الكتاب والسنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الكتاب والسنة

كل شيء يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


    واجبنا نحو وطننا

    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    الشيخ طاهر ابو المجد احمد
    Admin


    المساهمات : 2662
    تاريخ التسجيل : 01/12/2012
    العمر : 58
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/183512361669940/

    واجبنا نحو وطننا  Empty واجبنا نحو وطننا

    مُساهمة  الشيخ طاهر ابو المجد احمد الثلاثاء ديسمبر 24, 2019 8:49 pm

    واجبنا نحو وطننا


    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فيا جماعة الإسلام . حديثنا إليكم اليوم عن واجبنا نحو الوطن –

    فالوطن تلك الكلمة التي تعبر بها عن المكان الذي تعيش فيه فهو جزء منك لا يتجزأ فهو أنت وأنت هو..

    أيها الناس :”هناك أمور كثيرة تقتضي منا أن نقوم بها تجاه وطننا تصل إلي حد الواجب الذي لابد من القيام به فحب الوطن من الإيمان ومن هذه الواجبات :”



    الوطن جزء من إيمانك وعقيدتك :
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    أيها الناس: “إن الوطن هو جزء من العقيدة والإيمان الراسخ بالله عز وجل وهذا ما نتعلمه من سيرة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم فقد جعل الوطن في مقدمة الأشياء التي يجب أن تكون ضمن عقيدة راسخة للمسلم ..

    فحب الوطن من الإيمان فموطن الإنسان منا أحب إليه من نفسه وولده وأغلي عنده من ماله وكل ما يملك لذلك عد رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي يموت في سبيل الدفاع عن أرضه من الشهداء وقرنه مع الدفاع عن النفس والمال والعرض والأهل يقول صلي الله عليه وسلم :

    ” – مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ . ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ . ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ”(الترمذي). ..ولما خرج رسول الله صلي الله عليه وسل مهاجراً من مكة إلى المدينة كما روي عنه :وقف علي الحزورة(سوق) ونظر إلى البيت وقال :والله انك لأحب أرض الله إلي وانك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك”(الترمذي والنسائي –زادالمعاد1/Cool .

    ورغم فساد أهلها وظلمهم له ومحاربتهم لدعوته ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم يعطينا درساً في الانتماء فيقول في رواية أخري :” ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك – قاله لمكة – (صحيح). وهذا يشير إلى مدي حب رسول الله صلي الله عليه وسلم لبلده مكة المكرمة موطن ولادته ونشأته وفيها البيت الحرام ولأنها منزل الوحي ولأن بها الأهل والأقربين ولأن بها مآثر إبراهيم.(خاتم النبيين2/5) .

    لذلك كانت السيدة عائشة رضي اله عنها دائماً تقول :
    “ما رأيت القمر أبهي ولا أجمل مما رأيته في مكة” وذلك كناية علي حبها وعشقها وشدة حنينها للوطن..



    المحافظة علي منشآت الوطن والمال العام
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    من التخريب والإهدار والفساد..

    فمن أجل حماية الأوطان نهي الإسلام عن الفساد:

    قال الله تعالي: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”(الروم/41).

    أي ظَهَرَ الفَسَادُ فِي العَالَمِ بالفِتَنِ والحُروبِ والاضْطِرابَات . . وذَلكَ بِسَببِ مَا اقتَرَفَهَ النَّاسُ منَ الظُّلمِ ، وانتِهَاكِ الحُرُمَاتِ ، والتَّنَكُّرِ لِلدِّينِ ، وَنِسيَانِ يومِ الحِسَابِ فانْطَلَقَت النُّفُوسُ مِنْ عِقَالِها ، وَعَاثَتْ فِي الأًَرضِ فَسَاداً بِلاَ وَازعٍ وَلا رَقيبٍ منْ ضَميرٍ أَوْ وُجدَانٍ أو حَيَاءٍ أَو حِسَابٍ لدِينٍ ، فأَذَاقَهُم اللهُ جزاءَ بعضِ ما عَمِلُوا مِنَ المَعَاصِي والآثَامِ ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إلى الحَقِّ ، وَيَكُفُّونَ عَنِ الضَّلالِ والغِوايةِ ، وَيَتَذَكَّرُونَ يومَ الحِسَابِ .

    وفي حقيقة الأمر أن الفساد دمار للأفراد والمجتمعات والأمم وقد أشار الرسول صلي الله عليه وسلم إلي ذلك وضرب مثلاَ بأن الناس جميعاَ في سفينة واحدة فهي تسير عندما يتحقق العدل والطهر والنقاء والتمسك بمكارم الأخلاق ..ولكن عندما ينحرف طائفة في المجتمع وتعيث في الأرض فساداَ ولم يقم من يأخذ علي أيديهم ويمنعهم عن هذا الفساد وهذا الانحراف تغرق السفينة بالجميع وهذا ما يبينه رسول الله صلي الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها:

    عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا “”(البخاري).

    فقد حرم الإسلام الغلول وهو الاختلاس من المال العام..
    قال تعالي: “وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون “(آل عمران/161). قوله تعالى :”وما كان لنبي أن يغل” قال ابن عباس إن هذه الآية” وما كان لنبي أن يغل” نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض الناس :

    لعل رسول الله أخذها فأكثروا في ذلك فأنزل الله “وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة “وكذا رواه أبو داود والترمذي ..وهذا تنزيه له صلوات الله وسلامه عليه من جميع وجوه الخيانة في أداء الأمانة وقسم الغنيمة وغير ذلك ..ثم قال تعالى :”ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون” وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد وقد وردت السنة بالنهي عن ذلك أيضا في أحاديث متعددة.. فعن أبي مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

    “أعظم الغلول عند الله ذراع من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض-أو في الدار-فيقطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعا فإذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين إلى يوم القيامة”(أحمد)وعن المستورد بن شداد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من ولي لنا عملاً وليس له منزل فليتخذ منزلا أو ليست له زوجة فليتزوج أو ليس له خادم فليتخذ خادما أو ليست له دابة فليتخذ دابة ومن أصاب شيئا سوى ذلك فهو غال”(أحمد و أبو داود)(تفسير ابن كثير ج 1ص 556 ).

    والغال :
    “هو الذي سرق من الغنائم ومن المال العام وهو ما يسمي بالاختلاس فهو أخذ من المال العام خلسة وخفية فيكون الجزاء من جنس العمل فلم يصلي عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم فعن زيد بن خالد الجهني :” أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صلوا على صاحبكم ، فتغيرت وجوه الناس لذلك ، فقال : إن صاحبكم غل في سبيل الله ، ففتشنا متاعه, فوجدنا خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين “(قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ) .

    وروي عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إياك والذنوب التي لا تغفر الغلول فمن غل شيئا أتي به يوم القيامة وآكل الربا فمن أكل الربا بعث يوم القيامة مجنونا يتخبط ثم قرأ :”الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس”(الطبراني).

    وعندما يسود الفساد المجتمع فيري الفاسد أن الرشوة والاختلاس حق مشروع له :
    ويستحله لنفسه دون الرجوع إلي الشرع والدين ودون وازع من ضميره ودون رادع من نفسه اللوامة فيأخذ أموال الناس دون التفرقة بين الرشوة والهدية ويستولي علي المال العام ويستبيحه لنفسه فهذا مالا يرضاه الرسول صلي الله عليه وسلم ..فعن أبي حميد الساعدي :

    أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له بن اللتبية قال بن السرح بن الأتبية على الصدقة فجاء فقال هذا لكم وهذا أهدي لي فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى له أم لا لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء أو بقرة فلها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ثم قال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت”(أبوداود).

    وهنا نجد أن الرسول صلي الله عليه وسلم فرق لنا بين الهدية وبين الرشوة فالموظف يأخذ الرشوة وهي : ما يدفع للآخرين بهدف الوصول إلي ما يصعب الحصول عليه ,إما لأنه ممنوع وغير جائز وليس حقاَ أو لأنه مباح لكنه يحتاج إلي جهد ومشقة للوصول إليه وهو نوع من المصانعة في التعامل وطريقة غير أمينة يجري الاتفاق عليها بعيداَ عن أعين الناس ,للحصول علي شيء غالباَ ما يكون حراماَ أو أنها تدفع لإبطال حقوق الآخرين ,وحجبها عنهم وتحويلها إلي غيرهم ,وهي تختلف من حالة إلي أخري. وقد انتشرت بين الناس بما يدل علي شيوع الفساد واختلال المعاملة بين الناس في المجتمع .

    وأحياناَ يأخذها الموظف في صورة هدية , أو عمولة :
    وفي جميع الحالات لا يجوز له ذلك ,فالهدية رشوة إذا قدمت لمن يملك إعطاء الممنوع غير الجائز لمن لا يستحقه وحجبه عن صاحبه. وقد قال له صلي الله عليه وسلم كلمة ترن في سمع الزمان إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها :”هلا جلس في بيت أبيه وأمه حتي تأتيه هذه الهدايا” أي هل لو كان هذا الموظف لم يعثر علي وظيفة وجلس في بيت أبيه وأمه ينفقا عليه وانتظر في طابور العاطلين والذي يقدر بالملايين ..هل كانت تأتيه هذه الهدايا ؟! العام ,وسلب حقوق الآخرين ظلماَ وعدواناَ.



    الإصلاح وتبني القائمين بالفعل علي مصلحة الوطن
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    لأنهم يُحاربوا ويُقابلوا بالسخرية والاستهجان والاضطهاد وحديث القرآن عنهم :”إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هؤلاء لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ”(المطففين/29-33).

    لابد أولاً من إظهار دور المصلحين لأن فلاسفة الإصلاح يؤكدون علي أن الدول التي تخلو من مصلحين سرعان ما تنهار تحت وطأة التخريب الذي يحدث من تنافر قوى المجتمع، وبخاصة أن للاستبداد وظيفة يؤديها داخل الدول، وهو التمهيد لتدمير ذاته من خلال ثورة تخلخل الموازين التي ظن المستبدون أنفسهم أنها مستقرة.

    وقد بين لنا القرآن الكريم ذلك في قول الله تعالى: “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ”(هود:17). تأملوا: “وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” لم يقل جل شأنه: “وأهلها صالحون” فالمصلح شيء والصالح شيء أخر، فلا يفيد كثرة الصالحين بدون إصلاح..! الأمم التي لفظت الأخلاق وعم فيها الفساد، وأصبح الظلم والطغيان ديدنها أمم منخورة الكيان ولا استمرار لها، يبتليها الله بالهلاك والدمار، ويتضح هذا جليًا في قوله تعالى:

    “وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً”(الإسراء:16)، أي أن البلد الذي يعم فيه الفسق والفساد ولا تجد (مصلح) يغير ذلك تهلك جميعها الصالح والطالح! :”وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”(الأنفال/25).

    فما قيمة أن نكون لله عابدين طائعين وقد تركنا الظالم المفسد في الأرض دون أن نأخذ على يديه:
    فمن شروط الصلاح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا أن ننزوي وحدنا بعيدًا نتعبد الله ونقول ما شأننا وهؤلاء، وننسى قول نبينا صلي الله عليه وسلم: “إنَّ النَّاسَ إذا رأَوا الظَّالمَ فلم يأخُذوا علَى يديهِ أوشَكَ أن يعُمَّهُمُ اللَّهُ بعقابِهِ”(أحمد)، عقاب الله سيعم الجميع إن لم نسارع في الإصلاح والأخذ على يد الظالم ومنعه والوقوف في وجهه لرد ظلمه وفساده، لن نكون بمنأى عن العقاب لمجرد أننا صالحون، سنُسأل لماذا لم نتحرك ونمنع الظالم ونأخذ على يديه؟

    فسبب هلاك ودمار الأوطان والأمم معصية الله والبعد عن منهجه فعن جبير بن نفير قال: لما فُتحت مدائن قبرص وقَع الناس يقتسمون السْبي، وفرِّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، ورأيتُ أبا الدرداء تنحَّى وحده جالسًا، واحتَبى بحمائل سيفه فجعل يبكي، فأتاه جبير بن نفير فقال: يا أبا الدرداء! أتبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذلَّ فيه الكفر وأهله؟! فضرب على منكبَيه، ثم قال:

    ويحك يا جبير! – وفي رواية: ثكلتْك أمك يا جُبير بن نفير! – ما أهون الخَلق على الله إذا هم ترَكوا أمره، بينا هي أمة قاهرة قادرة ظاهرة على الناس، لهم المُلك، حتى تركوا أمر الله – عز وجل؛ فصاروا إلى ما ترى، وإنه إذا سلط السباء على قوم؛ فقد خرَجوا مِن عَين الله، ليس لله بهم حاجة”(حلية الأولياء).



    نشر العدل والعدالة بين فئات المجتمع
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    بالوقوف ضد الظالم لنصرة المظلوم ومن أجل رفعة الوطن والمحافظة عليها نهي الإسلام عن التناحر والخصومة والظلم: فالظلم هو أساس كل بلية فما من مجتمع يقوم علي الظلم والقهر إلا قوض الظلم أمنه واستقراره وكان سبباَ في التعجيل بهلاكه قال تعالي :”وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا “.(الكهف/59).

    و عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ “وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة”.(صحيح). وفي المقولة الصحيحة “الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة” اهـ.

    ومن منطلق التنديد بالظلم بين الله عزوجل أنه حرم الظلم علي نفسه وجعله بين الناس محرماَ: “قال الله تعالى :”يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا”.(مسلم).

    وعن أبي ذر عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: “اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم وحملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم .(أحمد و غيره). ‌

    كما حذر من دعوة المظلوم فهي مستجابة علي الفور ولو كان المظلوم كافراَ فعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم :”إياكم ودعوة المظلوم وإن كانت من كافر فإنه ليس لها حجاب دون الله عز وجل .”(حسن). ‌

    وعن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يقول الله وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين “( رواه الطبراني ).

    لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراَ فالظلم ترجع عقباه إلي الندم
    تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم .

    وقال صلي الله عليه وسلم: “ما عمل ابن آدم شيئاً أفضل من الصلاة وصلاح ذات البين , وخلقِ حسن”(صحيح).. و قال أنس رضي الله عنه “من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة “

    إن المكــارم كلها لو حصلت …… رجــعت جمــلتها إلى شـيئين.

    تعظـيم أمـر الله جـل جـلالـه …… والسعي في إصلاح ذات البيـن.



    الخطبة الثانية: واجبنا نحو وطننا
    ـــــــــــــــــــــــــــ

    الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فيا جماعة الإسلام:” ومن واجبنا نحو وطننا حتي يستقر الأمن والعدل ..



    الدعاء للوطن :

    ـــــــــــــــــــــــــــ

    ومن أجل المحافظة علي الأوطان دعي الإسلام وأمر أن نخلص الدعاء للوطن بأن يحميه الله عز وجل من شر المعتدين حتي يبقي أمنا أماناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين. فالدعاء للوطن أن يقيه الله شر الفتن ما ظهر منها وما بطن من الأمور الواجبة والدلالة علي ذلك كثيرة فقد دعا خليل الله إبراهيم لبلده فقال:”وَإِذ ْقَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ..”(البقرة/126).

    وقال تعالي:” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ”(إبراهيم/35). وأكثر من الدعاء وسأل الله النجاة والسلامة لبلده..

    وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو بنقل وباء المدينة إلى مهيعة فعن عائشة رضي الله عنها:”اللهم حبِّب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة، أو أشد، وبارك لنا في مُدّها وصاعها وانقل وباءها إلى مهيعة ، ومهيعة ‏:‏ الجحفة”‏.

    وكان صلي الله عليه وسلم ‏ يستعيذ بالله من الفتنة دائماَ :
    ” اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من عذاب النار وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات .”(أحمد).



    الدعاء للحاكم :”
    ـــــــــــــــــــــــــ

    ولم يقتصر الأمر علي الدعاء للوطن فقط بل جاء الأمر بالدعاء للحاكم والطاعة في غير معصية الله وذكره بالخير والحق والنصيحة له وأن يعينه الله ويوفقه للحكم بالكتاب والسنة قال الحسن البصري في الأمراء: “هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله لا يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم والله لغبطة”.

    قال أبو عثمان الزاهد: “فانصح للسلطان وأكثر له من الدعاء بالإصلاح والرشاد، بالقول والعمل والحكم، فإنهم إذا صلحوا، صلح العباد بصلاحهم. وإياك أن تدعو عليهم باللعنة، فيزدادوا شراً، ويزداد البلاء على المسلمين ولكن ادعوا لهم بالتوبة فيتركوا الشر، فيرتفع البلاء عن المؤمنين”.

    ويقول الفقيه القلعي الشافعي وهو يبيِّن مصالح الحاكم ومقاصد الإمامة: “نظام أمر الدين والدنيا مقصود، ولا يحصل ذلك إلا بإمام موجود. لو لم نقل بوجوب الإمامة، لأدى ذلك إلى دوام الاختلاف والهرج إلى يوم القيامة. لو لم يكن للناس إمام مطاع، لانثلم شرف الإسلام وضاع. لو لم يكن للأمة إمام قاهر، لتعطّلت المحاريب والمنابر، وانقطعت السبل للوارد والصادر. لو خلي عصر من إمام، لتعطلت فيه الأحكام، وضاعت الأيتام، ولم يحج البيت الحرام. لولا الأئمة والقضاة والسلاطين والولاة، لما نكحت الأيامى، ولا كفلت اليتامى. لولا السلطان، لكان الناس فوضى، ولأكل بعضهم بعضا”.

    وكان الفضيل بن عياض، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهما يقولون: “لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان”.
    قال الفضيل بن عياض: “لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا للسلطان، قيل له: يا أبا علي فَسِّر لنا هذا؟ قال: إذا جعلتها في نفسي لم تعْدُني، وإذا جعلتها في السلطان صلح، فصلح بصلاحه العباد والبلاد، فأُمرنا أن ندعو لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن جاروا وظلموا؛ لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين”.

    قال بعضهم: “إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى”.

    قال الإمام الطحاوي الحنفي: “ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة، ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله تعالى فريضة ما لم يأمروا بمعصية”. (مقتبس من كتاب معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة).

    قال بعض العلماء:
    ” وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام ؛ فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس، واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد وهذا غلط فاحش ، وجهل ظاهر ، لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا ، كما يعرف ذلك من نوّر الله قلبه ، وعرف طريقة السلف، وأئمة الدين”

    ويقول الشيخ الشعراوي في تفسير آية :” قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء..”

    وساعة أن تجد ملك عضوضاً أي شديد في ظلمه إياك أن تظن أن هذا الملك العضوض قد أخذ ملكه دون إرادة الله, لا بل هو عطاء من الله , ولو أن المملوك راعي الله في كل أموره لرقق عليه قلب مالكه ولذلك يقول لنا في حديثه القدسي: “أنا الله ملك الملوك ونواصيها بيدي فإذا العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة وإذا هم عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تنشغلوا بسب الملوك ولكن أطيعوني أعطفهم عليكم”(خواطر إيمانية –تفسير الشعراوي).



    #اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وارزق أهله من الثمرات، اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين. اللهم من أراد بنا شراً فأشغله في نفسه ورد كيده في نحره. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم احفظ لنا امننا وإيماننا واستقرارنا وصلاح ذات بيننا، اللهم آمين يا رب العالمين.

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 2:19 pm