الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطورة أكل الحرام وأثره

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2638
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطورة أكل الحرام وأثره Empty خطورة أكل الحرام وأثره

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء نوفمبر 22, 2022 9:59 pm

    خطورة أكل الحرام وأثره
    وأهمية الحرص على الحلال وخطورة الغش وحال الغشاش يوم القيامة.
    إن المتأمل في حياة الناس ليجد أن المصائب قد تزاحمت على عتبات البيوت، وما هذا إلا جراء ما قدمت أيدينا من مخالفات، كما قال الله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ). (سورة الشورى:30)

    ولما وقع منا من معاصي وذنوب، وأشهر الذنوب في هذه الأيام تحصيل الحرام.

    والنبي صلوات الله وسلامه عليه كما جاء في صحيح الإمام البخاري من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه أن النبي صلوات الله وسلامه عليه قال في الحديث: (لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ). (صحيح البخاري:2083)

    لا يشغله أن هذا حرام أو أن هذا حلال، كل ما يشغله أن يرجع إلى بيته وقد امتلأ جيبه، من أين؟ لا يشغل ولا يهم

    الحرص على الحلال
    عند مسلم في الصحيح أن النبي صلوات الله وسلامه عليه قال: (إنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (سورة المؤمنون:51)، وقالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) (سورة البقرة:172)، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!). (صحيح مسلم:1015)

    الشاهد في الرواية: كما أمر الله الرسل بالحرص على الحلال أمر به أتباع الرسل، المؤمنون لهم أمر من السماء أن يحرصوا على الحلال طعمة وكسوة.

    وفي الحديث أن الرجل ترى فيه صبغة المتواضعين وهيئة الخاشعين، لكنه مع هذه الصبغة والهيئة لايستجيب الله لدعاه ولا يرفع عمله، لماذا؟ لحرصه على الحرام.

    من طرق الحرام “الغش“

    خطورة الغش
    النبي صلوات الله وسلامه عليه دخل السوق يوماً لينظر حال أمته فرأى طعاماً فأعجبه، فأدخل يده في باطنه فرأى باطنه غير ظاهره، فقال: (ما هذا يا صاحبَ الطَّعامِ؟)، قال: أصابته سماء يا رسول الله. فقال: (فهلَّا جعَلْتَه فوقَ الطَّعامِ حتَّى يراه النَّاسُ، مَن غشَّنا فليس منَّا). (صحيح ابن حبان:4905)

    الطعام شعيراً كان أو بُراً أو قمحاً، جلس ليبيع والسوق عرض وطلب، جلس ليبيع، فأمطرت السماء، فابتل الطعام من أعلاه، فقلب ما في إناءه، جعل الأعلى أسفل والأسفل أعلى، حتى يموه عن المشتري.

    فضرب النبي صلوات الله وسلامه عليه يده الشريفة في الإناء فأخرج ما في باطنه فلم يعجبه فقال: (فهلَّا جعَلْتَه فوقَ الطَّعامِ حتَّى يراه النَّاسُ، مَن غشَّنا فليس منَّا).
    أنزل هذه الرواية على تعاملات الناس العامة، هل يسلم أحد من الغش حسب الرواية؟

    لا يسلم إلا من اعتاد الصراحة، من اعتاد الصراحة يصيب الراحة كما ذكرنا سلفاً، لكن من لم يحب الصراحة ولم يتخلق بها ستراه منغمساً في الحرام.

    اليوم أكثر ما يشتريه الإنسان لا يسلم من الغش، لماذا؟

    لحرص البائع على المكسب، أياً كان المكسب، لا يشغله ضرر غيره إنما يشغله أن يذهب آخر النهار وقد امتلأ جيبه.

    ويرى بعينه، ويحس بحسه، حال أناس سبقوه في هذا المضمار، ثم انتهت حياتهم وهم أحياء، جاءتهم بلوى ضيعت كل شيء، لكنه لم يتعظ بغيره.

    السعيد من يتعظ بغيره
    السعيد من الخلق من يتعظ بغيره وأشقى الناس من يتعظ بنفسه !!
    في سنن البيهقي أن النبي صلوات الله وسلامه عليه نهى الناس أن يشوبوا اللبن بالماء، شوب اللبن يعني خلطه، قال: (لا تشُوبوا اللَّبنَ للبيعِ). (شعب الإيمان:4/1866)

    ثم ذكر قصة رجل من السابقين، قال: كان فيمن قبلكم رجل ضاقت به الأمور في بلده، فخرج إلى بلد أخرى، فاتجر في الخمر، فباع الخمر صرفاً فربح، ثم أغواه الشيطان، فشاب الخمر ماء – خلطها بالماء – فازداد ربحه.

    فلما ازداد ربحه وكثر ماله رأى أن يرجع إلى بلاده غير أنه قال: أريد أن أصطحب معي شيئاً إلى بلدي هدية لأهلي، فلم ير شيئاً في البلاد ليس في بلده إلا القرود، فاشترى قرداً.

    فلما اشترى القرد وركب به السفينة، ألهم الله القرد أن يعبث في متاع الرجل، فعبث القرد في متاع الرجل فأخرج صرة الدنانير، فأخذها وصعد شراع السفينة، وهو في أعلى السفينة فتح الصرة فجعل ديناراً في السفينة وديناراً في البحر، ديناراً في السفينة وديناراً في البحر.

    والرجل في اندهاش، وكل من في السفينة في اندهاش، ما هذا؟

    لم يستطع أحد أن يلحق بالقرد فوق الشراع، خوفاً من الهلكة، ثم في آخر المطاف جاء الناس يعزون صاحب المال، يصبروه.

    وهو يقول لهم جملة واحدة: يقول لهم: مال الماء للماء، مال الماء للماء !!

    يبقى الحرام معلوم أمامنا لا يعمر بيتاً ولا يزهر أثراً طيباً على صاحبه، إنما الحرام يذهب بالحلال


    الحلال الحلال
    احرص على الحلال حرصك على نفس الهواء الذي لا حياة إلا به، كذلك الحلال الحلال.

    قال النبي عليه الصلاة وأزكى السلام: (أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا، صدْقُ الحديثِ، وحفْظُ الأمانةِ، وحُسْنُ الخُلقِ، وعفَّةُ مَطْعَمٍ). (صحيح الجامع:873)

    تصدق في الحديث، تحرص على حسن الخلق، تحفظ الأمانة، تأكل لقمة طيبة حلال، عند ذلك أنت أغنى الناس في هذه الحياة.
    احرص على الميزان الصحيح والبيع الصحيح، ثم اعلم أن الرزق مقسوم، لا يأتي الرزق بالفهلوة ولا بالشطارة، إنما الرزق مقسوم.

    والله تعالى الذي وعد بالرزق، أمر بالحركة، والذي أمر بالحركة أمر بالحلال، ومن ثم من عوامل التكسب أن تتحرك في الحلال.

    قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ). (سورة الملك:15)

    كل منا طُلِبَ منه أن يسعى وأن يتحرك وأن يأكل من رزق الله، ثم في النهاية سؤال، (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، سننشر يوم القيامة ونلقى الله رب العالمين، نلقى الله للإمتحان.

    ومن ثم لتكن عندك القناعة، اقتنع بالحلال ترى أثره في النفس والذرية والمال، طاعم الحلال البركة فيه وفي ذريته، طاعم الحلال الحريص عليه البركة فيه وفي ذريته.

    حال الغشاش يوم القيامة
    ومن ثم افهم باركك الله، الغش حرام كبير، ودليل أنه كبير براءة النبي عليه الصلاة وأزكى السلام من فاعليه، قال: (من غَشَّنا فليس مِنَّا). (الترغيب والترهيب:3/33)

    ليس من طريقتنا الغش وليس من أتباعاً من يغش.

    الغشاش سيأتي الحوض يوم القيامة يوم الظمأ العظيم، وهو طامع في الشرب ثم تطرده الملائكة، فيقول النبي: (هؤلاء من أمتي!).

    عرفهم بعلامات الوضوء، عرفهم بالغرة والتحجيل، لكنهم يقولون: يا محمد، لكنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فقد غيروا في دينهم وبدلوا، غشوا والتزموا الغش على أنه دين، غيروا وبدلوا، ومن ثم يطرد.

    فيقول: (ويحاً، بُعداً بُعداً سُحقاً سُحقاً).

    ومن ثم خشية الحرج في يوم طويل الهول شديد الكرب، علينا أن نحرص على الحلال، عسى الله تعالى أن يحول حالنا إلى أحسن حال.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 2:23 pm