الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة 10 صفر 1443 هـ 17 سبتمبر 2021م

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2689
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة   10 صفر 1443 هـ  17 سبتمبر 2021م Empty خطبة الجمعة 10 صفر 1443 هـ 17 سبتمبر 2021م

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد السبت سبتمبر 11, 2021 10:03 pm

    خطبة الجمعة
    10 صفر 1443 هـ
    17 سبتمبر 2021م

    حق الوطن والمشاركة في بنائه
    الحمد لله رب العالمين ، القائل في كتابه الكريم: )ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ(، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .

    وبعد :

    فإن حق الوطن علي أبنائه من أوجب الحقوق وآكدها ، والمشاركة في بنائه ورقيه من أعظم المهمات وأشرفها ؛ فالوطن أحد الكليات الست التي أحاطها الشرع الحنيف بسياجات عظيمة من الحفظ والصيانة ، فالحر الكريم يفتدي وطنه بالنفس

    والنفيس ولله در القائل :

    وللأوطان في دم كل حر
    يد سلفت ودين مستحق
    ومما لا شك فيه أن من يفهم دينه فهما صحيحا يدرك أن العلاقة بين الدين والدولة ليست علاقة عداء ولن تكون، وأن فهم صحيح الدين يسهم وبقوة في بناء واستقرار دولة عصرية حديثة تقوم علي أسس وطنية راسخة، كما أن الدولة الرشيدة لا يمكن أن تصطدم بالفطرة الإنسانية التي تبحث عن الإيمان الرشيد الصحيح .

    وقد جسَّد نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) معني حب الوطن في قوله (صلي الله عليه وسلم) حين أخرجه قومه من مكة المكرمة ، فخاطبها قائلا : (ما أطيبَكِ من بلدٍ وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سَكَنتُ غيرَكِ).


    علي أن حب الوطن ليس مجرد كلمات تقال، أو شعارات ترفع ؛ إنما هو سلوك وتضحيـات، وحقوق تؤدي، من أعلاها وأشرفها : التضحية في سبيل الـــوطن وحمايته من أي خطر يتهدده، أو يقــوض بنيانه ، أو يزعزع أركانه ، أو يروع مواطنيه، فحماية الأوطان من صميم مقاصد الأديـــان، وهذا سبيل الشرفاء ، والعظماء الأوفياء، فالوطنية الحقيقية فداء، وتضحية، واعتزاز بالوطن وترابه واحترام لعلمه ونشيده وسائر مقدراته ومؤسساته.

    الوطنية الحقيقية تقتضي الحفاظ علي المال العام ، فهو ركيزة أساسية للدولة، تدير به شئونها، وتقيم مؤسساتها، وتقدم خدماتها، وترتقي بأفرادها ومجتمعها، وتسهم من خلاله في بناء حضارتها، يقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم ): ” إنَّ رجالًا يَتخوَّضونَ في مالِ اللَّهِ ورسولِهِ بغَيرِ حقٍّ لَهُمُ النَّارُ يومَ القيامةِ” والمال العام أحق بالحفاظ عليه .

    الوطنية الحقيقية تقتضي دعم منتجات الوطن صناعة، وزراعة، وتجارة ، وتسويقا؛ بما ينمي قيمة الولاء والانتماء للوطن، ويحقق الرخاء الاقتصادي لأبنائه ؛ فكلما بذلنا الجهد عملا وإتقانا عظمنا من قدرات بلدنا الاقتصادية ، وكلما أقبلنا علــي منتجات الوطن بيعـًا وشراءً وتجارة كلما أعطينا المنتجين والمصنعين الفرصة لرفع القدرة التنافسية، وساهمنا في توفير المزيد من فرص العمل لأبنائنا .

    كما أنها تقتضي احترام النظام العام ، والالتزام بالقوانين؛ إذ لابد لكل فئة تتعايش في مجتمع واحد من بعض الأنظمة والقواعد العادلة التي تضبط سلوك الإفراد وتحفظ علي الإنسان حقوقه، ويلزم فيها بأداء ما عليه من واجبات ، وبدون النظام لن ينال الناس حقوقهم، ولن يتحقق لهم العدل ؛ فالالتزام بالقوانين سلوك ديني وحضاري، ودعامة لابد منها للحفاظ علي كيان الدول وأمنها واستقرارها ونمائها.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم )، وعلي آله وصحبه أجمعين إن الوطنية الحقيقية تقتضي المشاركة بإخلاص في بناء الوطن، ويكون ذلك من خلال إتقان العمل، وجودة الإنتاج؛ بما يؤدي إلي تقدم الوطن وازدهاره، فإن ديننا الحنيف لا يطلب من الناس مجرد العمل ؛ إنما يطلب إتقانه وإحسانه ، حيث يقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) : ( إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ)، وقد قالوا : إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل، وأصالته ،ونبله ،وشهامته ؛ فانظر إلي مدى ولائه لوطنه ، وحسن انتمائه له ، وحنينه إليه ، وعمله لأجله .

    فما أحوجنا إلي تضافر جهود المجتمع كله في بناء الوطن ؛ فالوطن لكل أبنائه ، وهو بهم وبجهدهم وعرقهم جميعا ، كل في مجاله وميدانه ، الجندي والشرطى في حفاظهما علي أمن الوطن وأمانه ، والطبيب في مشفاه ، والفلاح في حقله ، والعامل في مصنعه ، والطالب باجتهاده في تحصيل العلم ، وهكذا سائر الصنائع والحرف والواجبات ، حيث يقول سبحانه : وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان.

    اللهم احفظ مصرنا وسائر بلاد العالمين

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 5:12 am