الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م بعنوان :مفهوم العرض والشرف

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2681
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م بعنوان :مفهوم العرض والشرف  Empty خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م بعنوان :مفهوم العرض والشرف

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الإثنين نوفمبر 30, 2020 10:46 pm

    خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م بعنوان :مفهوم العرض والشرف



    ١- المقصود من العرض .

    ٢-من أخبث الأمراض الخوض في الأعراض .

    ٣- التحذير من الخوض في أعراض الناس والعقاب الشديد لمن يفعل ذلك.

    ٤- رسالة إلى العابثين بالأعراض .

    ٥- الدوافع للخوض في الأعراض.

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه من والاه أما بعـد:

    أحبتي في الله :-

    حديثنا اليوم عن مرض عضال، ووَرَم خبيث سَرَى في الناس سريان النَّار في الهشيم؛ غيَّر القلوب، وأفسدَ العقول، وخرَّبَ الديار، وقَضى على العرض المصون، وهتكَ السُّمعةَ الكريمة زورًا وبُهتانًا، بلا بيّنة قاطعة، ولا حُجَّة ساطعة..

    هذا المرض الأفاك الأثيم أخطرُ على الأمَّة من الأوبئة والجراثيم، فكم تجنّى على أبرياء! وأشعل نار الفتنة بين الأصفياء! وكم طال من عظماء! وتسبّب في جرائم! ودمّر من أُسر وبيوت..

    تُرى أي مرض هذا

    إنه الخوض في الأعراض، والوقوع فيها، تلكم الأعراض التي حرم الله انتهاكها، ورتب على الوقوع فيها العقاب الأليم.

    فالعرض أحبتي في الله أحد الضرورات الخمس التي جاء الدين بالمحافظة عليها. فلأجلها شُرع الحد في القذف، ولأجلها شُرعت الملاعنة، كلُّ ذلك من أجل المحافظة على طُهر المجتمع الإسلامي ونقاءه.

    يقول الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله:- (إن أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، فإيّاك أن تقف على شفيرها)

    وقال قتادة: (لا تقل رأيتُ ولم ترَ، وسمعتُ ولم تسمع، وعلمتُ ولم تعلم؛ فإن الله سائلُكَ عن ذلك كُلّه)

    فما هو مفهوم العرض؟

    العرض له معنيان

    معنى خاص:- وهو ما ينال الإنسان في شرفه وشرف أهله من زوجة وبنت وأم وبنت أخت وعمة وخالة وسائر المحارم.. *ومعنى عام :- هو أوسع من ذلك وأعم وهو كل ما يمس الإنسان في كرامته ، في إنسانيته ، في مروءته في سائر تصرفاته.

    والعرض مسألة إنسانية تحدث عنها العرب في جاهليتهم وبعد إسلامهم بما يتسق مع فطرتهم السليمة

    إن حُرمة الأعراض عظيمةٌ في الإسلام كحرمة الدماء والأموال..

    بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أنها كحرمة يوم النحر في شهر ذي الحجة في مكة المكرمة حيث قال صلى الله عليه وسلم -: (فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ قلنا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فإنه رب مبلغ يبلغه لمن هو أوعى له).

    ولقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم حرمة العرض والوقوع فيه حيث قال : (كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه)

    وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها مثلُ إتيان الرجلِ أمَّه، وإن أربى الربا استطالةُ الرجل في عِرْض أخيه)، وفي حديثٍ آخر يقول عليه الصلاة والسلام: (أربى الربا شتمُ الأعراض)

    و لقد قرر رب العزة عظم هذا الذنب حين قال: (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم)[النور:١٥]

    لذا فمن أعظم الظلم التجنِّي والكذب والافتراء على أحدٍ من المسلمين وإيذائه والخوض في عرضه ، قال ربنا جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).

    وتوعد الله جل وعلا الذين يحبون شيوع الفاحشة في المؤمنين فقال: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة). [النور:١٩]

    بل إننا نرى أن الله لعن الذين يرمون المحصنات ويخوضون في أعراضهم و( اللعن ) هو الطرد من رحمة الله ـ وتوعدهم بالعذاب العظيم فقال جل وعلا :-(إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم. يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون. يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين)[النور:٢٣_٢٥]

    ولا يكون التوعد بالعذاب الأليم أو العظيم، ولا يكون الطرد من رحمة الله إلا لأمر جلل، وخطب جسيم، أقل شيء يوصف به أنه كبيرة من الكبائر.

    واعلموا أحبتي في الله:-

    أنّ الوقوع في أعراض المسلمين جريمة يرتكبها البعض في حق نفسه وفي حق الآخرين فقد حرم الله أن يقول المرء في أخيه ما ليس فيه إذ هو ينتهك عرضه.

    وقد عد نبينا صلى الله عليه وسلم قذف المحصنات من الكبائر فقال صلى الله عليه وسلم Sadاجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ) ، قيل: يا رسول الله وما هنّ؟ قال : (الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِناتِ الْغافِلاتِ) .

    وورد عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-Sadمَن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغةَ الخبال حتى يخرُج مما قال، وليس بخارج). وردغة الخبال:” عصارة أهل النار “

    وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته) صححه الألباني.

    زِد على ذلك أن من يبث خبراً كاذباً أو معلومة خاطئة فهو سيتحمل وزر ذلك ووزر من نشرها، وسيتعذر عليه لاحقاً أن يقوم بأي تصحيح أو اعتذار.

    فيا أيها العابثون بأعراض المسلمين، أقول لكم :-

    إن قلَّ خوفكم من الله وعقوبته في الآخرة أفلا تخشون العقوبة الدنيوية؟! أما علمتم أن الجزاء من جنس العمل؟ أما علمتم أنه كما تدين تدان؟! أما تخشوا أن يسلط الله عليكم من يؤذيكم في أعراضكم كما تؤذون المسلمين في أعراضهم؟! أليس لكم أخوات أو بنات أو خالات أو عمات؟! أفيرضى أحدكم أن يُهتكَ عرضه وتُنتهكَ حرمته؟! بالطبع تقولون لا!! فكيف ترضونه للناس؟!

    فاحذروا كل الحذر من انتهاك حمى الحرمات، احذروا من أَذِيَّة المؤمنين والمؤمنات، فإن عاقبته وخيمة ونهايته أليمة وعقوبته عند الله عظيمة، قال ربنا جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) .

    وفي الحديث الذي رواه أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما عرج بي إلى السماء مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت لجبريل: من هؤلاء؟! فقال: الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم).

    يقول بعض السلف: (أدركنا السلف الصالح وهم لا يرون العبادة في الصوم والصلاة ولكن في الكف عن أعراض) الناس».

    ولهذا نصح العلماء بضرورة حفظ حق المسلم لأخيه وصون عرضه، ففي الحديث: (من ذب عن عرض أخيه رد الله عنه عذاب النار يوم القيامة).

    ولنا أن نسأل أنفسنا ما الذي يدفع الإنسان للخوض في أعراض الناس ..

    إنه عدم الخوف من الله عز وجل الذي نهانا عن الوقوع في أعراض الناس في قوله – عز وجلSadوَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)[الحجرات: ١٢]

    فلو أن الإنسان الذي يخوض في عرض أخيه علم أن أخاه سيراه وهو يخوض في عرضه لَما تجرأ على ذلك خوفاً منه فما باله لا يخاف من الذي لا تخفى عليه خافية والذي نهى عن ذلك ووعد عليه العذاب الأليم.. فالواجب على من يخاف ربِّه ويخشى المُثولَ بين يديه، البُعد عن الخوض مع الخائضين بقيل وقال، وأن لا يشغلَ نفسه بما يخدِش دينه ويُعرِّضَه لغضب ربه.

    وكذلك ما يدفع الإنسان للخوض في أعراض الناس هو عدم تصور ذلك الموقف يوم القيامة والحساب فيه عندما يأتي الإنسان بأعمال كأمثال الجبال من صلاة وصيام وغيرها من الأعمال الصالحة، ولكنه يأتي وقد وقع في أعراض الناس، فيُؤخذ من حسناته وتعطى إياهم، فإن فنيت حسناته أُخِذَ من سيئاتهم ثم طرحت عليه ثم طرح في النار والعياذ بالله وهذا هو المفلس، كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم..

    ومما يدفع الإنسان إلى الخوض في أعراض الناس هو الحقد والحسد وتزين الشيطان وغير ذلك من الدوافع التي لا يتسع الوقت لذكرها..

    إن أعظم ما يُمتحنُ عليه دينُ المرء وتقواه تعظيمُ حقوق المسلمين، ومخافةُ الله في أعراض المؤمنين، هذه المخافةُ وذلك التعظيم دليلٌ على صدق الإيمان والتقوى، وفقدانه ذلك دليلٌ على خراب تقوى العبد وفساد دينه وأخلاقه.

    نعم :- إن الوقوع في أعراض المسلمين من الموبقات الكبيرة، والجرائم الخطيرة، إنه خُلُقٌ سافلٌ يدلُّ على النقص في الدين، والاستهانة بالقرآن المبين.

    فالإسلام دين يدعو للستر وصيانة الأعراض وعدم تتبع عورات الناس والتشهير بهم.. فالله عز وجل ستير يحب الستر ويأمر عباده به.. لذلك جعل سبحانه وتعالى الجزاء من جنس العمل.. فمن حفظ عرض أخيه المسلم وستر عورته، حفظ الله عرضه وستر عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم وفضح عرضه كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 6:28 pm