الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    علو الهمه سبيل الامم المتحضره

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2639
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    علو الهمه سبيل الامم المتحضره Empty علو الهمه سبيل الامم المتحضره

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الجمعة يناير 31, 2020 9:51 am

    الحمد لله رب العالمين ، القائل في كتابه الكريم : {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} ، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمّدًا عَبدُه ورسوله ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ .

    وبعد :

    فإن الدين الإسلامي بتعاليمه الراقية يحثُّ الناس على علو الهمة ، والجد ، والاجتهاد ، والإعمار، وينهى عن الكسل ، والخمول ، والإفساد ، وهذا مما جاءت به الرسالات السابقة، حيث يقول الحقُّ سبحانه وتعالى : {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} ، ولقد بين النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) قدر علو الهمة في قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ ، وَمَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ ، وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا) ، وقال سيدنا عُمَر بن الخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): ” لَا تُصَغِّرُنَّ هِمَّتَكُمْ ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ أَقْعَدَ عَنْ الْمَكْرُمَاتِ مِنْ صِغَرِ الْهِمَمِ ” ، وقد قيل: من علامة كمال العقل علوُّ الهمة ، ولله در أبي الطيب المتنبي في قوله :

    وَلم أرَ في عُيُوبِ النّاسِ شَيْئاً ** كَنَقصِ القادِرِينَ على التّمَامِ
    على أن علو الهمة ليس قاصرًا على مجال معين ؛ وإنما ينبغي أن يتحقق في كل ما يقوم به الإنسان في حياته ، ومن ذلك : العبادة ، فلقد حفز الشرع الشريف على المسارعة، والمسابقة في ميدان العبادة ، حيث يقول تعالى : {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ، وقد ضمن الحق سبحانه وتعالى جزيل الأجر لمن سعى وجد واجتهد في عبادته ، فقال سبحانه : {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} .

    وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) صاحب همة عالية في كل شئون حياته ، ومنها عبادته ، فقد خاطبه ربه سبحانه وتعالى قائلا : {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} ، فكان (صلى الله عليه وسلم) يقوم من الليل حتى تتورم قدماه ، وعندما سئل في ذلك ، قال (صلى الله عليه وسلم) : (أَفَلاَ أكُونَ عبْداً شكُورًا؟) .

    وما أكثر تحفيزه (صلى الله عليه وسلم) أصحابه وأمته على التميز ، وعلو الهمة، يقول (صلى الله عليه وسلم) : (فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ) ، وعن رَبِيعَة بن كَعْبٍ (رضي الله عنه) ، قَالَ : كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لِي : (سَلْ) ، فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ : (أَو غَيْرَ ذَلِكَ؟) ، قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : (فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ) .

    وعلو الهمة في العبادة يقتضي : حسن أدائها ، وأن يظهر أثرها في سلوك الإنسان وأخلاقه، فلا يكذب ، ولا يخون ، ولا يغش ، ولا يأكل أموال الناس بالباطل ، فيتوافق أداء العبادة مع الغاية منها ، فتتحقق الاستقامة التي هي أساس هذا الدين القويم .

    ومن أهم ميادين علو الهمة ميدان :
    العلم ، فقد أمرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أن نسأل الله تعالى علما نافعًا يعود أثره على خلق الله تعالى جميعا ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : (سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا ، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ) ، وكان من دعائه (صلى الله عليه وسلم) : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ… ) ، فالعلم النافع هو السلاح الحقيقي الذي تقوى به الدول ، وتتقدم به الأمم ، فما تقدمت دولة إلا بالعلم ، وما تخلفت أخرى إلا بتكاسلها وتأخرها في ميدان العلم .

    وكان الصحابة والتابعون (رضوان الله عليهم) أعلى الناس همة في طلب العلم:
    فهذا سيدنا أبو هريرة (رضي الله عنه) كان ذا همة عالية في طلب الحديث ، وكان يقول : لَمْ يَكُنْ يَشْغَلُني عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) غَرْسُ الوادي ، وَلَا صَفْقٌ بِالْأَسْوَاقِ ؛ إِنَّمَا كُنْتُ أَطْلُبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَلِمَةً يُعَلِّمُنِيهَا…) ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ (رضي الله عنه) :

    يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، وَأَعْلَمَنَا بِحَدِيثِهِ ، ويقول سيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) : “… كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ ، فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ ، فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ ، فَتَسْفِي الرِّيحُ عَلَى وَجْهِي التُّرَابَ ، فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي ، فَيَقُولُ : يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ، مَا جَاءَ بِكَ؟ أَلاَ أَرْسَلْتَ إلى فَآتِيَكَ؟ فَأَقُولُ : لاَ ، أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ ، فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ) ، وقال إسماعيل بن يحيى : سمِعت الشافعي (رحمه الله) يقول : حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين ، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين ، وكان الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله) يحفظ ألف ألف حديث ، وقيل : كان الإمام النووي يحضر في اليوم اثني عشر درسًا .

    كما جد علماؤنا القدامى في حمل أمانة العلم في كل مجالاته ، وبلغوا رسالته للناس بكل تجرد ، إرضاء لله تعالى ، ونفعًا للبشرية كلها ، فسجلوا بذلك أسماءهم وعلومهم بحروف من نور في ذاكرة التاريخ ، قال تعالى : {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} .

    ومن ميادين علو الهمة :
    العمل ، فقد أعلت الشريعة من شأن العمل، ورفعت منزلته ، حيث ربط القرآن الكريم بين العبادة والعمل ،وجعلهما قرينين ، وفي ذلك يقول الحق (جل شأنه) : {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ، وقد وعد الله (عز وجل) من أحسن في عمله بالحياة الطيبة في الدنيا ، والنعيم المقيم في الآخرة ، فقال الله سبحانه : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ، وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} .

    وليس أدل على شرف العمل من أن جميع الأنبياء (عليهم السلام) كانوا يعملون ، فكان آدم وإبراهيم ولوط (عليهم السلام) زُرَّاعًا ، وكان نوح (عليه السلام) نجارًا ، وإدريس (عليه السلام) خياطًا ، وصالح (عليه السلام) تاجرًا ، وداود (عليه السلام) حدادًا ، قال تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ، فالإنسان تعلو قيمته ، ويشرف بما يجيد ويحسن ، فالعمل خير من سؤال الناس ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : (لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا ، فَيُعْطِيَهُ ، أَوْ يَمْنَعَهُ) .

    وليس المراد مجرد العمل ؛ وإنما المراد إتقان العمل ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :
    (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ) ، وكان (صلى الله عليه وسلم) حريصًا على أن يكون لكل فرد عمل طيب ، ينفع به نفسه وغيره ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ) ، فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : (يَعْمَلُ بِيَدِهِ ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ) ، قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : (يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ) ، قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : (فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ) ، فحث (صلى الله عليه وسلم) من يعجز عن العمل على الإمساك عن ضرر الناس ، وجعل ذلك عملا يثاب عليه ؛ لأنه وقى الناس من شروره وضرره .

    ومن أعلى درجات الهمة : الهمة في خدمة المجتمع ، وإعانة الضعيف ، وإغاثة الملهوف ، وقضاء حوائج المحتاجين ، والنجدة والشهامة ، فقد جَاءَ رجل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ؟) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :

    (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا ، أَوْ تطردُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ – يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ – شَهْرًا ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ ، مَلَأَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ) .

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
    * * *

    الحمد لله رب العالمينَ ، وأشهدُ أن لاَ إلهِ إلا اللهُ وحدَه لاَ شريكَ له ، وأشهدُ أنّ سيدَنا ونبينَا مُحمّدًا عَبدهُ وَرَسُولُه ، اللهُم صَلّ وسلمْ وباركَ عليهِ ، وعَلى آلهِ وصحْبهِ أَجمعينَ ، ومن تبعهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين .

    إخوةَ الإِسلام :

    إن من أجَلِّ الميادين التي ينبغي أن نتنافس جميعًا فيها ، وأن نكون أصحاب همة عالية : خدمة الوطن ، فخدمة الوطن من الإيمان ؛ وقد أمرنا الله تعالى بالتنافس في ميدان الخير ، والنفع الذي يعود أثره على الوطن ، حيث يقول الحق سبحانه : {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}، وقد مدح الله (جل شأنه) عباده الذين يسارعون في بذل الخير للناس ، ويبين سبحانه أن ذلك الخير ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة ، يقول تعالى : {إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَبًا وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ} ، بعلو همة ، ورغبة في نفع الناس ، وثقة كاملة في فضل الله تعالى وتوفيقه .

    ومن الهمة العالية :
    الهمة في بناء الأوطان ، وتحمل المسئولية المجتمعية ، والمنافسة في أعمال البر ؛ من صيانة المساجد ، وبناء المدارس ، وتجهيز المستشفيات، وعلاج المرضى ، فكل ذلك من الصدقات الجارية ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ، وهُو فِي قَبْرِهِ : مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا ، أَوْ كَرَى نَهْرًا ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا ، أَوْ غَرَسَ نَخْلا ، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا ، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) .

    فما أجمل أن يكون بيننا تنافس في خدمة الوطن الذي يحتوينا جميعًا ، ويعود خيره وفضله على جميع أبنائه ، ونحقق ذلك بالتكاتف ، والاتحاد ، والوعي، والتراحم ، ومد يد العون للجميع ، فالوطن لنا جميعًا ، ويتقدم بنا جميعًا ، ولسنا أقل إرادة ، ولا قوة ، ولا جهدًا من غيرنا ، فنحن أصحاب الحضارة ، والأصالة ، والتاريخ ، ولا بد أن نعلم أن تحقيق السبق والتفوق يتطلب اقتحام الصعاب والأهوال ، وإنكار الذات ، فالمكارم منوطة بالمكاره ، والمصالح والخيرات لا يُتوصل إليها إلا بالجهد والمشقة

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 12:23 am