُ ويبكي طويلًا ثم يخرجُ مِن القبرِ ويقولُ: يا ميمون ! ها قد خرجتَ مِن القبرِ فاعملْ صالحًا قبلَ أنْ تندمَ.
    نسألُ اللهَ أنْ يحفظنَا مِن داءِ الغفلةِ، وأنْ يحفظَ بلادنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،،،
    الدعاء……..                                                              وأقم الصلاة،،،،
                                                  




      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 8:21 am