الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 18 فبراير 2022م  “الإسراء والمعراج وآيات الله الكبرى”

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2683
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 18 فبراير 2022م  “الإسراء والمعراج وآيات الله الكبرى”  Empty خطبة الجمعة القادمة 18 فبراير 2022م  “الإسراء والمعراج وآيات الله الكبرى”

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الأربعاء فبراير 16, 2022 1:32 am

    خطبة الجمعة القادمة 18 فبراير 2022م 
    “الإسراء والمعراج وآيات الله الكبرى”

     
    أولًا: مشاهدُ وآياتُ الإسراءِ مِن المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى.
    ثانيًا: مشاهدُ وآياتٌ مِن رحلةِ المعراجِ.
    ثالثًا: أثرُ رؤيةِ الحقائقِ الغيبيةِ في تثبيتِ القلبِ وزيادةِ الإيمانِ.
     
    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليه ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليه وسلم. أمَّا بعدُ:

    أولًا: مشاهدُ وآياتُ الإسراءِ مِن المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى

    لقد لقيَ الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلم مِن قريشٍ أشدَّ أنواعِ الأذىَ والاضطهادِ، حتى تركَ مكةَ وذهبَ إلى الطائفِ فآذُوه وطردُوه، فرجعَ إلى مكةَ مهمومًا مغمومًا، فنزلَ جبريلُ عليه قائلًا بلسانِ الحالِ، قُمْ يا محمدٌ: فإذا كان أهلُ مكةَ آذُوكَ وطردُوكَ فإنَّ ربَّ البريةِ لزيارتِهِ يدعُوكَ!! فكانتْ رحلةُ الإسراءِ والمعراجِ؛ وبعدَ المحنِ تأتي المنحُ.
    وهنا سؤالٌ يطرحُ نفسَهُ، لماذا كان الإسراءُ مِن مكةَ، مِن المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى، ولم يعرجْ بهِ مِن مكةَ مباشرةً؟ والجوابُ في قولِهِ تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الإسراء : 1). فجاءتْ رحلةُ الإسراءِ لرؤيةِ الآياتِ الدالةِ على قدرةِ اللهِ وعظمتِهِ، وكانتْ إظهارًا لصدقِ دعوى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سألتْهُ قريشٌ عن نعتِ بيتِ المقدسِ فنعتَهُ لهُم، وأخبرَهُم عن عيرِهِم التي مرَّ عليها في طريقِهِ، ولو كَانَ عروجُهُ إِلَى السماءِ مِن مكةَ لمَا حصلَ ذلك؛ لأنَّهُم لا علمَ لهم بالعالمِ العُلويِّ، لذلك قالَ لقريشٍ: ” وآيةُ ذلك أنِّى مررتُ بعيرِ بنىِ فلانٍ بوادِي كذَا وكذَا، فأنفرَهُم حسُّ الدابةِ، فندَّ لهم بعيرٌ فدللتُهُم عليه وأنا متوجهٌ إلى الشامِ، ثم مررتُ بعيرِ بنىِ فلانٍ، فوجدتُ القومَ نيامًا ولهم إناءٌ فيه ماءٌ قد غطُّوا عليه بشيءٍ، فكشفتُ غطاءَهُ وشربتْ ما فيهِ، ثم غطيتُ عليه كمَا كان، وآيةُ ذلك أنِّ عيرَهُم تصوبُ الآنَ مِن ثنيةِ التنعيمِ البيضاء، يقدمُهَا جملٌ أورقٌ عليه غرارتانِ إحداهمَا سوداءُ والأخرى برقاءُ. قال: فابتدرَ القومُ الثنيةَ فلمْ يلقَهُم أولُ مِن الجملِ الذي وُصِفَ لهم، وسألوهُم عن الإناءِ وعن البعيرِ، فأخبرُوهم كما ذكرَ صلواتُ اللهِ وسلامُهّ عليه، وذُكِرَ عن إسماعيلَ السديِ، أنَّ الشمسَ كادتْ أنْ تغربَ قبلَ أنْ يقدمَ ذلك العيرُ، فدعا اللهَ عزَّ وجلَّ فحبسَهَا حتى قدمُوا كما وصفَ لهم. قال: فلم تحتبسْ الشمسُ على أحدٍ إلا عليه ذلك اليوم وعلى يوشع بنِ نونٍ.”(البيهقي، وسيرة ابن كثير).
     وهكذا كان الإسراءُ مِن المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى لرؤيةِ آياتِ اللهِ الكُبرى.

    ثانيًا: مشاهدُ وآياتٌ مِن رحلةِ المعراجٍ

    لقد شاهدَ رسولُنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم مشاهدَ عديدةً في رحلةِ المعراجِ، قالَ تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}(النجم: 18) ؛ هذه المشاهدُ كانتْ بمثابةِ ترغيبٍ وترهيبٍ لهذه الأمةِ، ومن بينِ هذه المشاهدِ:
     مشهدُ رؤيةِ الشهداءِ والمجاهدينَ في سبيلِ اللهِ تعالى: ففي حديثِ الإسراءِ الطويلِ: ” فأَتى على قَومٍ يَزرعُونَ في يومٍ، ويَحصُدُونَ في يومٍ، كُلَّما حَصَدُوا عادَ كَما كان ! فقال: يا جِبرائِيلُ ! مَنْ هؤلاءِ؟ قال: هؤلاءِ المُجاهِدُونَ في سبيلِ اللهِ، تُضاعَفُ لَهُمُ الحسنَةُ بِسبْعِمائةِ ضِعْفٍ، وما أنْفَقُوا من شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ. ” ( البيهقي في دلائل النبوة ). هذا المشهدُ العظيمُ جعلَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم يتمنَّى تكرارَ الشهادةِ مقسمًا قائلًا: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ.” ( متفق عليه ). فهنيئًا لشهدائِنَا الأبرار.
    ومنها: مشهدُ تاركِي الصلاةِ: جاءَ في روايةِ البيهقيِّ وابنِ جريرٍ عن أبي سعيدٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم أتى على قومٍ تُرضَخُ رؤوسُهُم بالصخرةِ، كلما رُضِختْ عادتْ كما كانتْ، ولا يُفتَّرُ عنهم من ذلك شيء، فقال: “ما هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال: هؤلاءِ الذين تتثاقلُ رؤوسُهُم عن الصلاةِ المكتوبةِ”.

    ومنها: مشهدُ مانعِي الزكاةِ: فعن أبي سعيدٍ رضي اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم أتَى على قومٍ على أقبالِهِم رِقاعٌ وعلى أدبارِهِم رِقاعٌ، يَسرَحون كما تسرحُ الإبلُ والغنمُ، ويأكلون الضَّريعَ والزقُّومَ، ورَضْفَ جهنَّمَ وحجارتَهَا! قال: ” فما هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال: هؤلاءِ الذي لا يؤدُّون صدَقَاتِ أموالهِم، وما ظلَمَهُم اللهٌ تعالى شيئًا، وما اللهُ بظَلاَّمٍ للعبيدِ”.( البيهقيُّ وابنُ جَريرٍ).
    ومنها: مشهدُ آكلِ رِبَا: فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رَجُلًا يَسْبَحُ فِي نَهَرٍ وَيُلْقَمُ الْحِجَارَةَ، فَسَأَلْتُ مَا هَذَا؟ فَقِيلَ لِي: آكِلُ الرِّبَا “(أحمد والبيهقي).
    ومنها: مشهدُ المغتابينَ الناس: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ. فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ ” ( أحمد وأبوداود ).

    وهكذا كانتْ المشاهدُ التي رآهَا الرسولُ في رحلةِ المعراجِ رسائلَ وإشاراتٍ، لتحذيرِ الأمةِ من هذه الانحرافاتِ، حيثُ كانتْ العقوباتُ الشديدةُ المنفرةُ، فيحذِّرُ النبيُّ الأمةَ منها، حتى لا يحلُّ بهم ما أحلَّ بغيرِهِم.

    ثالثًا: أثرُ رؤيةِ الحقائقِ الغيبيةِ في تثبيتِ القلبِ وزيادةِ الإيمانِ

    إنِّ رؤيةَ المشاهدِ والحقائقِ الغيبيةِ لها دور  ٌكبيرٌ في تثبيتِ القلبِ وزيادةِ اليقينِ والإيمانِ باللهِ تعالى، وهذه سنةُ اللهِ في الأنبياءِ، قال تعالى عن إبراهيمَ عليه السلامُ: {وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}. [الأنعام: 75]. وقال لموسى عليه السلام: {لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى}. [طه: 23]، فبعدَ استنادِ علومِ الأنبياءِ إلى رؤيةِ الآياتِ يحصلُ لهم مِن عينِ اليقينِ ما لا يقادرُ قدرهُ، وليس الخبرُ كالمعاينةِ، فيتحملُون في سبيلِ اللهِ ما لا يتحملُ غيرُهُم، وتصيرُ جميعُ قواتِ الدنيا عندهُم كجناحِ بعوضةٍ.

    ونحنُ نعلمُ أنَّ الإيمانَ بالغيبِ درجاتٌ ثلاثةٌ، علمُ اليقينِ، وعينُ اليقينِ، وحقُّ اليقينِ، فلو قلتُ لك هناكَ موتٌ وبعثٌ وجنةٌ ونارٌ، فهذا علمٌ، فلو رأيتَ ذلك بعينيكَ فهذا عينُ اليقينِ، فلو جربتَهُ وأكلتَ مِن الجنةِ مثلًا فهذا حقُّ اليقين، وكلما ارتقيتَ مِن درجةٍ إلى أخرى يزدادُ يقينُكُ وإيمانُكَ باللهِ، فليس مَن رأي وجرّبَ كمَن علمَ وسمعِ. والدرجاتُ الثلاثةُ وردتْ في القرآنِ الكريمِ، قال تعالى:{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)} (التكاثر) ، فهاتانِ درجتانِ، والثالثةُ في قولِهِ تعالى:{إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ}(الواقعة:95)، والضميرُ عائدٌ على الموتِ وخروجِ الروحِ، فهو حقٌّ أي أنَّ الكلَّ سيجربُهُ حقًا ويموتُ. فاللهُ أكرمَ نبيَّهُ في المعراجِ برؤيةِ الغيبياتِ لهذه الحكمةِ.
    بل إنَّ الصحابةَ يزدادُ يقينُهُم وثباتُهُم وإيمانُهُم برؤيةِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلم فما بالُكَ برؤيةِ اللهِ؟!! فعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ:” لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ؟! قَالَ قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ”( مسلم).

     فينبغِي على كلِّ مسلمٍ أنْ يتذكرَ الغيبَ أمامَهُ، ويعملَ على كلِّ عملٍ يذكرُهُ بربِّهِ والآخرةِ؛ فذلك أدعَى لزيادةِ الإيمانِ وتثبيتِ القلبِ على طاعةِ الرحمنِ!
    نسألُ اللهَ أنْ يزيدَنَا إيمانًا ويقينًا وتقوى ،،،
    الدعاءُ،،،،،،،                                        وأقمْ الصلاةَ،،،،،                

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 8:18 am