الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 15 أكتوبر 2021م النبي القدوة (صلى الله عليه وسلم) في بيته وحياته

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 15 أكتوبر 2021م النبي القدوة (صلى الله عليه وسلم) في بيته وحياته   Empty خطبة الجمعة القادمة 15 أكتوبر 2021م النبي القدوة (صلى الله عليه وسلم) في بيته وحياته

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء أكتوبر 12, 2021 12:50 pm

    خطبة الجمعة القادمة 15 أكتوبر 2021م
    النبي القدوة (صلى الله عليه وسلم) في بيته وحياته


    أولًا: النبيُّ القدوةُ صلى الله عليه وسلم في بيتهِ

    ثانيًا: صورٌ مشرقةٌ مِن تأسِّي الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم

    ثالثًا: وجوبُ الاقتداءِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم في حياتنا العملية


    الحمدُ للهِ نحمدهُ ونستعينهُ ونتوبُ إليه ونستغفرهُ ونؤمنُ به ونتوكلُ عليه ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا؛ ونشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له وأن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلى الله عليه وسلم.أما بعدُ:

    أولًا: النبيُّ القدوةُ صلى الله عليه وسلم في بيتهِ

    لقد كان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم خيرَ قدوةٍ للأمةٍ في تطبيقِ هذا الدينِ الحنيفِ ؛ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا } (الأحزاب: 21) ؛ وهذهُ الآيةُ الكريمةُ أصلٌ كبيرٌ في التأسيِ برسولِ اللهِ- صلى اللهُ عليه وسلم- في أقوالهِ وأفعالهِ وأحوالهِ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم خيرَ مثالٍ يُقتدَى به في بيتهِ ومع أهلهِ وبناتهِ ونسائهِ والناسِ أجمعين .

    ففي بيتهِ: تصورُ لنا السيدةُ عَائِشَةُ رضي اللهُ عنها حالَهُ في بيتهِ فتقولُ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ- فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ”.(البخاري). وفي روايةٍ:” كان صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يخصفُ نعلَهُ، ويخيطُ ثوبَهُ، ويعملُ في بيتهِ كما يعملُ أحدُكُم في بيتهِ”.(أحمد والترمذي).

    وفي تعاملهِ مع أبنائهِ: كان -عليه الصلاةُ والسلامُ- كثيرَ الاهتمامِ والعنايةِ بأبنائهِ، وقد زخرتْ كتبُ السيرةِ النبويةِ بمواقفَ كثيرةٍ تؤكّدُ هذا؛ فقد جاء الحديثُ عن عائشةَ يُبيّنُ كيفيّةَ تَعاملِ النبيّ مع ابنتهِ فاطمةَ، واحترامهِ لها، وإكرامهِ إيّاها، فقد قالتْ:” كانتْ إذا دخَلَتْ عليه قامَ إليها، فأخَذَ بيدِها وقبَّلَهَا وأَجْلَسَهَا في مجلسِهِ، وكان إذا دخَلَ عليها قامتْ إليه، فأَخَذَتْ بيدِه فقَبَّلَتْهُ وأَجَلَسَتْهُ في مجلسِهَا”. (أبوداود بسند حسن).



    وفي تعاملهِ مع زوجاتهِ: كان صلى اللهُ عليه وسلم شديدَ التلطُّفِ مَعهُنّ, حريصًا كُلَّ الحرصِ على إدخالِ الفرحِ والسرورِ على زوجاتهِ، فعن عائشةَ قالت:” كُنْتُ أشْرَبُ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وأَتَعَرَّقُ العَرْقَ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ “. (مسلم). كما رُوِي عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ قَالَتْ: فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَىَّ, فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي فَقَالَ:‏ هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ‏ .‏(أبوداود).

    كما كان صلى الله عليه وسلم يتعاملُ مع كُلِّ واحدةٍ منهنّ بما يُناسبُ عُمرهَا وميولهَا، ومِن ذلك موقفُهُ مع زوجتِه عائشةَ رضي اللهُ عنها، حيث تقولُ: ” وَاللَّهِ لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَقُومُ علَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بحِرَابِهِمْ، في مَسْجِدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، يَسْتُرُنِي برِدَائِهِ، لِكَيْ أَنْظُرَ إلى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ مِن أَجْلِي، حتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتي أَنْصَرِفُ، فَاقْدِرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، حَرِيصَةً علَى اللَّهْوِ “. (البخاري ومسلم واللفظ له).

    وفي تعاملهِ مع أحفادهِ: كان –صلى الله عليه وسلم- يُسمِّيهم بأحسن الأسماءِ، وكان يُقبّلُهُم، ويحملُهُم على ظهرِهِ، ويُحبُّهٌم كثيرًا، ويُلاعبُهُم، ويضحَكُ معهم، ويَرْقِيهم في حال مرضِ أحدِهم، وكان يُجلسُ بعضهُم على الدابّةِ، وبهذا يتبيّنُ أنّ علاقتَهُ بهم كانت علاقةَ المُحِبِّ لهم، والحنونِ عليهم. ومِن شواهد ذلك :

    عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:” قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ” (متفق عليه)؛ وعن عَبْد اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ : ” صَدَقَ اللَّهُ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ( التغابن: 15 )، رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ” ، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ.” ( أبو داود والبيهقي والحاكم وصححه ).



    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن شَدَّادِ بن الْهَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي إِحْدَى صَلاتَيِ النَّهَارِ: الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ، وَهُوَ حَامِلٌ الْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ، فَتَقَدَّمَ فَوَضَعَهُ عِنْدَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى، فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَةً فَأَطَالَهَا، فَرَفَعْتُ رَأْسِيَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ، وَإِذَا الْغُلامُ رَاكِبٌ ظَهْرَهُ، فَعُدْتُ فَسَجَدْتُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ نَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَقَدْ سَجَدْتَ فِي صَلاتِكَ هَذِهِ سَجْدَةً مَا كُنْتَ تَسْجُدُهَا، أَشَيْئًا أُمِرْتَ بِهِ، أَوْ كَانَ يُوحَى إِلَيْكَ؟ قَالَ:”كُلٌّ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعْجِلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ”.(أحمد والطبراني والحاكم وصححه).

    وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : رَأَيْتُ ” النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَلَى عَاتِقِهِ ، ” فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا “. (مسلم).

    وفي تعاملهِ مع الخدمِ والعبيدِ: كان صلى اللهُ عليه وسلم رحيمًا بهم. فعن أَنَسٍ قَالَ: “خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ”، وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: “مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ “(البخاري ومسلم).

    ثانيًا: صورٌ مشرقةٌ مِن تأسِّي الصحابة بالنبيّ صلى الله عليه وسلم

    تعالوا بنا لنعرضَ صورًا مشرقةً لاقتداءِ وتأسِّيِ الصحابة بالرسولِ صلى الله عليه وسلم في كل شيءٍ.

    فقد أرشدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم صحابتَهُ إلى أنْ يقتدوا به في أقوالِه وأفعالِه، ولا سيما في العباداتِ، فلم يُعِدّ مجلساً لشرحِ أركانِ الصلاةِ وسننِها ومبطلاتِها كما نفعلُ الآن، وإنما قال: ” صلُّوا كما رأيتُموني أصلِّي ” ( البخاري)، وفي الحجِّ قال: “خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ” . ( مسلم والنسائي).

    ولذلك كان عمرُ – رضي الله عنه- يُقبّلُ الحجرَ الأسودَ ويقولُ: واللهِ إني أعلمُ أنك حجرٌ لا تنفعْ ولا تضرْ ؛ ولولا أني رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقبلُكً ما قبلتُكَ !! ( متفق عليه ).

    وفي الصيامِ اقتدوا به في الوصالِ، فنهاهُم رحمةً ورأفةً بهم وشفقةً عليهم.

    فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:” نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟! إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ؛ فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ؛ فَقَالَ: لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ؛ كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا”. (البخاري).

    ولشدةِ اقتداءِ الصحابةِ به -صلى الله عليه وسلم- اتبعوه في خلعِ نعلهِ أثناءَ الصلاةِ، مع أنّ هذا الأمرَ خاصٌ به– لعارضٍ- دون غيرهِ. فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِذْ وَضَعَ نَعْلَيْهِ عَلَى يَسَارِهِ فَأَلْقَى النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ ، قَالَ: ” مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ ؟ “، قَالُوا : رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ فَأَلْقَيْنَا، فَقَالَ: ” إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ أَذًى فَمَنْ رَأَى – يَعْنِي – فِي نَعْلِهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا .” ( أبو داود والحاكم والببهقي ).



    أختمُ هذه الصورَ والمواقفَ في شدةِ التأسيِ والاقتداءِ به – صلى الله عليه وسلم – بموقفٍ رائعٍ لسيدنا عبدِالله بن عمر رضي اللهُ عنهما .



    فقد روي أنّ الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- مرّ على طريقٍ يومًا ثم نزلً مِن فوقِ ظهرِ ناقتهِ، وصلى ركعتين، فصنعَ ابنُ عمر ذلك إذا جمعَهُ السفرُ بنفس البقعةِ والمكانِ . فَسُئلَ عن ذلك؟ فقال: رأيتُ الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- يفعلُ ذلك ففعلتُ!! بل إنه ليذكر أنّ ناقةَ الرسولِ دارتْ به دورتين في هذا المكانِ بمكة، قبل أنْ ينزلَ الرسولُ من فوق ظهرِها، ويصلي ركعتين، وقد تكونُ الناقةُ فعلتْ ذلك تلقائيًا لتهيئَ لنفسِها مناخَها؛ لكنّ عبدَاللهِ بن عمر لا يكادُ يبلغُ ها المكان يومًا حتى يدورَ بناقتِه، ثم يُنيخهَا، ثم يصلي ركعتين لله.. تماماً كما رأى المشهدَ من قبل مع رسول اللهِ – صلى الله عليه وسلم – !!!

    وبعدُ, فهذا غيضٌ من فيضٍ لصورِ اقتداءِ وتأسي الصحابة برسول اللهِ – صلى الله عليه وسلم – في جميع أقوالِه وأفعالِه وأحوالِه ؛ فعلينا الاقتداءَ والتأسِّي به كما سيأتي مفصلاً في عنصرِنا التاليِّ إنْ شاء اللهُ تعالى .

    ثالثًا: وجوبُ الاقتداءِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم في حياتِنا العمليةِ

    إنّه يجبُ علينا الاقتداء برسول اللهِ صلى الله عليه وسلم لأنه خيرُ قدوةٍ لنا . قال ذو النون المصري: ” من علاماتِ المحبِّ لله عز وجل متابعةُ حبيبِ اللهِ– صلى الله عليه وسلم – في أخلاقهِ وأفعالهِ وأوامرهِ وسننهِ “.

    ألا ما أحوجنَا أنْ نرجعَ من جديدٍ إلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ لنسيرَ على دربهِ، وندافعَ عنه وعن سنتهِ من كيدِ الكائدين وحقدِ الحاقدين؛ تصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: ” عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ؛ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ؛ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ” ( أبو داود والترمذي وصححه). يقول الإمامُ ابنُ حزمٍ – رحمهُ اللهُ : “من أرادَ خيرَ الآخرةِ وحكمةَ الدنيا وعدلَ السيرةِ، والاحتواءَ على محاسنِ الأخلاقِ كلِّها، واستحقاقَ الفضائلِ بأسرِها، فليقتدِ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، وليستعملْ أخلاقَه وسيرَه ما أمكنَه “. (الأخلاق والسير).

    فيجبُ علينا أنْ نكونَ قدوةً لأبنائِنا وبناتِنا ونسائِنا وجميعِ أفرادِ مجتمعِنا, إذا كنا نريدُ أن نبنيَ مجتمعًا فاضلًا مؤسسًا على القيمِ والفضائلِ والأخلاقِ النبويةِ!! نحتاجُ جميعًا إلى تفعيلِ منظومةِ الأخلاقِ على أرضِ الواقعِ؛ وإلا فلا بناءَ لمجتمعٍ كما قال أحدُهُم :

    ومتى يبلغُ البنيانُ يوما تمامهُ……. إذا كنتَ تبنيهِ وغيرُكَ يهدمُ؟!!

    أختمُ بهذه الصورةِ لسلفِنا الصالحِ وكيف كانوا قدوةً لغيرهِم؟!

    يروى أنّ عبيدَ البصرةِ جاؤوا يوما إلى الحسنِ البصريِ ( شيخ الواعظين) في أولِ يومٍ من أيام رمضان وهو يعظُ في مسجدِ البصرةِ، وشكوا له سوءَ معاملةِ الأسيادِ لهم، وتوسلوا إليه أنْ يخطبَ خطبةً يحثُّ فيها على فضلِ عتقِ الرقابِ، فوعدَهُم خيرًا .

    وانتظر العبيدُ خطبةَ الجمعةِ، ثم الجمعةِ التاليةِ، ثم الثالثةِ من دون أنْ يخطبَ الحسنُ البصريُّ كما وعدَهُم.

    ومرَّ عامٌ وجاء رمضانُ الذي يليه، وفي أولِّ أيامِ رمضان إذ بالحسنِ البصريِّ يتكلمُ عن فضيلةِ عتقِ الرقابِ، حثَّ الناسَ فيها على عتق العبيدِ، و لم يبقَ أحدٌ ممن سمعَها إلا خرجَ وأعتقَ عبيدَه، وبعد أن تحررَ العبيدُ اجتمعَ بعضُهم في بيتهِ، وقالوا له: ما الذي أخركَ عن الخطبةِ هذه المدة؟! قال لهم: كنتُ لا أملكُ عبدًا، ولم يكنْ معي ما أشتري به عبدا لأعتقَهُ، فلما رزقني اللهُ ثمنَ عبدٍ اشتريتُه وأعتقتُه حتى أكونَ قد طبقتُ الكلامَ على نفسي أولا، فخرجَ الكلامُ صادقًا من القلب فوصلَ إلى قلوب الناسِ.

    فكم نسمعُ ونقرأُ !! هل طبقنَا ذلك على أنفسِنا ؟! وهل اقتدينا به صلى الله عليه وسلم في أقواِلنا وأفعالِنا؟!

    نسأل اللهَ أنْ يرزقَنا الاقتداءَ والتأسّي بالنبي صلى الله عليه وسلم ،،،،،،

    الدعاء،،،، وأقم الصلاةَ،،،،

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 8:02 am