الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجمعة القادمة 28 9 2018 وبالولدين احسانا

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجمعة القادمة  28 9 2018 وبالولدين احسانا  Empty خطبة الجمعة القادمة 28 9 2018 وبالولدين احسانا

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الإثنين سبتمبر 24, 2018 12:48 am

    خطبة الجمعة القادمة
    بتاريخ 28 - سبتمبر 2018 م تحت عنوان


    وبالوالدين إحسانا
    العناصر
    1- المقدمة
    2- بر الوالدين في القرآن الكريم .
    3- أهمية بر الوالدين .
    4- قصة الشيخ الذي شكا ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
    5- أويس القرني بر أمه فبر الله قسمه.
    6- أبو هريرة وبره بأمه.
    7- قصص التابعين في بر الوالدين.
    8- أسباب عقوق الوالدين
    9- أقسام بر الوالدين
    10- أسس بر الوالدين
    .

    المقدمة

    الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب. أظهر الحق بالحق و أخزى الأحزاب.
    وأتم نوره. وجعل كيد الكافرين في تباب. غافر الذنب و قابل التوب شديد العقاب.
    خلق الناس من آدم وخلق آدم من تراب. خلق الموت و الحياة ليبلونا وإليه المآب.

    فمن عمل صالحًا فلنفسه والله عنده حسن الثواب. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ليس له أنداد ولا أشباه ولا شركاء. وأشهد أن سيدنا محمدًا خاتم الرسل والأنبياء. وإمام المجاهدين والأتقياء. والشهيد يوم القيامة على الشهداء.. فصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الأطهار من المهاجرين والأنصار.

    أما بعد:

    عباد الله
    ____

    ان الله جل في علاه لما خلق الخلق جعل عليهم حقا اعظم وهو حق عبادته و حده لا شريك له ;قال الله تعالى -( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )- الإسراء/23…وقال سبحانه وتعالى-) واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا (-النساء/36…ثم بين الله عز وجل في كتابه ونص عليه النبي عليه الصلاة والسلام في سنته ان بعد ذلك حقوقا للعباد لبعضهم على بعض فللأب والأم حق على أولدهما قال الله جل وعلى -( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا )- [الإسراء/23
    وقد نص الله تعالى في كتابه لما ذكر الأنبياء ذكر من صفاتهم انهم كانوا يحسنون الى آبائهم وامهاتهم برا ودعاءاً فذكر الله عز وجل عيسى عليه السلام فقال سبحانه وتعالى ) وبرا بوالدتي -( وذكر الله تعالى دعاء نوح عليه السلام لما دعى فقال -( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا - نوح/28
    وذكر الله تعالى دعاء سليمان عليه السلام فقال جل في علاه-) فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي (- [النمل/19

    قصص عن بر الوالدين
    _____________

    قصة الشيخ الذي شكا ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم

    يـجلس عليه الصلاة والسلام في مجلس مع الصحابة، فيأتي شيخ كبير مسن عجوز، وهو يبكي، فيقول عليه الصلاة والسلام: ما لك؟ قال: يا رسول الله! أشكو إليك داهية من الدواهي -أي: معضلة من المعضلات- قال: ما لك؟ قال: ابني يا رسول الله! ربيته، سهرتُ لينام، وجعتُ ليشبع، وظمئت ليروَى، وتعبت ليرتاح، فلما كبر غمط حقي وظلمني، ولوى يدي وضربني -ذكر ذلك الزمخشري وغيره- ثم أنشد شعراً في ولده يقول:
    غذوتُك مولوداً وعِلْتًك يافعا تعلُّ بما أجني عليك وتنهلُ
    إذا ليلةٌ ضافتك بالسقم لم أب لسقمك إلا شاكياً أتململُ
    كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لدغت به دوني فعيناي تَهْمِلُ
    فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما فيك كنتُ أؤمِّلُ
    جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضلُ
    فليتك إذ لم ترعَ حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعلُ
    فبكى عليه الصلاة والسلام، وروي أن جبريل نزل فقال: {إن الملائكة بكت لبكاء هذا الشيخ} ثم استدعى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه، فأخذ بتلابيب الابن وهزَّه، وقال: {أنت ومالك لأبيك} ليبين عليه الصلاة والسلام أن الابن وماله لأبيه يتصرف فيه، وأنه لا يجوز أن يخرج عن طاعته، إلا إذا أمر بمعصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.



    أويس القرني بر أمه فبر الله قسمه
    _____________________


    وهذا أويس القَرَني، وهو من مراد، ونحن نلتقي معه، لكن لا نفتخر بذلك؛ فـأبو لهب عم الرسول عليه الصلاة والسلام في النار، والنسب لا يقارب ولا يباعد، يقول عليه الصلاة والسلام: {يا بني هاشم! لا تأتوني بأنسابكم يوم القيامة ويأتيني الناس بأعمالهم} وقال عليه الصلاة والسلام: {من بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه} وعبد مولى قريب من الله عز وجل هو حبيب الله وولي الله، فـبلال الحبشي أتى من الحبشة، كان يباع ويشترى، فلما أسلم رفع الله ذكره في الخالدين، وأصبح له قصر في الجنة كالربابة البيضاء.
    يقول عليه الصلاة والسلام للصحابة وهو يحدثهم: {سوف يقدم عليكم من أهل اليمن رجل اسمه أويس بن عامر القرني... } وضبط قبيلته: قَـرَن. كما قال ابن مالك:
    وعدن وقرن ولا حق وشذقم وهيلة وواشق
    فهي قَرَن، وليست قَرْناً.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: {له أم هو بار بها، لو أقسم على الله لأبره، فيه كالدرهم من آثار مرض البرص، يشفع يوم القيامة لمثل قبيلة مضر حتى يدخلوا بشفاعته الجنة}.
    وكان رجلاً فقيراً في اليمن، ليس لـه مال، ولا زوجة، ولا أبناء ولا بنات.
    هذا الرجل قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم عنه للصحابة: {إذا قدم عليكم فاطلبوا منه أن يستغفر الله لكم} يستغفر لـأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وهم خير منه لكنها حكمة من الله! ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد:21].
    فكان أبو بكر في خلافته كلما أقبل وفد من أهل اليمن سألهم، وقال: أفيكم أويس بن عامر القرني؟ فيقولون: لا. فتوفي أبو بكر ولم يأت أويس،
    وتولى عمر رضي الله عنه وأرضاه، فكان يسأل أهل اليمن حتى أتاه وفد الحجاج من أهل اليمن، فقال: أفيكم أويس بن عامر القرني؟ قالوا: نعم. يا أمير المؤمنين! عندنا رجل يَرْعى الإبل لنا في الوادي، إن كان هو الذي تقصد فهو راعي غنم، ماذا تريد مـن راعي الغنم؟ قـال: ألَهُ والدة؟ قالـوا: نعم. قال: أهو بار بها؟ قالوا: نعم. قال: أصابه برص فبقي في بطنه كالدرهم من آثار البرص، قالوا: نعم. فقال للصحابة: قوموا بنا إلى أويس بن عامر فركب حماره رضي الله عنه وأرضاه ومعه علي وجل الصحابة، وذهبوا إليه في الوادي، وهو في ضاحية من ضواحي المدينة، أتوا إليه، وقد توضأ وجعل عصاه سترة له إلى القبلة، يسجد ويركع ويدعو ويبتهل إلى الله، فانتظر عمر حتى انتهى أويس من الصلاة، فسلم عليه، وقال عمر: من أنت؟ قال:أويس بن عامر قال: ألك والدة؟ قال: نعم. قال: اكشف عن بطنك، فكشف، فرأى عمر رضي الله عنه كالدرهم من البرص في بطنه، فقبل عمر بطنه، وقال: استغفر لي، فبكى أويس بن عامر، وقال: سبحان الله! أستغفرُ لك وأنت أمير المؤمنين! قال: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لنا: {يقدم عليكم من أهل اليمن رجل له والدة هو بها بار، لو أقسم على الله لأبره، يدخل بشفاعته مثل قبيلة مضر يوم القيامة في الجنة} فقال: غفر الله لك يا أمير المؤمنين!
    فأخذ الصحابة يقولون: استغفر لنا استغفر لنا، وهو يدعو لهم.
    ثم قال عمر: أتريد أن تقيم معي في المدينة؟ قال: يا أمير المؤمنين! اتركني أحيا يوماً جائعاً ويوماً شبعاناً حتى ألقى الله. فعاد عمر وسأل عنه في اليوم الثاني فلم يجده، وسأل رفقته فلم يجدوه، وقالوا: اختفى وذهب إلى العراق وحيداً غريباً.
    غريباً من الخلان في كل بلدة إذا عظم المطلوب قل المساعد
    سكن الخرابات حتى لقي الله، وهو يشفع يوم القيامة لمثل القبيلة العربية العظيمة مضر، يدخلهم الجنة بسبب بره بأمه.
    فرضي الله عن أويس، الذي استغفر لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد ذهب إلى الله ببره بأمه.

    أبو هريرة وبره بأمه
    ____________


    أبو هريرة يضرب به المثل في طاعته لوالدته، يقول: {هاجرت من زهران إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلما نزلت في البيت ومعي أمي أخذت تسب رسول الله عليه الصلاة والسلام، قال: فغضبت، وذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وقلتُ: يا رسول الله! أمي تسبك، أسمعتني فيك ما أكره، فادعُ الله لها، فرفع صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: اللهم اهد أم أبي هِرٍّ، اللهم اهد أم أبي هِرٍّ قال أبو هريرة: يا رسول الله! وادعُ الله أن يحببني وإياها إلى صالح المسلمين قال: وحببهما إلى صالح عبادك} وعاد فوجدها تغتسل، وطرق عليها، وإذا بها تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وعادت مهتدية إلى الله، لما كان ابنها باراً بها.

    من قصص التابعين في بر الوالدين
    ____________________


    قيل لأحد الصالحين، وكان مشهوراً ببر الوالدين: ما بلغ برك بأمك؟ قال: ما مددت يدي إلى الطعام إلا بعد أن تمد يدها، وما نمت إلا بعد أن تنام، وما رقيت سطحاً وهي تحتي خوفاً من أن أعقها بأن أرتفع عليها.
    وقالوا للحسن البصري: سمعنا أنك بارٌّ بأمك، فما بلغ بك من بر أمك؟ قال: ما نظرت إلى وجهها حياءً منها.. فكيف بمن بلغ به العقوق إلى أن يضرب والديه، أو يلعنهما؟!!
    جاء في الأثر: [[من عق والده حتى بكى، فالذمة منه مقطوعة]].
    وفي أثر آخر: [[من بكى منه أبوه أو أمه فقد سلخ النور عن جبينه]].
    وهذه الآثار تنسب للسلف، ولا ترفع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام.
    قال جعفر الصادق لابنه: [[يا بني! لا تصاحب عاقَّ الوالدين؛ فإن الله قد غضب عليه من فوق سبع سماوات، فكيف تصاحبه؟!]].

    أسباب عقوق الوالدين
    _____________

    ولا يحدث عقوق الوالدين إلا بأسباب، أجملها في ثلاثة:
    أولها: سوء التربية:
    ___________

    فإن الوالد مسئول عن تربية ابنه على الكتاب والسنة، والوالد الذي لا يربي ابنه على القرآن، وعلى حب الرسول عليه الصلاة والسلام، وعلى الإتيان به إلى المسجد، والمداومة على الصلوات الخمس، وعلى تقوى الله، والصدق، والوفاء، يستحق العقوق من ولده.
    ثانيها: الجهل:
    _______

    فعلى الوالد أن يعلِّم ابنه ولا يتركه جاهلاً، لا بد أن يعلِّمه العلم الشرعي وهو كتاب الله، وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
    يُروَى أن أحد العلماء جاءه رجل، فقال له: ابني ضربني، قال: تعال بابنك، فأتى به فإذا هذا الابن كبير سمين بدين كأكبر ما يكون من الرجال، فقال له: أضربتَ أباك؟ قال: نعم. ضربتُه، قال: لِمَ ضربتَه؟ قال: وهل يحرم أن يضرب الابن أباه؟ أي: هل في الشريعة أنه لا يجوز ضرب الابن لأبيه؟ قال العالم للأب: أعلَّمتَ ابنك شيئاً من القرآن؟ قال: لا والله. قال: أعلمتَه شيئاً من السنة؟ قال: لا والله. قال: أعلمتَه شيئاً من آداب السلف؟ قال: لا. قال: فماذا صنعت معه في حياته؟ قال: أطعمتُه وسقيتهُ وآويتُه حتى كَبُر، قال: تستحق أن يضربك؛ لأنه ظن أنك ثور فضربك.
    فالسبب الثاني: عدم تعليم الأبناء العلم الشرعي الذي ينفعهم في الدار الآخرة، ويقربهم من الله، ولا أعني علم الثقافة، وعلم القشور، والمعلومات التي تستحوذ على الذهن ليصبح سلة مهملات، هذا ليس بعلم.. قال تعالى: يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم:7].
    ثالثها: عق الرجل والديه؛ فالجزاء من جنس العمل، فمن بر أبويه رزقه الله عز وجل أولاداً يبرونه.
    أحد الناس سحبه ابنه من بيته حتى أخرجه خارج المنـزل، فقال الأب لابنه: قف هنا، فوالله لقد سحبت أبي من هذا المكان حتى أوقفته في هذا المكان، وهذا الجزاء من جنس العمل.

    أقسام بر الوالدين
    ___________

    وبر الوالدين على قسمين:
    بر الأم، وبر الأب.
    الرسول عليه الصلاة والسلام يأتيه رجل -والحديث متفق عليه- فقال: (يا رسول الله! مَن أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك).
    قال أهل العلم: بين عليه الصلاة والسلام أن للأم ثلاثة أرباع الحق، وللأب ربعاً من الحقوق.
    ولذلك اجتهد الصالحون في برهم بأمهاتهم.
    فقد مر ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه برجل من أهل اليمن، وقد حمل أمه على كتفيه في حرارة شمس مكة، وهو يطوف بها، وقد سال العرق على جبينه في الظهيرة، فقال: [[يا ابن عمر! أسألك بالله، أجازيتُ أمي بما قَدَّمَت لي؟ قال ابن عمر: لا والذي نفسي بيده ولا بزفرة من زفراتها]].
    معنى الكلام: لَطَوافك بالبيت، وهذا الضنك والمشقة التي وجدتها لا تساوي زفرة من زفراتها، أو طلقة من طلقاتها في وقت الولادة، لا يساوي بر الابن بأمه طيلة ستين أو سبعين سنة.
    خرج عمر رضي الله عنه، وأسكنه فسيح الجنات، وجمعنا به وأرانا ذاك الوجه الكريم خرج في ظلام الليل بعد صلاة العشاء يتفقد الناس، ونزل إلى خيامٍ حول المدينة وفيها فقراء من بوادي العرب، فأتى إلى خيمة، فسمع امرأة تصيح وتبكي وهي في الطلق، فوقف عند باب الخيمة، وهو يرتجف كالعصفور من شدة البرد ويبكي رضي الله عنه وأرضاه، فقال له مولاه أسلم: [[ما لك يا أمير المؤمنين؟ قال: إنك لا تدري يا أسلم! ماذا تجد من ألم الولادة]] ثم ذهب رضي الله عنه... في قصة طويلة، وأتى بطعام لها، وصنع لها عشاءً، حتى قالت: والله إنك أحق من عمر بن الخطاب بالخلافة.

    أسأل الله تعالى أن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال والأقوال، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد.
    .أقول ماتسمعون واستغفروا الله إن الله غفور رحيم.


    الخطبة الثانية

    الحمد لله على ما أعطى واجزل نحمده تبارك وتعالى حمد العارفين الشاكرين الطالبين لمزيد فضله والصلاة على إمام العارفين وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أسس بر الوالدين
    __________

    وبر الوالدين له أسس:
    من بر الوالدين: الدعاء لهما


    أولها: أن تدعو الله لهما في أدبار الصلوات:
    _______________________

    الدعاء العظيم، يوم أن ترفع يديك تدعو لوالديك في أدبار الصلوات وفي السجود، وتقول: (رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) (اللهم اغفر لوالدي، اللهم ارحمهما، اللهم تجاوز عنهما) يوم تقف في ظلام الليل لتدعو لأفضل مخلوقين حيين قدما لك أحسن مكرمة في الحياة الدنيا، وهو وجودك، ولذلك فليس في الإسلام ولا في الشريعة أن يُقْتَصَّ للولد من الوالد، ولو قَتَل الوالد ابنه فلا يقتل به الوالد؛ لأنه سبب لوجوده فلا يكون الولد سبباً في إعدامه؛ بل لا يجوز للولد أن يشكو أباه إلا في الميراث, ومهما تكلم عليه، أو عزَّره، أو ضربه، أو أدبه؛ فلا يجوز أن يرفع في حقه شكوى، ولا أن تسمع شكواه؛ لأنه مهما فعل فلن يجاوز ذلك خير، ولا نفع، ولا معروف أبيه و هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ [الرحمن:60].
    ويصف الرسول عليه الصلاة والسلام الرحم ويقول -كما في الصحيحين- : {لما خلق الله الرحم تعلقت بالعرش، وقالت: يا رب! هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلكِ! وأقطع من قطعكِ؟ قالت: بلى يا رب! قال: فذلك لكِ}.
    قال أبو هريرة: [[اقرأوا قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * =6004567>أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23]]].
    ومن الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم من عق والديه، وقطعهما في الحياة حتى بكيا من عقوقه، فذلك نسي الله فأنساه نفسه، فيأتي يوم القيامة مبتور الحجة، مجذوم الإرادة، لا ينظر الله إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم.
    ومن حقوق الوالدين: أن يطاعا في أي أمر أمرا به في طاعة الله، وأما إذا أمرا بالمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
    سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة، خال رسول الله عليه الصلاة والسلام، لما أسلم وشهد أن لا إله إلا الله، قالت أمه: لا آكل ولا أشرب حتى تعود من الإسلام إلى الشرك، قال: يا أماه! كلي واشربي. قالت: قد سمعتَ، وحَلَفَتْ بلاتِها وعزَّاها ألا تأكل ولا تشرب حتى يعود، فحاورها وراودها ونازلها فرفضت، ثم قال: يا أماه! والذي نفسي بيده لو كان لك ألف نفس فخرجت نفساً نفساً على أن أعود عن دين رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين فلن أعود، فكلي أو اتركي، فأكلت. فأنزل الله عز وجل: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:14-15].
    إذاً: فلا طاعة لهما في معصية الله.
    قال الحسن: [[مَن أمرته أمه أن يصلي العشاء في البيت ويترك الجماعة فليعصها وليذهب إلى المسجد]].
    إذاً لا طاعة للوالد في المعصية؛ لأنه قد وجد من بعض الآباء من يجبر أبناءه على المعصية، ويرفض أن يستقيم ابنه، فإن قصر الابن ثوبه على السنة قال: هذا لا يوافق، هذا ليس من زينا، هذا من التزمت، هذا من التطرف، فيرفض ابنه ومسلك ابنه، وهذا خطأ.
    فطاعة الوالد في معصية الله عز وجل ليست واردة، لكن يطاع في طاعة الله عز وجل.

    من بر الوالدين: الإنفاق عليهما وقت العجز
    _________________________

    ومن البر بهما: الانفاق عليهما وقت العجز عن النفقة:
    وكثير من الآباء والأمهات اليوم لا يستطيعون الإنفاق على أنفسهم، لأن شبابهما وقوتهما وصحتهما وما آتاهما الله قد ضعفت، وعندما كبر هذا الشاب جحد حقهما في النفقة، وبلغ بمستواه هذا أخلاق اليهود والنصارى، فإن الذي يبلغ به العقوق إلى أن يحرم والديه النفقة فخلقه خلق اليهود والنصارى -والعياذ بالله- بل نفقة الوالدين واجبة على الولد على رغم أنفه، ومهما حاول أن يتمرد فإنه يجبر ويحبس حتى يؤدي النفقة إليهما.

    من بر الوالدين: تقديمهما على الزوج والأولاد
    ____________________________


    ومن البر لهما أن يقدم والديه على أبنائه وبناته وعلى زوجته.
    فلا يقدم زوجته مهما كانت، وإن فعل فقد خان الله ورسوله، وخان دين الله وميثاقه وعهده.
    إن قدم زوجته وأرضاها على حساب أمه، فهذا خائن غادر لميثاق الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، بل يجب أن يكون رضا الوالدة مقدماً دائماً، فإن أراد أن يحلي زوجته، أو يلبسها، أو يطعمها، فبعد أن يرضي أمه، وأن يقدمها في كل الحقوق؛ فإن تنازلت وسمحت ورضيت فلا بأس أن يزيد لزوجته؛ لأنه أرضى قبلها أمه.

    من بر الوالدين: السكنى
    ________________


    قال أهل العلم: يسكنون أينما أرادوا، ولو كان في العين، فإن العين مهما ضاقت فإنها لا تضيق بالوالدين.
    فمن حقوقهما: السكنى.. لا يسكن الولد إلا ووالداه معه؛ إلا إذا اختارا ورأيا أن المصلحة في عدم السكنى معه، لسلامة القلوب، والبعد عن الشجار والاختلاف، فلهما ذلك؛ لكن إذا أراد الوالد أو الوالدة بيتاً أو اختارا أمكنة من بيوته فيقدمان، ولهما الحق شريعة وعرفاً وميثاقاً وعهداً من الله.

    من بر الوالدين: الزيارة
    ______________



    ومن حقهما: الزيارة، فإذا كانا في بلد بعيد فبالاتصال، وطلب الرضا والسماح، وطلب الدعاء منهما.
    ولكن كثيراً من الناس قد جهلوا هذه الحقوق، وتغمطوها، بل بلغ ببعضهم أن هجر أباه وأمه السنوات الطويلة في غضب، أو بلغ به العقوق أن لعن أباه أو أمه، أو ضرب أحدهما، أو خاصمهما حتى بكيا، فإذا بلغا إلى درجة الغضب الشديد الذي ينتج البكاء فقد عقهما عقوقاً كبيراً، وأصبح فعله هذا من الكبائر السبع التي ذكرها عليه الصلاة والسلام.



    عباد الله: إن الله تعالى قد أمرنا بأمر بدأ فيه بنفسه فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56.

    هذا وما كان من توفيقٍ فمن الله وحده، وما كان من خطأٍ، أو سهوٍ، أو نسيانٍ، فمني ومن الشيطان، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه الأطهار الأخيار ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 7:15 am