الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    عناصر خطبة الجمعة القادمة 28 يناير 2022م  “حقُّ الوطنِ والتضحيةُ في  سبيلهِ

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2689
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    عناصر خطبة الجمعة القادمة 28 يناير 2022م  “حقُّ الوطنِ والتضحيةُ في  سبيلهِ Empty عناصر خطبة الجمعة القادمة 28 يناير 2022م  “حقُّ الوطنِ والتضحيةُ في  سبيلهِ

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الخميس يناير 27, 2022 11:59 pm

    عناصر خطبة الجمعة القادمة 28 يناير 2022م 
    “حقُّ الوطنِ والتضحيةُ في  سبيلهِ”

    أولًا: حبُّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ.
    ثانيًا: الموتُ بالتضحيةِ لأجلِ الوطنِ شهادةٌ في سبيلِ اللهِ.
    ثالثًا: صورُ التضحيةِ من أجلِ الوطنِ.

     

    الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليه ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليه وسلمَ. أما بعدُ:

    أولًا: حبُّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ:

    إنَّ حبَّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ في الإنسانِ، وهذا ما أعلنَهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلمَ وهو يتركُ مكةَ تَرْكًا مؤقتًا، فعن عبدِ اللهِ بنِ عديٍّ أنَّهُ سمعَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو واقفٌ على راحلتِهِ بالحَزْوَرَة مِنْ مَكَّةَ يَقُول: “وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرضِ اللهِ وَأحَبُّ أرْضِ اللهِ إِلىَ اللهِ، وَلَوْلاَ أنِّي أخْرِجْتُ مِنْكِ مَاَ خَرَجْتُ” ( الترمذيُّ وحسنَهُ). قال الحافظُ الذهبيُّ – مُعَدِّدًا طائفةً من محبوباتِ رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلمَ -: ” وكان يحبُّ عائشةَ، ويحبُّ أَبَاهَا، ويحبُّ أسامةَ، ويحبُ سِبطَيْهِ، ويحبُ الحلواءَ والعسلَ، ويحبُ جبلَ أُحُدٍ، ويحبُ وطنَهُ”.
    ولتعلقِ النبيِّ – صلَّى اللهُ عليه وسلمَ – بوطنِهِ الذي نشأَ وترعرعَ فيه ووفائِه له وانتمائِه إليه، دعا ربَّهُ لما وصلَ المدينةَ أنْ يغرسَ فيه حبَّهَا فقالَ: ” اللهمَّ حبِّبْ إلينا المدينةَ كحُبِّنا مكةَ أو أشدَّ”. (البخاري ومسلم) .

    وقد استجابَ اللهُ دعاءَهُ، فكان يحبُّ المدينةَ حبًّا عظيمًا، وكان يُسَرُّ عندما يَرى معالِمَهَا التي تدلُّ على قربِ وصولِهِ إليهَا، فعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ تعالى عنه قالَ: “كان رسولُ اللهِ إذا قدمَ من سفرٍ، فأبصرَ درجاتِ المدينةِ، أوضعَ ناقتَهُ – أي: أسرعَ بها – وإنْ كانتْ دابةً حرَّكَها”، أي “حركَهَا مِن حبِّها”. (البخاري) .
    وهكذا يظهرُ لنا بجلاءٍ غريزةُ حبِّ الوطنِ والانتماءِ والحنينِ إليه في الإسلامِ.

    ثانيًا: الموتُ بالتضحيةِ لأجلِ الوطنِ شهادةٌ في سبيلِ اللهِ:

     كثيرٌ مِن الناسِ يعتقدُ أنَّ الشهادةَ تقتصرُ على الموتِ في محاربةِ الكفارِ فقط ، ولكنَّ شهداءَ أمةِ محمدٍ – صلَّى اللهُ عليه وسلمَ-  كثيرون، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا لأَصْحَابِهِ: مَا تَعُدُّونَ الشُّهَدَاءَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: مَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ شَهِيدٌ، قَالَ: إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذَنْ لَقَلِيلٌ: الْمَقْتُولُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْءُ يَمُوتُ عَلَى فِرَاشِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَاللديغُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ، وَالشريقُ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَفْتَرِسُهُ السَّبُعُ شَهِيدٌ، وَالْخَارُّ عَنْ دَابَّتِهِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالنُّفَسَاءُ يَقْتُلُهَا وَلَدُهَا يَجُرُّهَا بِسَرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ”.(ابنُ حبانٍ والطبرانيُّ) .
    هذا وخصالُ الشهادةِ أكثرُ من هذه السبعِ، قالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ: ” وقد اجتمعَ لنا من الطرقِ الجيدةِ أكثرَ من عشرين خصلةً..  وذكرَ منهم: اللديغَ، والشريقَ، والذي يفترسُهُ السبعُ، والخارَّ عن دابتِهِ، والمائدَ في البحرِ الذي يصيبُهُ القيءُ، ومَن تردَّى مِن رؤوسِ الجبالِ. قال النوويُّ: وإنّما كانتْ هذه الموتاتُ شهادةً يتفضلُ اللهُ تعالى بسببِ شدتِهَا وكثرةِ ألمِهَا. قالَ ابنُ التينِ: هذه كلُّهَا ميتاتٌ فيها شدةٌ تفضلَ اللهُ على أمةِ محمدٍ – صلى اللهُ عليه وسلم-   بأنْ جعلَهَا تمحيصًا لذنوبِهِم وزيادةً في أجورِهِم يُبلغَهُم بها مراتبَ الشهداءِ”.( فتح الباري).
    ويدخلُ في ذلك الدفاعُ عن الأهلِ والمالِ والوطنِ فعن سعيدِ بنِ زيدٍ قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلمَ: “مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ”( الترمذيُّ وحسنَهُ)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي ؟ قَالَ : فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي ؟ قَالَ : قَاتِلْهُ ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي ؟ قَالَ : فَأَنْتَ شَهِيدٌ ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ ؟ قَالَ : هُوَ فِي النَّارِ “. ( مسلم )

    كما يدخلُ في ذلك أيضًا الجنودُ المرابطونَ الذين يسهرونَ ليلَهُم في حراسةِ هذا الوطنِ والدفاعِ عنه وحمايةِ منشآتِهِ، وقد ذكرَهُم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقولِهِ:” عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ؛ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” ( الطبراني والبيهقي والترمذي وحسنه ).
    ويدخلُ في ذلكَ أيضًا كلُّ مَن ماتَ متأثرًا بفيروسِ كورونًا ؛ سواءٌ كانَ مِن المصابينَ أو مِن الفريقِ الطبيِ أو التمريضِ وهو ما يُسَمّى: ( بالجيشِ الأبيضِ ) .
    فمَن ماتَ مُضحيًا ومُدافعًا عن وطنِهِ، وهو صابرٌ ومحتسبٌ وموحدٌ مِن جميعِ الفئاتِ سالفةِ الذكرِ، فإنَّنَا نرجُو لهُ الحصولَ على أجرِ الشهادةِ، فرحمةُ اللهِ واسعةٌ وفضلُهُ عظيمٌ.

    ثالثًا: صورُ التضحيةِ مِن أجلِ الوطنِ:

    إنَّ للتضحيةِ مِن أجلِ الوطنِ صورًا عديدةً منها :
    التضحيةُ بالنفسِ:  وذلكَ بأنْ يُضحِي الإنسانُ بنفسِهِ مِن أجلِ وطنِهِ ؛ سواءٌ كانَ دفاعًا عنه أو قيامَ الأطباءِ والممرضينَ بواجبهِم الوطنيِّ في علاجِ المصابينَ بالطاعونِ، كما ذُكِرَ في عنصرِنَا السابق.
    ومنها: التضحيةُ بالمالِ: ولا سيَّمَا في هذه الظروفِ التي تمرُّ بها البلادُ في ظلِّ جائحةِ كورونَا، عملًا بسنةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلمَ وتضحيةِ صحابتِهِ الكرامِ بالمالِ ومواساةِ بعضهِمُ البعض. فعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ:” صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ؛ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ.”(متفقٌ عليه).
    ومنها: التضحيةُ بإتقانِ العملِ: وذلك بأنْ يُضحِّي كلُّ فردٍ من أفرادِ العملِ بإتقانِ العملِ المنوطِ بهِ مِن أجلِ بناءِ وطنِهِ ومجتمعِهِ؛ ويكفِي في ذلكَ أنَّ قيمةَ إتقانِ العملِ توصلُ العبدَ إلى محبةِ اللهِ تعالَي ، يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلمَ:” إنَّ اللهَ يحبُّ إذَا عملَ أحدكُم عملاً أنْ يُتقنَهُ.”( الطبرانيُّ )، ولقدْ أحسنَ مَن قالَ:
    إذَا عَمِلَ المرءُ المكلفُ مرةً  …. عملًا فإنَّ العيبَ ألّا يُحسنَه
    فقـــــدْ ذكرَ المختارُ أنَّ إلهَنَا ….. يحــــــبُّ لعبدٍ خافَهُ أنْ يتقنَه
    ومنها: التضحيةُ بالحفاظِ على الممتلكاتِ العامةِ: فقدْ حرَّمَ الإسلامُ التعدِّي علي الأموالِ والممتلكاتِ العامةِ، وفي ذلك يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلمَ : ” مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا (إبرة) فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا (خيانةً وسرقةً) يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.(مسلم).
    أيُّها الإخوةُ المؤمنون: إنَّ واجبَنَا نحو التضحيةِ من أجلِ وطنِنَا أنْ يضحِّي كلُّ فردٍ في المجتمعِ بحسبِ عملِهِ ومسئوليتِهِ، فيضحِّي الطبيبُ من أجلِ حياةِ المريضِ، ويُضحِّي المعلمُ مِن أجلِ تعليمِ وتنشئةِ الأولادِ، ويُضحِّي المهندسُ مِن أجلِ عمارةِ الوطنِ، ويُضحِّي القاضِي مِن أجلِ إقامةِ وتحقيقِ العدلِ، ويُضحِّي الداعيةُ مِن أجلِ نشرِ الوعيِ والفكرِ الصحيحِ بينَ أفرادِ المجتمعِ وتصحيحِ المفاهيمِ المغلوطةِ والأفكارِ المنحرفةِ، ويُضحِّي الأبُّ مِن أجلِ معيشةٍ كريمةٍ لأولادِهِ، ويُضحِّي الجنديُّ مِن أجلِ الدفاعِ عن وطنِهِ، ويُضحِّي العاملُ مِن أجلِ إتقانِ عملِهِ، وتُضحِّي الأمُّ مِن أجلِ تربيةِ أولادِهَا… إلخ

     إنَّنَا إنْ فعلنَا ذلك فإنَّنَا ننشدُ مجتمعًا متعاونًا متكافلًا تسودُهُ روابطُ المحبةِ والبرِّ والإحسانِ وجميعُ القيمِ الفاضلةِ.

    نسألُ اللهَ أنْ يرزقَنَا عيشَ السعداءِ، وميتةَ الشهداءِ، ومرافقةَ الأنبياءِ …
    الدعاء،،،،،،،                                        وأقم الصلاة،،،،،                     


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 5:34 am