الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 26 فبراير 2021م  مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات 

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2682
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 26 فبراير 2021م  مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات  Empty خطبة الجمعة القادمة 26 فبراير 2021م  مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات 

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الإثنين فبراير 22, 2021 4:42 pm

    خطبة الجمعة القادمة 26 فبراير 2021م 
    مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات 

     
    العنصر الأول: أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام
    العنصر الثاني: أثر الأخلاق في بناء الأمم والحضارات
    العنصر الثالث: وسائل اكتساب الأخلاق

    الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } ( آل عمران: 159). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ؛ شهد له ربه من فوق سبع سماوات بحسن الخلق فقال : { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } . (القلم: 4) .  أما بعد :
    العنصر الأول: أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام
    عباد الله: إن للأخلاق أهمية كبرى في الإسلام، فالخلق من الدين كالروح من الجسد، والإسلام بلا خلق جسدٌ بلا روح، فالخلق هو كلُّ شيء، فقوام الأمم والحضارات بالأخلاق وضياعها بفقدانها لأخلاقها.
    وإننا لو نظرنا إلى الدين الإسلامي لوجدناه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: عقيدة وتتمثل في توحيد الله تعالى، وشريعة: وتتمثل في العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها، وأخلاق: وتتمثل في الأخلاق الفاضلة في التعامل مع الآخرين؛ وكل قسم من هذه الأقسام الثلاثة يمثل ثلث الإسلام، فالعقيدة تمثل ثلث الإسلام، لذلك كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن لاشتمالها على الجانب العقدي، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ” (متفق عليه )، وكذلك العبادات تعدل ثلث الإسلام، والأخلاق- التي يظن البعض أن لا علاقة لها بالدين – تعدل ثلث الإسلام، بل الإسلام كله ؛ وقد أخبرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الهدف من بعثته غرس مكارم الأخلاق في أفراد المجتمع فقال:” إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمَّمَ صالحَ  الأخلاقِ” [أحمد والبيهقي والحاكم وصححه].
     قال المناوي: “أي أُرسلت لأجل أن أكمل الأخلاق بعد ما كانت ناقصة، وأجمعها بعد التفرقة.”
    ولأهمية الأخلاق أصبحت شعارًا للدين ( الدين المعاملة ) فلم يكن الدين صلاة ولا زكاة ولا صوم فحسب.
    قال الفيروز آبادي رحمه الله تعالى: “اعلم أن الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق؛ زاد عليك في الدين”.
    واعلموا – رحمكم الله – أن حسن الخلق طريقٌ إلى الجنة ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ “.  [ أحمد والترمذي وصححه ] .
     وقد وقفت كثيرًا عند هذا الحديث متسائلًا: لماذا اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على هذين الأمرين ؟!
    قال العلماء في ذلك : لأن تقوى الله تصلح ما بينك وبين الله ؛ فتمتثل الأوامر وتنتهي عن المحرمات !!

    وحسن الخلق يصلح ما بينك وبين الناس ؛ فلا تكذب على أحدٍ ؛ ولا تخون أحدًا ؛ ولا تحقد على أحدٍ … إلخ
    وهكذا تظهر أهمية الأخلاق ومكانتها في الرسالة المحمدية حتى أصبحت شعارًا للدين تمثله كله.
    العنصر الثاني: أثر الأخلاق في بناء الأمم والحضارات
    عباد الله: اعلموا أن العامل الأكبر في بناء الحضارات وانتشار الإسلام في عصر النبي والصحابة والسلف الصالح إنما هو مكارم الأخلاق الكريمة التي لمسها المدعون في هذا الجيل الفذ من المسلمين، سواء كانت هذه الأخلاق في مجال التجارة من البيع والشراء، مثل الصدق والأمانة؛ أو في مجال الحروب والمعارك، وفي عرض الإسلام عليهم وتخييرهم بين الإسلام أو الجزية أو المعركة، أو في حسن معاملة الأسرى، أو عدم قتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان، هذه الأخلاق دفعت هؤلاء الناس يفكرون في هذا الدين الجديد ، وغالبًا كان ينتهي بهم المطاف إلى الدخول في هذا الدين وحب تعاليمه، ومؤاخاة المسلمين الفاتحين في الدين والعقيدة!!
    هذه الأخلاق أثارت إعجاب الباحث الفرنسي كليمان هوارت حيث يقول : “لم يكن محمدٌ نبيًا عاديًا ، بل استحق بجدارة أن يكون خاتم الأنبياء ، لأنه قابل كل الصعاب التي قابلت كل الأنبياء الذين سبقوه مضاعفة من بني قومه … نبي ليس عاديًا من يقسم أنه ” لو سرقت فاطمة ابنته لقطع يدها ” ! ولو أن المسلمين اتخذوا رسولهم قدوة في مكارم الأخلاق لأصبح العالم مسلمًا ” .
    وإننا لو نظرنا إلى حياتنا المعاصرة لوجدنا انفصالًا بين ما نقرأه ونتعلمه ونتعبد به ؛ وبين ما نطبقه على أرض الواقع؛ فكلنا نقرأ في الأخلاق!! وكلنا نحفظ آيات وأحاديث في الأخلاق!! وكلنا نسمع صورًا مشرقةً من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين!! ولكن هل طبقنا ذلك عمليًا؟!!
    أحبتي في الله: علينا أن نتأسى بالنبي –صلى الله عليه وسلم- ؛ وسلفنا الصالح- رضي الله عنهم-  في تطبيقهم العملي الواقعي لمكارم الأخلاق؛ وسأضرب لك بعض الأمثلة: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ:” يْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَعَ رَجُلٌ بِأَبِي بَكْرٍ فَآذَاهُ فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ ؛ ثُمَّ آذَاهُ الثَّانِيَةَ فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ ؛ ثُمَّ آذَاهُ الثَّالِثَةَ فَانْتَصَرَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ انْتَصَرَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَجَدْتَ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزَلَ مَلَكٌ مِنْ السَّمَاءِ يُكَذِّبُهُ بِمَا قَالَ لَكَ فَلَمَّا انْتَصَرْتَ وَقَعَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ: ( أبوداود والبيهقي بسند حسن)، فالله وكل ملكًا يرد عنك إذا سبك أحد ؛  فإذا رددت انصرف الملك وحضر الشيطان يمارس مهنته؛ ولك أن تتصور ما النتيجة إذا حضر الشيطان؟!!
    ولذلك ضرب بالأحنف بن قيس المثل في الحلم  والصفح ، فقيل له: كيف وصلت إلى هذه المنزلة؟ فقال: ما آذاني أحد إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث : إن كان فوقي عرفت له فضله، وإن كان مثلي تفضّلت عليه، وإن كان دوني أكرمت نفسي عنه.  فما أعظمها من مُثُل وما أجملها من أخلاق، لو طبَّقنا ذلك عمليًا.
    وهذا ما أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }؛ لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما هذا يا جبريل؟” قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك.”( تفسير ابن كثير)
    فعلينا أن نتحلى بحسن الخلق وبسط الوجه وحب الآخرين؛ وما أجمل قول ابن حبان: “الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها “.
    أيها المسلمون: إننا في حاجة إلى أن نقف وقفة مع أنفسنا وأولادنا وأهلينا في غرس مكارم الأخلاق والتحلي بها ؛ نحتاج إلى نولد من جديد بالأخلاق الفاضلة؛ نحتاج إلى نغير ما في أنفسنا من غل وحقد وكره وبخل وشح ؛ إلى حب وتعاون وكرم وإيثار ؛ بذلك نستطيع أن تبنى الأمم وتقوم الحضارات .
    العنصر الثالث: وسائل اكتساب الأخلاق
    عباد الله: قد يقول قائل: وكيف نكتسب تلك الأخلاق الحسنة التي بها تبنى الأمم وتقوم عليها الحضارات ؛ وكيف نطبقها على أرض الواقع؟! أقول: هناك وسائل لتحصيل حسن الخلق للفرد والمجتمع منها:-
    أولاً: الدعاء بحسن الخلق: كما كان صلى الله عليه وسلم يدعو بذلك :” وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا َنْتَ؛ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ ” (الترمذي)، كذلك كان صلى الله عليه وسلم  يستعيذ من سوء الخلق فيقول: ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ ” . (أبو داود والنسائي).
    ثانيًا: المداومة على العبادة والطاعة: لأن العباداتِ كلَّها شرعت من أجل تهذيب الأخلاق؛ كالصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها ؛ والنصوص الدالة على ذلك كثيرة وأنت بها خبير .
    ثالثًا: أن يتخذ الناس مرآة لنفسه: فكل ما كرهه، ونفر عنه من قول أو فعل أو خلق فَلْيَتَجَنَّبْه، وما أحبه من ذلك واستحسنه فليفعله.
     يقول لقمان الحكيم: تعلمت الحكمة من الجهلاء, فكلما رأيت فيهم عيبًا تجنبته !! ولهذا كان الصحابة يسألونه صلى الله عليه وسلم عن الخير؛ وحذيفة رضي الله عنه يسأله عن الشر مخافة أن يدركه.( انظر صحيح البخاري) .
    رابعًا: مصاحبة الأخيار وأهل الأخلاق الفاضلة: فالمرء شديدُ التأثر بمن يصاحبه؛ فينبغي على المرء أن يحسن اختيار الصاحب، لأنه يكون على هديه وطريقته، كما قيل: الصاحب ساحب، فإذا أردت أن تعرف أخلاق شخصٍ فسأل عن أصحابه.
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ” [ أحمد والترمذي وحسنه ].
    خامسًا: الاقتداء بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم: فهو القدوة والأسوة والمثل الأعلى في مكارم الأخلاق حيث شهد له ربه في علاه بقوله: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }.(القلم: 4 ) ؛ وكان الصحابة دائمًا يسألون عن أخلاقه ليمتثلوا به ويقتدوا بأخلاقه صلى الله عليه وسلم؛ فقد سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن أخلاقه فقالت:” كان خلقه القرآن ” ( مسلم) .
    سادسًا: النظر في سير السلف الصالح: فالنظر في سيرهم؛ وقراءة تراجمهم مما يحرك العزيمة على اكتساب مكارم الأخلاق؛ ذلك أن حياة أولئك تتمثل أمام القارئ، وتوحي إليه بالاقتداء بهم، والسير على منوالهم.
    عباد الله: هذه هي وسائل اكتساب الأخلاق فالزموها وعلموها أبناءكم ؛ فلو أن كل فرد نشَّأ أسرته على القيم والأخلاق الفاضلة؛ فإننا بذلك نستطيع بناء حضارتنا العريقة؛ وتنهض الأمة وتتقدم صفوف الأمم؛ وننشد مجتمعًا فاضلًا تسوده علاقات الود والمحبة والإخاء والإيثار والتعاون؛ وجميع القيم الفاضلة .
    اللهم كما حسنت خلقنا فحسن أخلاقنا ؛ اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ؛ اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء والزلازل والمحن ؛ وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ,,,,
    الدعاء……..                                     وأقم الصلاة،،،،                                

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 11:08 pm