الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    الصدق في الأقوال والأفعال والهمم الجمعة الموافقة 8 من صفر 1442هـ الموافقة 25/9/2020م

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    الصدق في الأقوال والأفعال والهمم الجمعة الموافقة 8 من صفر 1442هـ الموافقة 25/9/2020م Empty الصدق في الأقوال والأفعال والهمم الجمعة الموافقة 8 من صفر 1442هـ الموافقة 25/9/2020م

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الخميس سبتمبر 24, 2020 1:27 am

    الصدق في الأقوال والأفعال والهمم
    الجمعة الموافقة 8 من صفر 1442هـ الموافقة 25/9/2020م
    ===========================================
    أولا: العناصر:
    1. الصدق وتعريفه.
    2. أنواع الصدق بحسب المعاملة.
    3. الخطبة الثانية: أنواع الصدق بحسب الهمّ والعزم.
    ===========================================
    ثانيا: الموضوع:
    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صادق الوعد الأمين، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    ===========================================
    ((تعريف الصدق))
    يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) (رواه أحمد)
    هذا الحديث أحبتي في الله هو دعوة من دعوات النبي (صلى الله عليه وسلم) للتحلي بمكارم الأخلاق وما أكثرها، فتعالوا بنا أحبتي في الله لنعيش مع خلقٍ من هذه الأخلاق الستة التي دعا إليها نبينا (صلى الله عليه وسلم)، ألا وهو خلق الصدق، فأعيروني يا عباد الله القلوب، وأصغوا إليّ بالآذان والأسماع، فأقول وبالله التوفيق:
    الصدق هو: مطابقةُ الخبر (الكلام) للواقع، مع اعتقادِ القلب لما يتلفظُ به اللسان، فإن لم يعتقد القلب ما يتلفظ به اللسان كان الحديث كذبًا وإن كان مطابقًا للواقع، والدليل على ذلك قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}[المنافقون:1]، فالحق تبارك وتعالى وصف المنافقين بالكذب مع أنهم شهدوا للنبي (صلى الله عليه وسلم) بالرسالة، وذلك؛ لأنهم قالوها نفاقًا ورياء، ولم ينطقوها إيمانًا وتصديقًا.
    ===============
    ((أنواع الصدق بحسب المعاملة))
    ===============
    والصدق بحسب المعاملة على ثلاثةِ أنواعٍ، صدقٌ مع الله، وصدقٌ مع الناس، وصدقٌ مع النفس، ويندرج تحت هذه الأنواع الثلاثة صورٌ متعددة كما سيتضح إن شاء الله:
    ===============
    فأمّا الصدق مع الله (عزّ وجلّ)، فمعناه إخلاص الطاعة والعبادة والعمل لله سبحانه وتعالى، بإخراج حظوظ النفس منها، فنبتعدُ عن النفاق والرياء والمفاخرة والمباهاة والسمعة والمعايرة، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة:5]، وما أُمرت به الأمم السابقة أمرت به الأمة المحمدية، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}[الزمر:2]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ) (متفق عليه)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ) (رواه مسلم).
    ==================
    وأمّا الصدق مع الناس، فيكون مع الكبير والصغير، الذكر والأنثى، الغني والفقير، القريب والبعيد، الحاكم والمحكوم...وهكذا، والصدق مع الناس له صورٌ متعددة يصعب حصرها، منها: الصدق في الأقوال والأخبار. ومنها: الصدق في الوعود. ومنها: الصدق في الإدارة والحكم. ومنها: الصدق في النصح،وهذا مطالبٌ به كل ناصحٍ لغيره...وهكذا، قال (صلى الله عليه وسلم): (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا) (متفق عليه واللفظ لمسلم)، وعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما)، أنه قيل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم): أيُّ الناس أفضل؟. فقال (صلى الله عليه وسلم): (كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ). قالوا: صدوق اللسان، نعرفه، فما مخموم القلب؟. قال: (هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ) (رواه ابن ماجه)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ) (رواه أحمد).
    ==================
    وأمّا الصدق مع النفس، فمعناه إلزامها طريق الخير والحق والصواب، والوقوف أمام أهوائها وشهواتها، وتأنيبها على ذنوبها ومحاسبتها، والاعتراف بعيوبها وأخطائها والقيام بتصحيح تلك العيوب والأخطاء، وما أروع هذه الأبيات في مخاطبة النفس والصدق معها، قال الشاعر:
    يَا نَفْسُ توبى فإنَّ الموتَ قد حانَا ... واعصِي الهَوى فالهَوى ما زالَ فَتانَا
    أَما تَرينَ المَنايَا كيف تَلقُطنَا ... لقطًا فَتلحقُ أُخْرَانَا بأُولانَا
    في كلِّ يومٍ لنَا مَيتٌ نُشيعُه ... نَرَى بِمَصرَعهِ آثَارَ مَوتَانَا
    يَا نفسُ مَالي ولِلأموَالِ أَترُكُهَا ... خَلفِي وأَخرجُ من دُنياي عُريانَا
    أَبَعْدَ خَمسينَ قد قَضيتُهَا لَعبًا ... قد آنَ أنْ تَقصُري قَدْ آنَ قَدْ آنَا
    ما بَالُنَا نَتعامَى عن مَصَائِرنَا ... نَنْسَى بِغفلتِنَا من لَيسَ يَنْسَانَا
    نَزْدَادُ حِرصًا وهذَا الدَّهرُ يَزجرَنَا ... كانَ زَاجرنَا بِالحرصِ أَغرانَا
    أينَ المُلوكُ وأَبناءُ المُلوكِ وَمَن ... كَانت تَخر له الأَذقانُ إِذغانَا
    صَاحتْ بهم حَادِثَاتُ الدهرِ فانْقلبُوا ... مُسْتبدلينَ من الأَوْطانِ أَوطانَا
    خَلَّو مَدائنَ كانَ العِز مَفرشُهَا ... واسْتفرشُوا حُفُرًا غُبرًا وَقِيعانَا
    يَا رَاكضًا في مَيادِينِ الهَوى مرحًا ... وَرَافلاً في ثِيَابِ الغَيِّ نَشوَانَا
    مَضى الزمانُ وولَّى العُمرُ في لعبٍ ... يَكفيكَ مَا قَدْ مَضى قَد كانَ ما كانَ
    عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
    ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له
    ===========================================
    (الخطبة الثانية)
    ((أنواع الصدق بحسب الهمّ والعزم))
    ===========================================
    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    فمازلنا نعيش مع الصدق وأنواعه، والصدق ينقسم بحسب الهمّ والعزم إلى ثلاثة أنواعٍ أيضًا: صدقٌ في الأقوال، وصدقٌ في الأفعال، وصدقٌ في الأحوال:
    =========
    أمّا الصدق في الأقوال، فيعني حفظ اللسان عما حرم الله تعالى النطق به؛ من الكذب، وشهادة الزور، وترديد الإشاعات والأراجيف، وهذا أول ما يطالب به السادة الإعلاميين فأكثر الكذب في المجتمعات سببه وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة أيضًا، قال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ) (رواه مسلم)، ومنه: الصدق في الوعود، وهذا أول ما يطالب به السادة نواب الشعب في مجلس النواب بمناسبة قرب انتخابات مجلس النواب فلا تنتخبوا إلا الصادقين، قال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة:1]
    ومن الصدق في الأقوال، قولها إخلاصًا لله (عزّ وجلّ) وليس غشً وخداعًا، فعن شداد بن الهاد (رضي الله عنه)، أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك، فأوصى به النبي (صلى الله عليه وسلم) بعض أصحابه، فلما كانت غزوة غنم النبي (صلى الله عليه وسلم) سبيًا، فقسم وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟. قالوا: قسم قسمه لك النبي (صلى الله عليه وسلم). فأخذه فجاء به إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: ما هذا؟. قال: (قَسَمْتُهُ لَكَ). قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى إلى هاهنا ـ وأشار إلى حلقه بسهم ـ فأموت فأدخل الجنة. فقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ). فلبثوا قليلا ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): (أَهُوَ هُوَ؟). قالوا: نعم. قال: (صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ)، ثم كفنه النبي (صلى الله عليه وسلم) في جبته، ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: (اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ)(رواه النسائي)، فهذا صدق الله في نيته وتمنى الشهادة في سبيل الله بصدق وإخلاص فبلغه الله إياها، قال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ)(رواه مسلم).
    ================
    وأما الصدق في الأفعال، فيكون بامتثال الأوامر والابتعاد عن النواهي، بالتزام الحلال والابتعاد عن الحرام ظاهرًا وباطنًا، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ، فَلَا تُضَيِّعُوهَا , وَحَّدَ حُدُودًا، فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ، فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رُخْصَةً لَكُمْ , لَيْسَ بِنِسْيَانٍ، فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا) (السنن الكبرى للبيهقي)، ومنه: الصدق في الإدارة والحكم، وهذا أول ما يطالب به السادة الرؤساء والملوك والوزراء والمحافظين وكل من ولي مصلحة من مصالح الناس، قال (صلى الله عليه وسلم): (لَا يَسْتَرْعِي اللهُ عَبْدًا رَعِيَّةً، يَمُوتُ حِينَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهَا، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) (رواه مسلم).
    ==================
    وأما الصدق في الأحوال، فيكون بإخلاص القلب والجوارح وصدق النية، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) (رواه البخاري)، ويكون أيضًا: ببذل الطاقة واستفراغ الوسع في العبادة والطاعة، قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر:99]، وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا}[التغابن:16]، وقال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ*وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح:8،7]، أي: إذا انتهيت من عبادة فتلبس بعبادة وطاعة أخرى، واقصد بطاعتك وعبادتك وجه الله (عزّ وجلّ).
    ===========================================
    فاللهم اهدنا لأحسنِ الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرفُ عنا سيئها إلا أنت، اللهم جنبنا منكراتِ الأخلاق والأهواء، والأعمال والأدواء، اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.
    ===========================================

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 9:28 am