الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خطبة الجعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم ، بتاريخ 2 صفر 1445 هـ ، الموافق 18 أغسطس 2023م.   

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2681
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خطبة الجعة القادمة  بعنوان : اسم الله الرحيم ،   بتاريخ 2 صفر 1445 هـ ، الموافق 18 أغسطس 2023م.    Empty خطبة الجعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم ، بتاريخ 2 صفر 1445 هـ ، الموافق 18 أغسطس 2023م.   

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الخميس أغسطس 17, 2023 12:08 am

    خطبة الجعة القادمة
    بعنوان : اسم الله الرحيم ،
    بتاريخ 2 صفر 1445 هـ ، الموافق 18 أغسطس 2023م. 
     
    أولًا: سعةُ رحمةِ اللهِ بعبادِهِ.
    ثانيًا: وسائلُ الفوزِ برحمةِ اللهِ تعالى.
    ثالثًا: الرحمةُ في حياتِنَا المعاصرةِ صورٌ ومظاهرُ.
     
    المـــوضــــــــــوع
    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:


    أولًا: سعةُ رحمةِ اللهِ بعبادِهِ.

    مِن أهمِّ أسماءِ اللهِ الحسنَى ( اسمُ اللهِ الرحيمِ )، ومنهُ انشقتْ الرحمةُ، ولقد انفردتْ صفةُ الرحمةِ في القرآنِ الكريمِ بالصدارةِ، وبفارقٍ كبيرٍ عن أيِّ صفةٍ أُخرَى، فبينمَا تكررتْ صفةُ الرحمةِ بمشتقاتِهَا ثلاثَ مائةٍ وخمسَ عشرةَ مرةً، جاءتْ صفةُ الصدقِ مثلًا مائةً وخمسًا وأربعينَ مرةً، وجاءتْ صفةُ الصبرِ تسعينَ مرةً، وجاءتْ صفةُ العفوِ ثلاثًا وأربعينَ مرةً، وجاءتْ صفةُ الكرمِ اثنتينِ وأربعينَ مرةً، وجاءتْ صفةُ الأمانةِ أربعينَ مرةً، وجاءتْ صفةُ الوفاءِ تسعًا وعشرينَ مرةً، وهكذا! وهذا ليس مصادفةً بحالٍ مِن الأحوالِ، وحاشَ للهِ أنْ تكونَ هناكَ أمورٌ عشوائيةٌ في كتابِ ربِّ العالمين، فهو الحقُّ الذي لا باطلَ فيهِ، وكلُّ كلمةٍ وحرفٍ فيه نزلَ لهدفٍ.
    ورحمةُ اللهِ بعبادهِ رحمةٌ واسعةٌ قال تعالى: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ }.(الأعراف: 156). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: ” إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي “(البخاري)؛ وعن أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: “جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ؛ فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ” (البخاري)، وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بِسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ، أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا ﷺ:«أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قُلْنَا: لَا، وَاللهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ ﷺ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا».(متفق عليه).

    وعبادُ الرحمنِ يدخلونَ الجنةَ برحمةِ اللهِ تعالَى، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ» قَالُوا: وَلَا أَنْتَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ»(متفق عليه). كما أنَّ الرحمةَ مِن صفاتِ أهلِ الجنةِ، قالَ ﷺ: “أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ”(مسلم).
    وقد توعدَ ﷺ أولئكَ الذينَ لا يرحمونَ أنَّهُم أبعدُ الناسِ عن رحمةِ اللهِ سبحانَهُ وتعالَى فقالَ:” لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ”(متفق عليه).
    وقد بعثَ اللهُ لنَا الرسولَ ﷺ رحمةً بنَا فقالَ تعالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. ( الأنبياء: 107).
    وبيَّنَ ﷺ أنَّهُ بُعِثَ رحمةً بأمتِهِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ». (البيهقي والحاكم وصححه).

    ثانيًا: وسائلُ الفوزِ برحمةِ اللهِ تعالَى.

    إنَّ رحمةَ اللهِ تعالَى وسعتْ كلَّ شيءٍ، وحتى يحظَى العبدُ برحمةِ اللهِ تعالَى هناكَ عدةُ وسائلٍ للفوزِ بهذه الرحمةِ، ومِن أهمِّ هذه الوسائلِ:
    الإحسانُ: والإحسانُ كلمةٌ جامعةٌ لأصولِ الدينِ وأصولِ المعاملاتِ وأصولِ الأخلاقِ قالَ تعالَى: { إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } [الأعراف: 56]. فرحمةُ اللهِ قريبٌ مِن المحسنينَ، الذين يعبدونَ اللهَ تعالَى كأنَّهُم يرونَهُ، فيراقبونَهُ في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، ويعلمونَ أنَّهُ جلَّ جلالُهُ يعلمُ السرَّ وأخفَى فيأتمرونَ بأمرِهِ وينتهونَ عن نهيهِ.

    ورحمةُ اللهِ قريبٌ مِن المحسنينَ الذين يحسنونَ في عبادتِهِم للهِ تعالَى، ويؤدونَهَا دونَ خللٍ أو تقصيرٍ أو تفريطٍ.
    ورحمةُ الله قريب مِن المحسنينَ الذين يحسنونَ إلى خلقِ اللهِ بالمعاملةِ الحسنةِ.
    ومنها: ملازمةُ الإيمانِ والتقوَى: لأنَّ الإيمانَ والتقوَى مِن أهمِّ الوسائلِ لنيلِ رحمةِ اللهِ تعالَى، فمَن آمنَ واتقَى اللهَ تعالَى، وأتىَ بأمهاتِ الطاعاتِ فقد نالَ القسطَ الأوفَى مِن رحمتِه تعالى، وهو القائلُ سبحانَهُ: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ } [الأعراف: 156، 157].
    ومنها: إقامةُ الصلاةِ وإيتاءُ الزكاةِ وطاعةُ الرسولِ: كما قالَ تعالَى: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [النور: 56]. وقالَ تعالَى: { وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }. [آل عمران: 132].
    فطاعةُ اللهِ وطاعةُ رسولِهِ، مِن أسبابِ حصولِ الرحمةِ، فكيفَ ترجُو رحمةَ اللهِ وقد عصيتَ أوامرَهُ ولم تطعْ رسولَهُ ﷺ؟ وكيف ترجُو رحمةَ اللهِ يا مَن تؤخرُ الصلاةَ عن وقتِهَا؟! كيف ترجُو رحمةَ اللهِ يا مَن لا تُصلِّي في جماعةٍ؟! كيف ترجُو رحمةَ اللهِ يا مَن تنامُ عن الصلاةِ المكتوبةِ؟! كيف ترجُو رحمةَ اللهِ أيُّهَا الغنيُّ وأنت تضنُّ بمالِكَ عن الفقراءِ والمساكين؟! كيف ترجُو رحمةَ اللهِ يا مَن تكنزُ الأموالَ ولا تخرج حقَّ الفقراءِ والمساكين؟!
    ومنها: التراحمُ في البيعِ والشراءِ: فينبغِي للمسلمِ أنْ يكونَ ذا شفَقَةٍ ورحمةٍ في البيعِ والشراءِ، فلا يُغالِي في الرِّبحِ، ولا يبالغُ في التكسُّبِ، ولا يستغلُّ حاجةَ إخوانِه ليرهقَهُم بمَا يشقُّ عليهم، بل يُراعِي حقوقَ الأخوَّةِ الإسلاميّةِ، وقد حثَّنَا الشارِعُ الحكيمُ على المسَامحَةِ في المعاملةِ، قالَ ﷺ: «رحِمَ اللهُ رجلاً سمحًا إذا باعَ وإذا اشتَرى وإذا اقتَضَى».( البخاريّ ) .

    ومنها: الرحمةُ بالمخلوقاتِ: فالرحيمُ أولَى الناسِ برحمةِ اللهِ، وهو أحبُّ الناسِ إلى الناسِ، وأقربُ الناسِ إلى قلوبِ الناسِ، وهو أحقُّ الناسِ بالجنةِ، لأنَّ الجنّةَ دارُ الرّحمةِ لا يدخلُهَا إلَّا الرّاحمون، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»[أبوداود والترمذي بسند صحيح].
    ورحمةُ الخلقِ جميعًا بشرًا أو حيواناتٍ مِن أعظمِ أسبابِ المغفرةِ، فقد غفرَ اللهُ لبغيٍّ سقتْ كلبًا، وغفرَ اللهُ لرجلٍ رأىَ كلبًا يلهثُ الثرَى مِن العطشِ فرَقَّ لهُ فسقاهُ، وفي المقابلِ دخلتْ امرأةٌ النارَ في هرةٍ حبستْهَا فلم ترحمْهَا .
    إِنْ كُنتَ لَا تَرحَمُ المِسكِينَ إِنْ عَدِمَا ………. وَلَا الفَقِيرَ إِذَا يَشكُو لَكَ العَدَمَا
    فَكَيفَ تَرجُو مِنَ الرَّحمَنِ رَحمَتَهُ …………..   وَإِنَّمَا يَرحَمُ الرَّحمَنُ مَنْ رَحِمَا
    ومنها: الإكثارُ مِن الاستغفارِ والدعاءِ: قالَ تعالَى: {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. [النمل: 46].
    فالتوبةُ وكثرةُ الاستغفارِ مِن أسبابِ تنزُّلِ الرحماتِ الإلهيةِ، والألطافِ الربانيةِ، والفلاحِ في الدنيا والآخرةِ.
    فعن أبي ذَرٍّ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال فيما روى عن اللهِ تباركَ وتعالَى أنَّهُ قالَ: « يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ». [مسلم].
    كما يُستحبُّ الدعاءُ، بأن يُكثرَ العبدُ مِن سؤالِ ربِّهِ الرحمةَ، فيقول: اللهُمَّ ارحمنِي، اللهُمَّ ارحمنِي. فإذا دعوتَ اللهَ، فاعزمْ في الدعــاءِ ولا تترددْ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ” لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ، فَإِنَّ اللهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ، لَا مُكْرِهَ لَهُ “. (متفق عليه).

    فاحرصُوا على هذه الأعمالِ الصالحةِ حتى تنالُوا رحمةَ اللهِ في الدنيا والآخرةِ.

    ثالثًا: الرحمةُ في حياتِنَا المعاصرةِ صورٌ ومظاهرُ.

    تعالُوا معنَا في هذا العنصرِ لنذكرً لكم صورًا ومظاهرَ للرحمةِ في الإسلامِ، لنطبقَهَا عمليًّا على أرضِ الواقعِ:
    فمنها: الرحمةُ في التعاملِ مع الخدمِ والعبيدِ: فعن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: “خَدَمْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ”، وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: “مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ “(أخرجهما البخاري ومسلم ).
    ومنها: الرحمةُ في التعاملِ مع الأطفالِ والصبيانِ: فقد كان ﷺ رحيمًا بالأطفالِ، فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:” قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَالَ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ” (متفق عليه)؛ وعن عَبْد اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ، فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ : ” صَدَقَ اللَّهُ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ( التغابن: 15 )، رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ” ، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ. ( أبو داود والبيهقي والحاكم وصححه )، وهذه رسالةٌ قويةٌ لِمَن ينهرونَ الصبيانَ ويطردُونَهُم مِن المساجدِ.
    ومنها: الرحمةُ في التعاملِ مع الحيوانِ: فقد تجاوزتْ إنسانيتُهُ ﷺ ذلك كلَّهُ إلى الحيوانِ والبهيمةِ، فيروي عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ ﷺ دخلَ حائطًا لرجلٍ مِن الأنصارِ، فإذا فيه جملٌ فلمَّا رأَى النبيَّ ﷺ حنَّ وذرفتْ عيناهُ، فأتاهُ ﷺ فمسحَ ظفراهُ فسكتَ، فقالَ ﷺ: “مَن ربُّ هذا الجملِ؟ لِمَن هذا الجملُ؟” فجاءَ فتًى مِن الأنصارِ فقالَ: لي يا رسولَ اللهِ، فقالَ لهُ: ” أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ ‏‏ وَتُدْئِبُهُ ” (أبو داود)، ( وَتُدْئِبهُ: أَيْ تُكْرِههُ وَتُتْعِبهُ وَزْنًا وَمَعْنًى)، وقد مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ فَقَالَ: “اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً” (أبوداود وابن خزيمة بسند صحيح).

    ومنها: الرحمةُ في التعاملِ مع كبارِ السنِّ: فقد جاءَ أبو بكرٍ بأبيهِ عامَ الفتحِ يقودُهُ نحو رسولِ اللهِ ﷺ ورأسهُ كالثَّغامةِ بياضًا مِن شدةِ الشيبِ، فرحمَ النبيُّ ﷺ شيخوخَتَهُ وقال: “هلا تركتَ الشيخَ في بيتِهِ حتى أكونَ أنَا آتيهِ فيهِ، قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه: هو أحقُّ أنْ يمشِي إليكَ يا رسولَ اللهِ مِن أنْ تمشِي إليهِ.” [ مجمع الزوائد – الهيثمي ] وهو القائلُ ﷺ: ” لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا” [الترمذي والحاكم وصححه ] .
    ومنها: الرحمةُ في التعاملِ مع المُخطئِ: فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ أعرَابِّيٌ فَبَالَ في الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: ” دَعُوهُ وَهَرِيْقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أوْ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ “. (البخاري).
    وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي ، لَكِنِّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ، وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي ، قَالَ: ” إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ، لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ” (مسلم) .
    فعليكَ أخي المسلمِ أنْ تكونَ مثالًا حيًّا في الرحمةِ بعبادِهِ وجميعِ خلقِهِ، لتكتبَ عندَ اللهِ مِن الرحماءِ، مصداقًا لقولِ المصطفَى ﷺ: « إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». (متفق عليه).
    نسألُ اللهَ أنْ  يشملَنَا برحمتِه وحفظِه وعنايتِه وسترِه في الدنيا والآخرةِ، وأنْ يحفظَ مصرنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ .
        الدعاء،،،،،،،                وأقم الصلاة،،،،،                 

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 6:23 pm