تعجيل الفطر
ذهب أكثر أهل العلم إلي استحباب تعجيل الفطر للصائم. لما ورد فيه من أحاديث مرغبة. ولموافقته مع تكريم النفس بسد جوعتها. كما يستحب للصائم أن يفطر علي تمرات قبل أن يصلي المغرب ويدعو عند الإفطار بما يعود عليه وعلي الناس بالخير. ويدل لذلك ما يلي:
1 أخرج الشيخان عن سهل بن سعد بن مالك الأنصاري. أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". وزاد أبو داود من حديث أبي هريرة: "لأن اليهود والنصاري يؤخرون". وأخرج الترمذي وأحمد وابن حبان عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: أحب عبادي إليّ أعجلهم فطراً". يقول الصنعاني في "سبل إسلام": الحديث دليل علي استحباب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار من يجوز العمل بقوله. وقد ذكر العلة وهي مخالفة اليهود والنصاري. قال المهلب: والحكمة في ذلك لأنه لا يزاد في النهار من الليل. ولأنه أرفق بالصائم وأقوي له علي العبادة.
2 أخرج ابن حبان والترمذي وصححه عن سلمان بن عامر الضبي. ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم فليفطر علي تمر فإنه بركة. فإن لم يجد تمراً فالماء فإنه طهور". وأخرج الترمذي وحسنه أبو داود وأحمد من حديث أنس بن مالك قال: "كان الرسول صلي الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي علي رطبات. فإن لم تكن رطبات فتميرات. فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء".
3 أخرج ابن ماجه عن عبدالله بن عمرو بن العاص. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد". وأخرج ابن ماجه ان عبدالله بن عمر كان يقول إذا أفطر: "اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي". وأخرج أبو داود والدارقطني عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله". وأخرج ابن حبان والترمذي وحسنه عن أبي هريرة. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتي يفطر. والإمام العادل. ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء. ويقوول الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين". يقول النووي في "المجموع": قوله: "حتي يفطر" يقتضي استحباب دعاء الصائم من أول اليوم إلي آخره. لأنه يسمي صائماً في كل ذلك. وأخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقي ربه".
وذهب الحنابلة في المشهور واختاره الصنعاني إلي أن تعجيل الفطر مباح وليس مستحباً. فيجوز تأخير الفطر إلي السحر بدون كراهة إذا كان ذلك سياسة للنفس ودفعاً لشهواتها. لما ورد من إذن النبي صلي الله عليه وسلم صحابته أن يواصلوا إلي السحر. فقد أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا تواصلوا. فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتي السحر". قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله. فقال: "إني لست كهيئتكم اني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني".
