الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 11 فبراير 2022م  “مخاطرُ الطلاقِ

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2683
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 11 فبراير 2022م   “مخاطرُ الطلاقِ Empty خطبة الجمعة القادمة 11 فبراير 2022م  “مخاطرُ الطلاقِ

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء فبراير 08, 2022 10:10 pm

    خطبة الجمعة القادمة 11 فبراير 2022م 
    “مخاطرُ الطلاقِ”
    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليه وسلم. أمَّا بعدُ:

    أولًا: أسبابُ ظاهرةِ الطلاقِ

    لقد اهتمَّ الإسلامُ بالأسرةِ اهتمامًا كبيرًا؛ لأنَّ الأسرةَ هي قوامُ المجتمعِ، وجعلَ الزواجَ بناءَ هذه الأسرةِ، وأحاطَهُ بسياجِ السكنِ والمودةِ والرحمةِ، وأخذَ الميثاقَ الغليظَ على الزوجينِ في استمراريةِ العلاقةِ الزوجيةِ، فقالَ تعالَى:
    {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء: 21). وقد جاءَ وصفُ هذا العقدِ بالميثاقِ الغليظِ في هذه الآيةِ الكريمةِ لقوتِهِ وعظمتِهِ ومدَى أهميتِهِ في بناءِ الأسرةِ، والميثاقُ الغليظُ يقتضِي الصحبةَ الصالحةَ، والمعاشرةَ بالمعروفِ، والتضحيةَ والبذلَ والوفاءَ والحبَّ والتفاهمَ، وفى ذلك إشارةٌ إلى قوةِ ومتانةِ هذا العقدِ الذي يعسرُ نقضُهُ، كالثوبِ الغليظِ الذي يعسرُ شقُّهُ أو تمزيقُهُ.
    ولمتانةِ هذا الميثاقِ الغليظِ أخذَهُ اللهُ على أنبيائِهِ عليهمُ السلامُ، فقالَ تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}. (الأحزاب: 7).
    وللحفاظِ على هذا الميثاقِ الغليظِ شُرِعَ الطلاقُ الرجعيُّ، حتى يكونَ هناك مهلةٌ وفرصةٌ للزوجين، وفي حالةِ الرجعةِ أو الطلاقِ لم يغفلْ الشرعُ الحكيمُ عن الالتزامِ بالمعروفِ وحسنِ المعاشرةِ في الحالين: حالِ الإمساكِ، وحالِ التسريحِ. قالَ تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.(البقرة: 229). ” وعن ابنِ عباسٍ قال: إذا طلقَ الرجلُ امرأتَهُ تطليقتينِ، فليتقِ اللهَ في الثالثةِ، فإمَّا أنْ يمسكَهَا بمعروفٍ فيحسنُ صحبتَهَا، أو يسرحَهَا بإحسانٍ فلا يظلمهَا مِن حقِّهَا شيئًا”.(تفسير ابن كثير).
    أيُّها الإخوةُ المؤمنون: لقد انتشرتْ ظاهرةُ الطلاقِ في المجتمعِ انتشارَ النارِ في الهشيمِ، ويرجعُ انتشارُ الطلاقِ إلى أسبابٍ كثيرةٍ. من ذلك: عدمِ الصّبرِ وتحملِ العبءِ؛ فتخرجُ العديدُ مِن النّساءِ مِن بيتِ زوجِهَا مهمَا كانتْ المشكلةُ بسيطةً. ومنها: تدخلاتِ الأهلِ في المشاكلِ الزوجيةِ، والأصحابِ عبرَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ فقد جاءَ في الحديثِ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا».(الحاكم وصححه ووافقه الذهبي). وخببَ: أفسدَ.
    ومنها: الخيانةِ الزّوجيةِ التّي يلجأُ إليها العديدُ من الأزواجِ دون الخوفِ من اللهِ تعالى، وضعفِ الوازعِ الدينيِّ عندَ الزّوجِ أو الزّوجةِ، والتّقصيرِ في أحدِ واجباتِ المنزلِ، أو استخدامِ الزّوجِ لأسلوبِ العنفِ في بيتِهِ، أو البخلِ، أو سهولةِ نطقِ كلمةِ الطّلاقِ عندَ الأزواجِ في جميعِ الأمورِ، وقد زادَ في وقتِنَا الحاضرِ طلبُ الزّوجةِ من الزّوجِ الطلاقَ مقابلَ إبراءِ ذمتِهِ ليتمَّ الطّلاقُ بسهولةٍ أكبر.
     ومِن أسبابِ انتشارِ مشكلةِ الطلاقِ أيضًا عدمِ استشعارِ بعضِ الأزواجِ أهميةَ هذا المشروعِ العظيمِ والميثاقِ الغليظِ وهو الزواجُ، فهم يعتبرونَهُ للوطءِ والجماعِ وتفريغِ الشهوة وحسب، ولا يلتفتُون أبدًا لكونِهِ موضعًا للرحمةِ والمودةِ، ومحلًا للاطمئنانِ والسكينةِ، ومحضنًا للتربيةِ وصناعةِ الأجيالِ.

    ومِن أسبابِ حصولِ الطلاقِ: الخطأُ الفادحُ في اختيارِ الزوجِ لزوجتهِ واختيارِ الزوجةِ لزوجِهَا.
    ومن أسبابِ حصولِ الطلاقِ أيضًا: تهاونُ وتقصيرُ الأزواجِ في مسألةِ الحقوقِ المتبادلةِ بينهم. واللهُ تعالى يقولُ : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } .(البقرة: 228). وبسببِ هذا التقصيرِ يحدثُ النزاعُ والفراقُ.
    هذه هي أسبابُ الطلاقِ المشهورةُ المنتشرةُ في المجتمعِ، نعرفُهَا لنتوقاهَا ونحذرُهَا، كما قالَ الشاعرُ:

    وقولُ حذيفةَ رضي اللهُ عنه :” كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي “.(البخاري).


    ثانيًا: مخاطرُ الطلاقِ وآثارُهُ على الفردِ والمجتمعِ

    الطلاقُ مشكلةٌ أسريةٌ عظيمةٌ، بسببِهَا تفرقتْ الأسرُ، وتهدّمتْ البيوتُ، وضاعتْ الذريّةُ وتأخرُوا في التعليمِ والدراسةِ، وقُطعتْ الأرحامُ والصلاتُ، وكثُرتْ الآثامُ، وانعدمتْ الرحمةُ والشفقةُ عندَ كثيرٍ من الآباءِ والأمهاتِ، وانتشرتْ الجرائمُ في المجتمعِ، وكثُرتْ الأمراضُ النفسيةُ عندَ الأبناءِ والآباءِ والأمهاتِ، وتزعزعَ الأمنُ والاستقرارُ، وغيرَ ذلك من المخاطرِ والآثارِ السيئةِ على الفردِ والمجتمعِ، لهذا فإنَّ إبليسَ يبعثُ جنودَهُ في الأرضِ، ويجعلُ الجنديَّ البارعَ – الذي فرقَ بينَ الزوجينِ وهدمَ الأسرةَ – أقربَهُم منهُ منزلةً. فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً،
    يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ ” قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ». (مسلم).

    فعلينَا أنْ نتنبَّهَ لذلك، وأنْ نتَذَكَّرَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا }. وقولَ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلم : «لَا يَفْرَكْ [أَيْ لاَ يُبْغِضْ] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ».(مسلم).

    ثالثًا: رسالةٌ عاجلةٌ إلى الزوجينِ

    وأخيرًا: نداءٌ ورسالةٌ إلى الزوجينِ:
    فأقولُ للزوجِ: أيُّها الزوجُ، يا مَن تريدُ طلاقَ زوجَتِكِ، كيفُ هي حياتُكَ بعدَهَا؟ وكيف سيكونُ أبناؤُكَ وبناتُكَ؟ وإلى أيِّ مآلٍ ستتجهُ حياتُكَ واهتماماتُكَ؟ فاللهَ اللهَ في الحكمةِ والصبر، والتدرجِ في معالجةِ الأمورِ، وجَرِّبِ النُّصْحَ لِزَوْجِكَ، وامتثلْ قولَهُ تعالى: { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا }.(النساء: ) وَحَاوِلِ الصُّلْحَ بِحَكَمٍ مِنْ أَهْلِهَا وَحَكَمٍ مِنْ أَهْلِكَ. { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا }.(النساء: ). وكنْ لزوجِكَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم : ” خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي” .(الترمذي وحسنه). واحذرْ من الغفلةِ والغضبِ التي توردُكَ مواردَ الندمِ والحسرةِ.
    وأقولُ للزوجةِ: أيّتُها الزوجةُ، يا مَن تريدينَ الطلاقَ، استشعرِي ما هو حالُكِ بعدَ أنْ تفقدِي نعمةَ الزوجِ، سيئولُ للعنوسةِ والوحدةِ والانطواءِ، وحملِ لقبٍ منبوذٍ في المجتمعِ (مطلقة)، وقد لا يقدرُ اللهُ لكِ زواجًا آخرَ، واصبرِي على علّاتِ زوجِكِ، واحتسبِي الأجرَ على ذلك، وانظرِي إلى مواطنِ الإيجابيةِ فيه، واعلمِي أنّ طاعتكِ لزوجكِ وخدمتكِ لأولادكِ طريقٌ إلى الجنة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خُمُسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ
    أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ».( ابن حبان وصححه الأرنؤوط)، واحذرِي أنْ تطلُبِي منهُ الطلاقَ من غيرِ سببٍ واضحٍ، فذلك ذنبٌ عظيمٌ وعقوبتُهُ عظيمةٌ. فعَنْ ثَوْبَانَ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم : ” أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ “(ابن ماجة بسند صحيح).
    فما أجملَ أنْ يعيشَ الزوجانِ في عشِّ الزوجيةِ تحتَ ظلالِ الحبِّ والسكنِ والمودةِ والرحمةِ، حتى يسودَ الأمنُ والاستقرارُ بينَ الأسرِ وأفرادِ المجتمعِ.
    نسألُ اللهَ أنْ يباركَ لنا في أزواجِنَا وأولادِنِا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ ،،،
    الدعاء،،،،،،،                                        وأقم الصلاة،،،،،   

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 8:13 pm