احبتى فى الله ادعوكم لسماع درس التفسير غدا 5 1 2014 ان شاءالله بمسجد رياض الصالحين تحت عنوان -----------------------------------------------------------------------
مقدمة وتمهيد عن سورة عبس
1- سورة " عبس " لها أسماء أخرى وكما عرفنا من قبل ان العلماء لهم اجتهادات فى اسماء السور واجتهادتهم تكون عبارة عن تسمية السورة بلفظ من ألفاظها او بحادثة من السورة او بسبب من أسباب نزولها او بشئ موجود فيها ليس موجود فى غيرها وتسمى سورة عبس ب«الصاخة» وسورة «السفرة» لوقوع هذه الألفاظ فيها. ، وَتُسَمَّى سُورَةَ «الْأَعْمَى» ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَسْمِيَةٌ بِأَلْفَاظٍ وَقَعَتْ فِيهَا لَمْ تَقَعْ فِي غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ أَوْ بِصَاحِبِ الْقِصَّةِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ نُزُولِهَا.
وَفِي « أحكام ابْنِ الْعَرَبِيِّ» عَنْوَنَهَا «سُورَةَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» .أى باسم الصحايى عبدالله بن ام مكتوم والذى بسببه نزلت هذه الأيات ، وَهو الوحيد الذى أطلق عليها هذا الاسم
2- سورة "عبس "مكية وكان نزولها بعد سورة «النجم» وقبل سورة «القدر» ، فهي تعتبر السورة الثالثة والعشرون في ترتيب النزول، أما في ترتيب المصحف فهي السورة الثمانون.
رؤية عامة حول السورة الجليلة
هذه السورة قوية المقاطع،ضخمة الحقائق،عميقة اللمسات،فريدة الصور والظلال والإيحاءات،موحية الإيقاعات الشعورية و الروحانية على السواء.
سبب نزول الايات
ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات ملخصها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا في أحد الأيام، مع جماعة من زعماء قريش يدعوهم إلى الإسلام، ويشرح لهم تعاليمه، فأقبل عبد الله بن أم مكتوم- وكان كفيف البصر- فقال: أقرئنى وعلمني مما علمك الله، يا رسول الله، وكرر ذلك، وهو لا يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم مشغول بدعوة هؤلاء الزعماء إلى الإسلام، رجاء أن يسلم منهم أحد ويكون ذلك سبب لاسلام خلق كثير ...
لانهم كانوا سبب فى عدم اسلام الكثيرين لخوفهم منهم لايذائهم الدائم وتعذيبهم لمن يسلم .
فلما أكثر عبد الله من طلبه، أعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فنزل القرآن بصدر هذه السورة يعاتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - عتابا شديدا ويقرر حقيقة القيم في حياة الجماعة المسلمة في أسلوب قوي حاسم،كما يقرر حقيقة هذه الدعوة وطبيعتها :«عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى .وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى.أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى .أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى! وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى؟ وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى،فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى؟! كَلَّا! إِنَّها تَذْكِرَةٌ،فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ،فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ،مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ،بِأَيْدِي سَفَرَةٍ،كِرامٍ بَرَرَةٍ» ..
... فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه، إذا رآه، ويقول له: «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي» ويبسط له رداءه ....
الفوائد الجليلة المستخلصة من سورة عبس
1- القصة بها ما يدل على الاعجاز وهو ان القران نزل من عند الله وليس من عند الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان يقول الكافرون
لانه لو كان من عند الرسول صلى الله عليه وسلم لم نكن لنرى ذلك الاسلوب الرادع للرسول صلى الله عليه وسلم مع ان هناك ايات عتاب اخرى للرسول فى القران
"عَفَا الله عَنك لِمَ أذنتَ لَهُم حَتَّى يَتَبَيَنَ لكَالذين صدقوا وتعلم الكاذبين".
"يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"
ولكن للمرة الوحيدة في القرآن كله يقال للرسول الحبيب القريب :«كلا» وهي كلمة ردع وزجر في الخطاب!
2-إن هذا العتاب الذي نزل بشأن هذا الحادث هو أمر عظيم جدا .أعظم بكثير مما يبدو لأول وهلة
يجيء الرجل الأعمى الفقير ..ابن أم مكتوم ..إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وهو مشغول بأمر النفر من سادة قريش.عتبة وشيبة ابني ربيعة،وأبي جهل عمرو بن هشام،وأمية بن خلف،والوليد بن المغيرة،..والرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم إلى الإسلام ويرجو بإسلامهم خيرا للإسلام في عسرته وشدته التي كان فيها بمكة وهؤلاء النفر يقفون في طريقه بمالهم وجاههم وقوتهم ويصدون الناس عنه،ويكيدون له كيدا شديدا حتى ليجمدوه في مكة تجميدا ظاهرا.بينما يقف الآخرون خارج مكة،لا يقبلون على الدعوة التي يقف لها أقرب الناس إلى صاحبها،وأشدهم عصبية له،في بيئة جاهلية قبلية،تجعل لموقف القبيلة كل قيمة وكل اعتبار.
يجيء هذا الرجل الأعمى الفقير إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وهو مشغول بأمر هؤلاء النفر.لا لنفسه ولا لمصلحته،ولكن للإسلام ولمصلحة الإسلام.فلو أسلم هؤلاء لا نزاحت العقبات العنيفة والأشواك الحادة من طريق الدعوة في مكة ولا نساح بعد ذلك الإسلام فيما حولها،بعد إسلام هؤلاء الصناديد الكبار.يجيء هذا الرجل،فيقول لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - :يا رسول اللّه أقرئني وعلمني مما علمك اللّه.
ويكرر هذا فيكره الرسول قطعه لكلامه واهتمامه.وتظهر الكراهية في وجهه - الذي لا يراه الرجل - فيعبس ويعرض.يعرض عن الرجل المفرد الفقير الذي يعطله عن الأمر الخطير.الأمر الذي يرجو من ورائه لدعوته ولدينه الشيء الكثير والذي تدفعه إليه رغبته في نصرة دينه،وإخلاصه لأمر دعوته،وحبه لمصلحة الإسلام،وحرصه على انتشاره! وهنا تتدخل السماء.تتدخل لتقول كلمة الفصل في هذا الأمربغض النظر عن جميع الملابسات والاعتبارات.بما في ذلك اعتبار مصلحة الدعوة كما يراها سيد البشر - صلى الله عليه وسلم
لقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم باجتهاده ان دعوة هولاء النفر افضل للاسلام ولكن القران جاء لتوضيح هذا الامر وجاء لتعليم أمته ما هو الافضل
3- هذه الايات توضح وتبين كيف نزن الناس وما هى المعايير التى نضع بها الناس بمنازلها وما هى الحقيقة التى استهدف هذا التوجيه تقريرها
هذه الحقيقة ليست هي مجرد :كيف يعامل فرد من الناس؟ أو كيف يعامل صنف من الناس؟ كما هو المعنى القريب للحادث وللتعقيب.إنما هي أبعد من هذا جدا،وأعظم من هذا جدا.إنها :كيف يزن الناس كل أمور الحياة؟ ومن أين يستمدون القيم التي يزنون بها ويقدرون؟
والحقيقة التي استهدف هذا التوجيه إقرارها هي :أن يستمد الناس في الأرض قيمهم وموازينهم من اعتبارات سماوية إلهية بحتة،آتية لهم من السماء،غير مقيدة بملابسات أرضهم،ولا بمواضعات حياتهم،ولا نابعة من تصوراتهم المقيدة بهذه المواضعات وتلك الملابسات.
إن الميزان الذي أنزله اللّه للناس مع الرسل،ليقوّموا به القيم كلها،هو :«إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ» ..هذه هي القيمة الوحيدة التي يرجح بها وزن الناس أو يشيل! وهي قيمة سماوية بحتة،لا علاقة لها بمواضعات الأرض وملابساتها إطلاقا ..
ولكن الناس يعيشون في الأرض،ويرتبطون فيما بينهم بارتباطات شتى كلها ذات وزن وذات ثقل وذات جاذبية في حياتهم.وهم يتعاملون بقيم أخرى ..فيها النسب،وفيها القوة،وفيها المال.وفيها ما ينشأ عن توزيع هذه القيم من ارتباطات عملية ..اقتصادية وغير اقتصادية ..تتفاوت فيها أوضاع الناس بعضهم بالنسبة لبعض.فيصبح بعضهم أرجح من بعض في موازين الأرض ..
ثم يجيء الإسلام ليقول :«إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ» ..فيضرب صفحا عن كل تلك القيم الثقيلة الوزن في حياة الناس،العنيفة الضغط على مشاعرهم،الشديدة الجاذبية إلى الأرض.ويبدل من هذا كله
تلك القيمة الجديدة المستمدة مباشرة من السماء،المعترف بها وحدها في ميزان السماء! ثم يجيء هذا الحادث لتقرير هذه القيمة في مناسبة واقعية محددة.وليقرر معها المبدأ الأساسي :وهو أن الميزان ميزان السماء،والقيمة قيمة السماء.وأن على الأمة المسلمة أن تدع كل ما تعارف عليه الناس،وكل ما ينبثق من علاقات الأرض من قيم وتصورات وموازين واعتبارات،لتستمد القيم من السماء وحدها وتزنها بميزان السماء وحده
4- بين الله لنا ان الاسلام لا يحتاج لمن ينصره ولا يحتاج سند والاسلام قوى لا يحتاج من يقويه وان كل انسان هو من يحتاج الى الاسلام وليس الاسلام من يحتاج اليه
نبذة مختصرة عن عبدالله بن ام مكتوم والذى بسببه نزلت الايات الكريمة
هُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. قِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ:
اسْمُهُ عَمْرٌو، ، وَهُوَ ابْنُ قَيْسِ بْنِ زَائِدَةَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ.
وَأُمُّهُ عَاتِكَةُ، وَكُنِّيَتْ أَمَّ مَكْتُومٍ لِأَنَّ ابْنَهَا عَبْدَ اللَّهِ وُلِدَ أَعْمَى وَالْأَعْمَى يُكَنَّى
عَنْهُ بِمَكْتُومٍ. وَنُسِبَ إِلَى أُمِّهِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ بَيْتًا مِنْ بَيْتِ أَبِيهِ لِأَنَّ بَنِي مَخْزُومٍ مِنْ أَهْلِ بُيُوتَاتِ قُرَيْشٍ فَوْقَ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَهَذَا كَمَا نُسِبَ عَمْرُو بْنُ الْمُنْذِرِ مَلِكُ الْحِيرَةِ إِلَى أُمِّهِ هِنْدِ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُجْرٍ آكِلِ الْمُرَارِ زِيَادَةً فِي تشريفه بوراثة الْمُلْكِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.
وَأَسْلَمَ قَدِيمًا وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا، وَتُوفِيَ بِالْقَادِسِيَّةِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بَعْدَ
سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَكَانَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ وَيُكْرِمُهُ وَقَدِ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْغَزَوَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَكَانَ مُؤَذِّنَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَبِلَالُ بْنُ رَبَاح
يتبع ان شاء الله========================================
مقدمة وتمهيد عن سورة عبس
1- سورة " عبس " لها أسماء أخرى وكما عرفنا من قبل ان العلماء لهم اجتهادات فى اسماء السور واجتهادتهم تكون عبارة عن تسمية السورة بلفظ من ألفاظها او بحادثة من السورة او بسبب من أسباب نزولها او بشئ موجود فيها ليس موجود فى غيرها وتسمى سورة عبس ب«الصاخة» وسورة «السفرة» لوقوع هذه الألفاظ فيها. ، وَتُسَمَّى سُورَةَ «الْأَعْمَى» ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَسْمِيَةٌ بِأَلْفَاظٍ وَقَعَتْ فِيهَا لَمْ تَقَعْ فِي غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ أَوْ بِصَاحِبِ الْقِصَّةِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ نُزُولِهَا.
وَفِي « أحكام ابْنِ الْعَرَبِيِّ» عَنْوَنَهَا «سُورَةَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» .أى باسم الصحايى عبدالله بن ام مكتوم والذى بسببه نزلت هذه الأيات ، وَهو الوحيد الذى أطلق عليها هذا الاسم
2- سورة "عبس "مكية وكان نزولها بعد سورة «النجم» وقبل سورة «القدر» ، فهي تعتبر السورة الثالثة والعشرون في ترتيب النزول، أما في ترتيب المصحف فهي السورة الثمانون.
رؤية عامة حول السورة الجليلة
هذه السورة قوية المقاطع،ضخمة الحقائق،عميقة اللمسات،فريدة الصور والظلال والإيحاءات،موحية الإيقاعات الشعورية و الروحانية على السواء.
سبب نزول الايات
ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات ملخصها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا في أحد الأيام، مع جماعة من زعماء قريش يدعوهم إلى الإسلام، ويشرح لهم تعاليمه، فأقبل عبد الله بن أم مكتوم- وكان كفيف البصر- فقال: أقرئنى وعلمني مما علمك الله، يا رسول الله، وكرر ذلك، وهو لا يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم مشغول بدعوة هؤلاء الزعماء إلى الإسلام، رجاء أن يسلم منهم أحد ويكون ذلك سبب لاسلام خلق كثير ...
لانهم كانوا سبب فى عدم اسلام الكثيرين لخوفهم منهم لايذائهم الدائم وتعذيبهم لمن يسلم .
فلما أكثر عبد الله من طلبه، أعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فنزل القرآن بصدر هذه السورة يعاتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - عتابا شديدا ويقرر حقيقة القيم في حياة الجماعة المسلمة في أسلوب قوي حاسم،كما يقرر حقيقة هذه الدعوة وطبيعتها :«عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى .وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى.أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى .أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى! وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى؟ وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى،فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى؟! كَلَّا! إِنَّها تَذْكِرَةٌ،فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ،فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ،مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ،بِأَيْدِي سَفَرَةٍ،كِرامٍ بَرَرَةٍ» ..
... فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه، إذا رآه، ويقول له: «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي» ويبسط له رداءه ....
الفوائد الجليلة المستخلصة من سورة عبس
1- القصة بها ما يدل على الاعجاز وهو ان القران نزل من عند الله وليس من عند الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان يقول الكافرون
لانه لو كان من عند الرسول صلى الله عليه وسلم لم نكن لنرى ذلك الاسلوب الرادع للرسول صلى الله عليه وسلم مع ان هناك ايات عتاب اخرى للرسول فى القران
"عَفَا الله عَنك لِمَ أذنتَ لَهُم حَتَّى يَتَبَيَنَ لكَالذين صدقوا وتعلم الكاذبين".
"يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"
ولكن للمرة الوحيدة في القرآن كله يقال للرسول الحبيب القريب :«كلا» وهي كلمة ردع وزجر في الخطاب!
2-إن هذا العتاب الذي نزل بشأن هذا الحادث هو أمر عظيم جدا .أعظم بكثير مما يبدو لأول وهلة
يجيء الرجل الأعمى الفقير ..ابن أم مكتوم ..إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وهو مشغول بأمر النفر من سادة قريش.عتبة وشيبة ابني ربيعة،وأبي جهل عمرو بن هشام،وأمية بن خلف،والوليد بن المغيرة،..والرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم إلى الإسلام ويرجو بإسلامهم خيرا للإسلام في عسرته وشدته التي كان فيها بمكة وهؤلاء النفر يقفون في طريقه بمالهم وجاههم وقوتهم ويصدون الناس عنه،ويكيدون له كيدا شديدا حتى ليجمدوه في مكة تجميدا ظاهرا.بينما يقف الآخرون خارج مكة،لا يقبلون على الدعوة التي يقف لها أقرب الناس إلى صاحبها،وأشدهم عصبية له،في بيئة جاهلية قبلية،تجعل لموقف القبيلة كل قيمة وكل اعتبار.
يجيء هذا الرجل الأعمى الفقير إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وهو مشغول بأمر هؤلاء النفر.لا لنفسه ولا لمصلحته،ولكن للإسلام ولمصلحة الإسلام.فلو أسلم هؤلاء لا نزاحت العقبات العنيفة والأشواك الحادة من طريق الدعوة في مكة ولا نساح بعد ذلك الإسلام فيما حولها،بعد إسلام هؤلاء الصناديد الكبار.يجيء هذا الرجل،فيقول لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - :يا رسول اللّه أقرئني وعلمني مما علمك اللّه.
ويكرر هذا فيكره الرسول قطعه لكلامه واهتمامه.وتظهر الكراهية في وجهه - الذي لا يراه الرجل - فيعبس ويعرض.يعرض عن الرجل المفرد الفقير الذي يعطله عن الأمر الخطير.الأمر الذي يرجو من ورائه لدعوته ولدينه الشيء الكثير والذي تدفعه إليه رغبته في نصرة دينه،وإخلاصه لأمر دعوته،وحبه لمصلحة الإسلام،وحرصه على انتشاره! وهنا تتدخل السماء.تتدخل لتقول كلمة الفصل في هذا الأمربغض النظر عن جميع الملابسات والاعتبارات.بما في ذلك اعتبار مصلحة الدعوة كما يراها سيد البشر - صلى الله عليه وسلم
لقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم باجتهاده ان دعوة هولاء النفر افضل للاسلام ولكن القران جاء لتوضيح هذا الامر وجاء لتعليم أمته ما هو الافضل
3- هذه الايات توضح وتبين كيف نزن الناس وما هى المعايير التى نضع بها الناس بمنازلها وما هى الحقيقة التى استهدف هذا التوجيه تقريرها
هذه الحقيقة ليست هي مجرد :كيف يعامل فرد من الناس؟ أو كيف يعامل صنف من الناس؟ كما هو المعنى القريب للحادث وللتعقيب.إنما هي أبعد من هذا جدا،وأعظم من هذا جدا.إنها :كيف يزن الناس كل أمور الحياة؟ ومن أين يستمدون القيم التي يزنون بها ويقدرون؟
والحقيقة التي استهدف هذا التوجيه إقرارها هي :أن يستمد الناس في الأرض قيمهم وموازينهم من اعتبارات سماوية إلهية بحتة،آتية لهم من السماء،غير مقيدة بملابسات أرضهم،ولا بمواضعات حياتهم،ولا نابعة من تصوراتهم المقيدة بهذه المواضعات وتلك الملابسات.
إن الميزان الذي أنزله اللّه للناس مع الرسل،ليقوّموا به القيم كلها،هو :«إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ» ..هذه هي القيمة الوحيدة التي يرجح بها وزن الناس أو يشيل! وهي قيمة سماوية بحتة،لا علاقة لها بمواضعات الأرض وملابساتها إطلاقا ..
ولكن الناس يعيشون في الأرض،ويرتبطون فيما بينهم بارتباطات شتى كلها ذات وزن وذات ثقل وذات جاذبية في حياتهم.وهم يتعاملون بقيم أخرى ..فيها النسب،وفيها القوة،وفيها المال.وفيها ما ينشأ عن توزيع هذه القيم من ارتباطات عملية ..اقتصادية وغير اقتصادية ..تتفاوت فيها أوضاع الناس بعضهم بالنسبة لبعض.فيصبح بعضهم أرجح من بعض في موازين الأرض ..
ثم يجيء الإسلام ليقول :«إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ» ..فيضرب صفحا عن كل تلك القيم الثقيلة الوزن في حياة الناس،العنيفة الضغط على مشاعرهم،الشديدة الجاذبية إلى الأرض.ويبدل من هذا كله
تلك القيمة الجديدة المستمدة مباشرة من السماء،المعترف بها وحدها في ميزان السماء! ثم يجيء هذا الحادث لتقرير هذه القيمة في مناسبة واقعية محددة.وليقرر معها المبدأ الأساسي :وهو أن الميزان ميزان السماء،والقيمة قيمة السماء.وأن على الأمة المسلمة أن تدع كل ما تعارف عليه الناس،وكل ما ينبثق من علاقات الأرض من قيم وتصورات وموازين واعتبارات،لتستمد القيم من السماء وحدها وتزنها بميزان السماء وحده
4- بين الله لنا ان الاسلام لا يحتاج لمن ينصره ولا يحتاج سند والاسلام قوى لا يحتاج من يقويه وان كل انسان هو من يحتاج الى الاسلام وليس الاسلام من يحتاج اليه
نبذة مختصرة عن عبدالله بن ام مكتوم والذى بسببه نزلت الايات الكريمة
هُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. قِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ:
اسْمُهُ عَمْرٌو، ، وَهُوَ ابْنُ قَيْسِ بْنِ زَائِدَةَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ.
وَأُمُّهُ عَاتِكَةُ، وَكُنِّيَتْ أَمَّ مَكْتُومٍ لِأَنَّ ابْنَهَا عَبْدَ اللَّهِ وُلِدَ أَعْمَى وَالْأَعْمَى يُكَنَّى
عَنْهُ بِمَكْتُومٍ. وَنُسِبَ إِلَى أُمِّهِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ بَيْتًا مِنْ بَيْتِ أَبِيهِ لِأَنَّ بَنِي مَخْزُومٍ مِنْ أَهْلِ بُيُوتَاتِ قُرَيْشٍ فَوْقَ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَهَذَا كَمَا نُسِبَ عَمْرُو بْنُ الْمُنْذِرِ مَلِكُ الْحِيرَةِ إِلَى أُمِّهِ هِنْدِ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُجْرٍ آكِلِ الْمُرَارِ زِيَادَةً فِي تشريفه بوراثة الْمُلْكِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.
وَأَسْلَمَ قَدِيمًا وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا، وَتُوفِيَ بِالْقَادِسِيَّةِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بَعْدَ
سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَكَانَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ وَيُكْرِمُهُ وَقَدِ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْغَزَوَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَكَانَ مُؤَذِّنَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَبِلَالُ بْنُ رَبَاح
يتبع ان شاء الله========================================
