الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمه أسماءُ يومِ القيامةِ ودلالاتُهَا في القرآنِ الكريمِ  28 محرم 1444هـ – 26 أغسطس 2022م

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2689
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمه أسماءُ يومِ القيامةِ ودلالاتُهَا في القرآنِ الكريمِ  28 محرم 1444هـ – 26 أغسطس 2022م Empty خطبة الجمعة القادمه أسماءُ يومِ القيامةِ ودلالاتُهَا في القرآنِ الكريمِ  28 محرم 1444هـ – 26 أغسطس 2022م

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء أغسطس 23, 2022 6:00 pm

    خطبة الجمعة القادمه
    أسماءُ يومِ القيامةِ ودلالاتُهَا في القرآنِ الكريمِ 
    28 محرم 1444هـ – 26 أغسطس 2022م

    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليه وسلم. أمَّا بعدُ:

    أولًا: حتميةُ وقوعِ يومِ القيامةِ

    إنَّ يومَ القيامةِ آتٍ وواقعٌ لا محالةَ، قالَ تعالَى: {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ}.(غافر: 59). ولمكانةِ يومِ القيامةِ جُعِلَ أحدَ أركانِ الإيمانِ، ففي حديثِ جبريلَ عليه السلامُ، ” قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ. قَالَ: صَدَقْتَ” (مسلم). وقد أخفَى اللهُ موعدَ يومِ القيامةِ ليجتهدَ الناسُ في العملِ على الدوامِ، قالَ تعالَى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى}.(طه: 15)، فَعِلْمُ الساعةِ أحدُ الغيبياتِ الخمسةِ التي أخفاهَا اللهُ على عبادِهِ، واختصَّ بهَا ذاتَهُ سبحانَهُ وتعالَى في قولِهِ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. (لقمان: 34).
    ومع كلِّ ذلك فهناكَ الكثيرُ مِمَّن ينكرُ وقوعَ البعثِ ويومَ القيامةِ، قالَ تعالَى:{ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }. (التغابن: 7).

    فقد رويَ «أنَّ أُبيَّ بنَ خلَفٍ – وهو مِن صناديدِ كفارِ قريشٍ – جاءَ بعظمٍ بالٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ففتَّهُ بيدِهِ ثُمَّ قالَ: أتزعمُ يا محمدٌ أنَّ اللهَ يُحيي هذا بعدمَا رمَّ؟ فقالَ لهُ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نعمْ يحييهِ، ثم يبعثُكَ ويدخلُكَ النارَ فأنزلَ اللهُ تعالَى: { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } .( يس: 77 – 79» .(صفوت التفاسير للصابوني).
    وعَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا، وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ. فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ: فَإِنِّي إِذَا مُتُّ ثُمَّ بُعِثْتُ جِئْتَنِي وَلِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ، فَأَعْطَيْتُكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَيَأْتِينَا فَرْدًا} .(متفق عليه). فهو يقولُهُ علي سبيلِ التهكمِ والسخريةِ! قابلنِي هناكَ وسأعطيكَ!!

    وقصةُ الرجلُ الذي أسرفَ على نفسهِ معروفةٌ ومشهورةٌ، يقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ بِهِ أَحَدًا، قَالَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ، فَقَالَ لِلْأَرْضِ: أَدِّي مَا أَخَذْتِ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ، أَوْ قَالَ مَخَافَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ “.(متفق عليه).

    ثانيًا: دلالاتُ أسماءِ يومِ القيامةِ

    يومُ القيامةِ لهُ أسماءٌ كثيرةٌ في القرآنِ الكريمِ، وكلُّ اسمٍ مِن هذه الأسماءِ لهُ دلالةٌ خاصةٌ تدلَّ على نوعٍ معينٍ مِن أهوالِ وأحوالِ يومِ القيامةِ، وفي الحقيقةِ لا تسعفُنَا هذه العجالةُ السريعةُ في ذكرِ هذه الأسماءِ على سبيلِ الحصرِ، وإنَّما أكتفَي بذكرِ أبرزِ خمسةِ أسماءٍ وبيانِ دلالتِهَا، وإسقاطِ معناهَا على أرضِ الواقعِ عمليًا، ومِن هذه الأسماءِ:
    يومُ القيامةِ: وهو مِن أشهرِ الأسماءِ المتعارفِ عليها، وسُمِّي بذلك لقيام ِكافةِ العبادِ مِن قبورِهِم للمثولِ أمامَ المولَى عزَّ وجلَّ. قالَ تعالَى: { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }. (المطففين: 6). وذُكِرَ يومُ القيامةِ في أكثر مِن سبعينَ موضعًا، منها قولهُ تعالَى: {اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ}.( النساء: 87).

    ومنها: اليومُ الآخرُ: وهو مِن أبرزِ الأسماءِ التي أطلقتْ علي يومِ القيامةِ، ووردَ ذكرُهُ كثيرًا في القرآنِ الكريمِ، كمَا في قولِهِ تعالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}. (التوبة: 29).
    وسُمِّيَ بهذا الاسمِ لأنَّهُ اليومُ الأخيرُ الذي سيقعُ، فلا يومَ سيأتِي على الدنيا بعدَهُ، إذ يُعتبرُ آخرَ المطافِ الذي سينتهِي عندَهُ العبادُ، وينقسمونَ ما بينَ الجنةِ والنارِ كلٌّ حسبِ أعمالِهِ التي قامَ بهَا في الحياةِ الدنيا.
    ومنها: يومُ الخلودُ: حيثُ يقولُ تعالَى لأهلِ الجنةِ: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ }. (ق: 34). وسُمِّيَ بذلك لأنَّ كُلًّا مِن أهلِ الجنةِ والنارِ في دارِ الخلودِ. فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ، فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قَالَ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ، قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ “( مسلم).
    ومنها: يومُ الحسرةِ: وسببُ التسميةِ بذلك تحسرُ العبادِ وندمُهُم على تقصيرِهِم في القيامِ بالأعمالِ الصالحةِ التي قد تكونُ سببًا لدخولِهِم الجنة، قالَ تعالَى: { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ }.(مريم: 39).
     والعجيبُ أنَّ التحسرَ ليسَ قاصرًا على أهلِ النارِ، بل إنَّ أهلَ الجنةِ وهُم في الجنةِ يتحسرونَ على كلِّ لحظةٍ مرتْ عليهم في الدنيا غفلُوا فيهَا عن ذكرِ اللهِ تعالى، وفي ذلك يقولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” لَيْسَ يَتَحَسَّرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلا عَلَى سَاعَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهَا ”. ( الطبراني والبيهقي وقال الهيثمي : رجاله ثقات ).

    ومنها: يومُ الحسابِ: قال تعالى: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ}.(ص:53)، وسُمِّيَ بذلك لأنَّ الله يحاسبُ فيهِ عبادَهُ على أعمالِهِم خيرًا أو شرًّا، لذا ينبغِي على الإنسانِ أنْ يحاسبَ نفسَهُ قبلَ أنْ يحاسبَ يومَ القيامةِ، ومعنَى محاسبةِ النّفسِ:” أنْ يتصفّحَ الإنسانُ في ليلهِ ما صدرَ مِن أفعالِ نهارِهِ؛ فإنْ كانَ محمودًا أمضاهُ وأتبعَهُ بما شاكلَهُ وضاهاهُ، وإنْ كان مذمومًا استدركَهُ إنْ أمكنَ، وانتهَى عن مثلِهِ في المستقبلِ” «أدب الدنيا والدين للماورديّ».
    ويقولُ عمرُ بنُ الخطّابِ- رضي اللّهُ عنه-: « حاسبُوا أنفسِكُم قبلَ أنْ تحاسبُوا، وزنُوا أنفسَكُم قبلَ أنْ توزنُوا ؛ فإنَّه أهونُ عليكُم في الحسابِ غدًا، أنْ تحاسبُوا أنفسَكُم اليوم، وتزيَّنُوا للعرضِ الأكبرِ، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ} (الحاقة: 18) » . “محاسبة النفس لابن أبي الدنيا “.
    وهناكَ أسماءٌ أُخرى كثيرةٌ ليومِ القيامةِ منها أيضًا: يومُ البعثِ، ويومُ النشورِ، ويومُ الفصلِ، ويومُ الدينِ، ويومُ التلاقِ، ويومُ الوعيدِ، ويومُ الخروجِ، ويومُ التغابنِ، ويومُ الجمعِ، ويومُ التنادِ، ويومُ الآزفةِ، واليومُ الحقُّ، واليومُ الموعودُ، واليومُ المشهودُ، والنبأُ العظيمٌ، والطامةُ الكبرى، والغاشيةُ، والصاخةُ، والحاقةُ، والقارعةُ، والواقعةُ، وغيرُ ذلك.

    ثالثًا: هيَّا قبلَ أنْ يأتيَكُم بغتةً

    أيُّها الإخوةُ المؤمنون: إذا عرفَ الإنسانُ أنَّ يومَ القيامةِ آتٍ وواقعٌ لا محالةَ، وأنَّهُ موقوفٌ ومحاسبٌ على أعمالِهِ؛ فليعدّ نفسَهُ قبلَ أنْ يأتيَهُ الأجلُ بغتةً، ويجدَ نفسَهٌ في هذا اليومِ المهيبِ الطويلِ، حيثُ تدنُو الشمسُ مِن الرؤوسِ مقدارَ ميلٍ، الآنَ بيننَا وبينَ الشمسِ 93 مليون ميل، أمَّا يومُ القيامةِ فالشمسُ تدنُو مِن الرؤوسِ مقدارَ ميلٍ، فيكونُ العرقُ الشديدُ في هذا اليومِ العظيمِ، مِن الناسِ مَن يبلغهُ العرقُ إلى ركبتيهِ، ومِن الناسِ مَن يبلغهُ العرقُ إلى سُرتهِ، ومِن الناسِ مَن يبلغهُ العرقُ إلى الترقوةِ وهي العظمةُ الناتئةُ عندَ الرقبةِ، ومِن الناسِ مَن يلجمهُ العرقُ إلجامًا، كلٌّ على قدرِ عملهِ في هذا اليومِ العظيمِ، وهناكَ أناسٌ هُم في ظلِّ عرشِ الرحمنِ، يومَ لا ظلَّ إلّا ظلهُ – سبحانَهُ وتعالَى – أسألُ اللهَ أنْ يجعلنَا وإياكُم منهُم، وهُم:” الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا في اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ”. (متفق عليه).
    في هذا اليومِ الناسُ واقفونَ حفاةٌ عراةٌ، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ». (متفق عليه).

    فهلَّا أعددَنَا أنفسَنَا ليومٍ نرجعُ فيهِ إلى اللهِ تعالى ؟! قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ لِرَجُلٍ: كَمْ أَتَتْ عَلَيْكَ؟ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً، قَالَ: فَأَنْتَ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً تَسِيرُ إِلَى رَبِّكَ يُوشِكُ أَنْ تَبْلُغَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَالَ الْفُضَيْلُ: أَتَعْرِفُ تَفْسِيرَهُ تَقُولُ: أَنَا لِلَّهِ عَبْدٌ وَإِلَيْهِ رَاجِعٌ، فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لِلَّهِ عَبْدٌ، وَأَنَّهُ إِلَيْهِ رَاجِعٌ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَمِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مَسْئُولٌ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ، فَلْيُعِدَّ لِلسُّؤَالِ جَوَابًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ قَالَ يَسِيرَةٌ، قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: تُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ يُغْفَرُ لَكَ مَا مَضَى، فَإِنَّكَ إِنْ أَسَأْتَ فِيمَا بَقِيَ، أُخِذْتَ بِمَا مَضَى وَبِمَا بَقِيَ، وَالأعمَالُ بالخَواتِيم.” ( جامع العلوم والحكم لابن رجب).
    إنَّ العبدَ المؤمنَ صاحبَ البضاعةِ الحسنةِ والأعمالِ الصالحةِ وما يحملُهُ مِن حسناتٍ، يفرحُ بلقاءِ اللهِ والقدومِ عليهِ، فيحبُّ لقاءَ اللهِ. وعلى العكسِ مِن ذلك فإنَّ العبدَ الطالحَ صاحبَ المعاصِي والبضاعةِ السوءِ، وما يحملُهُ مِن آثامٍ وذنوبٍ يكرَهُ لقاءَ اللهِ والقدومَ عليهِ!! لذلك يكرَهُ لقاءَ اللهِ. فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ؛ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ” قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ! قَالَ:” لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.” (متفق عليه).
    وهذا ما صورَهُ رسولُنَا الكريمُ صلَّى اللهُ عليه وسلم في حملِ جنازةِ الصالحينَ والطالحينَ ومدَى شوقِهِم للقاءِ اللهِ!! فَعَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ!!”. (البخاري).
    فعليكَ بلزومِ الطاعةِ قبلَ فواتِ الأوانِ، قبلَ أنْ تندمَ ولا ينفعكَ الندمُ، فعن أبي هريرةَ – رضي اللهُ عنه-  يقولُ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم:” ما مِن أحدٍ يموتُ إلَّا ندم. قالوا: وما ندامتُهُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: إنْ كان محسنًا ندمَ أنْ لا يكونَ ازدادَ، وإنْ كان مسيئًا ندمَ أنْ لا يكونَ نزع” (الترمذي ). ويقولُ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ – رضي اللهُ عنه- :” ما ندمتُ على شيءٍ قط؛ ندمِي على يومٍ غربتْ شمسُهُ، نقصَ فيهِ أجلِي؛ ولم يزددْ فيهِ عملِي“.
    يُروىَ أنَّ الحسنَ البصريَّ وقفَ عندَ قبرٍ بعدَ دفنِ صاحبِهِ، ثمَّ التفتَ على رجلٍ كان بجانبِهِ فقالَ: أترَاهُ لو يرجعُ للدنيَا ماذا تراهُ يفعل ؟! قالَ الرجلُ: يستغفرُ ويُصلِّي ويتزودُ مِن الخيرِ فقالَ الحسنُ: هو فاتَتْهُ فلا تفتْكَ أنتَ.

    أقولُ لكٌم: قد فاتتْ مَن قبلَكُم، والفرصةُ ماثلةٌ أمامَكُم فماذَا أنتُم فاعلٌون؟!

    نسألُ اللهَ أنْ يسترَنَا فوقَ الأرضِ وتحتَ الأرضِ



      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 6:02 am