الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 14/1/2022 القيم المجتمعية

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2670
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 14/1/2022 القيم المجتمعية Empty خطبة الجمعة القادمة 14/1/2022 القيم المجتمعية

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الأربعاء يناير 12, 2022 7:53 pm

    خطبة الجمعة القادمة 14/1/2022
    القيم المجتمعية

     
    أولًا: أهميةُ القيمِ والأخلاقِ ومكانتُهَا في الإسلامِ
    ثانيًا: نماذجٌ مِن القيمِ المجتمعيةِ
    ثالثًا: أثرُ القيمِ والأخلاقِ في صلاحِ الأمةِ
     

    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إِلَهَ إِلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه وسلم.  أما بعدُ:



    أولًا: أهميةُ القيمِ والأخلاقِ ومكانتُهَا في الإسلامِ:

    إنّ للقيمِ والأخلاقِ أهميةً كُبرى في الإسلامِ، وإنَّنَا لو نظرنَا إلى الدينِ الإسلاميِّ لوجدنَاهُ ينقسمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ: عقيدةٍ: وتتمثلُ في توحيدِ اللهِ تعالى، وشريعةٍ: وتتمثلُ في العباداتِ من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍّ وغيرِهَا، وقيمٍ أخلاقيةٍ: وتتمثلُ في الأخلاقِ الفاضلةِ في التعاملِ مع الآخرين. وكلُّ قسمٍ من هذه الأقسامِ الثلاثةِ يمثلُ ثلثَ الإسلامِ، فالعقيدةُ تمثلُ ثلثَ الإسلامِ، لذلك كانتْ سورةُ الإخلاصِ تعدلُ ثلثَ القرآنِ؛ لاشتمالِهَا على الجانبِ العقدِي، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ” (متفق عليه )، وكذلك العباداتُ تعدلُ ثلثَ الإسلامِ، والقيمُ والأخلاقُ- التي يظنُّ البعضُ أنّه لا علاقةَ لها بالدينِ – تعدلُ ثلثَ الإسلامِ، بل الإسلامَ كلَّهُ .

    فقد أخبرَنَا  النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أنّ الهدفَ مِن بعثتِهِ غرسُ مكارمِ الأخلاقِ في أفرادِ المجتمعِ. فقال:” إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمَّمَ صالحَ  الأخلاقِ” [أحمد والبيهقي والحاكم وصححه]. قال المناويُّ: “أي أُرسلتُ لأجلِ أنْ أكملَ الأخلاقَ بعدَ مَا كانتْ ناقصةً، وأجمعُهَا بعدَ التفرقةِ.” وقد وقفَ العلماءُ عندَ هذا الحديثِ قائلين: لماذا حصرَ النبيُّ بعثتَهُ في مكارمِ الأخلاقِ مع أنَّه بُعِثَ بالتوحيدِ والعباداتِ وهي أرفعُ منزلةً وأهمُّ مِن الأخلاقِ؟!!
    والجوابُ: أنّ التوحيدَ والعباداتِ شُرعتْ مِن أجلِ ترسيخِ القيمِ  والأخلاقِ بينَ أفرادِ المجتمعِ، فالغايةُ والحكمةُ من تشريعِ العباداتِ هي غرسُ الأخلاقِ والقيمِ الفاضةِ، كما في الصلاةِ والزكاةِ والصومِ والحجِّ وغيرِهَا .
    ولأهميةِ القيمِ والأخلاقِ أصبحتْ شعارًا للدينِ (الدينُ المعاملةُ) فلم يكن صلاةً ولا زكاةً ولا صومًا فحسب.
    قال الفيروزُ آبادِي رحمه اللهُ تعالى: “اعلم أنّ الدينَ كلَّهَ خُلقٌ، فمَن زادَ عليك في الخلقِ، زادَ عليكَ في الدينِ”.

    بل إنّ حسنَ الخُلقِ مِن كمالِ الإيمانِ، فصاحبُ الأخلاقِ الحسنةِ يكونُ كاملَ الإيمانِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا 

    أحسنُهُم خلقًا “: لأنّ كمالَ الإيمانِ يوجبُ حسنَ الخلقِ والإحسانَ إلى كافةِ الإنسانِ، ” وخيارُكُم خيارُكُم لنسائِهِم “: لأنَّهنَّ محلَ الرحمةِ لضعفِهِنّ.
    ولو طوفنَا حولَ القرآنِ الكريمِ لوجدنَا أنّ جميعَ الرسالاتِ السماويةِ كلِّهَا تدعو إلى مكارمِ الأخلاقِ والبعدِ عن سيئِهَا، كما جاءَ على لسانِ الرسلِ عليهمُ السلامُ .
    وهكذا تظهرُ أهميةُ القيمِ والأخلاقِ ومكانتُهَا في الإسلامِ، حتى أصبحتْ شعارًا للدينِ تمثلُهُ كلُّهُ .


    ثانيًا: نماذجٌ مِن القيمِ المجتمعيةِ:

    هناك قيم؟ اجتماعيةٌ عديدةٌ يجبُ أنْ نتحلَّى بها، ومِن أهمِّ هذه القيمِ:
    قضاءُ الحوائجِ: فما أجملَ أنْ يسعى الإنسانُ في قضاءِ حوائجِ الناسِ وتفريجِ كروبِهِم، فقد جاءَ في الحديثِ:” مَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ؛ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ”.(متفق عليه) .وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ“: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ”(مسلم). قالَ الإمامُ النوويُّ: ” فيه فضلُ قضاءِ حوائجِ المسلمينَ ونفعِهِم بما تيسرَ مِن علمٍ أو مالٍ أو معاونةٍ أو إشارةٍ بمصلحةٍ أو نصيحةٍ وغيرِ ذلك، وفضلُ السترِ على المسلمين، وفضلُ إنظارِ المعسرِ.” (شرح النووي على مسلم). ويقولُ الحسنُ البصريُّ رحمه اللهُ: ” لأنْ أقضِي حاجةً لأخٍ أحبُّ إليَّ مِن أنْ أُصلي ألفَ ركعةٍ، ولأنْ أقضِي حاجةً لأخٍ أحبُّ إليَّ مِن أنْ أعتكفَ شهرين”.

    ومنها: التعاونُ والتشاركُ في الخيرِ: مصداقًا لقولِهِ تعالي:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى }( المائدة: 2)؛ يقولُ الطاهرُ بنُ عاشورٍ – رحمه اللهُ –: ” أي: ليعنْ بعضُكُم بعضًا على البرِّ والتقوى. وفائدةُ التعاونِ تيسيرُ العملِ ، وتوفيرُ المصالحِ ، وإظهارُ الاتحادِ والتناصرِ، حتى يصبحَ ذلك خلقًا للأمةِ .” (التحرير والتنوير) .
    فالتعاونُ والتشاركُ  يجعلُ الجميعَ كالفردِ الواحدِ وكالجسدِ الواحدِ، تسعدُ الأعضاءُ بسعادتِهِ وتحزنُ لحزنِهِ، فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”(مسلم) .وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.”(متفق عليه).
    ومنها: رعايةُ ذوِي الاحتياجاتِ الخاصةِ: وذلك بقضاءِ حوائجِهِم والرفقِ بهم، اقتداءً بالنبيِّ – صلى الله عليه وسلم-، فعن أنسٍ رضي اللهُ عنه: أنّ امرأةً كان في عقلِهَا شيءٌ، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ إنّ لي إليكَ حاجةً! فَقَالَ: “يَا أُمّ فُلاَنٍ! انظرِي أَيَّ السّكَكِ شِئْتِ، حَتّىَ أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ”، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا (مسلم). وهذا من حلمِهِ وتواضعِهِ صلى الله عليه وسلم وصبرِهِ على قضاءِ حوائجِ ذويِ الاحتياجاتِ الخاصةِ، وفي هذا دلالةٌ على فضلِ رعايةِ ذوِي الاحتياجاتِ الخاصةِ، فهم سببٌ في النصرِ وسعةِ الرزقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟!”(البخاري)
    ومنها: التثبتُ عندَ نقلِ الأخبارِ: قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }( الحجرات: 6 ) . يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ: ” يأمرُ تعالى بالتثبتِ في خبرِ الفاسقِ ليُحتَاطَ لهُ، لِئَلا يحكمَ بقولِهِ فيكونَ -في نفسِ الأمرِ-كاذبًا أو مخطئًا، فيكونَ الحاكمُ بقولِهِ قد اقتفَى وراءَهُ، وقد نَهَى اللهُ عن اتباعِ سبيلِ المفسدين ” . فكثيرٌ من الناسِ وللأسفِ لا يتثبتونَ في نقلِ الأخبارِ، ويصدرونَ الخبرَ، قال بعضُهُم: أو زعمُوا أو أكدَتْ مصادرٌ مطلعةٌ أو غيرُ ذلك . وقد ذمَّ الرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم هذه الصيغَ المجهولةَ، فقال -: “بئسَ مَطِيَّةُ الرجلِ: زعمُوا” [أبو داود
    هذه الكلمةُ التي يبدأُ بها مروجُ الإشاعاتِ، فهو حتمًا لم يتثبتْ من الأمرِ، هدفُهُ من نشرِ الأخبارِ إمّا المصلحةُ الماديةُ أو الحصولُ على منصبٍ، أو الظهورُ الإعلاميُّ؛ أو مجاراتُ الناسِ وكسبُ ودّهِم بقذفِ الناسِ والخوضِ في أعراضِهِم؛ أو غرسُ الفتنةِ بينَ أفرادِ المجتمعِ.
    ومنها: إصلاحُ ذاتِ البينِ: وهذه من أهمِّ القيمِ، إصلاحُ ذاتُ البينِ بينَ طوائفِ المجتمعِ؛ استجابةً لقولِهِ تعالى: { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (الأنفال:1)، فإصلاحُ ذاتِ البينِ مِن أعظمِ القرباتِ، يقولُ عليه الصلاةُ والسلامُ: “أَلَا أُخبركُم بأفضلِ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟” قالوا: بلى، قال: “إصلاحُ ذاتِ البينِ، فإنّ فسادَ ذاتِ البينِ هي الحالقةُ، لا أقولُ: تحلقُ الشعرَ، ولكنْ تحلقُ الدينَ” (أبو داود بإسناد صحيح).
    لذلك أخبرَنَا النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أحاديثَ كثيرةٍ، أنّ الشحناءَ والخصامَ سببٌ لمنعِ المغفرةِ والرحماتِ والبركاتِ ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا” (مسلم) . فبادرْ أنتَ بالخيرِ إذا أعرضَ عنكَ أخوكَ وكنْ أنتَ الأخيرَ ، فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ”(متفق عليه) .


    ثالثًا: أثرُ القيمِ والأخلاقِ في صلاحِ الأمةِ:

    تُعَدُّ القيمُ الاجتماعيّةُ والأخلاقُ من أهمِّ الروابطِ التي تربطُ بينَ أفرادِ المجتمعِ، بها تنتشرُ المحبةُ بينَ أفرادِ المجتمعِ، وتعمُّ الأخوّةُ بينهم، فصلاحُ الأمةِ في القيمِ والأخلاقِ،

    يجبُ علينَا أنْ نتخلَّى عن كلِّ قبيحٍ من القيمِ السلبيةِ، وأنْ نتحلَّى بكلِّ حسنٍ وجميلٍ من القيمِ الفاضلةِ، مهما كانتْ المواقفُ والظروفُ والملابساتُ، ولنا القدوةُ في سلفِنَا الصالحِ ، فهذا أبو بكرٍ الصديقُ رضي اللهُ عنه يتراجعُ عن قرارِهِ في قطعِ النفقةِ عن مسطحٍ، بعدَ أنْ خاضَ مسطحٌ في حديثِ الإفكِ، الذي مسَّ عائشةَ رضي اللهُ عنها ، وذلك بعدَ نزولِ قولِهِ تعالى: { وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.( النور : 22).
    فقال أبو بكرٍ الصديقُ واللهِ إنِّي لأحبُّ أنْ يغفرَ اللهُ لي، فَرَجعَ إِلَى مسْطَح النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، وبمثلِ هذه المعاييرِ تنتصرُ قيمُ الخيرِ والفضيلةِ، كقيمةِ الصفحِ والعفوِ، على كلِّ دوافعِ النفسِ الأمّارةِ بالسوءِ، كالغضبِ والتشفِّي وحبِّ الانتقامِ، وتحققُ للفردِ الإحساسَ بالأمانِ، فهو يستعينُ بالقيمِ على مواجهةِ ضعفِ نفسِهِ والتحدياتِ والمحنِ التي تصادفُهُ في حياتِهِ.
    فعلينَا أنْ نتخلقَ بأخلاقِ الرسولِ – صلى اللهُ عليه وسلم – وأنْ نتأدبَ بآدابِهِ، وَنُفَعِّلَ هذه القيمَ والأخلاقَ على أرضِ الواقعِ، كما كان الصحابةُ دائمًا يسألونَ عن أخلاقِهِ صلى اللهُ عليه وسلم؛ ليقتدُوا بِه،فقد سُئِلَتْ أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي اللهُ عنها عن أخلاقِهِ فقالتْ:” كان خُلقُهُ القرآنَ “ ( مسلم)، قال الإمامُ الشاطبيُّ: “وإنّما كان خلقُهُ القرآنَ؛ لأنَّه حكَّمَ الوحيَ على نفسِهِ، حتى صارَ في علمِهِ وعملِهِ على وِفْقِه، فكان الوحيُ حاكمًا وافقًا قائلًا، وكان هو عليه الصلاةُ والسلامُ مذعنًا ملبِّيًا نداءَهُ؛ واقفًا عندَ حكمِهِ .”(الاعتصام).
     فكان صلى اللهُ عليه وسلم قرآنًا يمشي على الأرضِ، أي كان حريصًا على تطبيقِ ما في القرآنِ.
     فعلينَا أنْ نجسدَ قيمَنَا وأخلاقَنَا على أرضِ الواقعِ، وأنْ نقابلَ الإساءةَ بالإحسانِ، فقد روي أنَّه عليه السلامُ مرَّ بقومٍ من بنِي إسرائيل فقالوا له شرًّا ، فقال خيرًا، فقِيل له: إنهم يقولون لك شرًا وتقولُ خيرًا؟! فقال لهم عليه السلامُ : كلُّ واحدٍ ينفقُ مِمَّا عندَهُ !!
    إنّنا في حاجةٍ إلى أنْ نقفَ وقفةً مع أنفسِنَا وأولادِنَا وأهلينَا في غرسِ القيمِ ومكارمِ الأخلاقِ والتحلِّي بها، نحتاجُ إلى أنْ نولدَ من جديدٍ بالقيمِ والأخلاقِ الفاضلةِ، نحتاجُ إلى أنْ نغيرَ ما في أنفسِنَا مِن غلٍّ وحقدٍ وكرهٍ وبخلٍ وشحٍ، إلى حبٍّ وتعاونٍ وإيثارٍ، إذا كُنَّا نريدُ حضارةً ومجتمعًا ودولةً !!! فهل لذلك أذنٌ واعيةٌ ؟!!
    اللهم اهدِنَا لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنِهَا إلا أنت
     واصرفْ عنا سيئها لا يصرفُ عنا سيئها إلا أنت.!! اللهم آمين؛؛؛؛
    الدعاء،،،،،،،                                        وأقم الصلاة،،،،،                     

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 4:53 pm