الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    (حسن الخاتمة)) الجمعة الموافقة 28من رمضان 1443هـ الموافقة 29/4/2022م

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    (حسن الخاتمة)) الجمعة الموافقة 28من رمضان 1443هـ الموافقة  29/4/2022م Empty (حسن الخاتمة)) الجمعة الموافقة 28من رمضان 1443هـ الموافقة 29/4/2022م

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الأحد أبريل 24, 2022 5:17 pm

    ((حسن الخاتمة))
    الجمعة الموافقة 28من رمضان 1443هـ الموافقة 29/4/2022م
    ===========================================
    أولا: العناصر:
    1. بيان معنى حسن الخاتمة، وشيئًا من مكانتها.
    2. من الأمور التي تعين على حسن الخاتمة.
    3. من علامات حسن الخاتمة.
    4. الخطبة الثانية: (نماذج من حسن الخاتمة).
    ===========================================
    ثانيا: الموضوع:
    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للصائمين، ولا عدوان إلا على المفطرين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صادق الوعد الأمين، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    ===========================================
    (1) ((بيان معنى حسن الخاتمة، وشيئًا من مكانتها))
    ===========================================
    أيها الأحبة الكرام: يروي لنا الإمام أحمد والنسائي وغيرهما بسند صحيح لغيره من حديث السيدة عائشة (رضي الله عنها) قالت: دعواتٌ كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكثر أن يدعو بها: (يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دَيْنِكَ)، قالت: فقلت: يا رسول الله، إنك تكثر تدعو بهذا الدعاء، فقال: (إِنَّ قَلْبَ الْآدَمِيِّ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا شَاءَ أَزَاغَهُ، وَإِذَا شَاءَ أَقَامَهُ).
    أخوة الإيمان والإسلام النبي (صلى الله عليه وسلم) يعلمنا في هذا الحديث أن نكثر من الدعاء بحسن الخاتمة، لأن المرء يحشر ويبعث على ما مات عليه، إن مات على عمل صالح بعث على عمل صالح، وإن مات على عمل سيئ طالح بعث والعياذ بالله على العمل السيئ الطالح.
    ======
    وحسن الخاتمة: يعني توفيق الله (عزّ وجلّ) للعبد قبل وفاته للابتعاد عما يغضبه سبحانه وتعالى، ويوفقه للتوبة من الذنوب والمعاصي، كما حدث لقاتل المائة نفس، ويلهمه الإقبال على الطاعات والعبادات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة، فعن أَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيِّ (رضي الله عنه)، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا، عَسَلَهُ). قيل: وما عسله؟ قال: (يَفْتَحُ اللهُ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ)(رواه أحمد)، ومن حسن الخاتمة أيضا أن يقبض الله (عزّ وجلّ) الإنسان فجأة على خصلة من خصال الخير المحمودة، كالرجل الذي وقع من على ناقته وهو واقف مع النبي (صلى الله عليه وسلم) بعرفة في حجة الوداع فمات، فحسن الخاتمة تتعدد صورها وأشكالها بحسب الحالة التي يقبض عليها الإنسان.
    ======
    والعمل على إحسان الخاتمة هو وصية الله (عزّ وجلّ) لأهل الإيمان، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:102] أي: أحسنوا خواتيمكم.
    ======
    وهو من وصايا الأنبياء والمرسلين، لأقوامهم وأهلهم وأتباعهم، فالله (عزّ وجلّ) يقول عن إبراهيم ويعقوب (عليهما السلام): {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ*أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة:133،132].
    ======
    وهو من دعاء الأنبياء والمرسلين، فالحق تبارك وتعالى يقول على لسان يوسف (عليه السلام): {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[يوسف:101]، ويقول على لسان سليمان (عليه السلام) بعد سماعه لمنطق ملكة النمل: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}[النمل:19]، وعن بسر بن أبي أرطأة القرشي قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعو: (اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ)(رواه أحمد).
    ======
    وهو رجاء الصالحين، انظروا إلى سحرة الفرعون وهم يخاطبون الفرعون يقول الحق تبارك وتعالى على لسانهم: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}[الأعراف:126]، ويقول سبحانه وتعالى على لسان أولي الألباب من جميع الأمم: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ}[آل عمران:193]، وقد كان أئمة السلف (رحمهم الله) يخافون من مكر الله تعالى بهم، ويسألونه حسن الخاتمة، ويستعيذونه من سوء الخاتمة، فقد كان عامر بن ثابت بن عبد الله بن الزبير إذا صلى رفع يديه قائلاً: (اللهم أسألك المِيتة الحسنة). فقال له أبناؤه: وما هي المِيتة الحسنة؟. قال: (أن يتوفاني وأنا ساجد، فقام وصلى فقبض الله روحه وهو ساجد).
    ======
    وهو من إرادة الخير بالعبد، فعن أنس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ). فقيل: كيف يستعمله يا رسول الله؟. قال: (يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ)(رواه الترمذي)، وعن عمرو بن الحمق الخزاعي (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ). قيل: وما عسله قبل موته؟. قال: (يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ)(رواه ابن حبّان).
    ===========================================
    (2) ((من الأمور التي تعين على حسن الخاتمة))
    ===========================================
    عباد الله وأحباب رسوله الكريم: إن لحسن الخاتمة أمور وطاعات وعبادات تعين عليها، فاض بها القرآن الكريم، وسنة النبي (صلى الله عليه وسلم) الأمين، وإذا كان إحسان الخاتمة مردّه إلى الله (عزّ وجلّ) فمن الذي يستحق تلك المنحة الربانية، والعطية الإلهية؟ إنه القائم بالأعمال الأتية:
    ======
    وأهمها: الإيمان الدائم الثابت بالله (عزّ وجلّ)، والاستقامة على منهجه وصراطه: قال تعالي: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ*أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ*خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}[آل عمران:86ـ88]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ*نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ*نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ*وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[فصلت:30ـ33]، وهذه البشارة تكون للمؤمنين عند الاحتضار، وفي القبور، وعند البعث منها.
    ======
    ومنها: الصدق في النية والعزيمة مع الله (عزّ وجلّ): فعن البراء بن عازب (رضي الله عنه) قال أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) رجل مقنع بالحديد فقال: يا رسول الله أقاتل وأُسلم؟. قال: (أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ). فأسلم، ثم قاتل فقتل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (عَمِلَ قَلِيلاً وَأُجِرَ كَثِيرًا)(اللفظ للبخاري). وستأتي قصة أصيرم بني عبد الأشهل في نماذج حسن الخاتمة.
    ======
    ومنها: حسن الظنّ بالله (عزّ وجلّ): فإن رجا العبد رحمة الله (عزّ وجلّ)، وظن أنه يعفو عنه، ويغفر له، ويختم له بخاتمة السعادة فله ذلك؛ لأنه لا يرجوه (سبحانه) إلا مؤمن علم أن له ربًا يجازي. وإن يئس العبد من رحمة الله (عزّ وجلّ) وظن أنه يعاقبه ويعذبه، ويختم له بخاتمة السوء فله ذلك؛ لأنه لا ييأس من رحمة الله إلا الكافرون، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي....)(اللفظ للبخاري)، وعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل وفاته بثلاث يقول: (لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ)(رواه مسلم)، فعلى العبد أن يحذر من القنوط من رحمة الله (عزّ وجلّ)، وينبغي أن يكون قلبه معلقًا بالرجاء في الله (عزّ وجلّ).
    ======
    ومنها: التوبة، والإنابة لله (عزّ وجلّ): قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ*وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ*أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ* أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ*أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ*بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[الزمر:53ـ59]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التحريم:8]. ولنا في قصة قاتل المائة دلالة على ذلك وستأتي.
    ======
    ومنها: الدعاء بحسن الخاتمة والثبات على الإيمان: كما تقدم من دعاء النبي (صلى الله عليه وسلم).
    ===========================================
    (3) ((من علامات حسن الخاتمة))
    ===========================================
    عباد الله وأحباب رسوله الكريم: كما أن لحسن الخاتمة أسباب تعين عليها فإن لها علامات تعرف بها:
    ======
    منها: النطق بكلمة التوحيد والإخلاص عند الموت: فعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ)(رواه أبو داود)، وعن يحيى بن طلحة، عن أبيه (رضي الله عنه) قال: رأى عمر طلحة بن عبيد الله ثقيلا. فقال: ما لك يا أبا فلان؟ لعلك ساءتك إمرة ابن عمك يا أبا فلان؟ قال: لا. إلا أني سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حديثا، ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول: (إِنِّي لَأعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ، إِلا أَشْرَقَ لَهَا لَوْنُهُ وَنَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ). فقال عمر: إني لأعلم ما هي. قال: وما هي؟. قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت: لا إله إلا الله. قال طلحة: صدقت هي والله هي)(رواه أحمد).
    ======
    ومنها: الموت ليلة الجمعة، أو يومها: فعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ القَبْرِ)(رواه الترمذي).
    ======
    ومنها: الموت بخصلة من خصال الشهادة الكبرى والصغرى: كالموت بالطاعون (السّرطان)، أو بذات الجنب (ورم حار ينشأ في الأضلاع)، أو بمرض من أمراض البطن المزمنة، أو الموت غرقا أو حرقا أو هدما، أو عند الوضع والولادة، أو الموت دون النفس والمال والعرض، أو الموت سعيا على الأهل والأولاد، أو الموت في طلب العلم...الخ، فعن أبى هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟). قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال: (إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ). قالوا: فمن هم يا رسول الله؟. قال: (مَنْ قُتِلَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِى الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِى الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ)(رواه مسلم)، وعن أبى هريرة (رضي الله عنه): أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ الله)(متفق عليه). وعن جابر بن عتيك (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِى يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ)(رواه أبو داود) الجمْع: موت المرأة وفى بطنها ولدها.
    ======
    ومنها: الموت مرابطا (حارسا للثغور والحدود) في سبيل الله: فعن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِى كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِىَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ)(رواه مسلم).
    ======
    ومنها: الموت على عمل صالح: فعن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) قال : أسندت النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى صدري فقال: (مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)(رواه أحمد).
    ======
    ومنها: الموت برشح وعرق الجبين: فعن بُريدة بن الحصيب (رضى الله عنه)، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ)(رواه الترمذي).
    ======
    هذا وينبغي أن أنبه إلى أن ظهور شيء من هذه العلامات، أو وقوعها للمتوفى، لا يلزم منه الجزم بأن صاحبها من أهل الجنة، ولكن يستبشر له بذلك، كما أن عدم وقوع شيء منها للميت لا يلزم منه الحكم بأنه غير صالح أو نحو ذلك. فهذا كله من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.
    عباد الله: البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والدّيّان لا يموت، اعمل ما شئت كما تدين تدان، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فالتائب من الذنب كمَنْ لا ذنب له.
    ===========================================
    (الخطبة الثانية)
    ((نماذج من حسن الخاتمة))
    ===========================================
    الحمد لله رب العالمين، أعدّ لمَنْ أطاعه جنات النعيم، وسعرّ لمَنْ عصاه نار الجحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    أيها الأحبة الكرام:بقي لنا في تلك الجمعة المباركة بعد بيان معنى حسن الخاتمة وشيئًا من مكانتها، وبعض الأمور التي تعين عليها، وبعض علاماتها، بقي لنا أن نذكر بعضًا من نماذج حسن الخاتمة ترغيبا في العمل لها والدعاء بها، كالتالي:
    ======
    قاتل المائة نفس: فعن أبى سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن نبي الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ. وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِى صُورَةِ آدَمِىٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِى أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ)(رواه مسلم).
    ======
    حنظلة بن أبي عامر الراهب غسيل الملائكة: فعن الزبير بن العوام (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول عند قتل حنظلة بن أبي عامر ـ بعد أن التقى هو وأبو سفيان حين علاه شداد بن الأسود بالسيف فقتله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ صَاحِبَكُمْ تُغَسِّلُهُ الْمَلاَئِكَةُ فَسَأَلُوا صَاحِبَتَهُ). فقالت: إنه خرج لما سمع الهائعة وهو جنب. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ)(رواه الحاكم).
    ======
    الأصيرم عمرو بن ثابت بن وقش: فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) إنه كان يقول: حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط. فإذا لم يعرفه الناس سألوه: من هو ؟ فيقول: أصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقش، قال الحصين: فقلت لمحمود بن لبيد: كيف كان شأن الأصيرم؟ قال: كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أحد وخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أحد بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، قال: فبينما رجال بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا: والله إن هذا للأصيرم، وما جاء (به)؟، لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الحديث، فسألوه ما جاء به؟ قالوا: ما جاء بك يا عمرو، أحدبا على قومك، أو رغبة في الإسلام؟ قال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله ورسوله، وأسلمت، ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله فقاتلت حتى أصابني ما أصابني، قال: ثم لم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: (إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ)(رواه أحمد).
    ===========================================
    فاللهمّ إنّا نسألك أن تختم لنا بخاتمة السعادة، اللهم نسألك رضاك والْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَما مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ سخطك ومن النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَما مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء والغلاء، وأمدنا بالدواء والغذاء والكساء، اللهم اصرف عنّا السوء بما شئت، وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنّا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 1:53 pm