الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    خاطرة الأربعاء 31|5\2023 تحت عنوان ???????????? ===================== خُلق التسامح

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2679
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    خاطرة الأربعاء 31|5\2023 تحت عنوان ???????????? =====================                خُلق التسامح Empty خاطرة الأربعاء 31|52023 تحت عنوان ???????????? ===================== خُلق التسامح

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء مايو 30, 2023 10:41 pm

    خاطرة الأربعاء 31|5\2023
    تحت عنوان 👇👇👇
    =====================
    خُلق التسامح

    التسامح خُلُقٌ شامل ينضوي تحته عدَّة أخلاقٍ أخرى، ومن أهمها: الرحمة، والرأفة والتعطُّف، والسلام - الذي يُعدُّ الشِّعار الأوَّل للإسلام والمسلمين - والعدل والإحسان، والعفو والصَّفح عن المسيئين - وبخاصة عند القدرة على الردِّ - والاعتدال وعدم التَّشدُّد، ونبذ التَّعصُّب في صوره الجاهلية كلِّها؛ كالتعصب للجنس، أو اللون، أو اللغة، أو النسب أو غيرها من عَصَبيات الجاهلية.
     
    وقد ربط النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين السماحة وبين أصل الدِّين الإسلامي، إذْ جعلها في العديد من أحاديثه وَصْفاً مُلازماً؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم قال: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ». فرسالة النبي صلى الله عليه وسلم رسالة حنيفيَّة أي: مائلة عن الباطل إلى الحق، ورسالة سمحة أي: سهلة يسيرة؛ فكل حياته صلى الله عليه وسلم وتشريعاته وإرشاداته قائمة على اليُسر والسماحة والتخفيف على أُمَّته.
     
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الدِّينِ إلى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» صحيح - رواه البخاري معلقاً، ووصله في (الأدب المفرد).
     
     
    ومن أبرز مظاهر التسامح بين الناس: طلاقَةُ الوجه، واستقبالُ الناس بالبِشر، ومبادرتهم بالتحية والسلام والمصافحة، وحُسن المحادثة، وحُسن الصُّحبة والمعاشرة، والتغاضي عن الهفوات والزلات.
     
    ومن سماحة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ مِنْ قَبْضِ مَالِكَ؟ قَالَ: إِنَّكَ غَبَنْتَنِي؛ فَمَا أَلْقَى مِنْ النَّاسِ أَحَدًا إِلاَّ وَهُوَ يَلُومُنِي، قَالَ: أَوَذَلِكَ يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْتَرْ بَيْنَ أَرْضِكَ وَمَالِكَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ رَجُلاً كَانَ سَهْلاً مُشْتَرِيًا وَبَائِعًا وَقَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا» حسن - رواه أحمد في (المسند). وفي حديث آخَر: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» رواه البخاري.
     
     
    ومن أعظم التسامح: التسامح مع مَنْ أساء، ومن أبرز موافق الرِّجال في ذلك موقف أبي بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - حين كان يُنفِق على ابنِ عَمِّه مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ - رضي الله عنه - وكان من فقراء الصحابة، فلمَّا أثار المنافقون على عائشة - رضي الله عنها - ما أثَاروه من قضية الإفكِ، واتَّهموها بما هي منه بريئة؛ كان مِسْطَحٌ ممَّن تورَّطَ في حديث الإِفك، فَحلَف أبو بكرٍ - رضي الله عنه - أن لا يُنفقَ عليه بعد ذلك، فلمَّا أمَرَ الله تعالى بالعَفْوِ والصَّفْح بادر أبو بكر - رضي الله عنه - وكفَّرَ عن يَمينه، وعفا وصَفَحَ، وعاد يُنفِقُ على مِسْطَحٍ، فرضيَ اللهُ عنه ما أسمَحَه وأنبَلَه! فقد كان ممَّن قال الله فيهم: ﴿ وإذا ما غضبوا هم يغفرون  ﴾ [الشورى: 37].

    ومن الأخلاق العظيمة: التسامح في إنظار المُعسر، أو التجاوز عنه، وفيه أجر عظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ؛ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ» رواه البخاري. وقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ؛ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ» رواه مسلم. وقال أيضاً: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» رواه مسلم.

     
    والتسامح مطلوب في جميع المعاملات العامة بين الناس، وفي التعامل الاجتماعي مع المسلمين، بالعفوِ عمَّن أساء، وصِلَةِ مَنْ قَطَع، وإعطاءِ مَنْ مَنَع، قال الله تعالى: ﴿  ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوه كأنه ولي حميم  * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35].
     
    إنَّ الحِلمَ عن الجاهل، والعفوَ عن السَّفيه، وتحمُّل الأذى؛ يُكسبك خُلُقاً كريماً، ومكانةً ساميةً في المجتمع، يقول الله تعالى: ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون هلي الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ﴾ [الفرقان: 63].
    فالسماحة والتسامح مطلوب في التعامل مع الأهل والأصحاب، فلا يُعاتِب على كلِّ خطأ؛ بل يعفو ويتناسَى ويتجاهَل كثيراً من الأشياء لتدومَ المودَّةُ والإخاء.
     
    النبي صلى الله عليه وسلم كان سمحاً ومتسامحاً مع أهل بيته، وهذا التسامح والسماحة المعروفة عنه صلى الله عليه وسلم بَقَيَتْ مَضْربَ الأمثال، إذْ تدل دلالةً قاطعة على سموِّ خُلُقِه صلى الله عليه وسلم ورُقِيِّ تعاملِه
     
    وها هو أنس - رضي الله عنه - يُخبرنا عن خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم وسماحته مع مَنْ يخدِمه، ويقضي حوائجه، فيقول: (خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي: أُفًّا قَطُّ، وَلاَ قَالَ لِي لِشَيْءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا، وَهَلاَّ فَعَلْتَ كَذَا) رواه مسلم.
    ========================
    فضيلة الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    كبير أئمة شبرا الخيمة شرق القليوبية
    جامعة الأزهر قسم العقيدة والفلسفة

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 6:11 am