الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة بعنـــــوان : الهجرة غير الشرعية والحفاظ على الأنفس

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2674
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة بعنـــــوان : الهجرة غير الشرعية والحفاظ على الأنفس Empty خطبة بعنـــــوان : الهجرة غير الشرعية والحفاظ على الأنفس

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الخميس نوفمبر 26, 2020 9:57 pm

    خطبة بعنـــــوان :
    الهجرة غير الشرعية والحفاظ على الأنفس
    =====================
    العناصر :
    - حفظ النفس من مقاصد الشرعية الاسلامية.
    - مخاطر وأضرار وعواقب الهجرة غير الشرعية.
    - أسباب الهجرة غير الشرعية.
    - الأخذ بأسباب الرزق وسعته.
    =====================
    الموضـوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة 195)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ" قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: "يَتَعَرَّضُ مِنَ البَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
    =====================
    إن من أجل مقاصد الشريعة الإسلامية "حفظ النفس" فقد حرم الاسلام الاعتداء عليها وتعريضها للهلاك، اذ يقول الله(جل وعلا) (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) الاسراء 33) ويقول سبحانه (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء29) يقول الإمام القرطبي في تفسيره: "وأجمع أهل التأويل على أن المراد بهذه الآية: النهي أن يقتل بعض الناس بعضا، ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال؛ بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف". وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ" لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ" رواه ابن ماجة والدارقطني وغيرهما) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا" رواه البخاري) وعن ثابت بن الضحاك (رضي الله عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" متفق عليه)
    وان من صور الاعتداء على النفس تعريضها للضرر بل للهلاك عن طريق الهجرة غير الشرعية في محاولة لدخول البلاد بصورة غير قانونية.
    وإن الناظر في أمر هذه الهجرة يجد أن فيها الكثير من المخالفات والاضرار والمفاسد، ومن ذلك:
    - مخالفة قانون البلد التي يعيش الانسان فيها؛ وقد قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء 59 ).
    - كما أن فيها مخالفة للعهود والمواثيق الدولية، والمؤمن أكثر الناس وفاء وحرصا، ولقد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )المائدة1) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم: " أُولَئِكَ خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُوفُونَ الْمُطِيبُونَ" رواه الإمام أحمد).
    - إذلال الانسان نفسه، وقد كرمه الله جل وعلا، قال تعالى: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا )الإسراء70) وعن أبي ذر (رضي الله عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): " ومَن أَعْطَى الذِّلَّةَ من نفسِه طائعًا غيرَ مُكْرَهٍ، فليس منا " رواه الطبراني في الاوسط) ولا شك أن الدخول إلى البلاد المهاجَر إليها من غير الطرق الرسمية المعتبَرة يجعل المهاجِرَ تحت طائلة التَّتَبُّع المستمر له من قِبَل سلطات تلك البلد، فيكون مُعرَّضًا للعقاب، فضلا عن أن مثل هذا المهاجر بغير الطرق القانونية لن يترك بابا ولو فيه من المذلة ما فيه طمعا في تدبير طعامه وما يعينه على الحياة في البلد التي وصل إليها، وقد جاء عَنْ حُذَيْفَةَ (رضي الله عنه) أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ" قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: "يَتَعَرَّضُ مِنَ البَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب)
    - القاء النفس في التهلكة غرقا أو قتلا ووقوعها في الاخطار والاضرار؛ وقد قال الله تعالى (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة 195) يقول السعدي في تفسيره: "ومن ذلك تغرير الإنسان بنفسه في مقاتلة أو سفر مخوف، أو محل مسبعة أو حيات، أو يصعد شجرا أو بنيانا خطرا، أو يدخل تحت شيء فيه خطر ونحو ذلك ، فهذا ونحوه ممن ألقى بيده إلى التهلكة".
    - ما يكون في صورها من تزوير وغش وتدليس، ولا شك أن هذا من باب الكذب، وهو: الإخبار عن الشيء خلاف ما هو عليه، والأصل فيه التحريم؛ وقد قال الله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) الحج 30) وفي هذه الآية أمر صريح مؤكد باجتناب الزور.
    - التعاون على المعصية ؛ فقد يلجأ هذا المهاجر لمن يزور له أوراقه، أو يلجأ لمن يعينه على الوصول والدخول إلى وجهته بسلوك دروب الهلاك، كل هذا نظير أجرة محددة، وقد قال تعالى: ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ) المائدة 2)؛ قال ابن كثير في تفسيره "يأمر تعالى عبادَه المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو: البر، وترك المنكرات، وهو: التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل، والتعاون على المآثم والمحارم".
    و لا شك أن لهذا الامر أساب كثيرة ولعل منها: ضعف الوازع الديني؛ فالله (جل وعلا)هو الرزاق، يقول سبحانه (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) الذاريات 58) ويقول عز وجل (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) سبأ 39)، ويقول جل وعلا (وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )المائدة114)، وفي الحديث القدسي: " "يَا عِبَادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَ إِنْسَانٍ مَسْأَلتَهُ مَا نَقَصَ ذَلكَ مِمَّا عِنْدِي إِلا كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إِذَا أُدْخِل البَحْرَ" رواه مسلم). ولقد بين لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، اذ يقول صلى الله عليه وسلم: " إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي ، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها ، وتستوعِبَ رزقَها ، فاتَّقوا اللهَ ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ". وان الواجب على الانسان أن يأخذ بالأسباب المتاحة والمشروعة دون أن يضر نفسه أو يعرضها للهلكة.
    وإذا كان الإسلام قد دعانا إلى العمل والكسب فقال جل وعلا: " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " التوبة105)، وقال سبحانه: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )الملك15) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَلَّا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا" فإن هذا يجب أن يكون بالطرق المشروعة التي لا يكلف الانسان فيها نفسه مالا يطيق وقد قال الله تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) البقرة 286) والتي لا يعرض فيها نفسه للخطر والهلاك والضرر، والتي لا يكتسب الانسان فيها اثما، وما أعظم أن يأخذ الإنسان بأسباب الرزق وسعته، والتي منها:
    - كثرة الاستغفار؛ فقد قال تعالى "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" نوح من 10 - 12).
    - ترك الحرام وما نهي الشرع عنه؛ وإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه و، وقد جاء أن الامام علي (رضي الله عنه) دخل مسجدا ليصلي فأعطى غلامًا دابته، فلما فرغ من صلاته أخرج دينارًا ليعطيه الغلام، فوجده قد أخذ خطام الدابة وانصرف، فأرسل رجلا ليشتري له اخر، فاشترى له الخطام، فلما رآه سيدنا علي (رضي الله عنه)، قال: إنه خطام دابتي، فقال الرجل: اشتريته من غلام بدينار. فقال: سبحان الله، أردت أن أعطه إياه حلالًا، فأبى إلا أن يأخذه حراما.
    - شعور الانسان بنعمة صحة الجسد، ولعل من شكرها ان لا يعرضها صاحبها للضرر والهلاك؛ وقد قال تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) ابراهيم7).
    - تقوى الله (عز وجل) وقد قال سبحانه (‏‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا‏) ‏الطلاق‏‏ 2- 3‏)
    - حسن التوكل على الله والأخذ بالأسباب والسعي في طلب الرزق بما تيسر من طرق مشروعة؛ فعَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّ رَسُوْلَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُوا خِمَاصاً وَتَرُوْحُ بِطَاناً" رواه أحمد وغيره).
    (اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، وأحفظ مصر وجيشها وشعبها من كل مكروه وسوء)

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 10:16 am